دراسات وتقارير خاصة بالمركز

ملف خاص: الحرب العدوانية التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة

–عمود السحاب עַמּוּד עָנָן-.

أبعاد ودلالات بعد مرور أربع أيام من شنها

الجزء الأول

مركز الناطور للدراسات والابحاث

أولا: الرؤية العربية: إعداد كل من الدكتور حلمي عبد الكريم الزعبي، لدكتور محمود سلمان، الدكتور مروان حسين والرائد المهندس نبيل جمال.

  1. هل كان العدوان على قطاع غزة مفاجأة للفصائل الفلسطينية؟ إسرائيل وممارسة الخداع الإستراتيجي.
  2. العدوان على قطاع غزة أبعاد ودلالات.
  3.        المدى المتوقع للتصعيد العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة.
  4.        هل هناك دول عربية كانت على علم بالعدوان الإسرائيلي؟
  5. تقييم لحصيلة الحملة العسكرية الإسرائيلية حتى صبيحة يوم السبت 17/11.
  6. تقييمات إسرائيلية متناقضة لفاعلية الصواريخ الفلسطينية.
  7. هل تلجأ إسرائيل إلى الاقتحام البري لقطاع غزة؟ معادلة الكلفة والحاصل هما العاملان الحاسمان في القرار الإسرائيلي.

ثانيا: الرؤية الإسرائيلية.

  1. رشقات مكثفة على بئر السبع وأسدود وعسقلان وكريات ملاخي وجان يفني وكريات جات وأوفكيم. ثلاثة قتلى وجرحى في كريات ملاخي واستدعاء الاحتياط.
  2. جيش الدفاع الإسرائيلي في مواقع الانطلاق نحو الدخول إلى غزة. إطلاق الصواريخ على تل أبيب دفع شركات الطيران إلى إلغاء عمليات الهبوط في مطار اللد.
  3.        جيش الدفاع الإسرائيلي يستعد للقيام بمناورة سريعة وقاتلة، عملية برية في غزة.
  4.        بتصميم وحنكة وفي وقت مبكر.

 

هل كان العدوان على قطاع غزة مفاجأة للفصائل الفلسطينية؟

إسرائيل وممارسة الخداع الإستراتيجي

يوم الجمعة 16/11/2012

هذا السؤال يكتسي أهمية كبيرة لأن الإجابة عليه ستسلط الضوء على عوامل كان لها دور محوري في “اصطياد” الشهيد أحمد الجعبري من قبل العدو بعد سلسلة إخفاقات في الماضي للجهد الإسرائيلي للوصول إلى الجعبري واغتياله وأبرزها عام 2004.

اغتيال الجعبري قيم في إسرائيل من قبل القيادات الأمنية والعسكرية والسياسية الإسرائيلية بأنه ضربة معلم وإنجاز إستراتيجي يضاهي في أهميته عملية الوصول إلى أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة وقتله بأمر من الرئيس الأمريكي باراك أوباما في 1 مايو 2011.

قد لا يبدو للوهلة الأولى أن ثمة ما يجمع بين الخداع الإستراتيجي الذي مارسته إسرائيل الذي ولد المفاجأة والمباغتة وبين عملية الاغتيال.

تتعدد المداخل النظرية لدراسة العلاقة بين الخداع والمباغتة فهناك من يعلي أثر الخداع على المفاجأة ويعتبرها وليدة الخداع، لكن من ينظر إلى تجارب الماضي ودروسه ويتعمق في قراءة الدروس المستنبطة من الماضي ومعاركه يستطيع أن يتبين هذه العلاقة وبالتالي أن يستخلص الدروس الخاصة به ويعيها جيدا حتى لا يباغت ويؤخذ على حين غرة.

في كل الحروب يمارس الخداع الإستراتيجي بكل أشكاله الإستراتيجية والتكتيكية، ولكن الطرف المستهدف بالخداع يتعين عليه أن لا يكون متلقي بل قارئ لتفاصيل ومفردات هذا الخداع وغاياته وأهدافه وتحليلها، فلا يحسن الظن بإشارات أو رسائل يوجهها بشكل مبطن دون إفصاح عنها.

لا يكفي أن نشير لماما إلى عملية الخداع التي مارستها إسرائيل لمباغتة قيادات الفصائل الفلسطينية وفي القلب منها حركة حماس وقادة جناحها الإستراتيجي وعلينا أن نورد التفاصيل ونسوق الأمثلة ونقدم الأدلة.

الدليل الأول: أن إسرائيل ونعني قيادتها السياسية والأمنية ومعها الإعلام الإسرائيلي بمختلف وسائله روجت وبشكل لافت ومثير للاهتمام لأهمية التوصل إلى تهدئة مع حركة حماس برعاية مصرية بعد اندلاع اشتباكات على شكل هجمات جوية إسرائيلية ورشقات من الصواريخ الفلسطينية.

التصريحات والبيانات التي صدرت عن وزارة الدفاع وعن اجتماعات الحكومة والتقارير الإعلامية بالغت في إبراز هذا الاتجاه الإسرائيلي الداعم للتهدئة والهدوء على حدودها الجنوبية.

الدليل الثاني: التظاهر بأن إسرائيل تتفاعل مع الجهود المصري الرامية إلى التوصل إلى اتفاق بين حركة حماس وإسرائيل لتحقيق “هدنة” وليس تهدئة والإثناء والإشادة بدور مصر في هذا المجال والذي اعتبره المستشار السياسي لوزير الدفاع جنرال الاحتياط عاموس جلعاد امتدادا واستمرار لدورها السابق أي في عهد مبارك (دور التوسط سواء في التهدئة أو في مفاوضات تبادل الأسرى).

الدليل الثالث: عملية تمويه من قبل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية والمنظومة الاستخباراتية وكذلك الإعلام الإسرائيلي لصرف الأنظار عن الوضع مع قطاع غزة باتجاه الشمال أي الجبهة اللبنانية والجبهة السورية، والدلالات المهمة في هذا المشهد هي تركيز الأنظار إلى الشمال وصرفها عن الجنوب.

وكان لوزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك ورئيس الأركان العامة الجنرال بيني جانتز ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الجنرال أفيف كوخفي قصب السبق في إعطاء الدينامية والفاعلية لعملية التمويه.

هذا عندما أكد هؤلاء أن المعركة هي مع حزب الله ومعركة التدخل في سوريا ثم الاستعداد للمعركة الكبرى ضد إيران.

الدليل الرابع: زيارة أمير قطر إلى قطاع غزة في نطاق عملية التمويه التي تقود إلى حالة من الاسترخاء بل والترهل بدلا من حالة التحفز والتأهب والجاهزية، الواضح والمؤكد أن زيارة أمير قطر جاءت بعد تنسيق مسبق مع إسرائيل لأن دخوله إلى قطاع غزة يتم عبر بوابة تلتقي عندها الحدود المشتركة المصرية الفلسطينية وحدود فلسطين المحتلة عام 1948.

يقود تقييد النظر في التقارير الإسرائيلية ولشهادات المسؤولين في المؤسستين الأمنية السياسية أن إسرائيل رحبت بالزيارة لأن القائم بها أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني يحمل رسالة إلى قيادة حماس في الداخل من أجل التهدئة ومن أجل أن ينخرط قطاع غزة مع جبهة الدول السنية في مواجهة محور طهران سوريا ولبنان.

لماذا مورس هذا التمويه وما هي نتائج عملية الخداع؟

في مقابل هذا المشهد الذي شكل واجهة لإخفاء هناك مشهد أخر مناقض بل هو النقيض تماما للمواجهة.

المشهد الآخر كان يعكس إجراءات عملية واستعدادات تتم في نطاق الجاهزية لعمل عسكري يجري الإعداد له.

هناك العديد من الإجراءات والخطوات الميدانية كانت تبنى وتتخذ من وراء المشهد المضلل أي مشهد الخداع يمكن رصدها كالتالي:

  1. موقع متقدم لقطاع غزة في مداولات المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن في اجتماع طارئ استمر لمدة أسبوع في شهر سبتمبر الماضي بمشاركة مكونات المنظومة العسكرية والاستخباراتية من أجل اتخاذ ما وصف بقرار الحرب ضد إيران.

 ونبادر إلى تأكيد أن اختزال القرار بإيران كان أيضا بمثابة عملية تمويه لأن القرار يشمل أيضا كلا من سوريا ولبنان وقطاع غزة.

تتكشف هذه الحقيقة من خلال ما طرحه وزير الشؤون الإستراتيجية الجنرال موشي يعلون خلال هذه المداولات، المعروف أن الجنرال يعلون يتولى إدارة ملف الحرب ضد أربع جبهات إيران سوريا حزب الله وقطاع غزة.

ومما قاله الجنرال يعلون: شن الحرب ضد إيران لا يتم بالاقتراب المباشر أي المبادرة إلى شن الحرب ضد إيران ومن حولنا في الشمال سوريا ولبنان وفي الجنوب قطاع غزة حاميات إيرانية ستبادر إلى أخذ الزمام من أجل ضربنا في خاصرتنا اليمنى واليسرى وفي ظهرنا.

وقال: المفترض بل الواجب علينا أن ندحر هذه الحاميات في نطاق عملية التليين التي تسبق شن الهجوم الصاعق على إيران.

  1. استنفار وتدريبات في قيادة المنطقة الجنوبية يتولاها الجنرال طال روسو منذ عام 2010 الذي أسندت إليه مهمة قيادة هذه المنطقة من أجل تحضير وإعداد وتجهيز قيادة المنطقة الجنوبية لشن الحرب على قطاع غزة.

التدريبات وصفت وقيمت بأنها تمثيل للمعركة القادمة في قطاع غزة أي تمرينات على أنماط وأشكال المعركة التي ستخاض هذه المرة.

سلسلة التصريحات بل والاجتماعات في منتدى الأركان العامة كانت كبيرة بل أكثر مما تعد وتحصى.

  1. رئيس الأركان العامة الجنرال بيني جانتز لم يكن يمزح عندما أعلن أن المعركة ستنطلق باتجاه قطاع غزة لأن حسم المعركة سيكون عاملا هاما في حسم بقية المعارك مع سوريا ولبنان وإيران.
  2. صيحات الحرب التي ترددت في اجتماعات مجلس الوزراء المصغر لشؤون الأمن ثم في مداولات رئاسة الأركان بدت وكأنها تؤكد أن لا صوت يعلو على صوت المعركة التي ستدور في عدة ساحات سيكون قطاع غزة أول ساحاتها.

والذي كان يحدث في المشهد التالي هو أن صوت الحرب بل والاستعداد لها كان يتعالى من وراء الأسوار أو في الغرف المغلقة حتى لا تسمعه الآذان في قطاع غزة لتكون الغلبة لصوت الخداع المجلجل عن التهدئة والهدنة ووقف إطلاق النار.

وفي ظل هذا الجو الذي أقرته عملية التمويه والخداع تخلقت حالة من الاسترخاء وللأسف لدى قيادات الفصائل الفلسطينية بما فيها لدى القيادات العملياتية.

حالة الاسترخاء شكلت أحد العوامل الهامة للغاية التي ساعدت العدو الإسرائيلي على الوصول إلى قائد كتائب القسام أحمد الجعبري.

ليس أدل على ذلك من اعترافات صدرت عن المسؤول الأول عن اغتيال الشهيد الجعبري هو يورام كوهين رئيس جهاز الأمن العام (الشافاك) الذي يتولى مسؤولية إدارة الملف الفلسطيني في المنظومة الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية.

كان كوهين يتابع ويرصد ويستطلع تحركات الجعبري وعلى الأخص تنقلاته إلى مصر وقد انتقلت إليه هذه المهمة بالوراثة أي من سلفه يوفال ديسكن ومن قبل أبراهام ديختر.

عندما زار الجعبري مصر بعد التغيير سارع كوهين إلى رئيس الوزراء نتنياهو ليبلغه أن الأفعى خرجت من جحرها وراحت تتحرك خارج الجحر وهي أقل توجسا وخيفة وحذرا.

وباعتبار أن نتنياهو هو المسؤول أيضا عن كوهين نصحه بالتريث أي ترك الأفعى تدخل وتغادر جحرها لتطمئن أكثر وتسترخي حتى تسدد إليها الضربة القاتلة في الصميم.

وقبل يوم من اغتيال الشهيد الجعبري هرع كوهين إلى رئيسه نتنياهو ليبلغه: سيدي الأفعى تتحرك بحرية دون حذر أو تحوط وهي مطمئنة، وأن فرصة الاقتناص غذت مواتية.

وفي هذه المرة لم يخذل نتنياهو مرؤوسه فأعطى موافقته معززة أيضا بموافقة وزير الدفاع إيهود باراك.

وفي اليوم الثاني من تلقيه هذا الأمر عاد إلى رئيسه ليبلغه بلهجة متشفية أن الفريسة سقطت مضرجة بالدماء وفارقت الحياة.

العامل الاستخباراتي في تحقيق المباغتة

وليس من معاد القول أن النجاح الإسرائيلي لم يستحقق بسبب عامل الخداع والتمويه فقط بل أيضا بفضل عوامل أخرى في مقدمتها العمل الاستخباراتي الميداني المتجسد في وجود مجموعات من المتعاونين مع العدو، هذا العامل وباعتراف إسرائيل اختزل بعبارة صدرت عن قائد استخبارات الميدان البريجادير جاي بارليف: عيوننا في داخل قطاع غزة ترصد كل واردة وشاردة.

بعد استشهاد الجعبري ظل هذا العامل يمثل دورا هاما في إدارة الصراع ضد الفصائل الفلسطينية، مثلما كان أثناء الحملة العسكرية على القطاع أواخر عام 2008 التي أطلق عليها اسم الرصاص المسكوب.

هذه المنظومة تضم مجموعات من المتعاونين مع الاحتلال عندما كان يسيطر على القطاع ثم بعد فك الارتباط عام 2005 هؤلاء مازالوا يضعون أنفسهم تحت إمرة جهاز الأمن العام الإسرائيلي، وتضاف إلى هذه المجموعة مجموعة أخرى من عناصر ما كان يسمى بجهاز الأمن الوقائي الذي ترأسه محمد دحلان، هؤلاء طوروا من تعاونهم مع العدو من مستوى التنسيق والتعاون في عهد دحلان إلى مرحلة العمل كوكلاء للعدو، وكان لهؤلاء دور خطير في تمكين العدو من اختراق مناطق في غزة وفي توجيه طائرات العدو وقطعه البحرية وتشكيلاته البرية نحو أهدافها بل تحولوا إلى دليل لهذه القوات.


تقرير خاص:

العدوان على قطاع غزة أبعاد ودلالات

يوم الخميس 15/11/2012

هل كان استهداف القيادات العملياتية لحركة حماس وبقية الفصائل وعلى رأسها نائب القائد العام لكتائب عز الدين القسام أحمد الجعبري مفاجأة؟ وهل كان ما أقدمت عليه إسرائيل من عملية بهذا الحجم مجرد رد فعل على فعل فلسطيني قصف صاروخي متقطع ضد أهداف إسرائيلية؟

الإجابة بالنفي على هذين السؤالين.

أولا: فيما يتعلق بقرار استهداف قطاع غزة بشكل متدحرج كان محور مداولات من قبل مجلس الوزراء المصغر لشؤون الأمن في شهر سبتمبر والتي استمرت أسبوع.

خلال هذه المداولات خلص هذا المجلس إلى وضع اللمسات الأخيرة على استهداف عدة جبهات تأخذ شكل التدرج والتدحرج:

–      تبدأ في قطاع غزة بتطبيق ما يعرف بتوجيه الضربات المتلاحقة إلى مكامن القوة لكسر حلقتها الأقوى.

–      اغتيال القيادات العملياتية وكذلك مجموعات مطلقي الصواريخ ثم يأتي الدور للقيادات السياسية الأكثر تشددا وتمسكا بالكفاح المسلح لدى كل الفصائل.

وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك الذي يقود عملية التدافع نحو التصعيد على عدة جبهات قطاع غزة أولا ثم لبنان وسوريا وإيران شدد على أهمية ما وصفه قطع رؤوس الأفاعي الأكثر سمية وتفاخر بتجربته مع حركة فتح في بداية سبعينات القرن الماضي والذي قادها بنفسه اغتيال كمال عدوان وأبو يوسف النجار وكمال ناصر.

لم يتورع عن إضافة قيادات أخرى إلى القائمة مثل وديع حداد وأبو جهاد وفتحي الشقاقي والشيح أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي.

معضلة إسرائيل في المشهد السابق والحالي هي القيادات العملياتية التي تحمل السلاح والتي تدرك أن لعبة السياسة والدبلوماسية يمكن أن تمارس على أي ملعب إلا في الملعب الفلسطيني، والسبب واضح ومعروف أن العدو الإسرائيلي خارج قاعدة السياسة ومبدأ التفاوض والحوار لأنه عدو استئصالي لا ينفي وجود الآخر وحسب بل يعمل على استئصاله كليا وجوديا وليس فقط سياسيا.

المداولات أنتجت الأرضية التي تأسس عليها قرار اغتيال القيادات يوم الثلاثاء الماضي لتنطلق الحملة التي أطلق عليها عمود السحاب.

القرار الذي اتخذ بإجماع أعضاء المجلس الوزاري المصغر وعددهم تسعة وزراء سياديين يتضمن هدف إستراتيجي إسرائيلي مركزي كان المعبر الأفصح عنه وزير الشؤون الإستراتيجية الجنرال موشي يعلون.

يعلون المكلف بإدارة الملف الإستراتيجي مع سوريا وحزب الله وإيران أكد هذا بشكل لا لبس فيه، هذا عندما قال: أول ما ينبغي تحقيقه من وراء حملة عمود السحاب هو إخراج قطاع غزة من معادلة تهديد أمن إسرائيل وبشكل نهائي على غرار إخراج الصفة الغربية، وعندما نتمكن من إنجاز هذا الهدف نتجه حركيا نحو مصادر التهديد الأخرى سوريا وحزب الله إلى أن تتوقف هذه الحركة عند إيران عندما يحسم أخطر أنواع التهديد البرنامج النووي الإيراني.

كيف يتم إخراج قطاع غزة من المعادلة وتحييده عسكريا وعملياتيا؟

الإجابة على هذا السؤال كانت حاضرة في قرار المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن المجتمع يوم الثلاثاء 13 نوفمبر.

القرار اعتمد وسيلتين لتحقيق هذا الهدف حيث استقر المجلس الوزاري نهائيا على القيام بعملية عسكرية متدحرجة أي بقصد ما وصف وضع حد نهائي للتهديد الذي يشكله الوضع في غزة وذلك عبر وسيلتين:

الأولى: مرحلة الاستهلال (المباشرة) الموجهة ضد القيادات العملياتية للفصائل الفلسطينية والمجموعات المدربة على إطلاق الصواريخ وكذلك مستودعات العتاد والصواريخ ثم توسيع دائرة الاغتيالات لتطال قيادات سياسية من حركتي حماس والجهاد والفصائل الأخرى.

المرحلة الثانية: تصعيد لمستوى الهجمات الجوية والبرية والبحرية في إطار ما سمي استنزاف القدرات الفلسطينية على ممارسة التهديد أي تدمير شامل للقدرات الصاروخية وكذلك البنى التحتية لهذه الفصائل.

المرحلة الثالثة: الاقتحام البري لمناطق في قطاع غزة والسيطرة على الشريط الذي انسحبت منه إسرائيل عام 2005.

في نطاق ما سمي بخطة فك الارتباط مع قطاع غزة التي طرحها ونفذها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أريائيل شارون، هذا دون استبعاد الاجتياح الشامل.

التصعيد المتدرج مرهون بعدة ظروف وشروط.

بالرجوع إلى تحليلات الكثير من المشتغلين بالدراسات الأمنية والعسكرية في إسرائيل وبينهم قيادات بارزة كانت على رأس مكونات المنظومة الاستخباراتية الإسرائيلية تبين أن إسرائيل لن تقدم على مراحل أعلى مستوى بانتظار ما ستسفر عنه عملية اغتيال أحمد الجعبري والضربات الجوية.

هناك رهان إسرائيلي على الآتي:

  1. أن هذه الضربة الموجعة إلى حركة حماس قد تؤدي في نهاية المطاف إلى قبول حماس لتهدئة طويلة الأجل في مقابل وقف الهجوم الإسرائيلي بوساطة مصرية انطلقت فعلا بمبادرة ذاتية وبتشجيع من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى.
  2. أن مصر تعمل جاهدة على منع التصعيد وقد كثفت اتصالاتها مع الجانب الإسرائيلي والدولي لعرض وساطتها.
  3. أن مصر على استعداد لتقديم ضمانات بإطالة أمد التهدئة وكبح جماح الفصائل المتشددة من قبل حركة حماس.

وزير الدفاع الإسرائيلي وفقا لتقديرات مصدر مطلع ينتظر ما ستسفر عنه هذه الجهود المصرية دون أن يعني ذلك وقف الهجمات الإسرائيلية.

إذا ما تحقق هذا الرهان أي وقف إطلاق النار بشروط جديدة -بحسب المصدر- فإن بإمكان كل من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إيهود باراك أن يخرجا إلى الشعب الإسرائيلي ليعلنا أن حملة عمود السحاب قد حققت أهدافها اغتيال أهم القيادات العملياتية لدى حماس أحمد الجعبري الذي ظلت تطارده منذ عام 2004 وخاصة بعد أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، ثم اتفاقية لوقف إطلاق النار هذه المرة بشروط محسنة لصالح إسرائيل ولأنها مرتبطة بشروط والتزامات.

وفي حالة حدوث ذلك وقف لإطلاق النار طويل الأجل وبكفالة مصرية سيصر كل من نتنياهو وباراك على أن إسرائيل هي المنتصرة في هذه الجولة وستكون لذلك تداعيات بالغة الأهمية بالنسبة للمستقبل السياسي لكليهما.

لكن إذا تم تحقيق هذا الهدف الإسرائيلي وقف دائم لإطلاق النار إلى مستوى إخراج قطاع غزة من المعادلة وتحييده تبدأ عملية التدحرج وصولا إلى المرحلة الأخرى في التصعيد النوعي والكمي للهجمات التي تشن من البر والبحر والجو.

وتكاد تتفق جميع القوى المشاركة في الحكومة الإسرائيلية برئاسة نتنياهو ومعها قوى من خارج الحكومة مثل حزب كديما والأحزاب الجديدة هناك مستقبل وغيرها على أن الانتقال إلى المرحلة الثانية أمر لا بد منه لضمان الأمن لسكان المنطقة الجنوبية، حتى ولو تطلب ذلك تدمير شامل للبنى التحتية وتوسيع في عمليات الاغتيال بل وإلحاق أفدح الخسائر في الأرواح بين صفوف المدنيين.

مثل هذه الهجمات التي ستشن في نطاق المرحلة الثانية على الأخص الجوية والبحرية ستكون مصحوبة بمحاولات اقتحام بري لمناطق تعتبر في المنظور الإسرائيلي مفصلية مثل حي الشجاعية في غزة ومدن جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا قد تمتد إلى المنطقة الوسطى دير البلح ومعسكر النصيرات.

المرحلة الثالثة مرحلة الحسم

ينادي قائد المنطقة الجنوبية الجنرال طال روسو بضرورة الحسم والحسم يعني اجتياح شامل لقطاع غزة وهي دعوة ظل يرددها منذ انتقاله من رئاسة شعبة العمليات في الأركان العامة إلى قيادة المنطقة الجنوبية عام 2010، وقد ظل يؤكد على هذه الدعوة أمام وزير الدفاع ورئيس الأركان مشيرا إلى أنه جاء إلى قيادة المنطقة الجنوبية من أجل هذا الغرض وهذا الهدف.

الانتقال إلى المرحلة الثالثة المرحلة التصعيدية القصوى مرهون بعدة شروط :

*       استشعار نقاط ضعف وبوادر على حالة عجز لدى الفصائل الفلسطينية وعلى الأخص في قدرتها على مواصلة القصف الصاروخي لمدن في العمق الإسرائيلي.

*       التأكد من أن الموقف الرسمي المصري لن يتطور أو يتجاوز نطاق الشجب والرفض ودعوة الجامعة العربية ومجلس الأمن للانعقاد واستدعاء السفير المصري من تل أبيب.

المتابع لردود الفعل من قبل النخب السياسية والأكاديمية والعسكرية المصرية خارج الخدمة يؤكد أن مصر لن تجتاز عتبة رد الفعل اللفظي أي إعادة إنتاج رد الفعل المصري في عهد مبارك عندما شنت إسرائيل حملة الرصاص المسكوب في نهاية شهر ديسمبر 2008.

وجدير بالملاحظة أن قيادات أمنية إسرائيلية نذكر على سبيل المثال لا الحصر رئيس المؤسسة المركزية للاستخبارات والمهمات الخاصة تمير باردو والمستشار السياسي لوزير الدفاع الجنرال عاموس جلعاد المكلفين بمتابعة الملف المصري أبلغا الطاقم الوزاري لشؤون الأمن الذي يعقد اجتماعات طارئة أن مصر لن تقدم على أية خطوات راديكالية وأن جل جهودها تتركز على ضمان وقف إطلاق النار.

في ذات السياق طمأن الرئيس الأمريكي كلا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس الدولة شمعون بيريز أن مصر وانطلاقا من التزاماتها في نطاق معاهدة السلام مع إسرائيل تحث الخطى نحو تحقيق وقف دائم لإطلاق النار وكبح جماح الجماعات الفلسطينية المتشددة.

ونسج على نفس المنوال وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا في اتصاله مع نظيره الإسرائيلي إيهود باراك ليعلن تأييد الولايات المتحدة للعملية الإسرائيلية لانطلاقها من مبدأ الدفاع عن النفس.

التأكد من عدم تصعيد ردود الفعل في عدة ساحات حزب الله وسوريا وإيران وعدم الرد أو تعمل على تصعيد المعركة في غزة وتطويرها إلى حرب إقليمية.

يضاف إلى ذلك أن لا يندلع ربيع عربي جديد على شكل انتفاضات واحتجاجات في البلدان العربية ضد تقاعس الأنظمة وتخليها عن فلسطين وشعب فلسطين.

إسرائيل وكما كشف مستشار الأمن القومي الجنرال يعقوب عميدرور تراقب وترصد إرهاصات مثل هذا التطور.

دلالات أولية على الحملة العسكرية ضد قطاع غزة

لا ريب أنه يمكن أن نستخلص عدة دلالات من عملية عمود السحاب ضد قطاع غزة رغم أنها مازالت في بداياتها، وأهمها:

  1. العملية هي بمثابة عملية رمي بالنيران لإحدى الساحات المرشحة لأن تندلع فيها إحدى جولات الحرب الإقليمية، والمعنى العملي هو بروفة تجربة أولا للمنظومات المضادة للصواريخ ليس فقط من قبل منظومة القبة الفولاذية.

مثل هذه البروفة تحتاجها إسرائيل لتقرر خياراتها المستقبلية باتجاه حزب الله وسوريا وإيران.

على ضوء هذه البروفة ستتخلق سيناريوهات تعاطي إسرائيلي تعكس قدرة وكيفية تعاطي إسرائيل مع ساحات أخرى مع حزب الله في لبنان ومع سوريا وبالتالي إيران.

  1. قياس درجة التحول في السياسة المصرية ومطابقة هذا القياس مع التقييمات الإسرائيلية للسياسة المصرية على المدى القريب والمنظور.
  2. قياس درجة استعداد الولايات المتحدة لإسناد إسرائيل أو إذا ما فتحت جبهة أخرى ضد سوريا وضد حزب الله وضد إيران.

هذا القياس أنتج بديهية جديدة أن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل في كل الأحوال سواء كانت معتدية أو معتدى عليها وبالقطع إسرائيل هي المعتدية لأن ولادتها قامت على العدوان والاستئصال.

وجدير بالملاحظة بل والتنويه أن قادة الولايات المتحدة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع ليون بانيتا كانوا يتسابقون بالأمس وفي وقت كان قطاع غزة يتعرض للعدوان للإعراب عن دعمهم للعدوان الإسرائيلي وتبريره واعتباره حقا مشروعا.

  1. لم يتورع الرئيس الأمريكي عن الإشادة بمقتل أحمد الجعبري على يد نتنياهو وإيهود باراك ردا على إشادة إسرائيل بمقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بقرار من الرئيس الأمريكي.

الأدهى من ذلك أن الولايات المتحدة لم تعط الضوء الأخضر لإسرائيل لشن هجومها بل شاركت طواقم أمريكية تجري مناورات مع قوات إسرائيلية منذ ثلاثة أسابيع تحت مسمى التحدي الصارم 12 في عمليات اعتراض الصواريخ المنطلقة من قطاع غزة نحو رحوبوت وتل أبيب.

الحديث عن تدريبات أمريكية إسرائيلية مشتركة التحدي الصارم 12 ما هي إلا عملية تمويه، الأطقم الأمريكية التي جاءت جاءت من أجل إسناد المجهود الإسرائيلي للتصدي للصواريخ الفلسطينية أو أية صواريخ تطلق على إسرائيل، وهذا يدلل على أن أمريكا مشاركة في الهجوم وستشارك في أية هجمات أخرى تشنها إسرائيل ضد ساحات عربية أخرى، وهو ما ينقض ويدحض المزاعم الأمريكية بأن أمريكا لن تشارك في أي حرب إقليمية ولن تعطي الضوء الأخضر لإسرائيل.


المدى المتوقع للتصعيد العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة

يوم الخميس 15/11/2012

التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد قطاع غزة يأخذ مداه في وقت تصعد فيه المقاومة أيضا من رد فعلها على العدوان الإسرائيلي الذي أطلقت عليه هذه المرة اسم “عمود السحاب”، المؤشرات والدلالات على هذا التصعيد الإسرائيلي المحتمل في الفترة القادمة يرصدها أحد المحللين ا لعسكريين والأمنيين في الشأن الإسرائيلي ومن منطقة يتواجد فيها في منطقة الجليل الأعلى نمسك عن ذكر اسمه والبلدة التي يقيم فيها والاعتبارات معروفة، من أهم هذه المؤشرات :

  1. عملية استدعاء شاملة لقوات الاحتياط في إسرائيل لا تتركز فقط أو تقتصر على المنطقة الجنوبية في مواجهة قطاع غزة.

المصدر لاحظ تحركات مكثفة وواسعة النطاق للقوات العسكرية في المنطقة الشمالية بحيث أغلقت جميع المحاور والقوات تتدفق باتجاه الحدود اللبنانية والسورية.

وبناء على ما لاحظه وسمعه فإن إسرائيل تحشد أكثر من 12 فرقة في اتجاه الحدود اللبنانية والسورية.

من أهم هذه الفرق:

فرقة الجليل وفرقة همود هئيش وفرقة ناتيف وفرقة جعاش ولواء جولاني وفرقة سعار هجولان وفرقة مباتس ولواء باراك اللواء 188 وكذلك أهم ألوية الدروع في الجيش الإسرائيلي اللواء السابع والذي يسمى ، وكذلك فرقة برعام وفرقة حيراف والفرقة 143 وفرقة هتكوما وفرقة هنيشر.

هذا بالإضافة إلى قوات مجحفلة تضم ألوية وكتائب مثل لواء جفعاتي ولواء الإسكندروني ولواء كرياتي ولواء 228.

هذه القوات مجهزة بأكثر من 1500 دبابة مركافا 3و4 بالإضافة إلى المدفعية ذاتية الحركة وراجمات الصواريخ.

  1. استنفرت جميع القواعد الجوية في المنطقة الشمالية والوسطى وعلى الأخص قاعدة رامات دافيد وأجنحتها أي قواعد إسناد أخرى في منطقة مجدو وفي منطقة الخضيرة ونتانيا وحتى قاعدة سدي دوف في تل أبيب وعين شيمر، هذا إضافة إلى استنفار القوات الجوية في المنطقة الجنوبية لكونها القواعد المستخدمة في الهجوم على قطاع غزة.

استنفار آخر في المنطقة الجنوبية ليس فقط قبالة قطاع غزة وإنما أيضا قبالة الحدود المصرية وعلى خط التماس مباشرة، هناك عشر فرق استنفرت من القوات النظامية والاحتياط وأهم هذه الفرق فرقة غزة وفرقة أدوم وفرقة سيناء وفرقة ثعالب الجنوب إضافة إلى عدة ألوية ومنها اللواء الشمالي واللواء الجنوبي ولواء هاعرفها ولواء ساجي وفرقة بني أور ولواء محاتس إضافة إلى كتائب من لواء جفعاتي وجولاني.

  1. أن القيادة العليا للجيش الإسرائيلي والتي تضم رئيس الأركان الجنرال بيني جانتز ورئيس شعبة العمليات الجنرال هار-إيفن وقادة الأسلحة الرئيسية يتخندقون في غرفة إدارة المعركة من مقر رئاسة الأركان في الهاقيرياء في تل أبيب لمتابعة المعركة في غزة ومواجهة احتمال انتشار المعركة إلى جبهات أخرى هذا في نطاق الجاهزية لإدارة حرب على مستوى إقليمي قد تتطور.
  2. المصدر وبناء على ما يتردد على لسان قيادات في قيادة المنطقة الشمالية يؤكدون أنه ليس من المستبعد أن تنتشر الحرب إلى الحدود الشمالية وأن حزب الله وسوريا قد يجدان في الحرب الدائرة مع قطاع غزة فرصة للتصعيد من جانبهما واستخدامها كذريعة للتدخل في هذه الحرب وهذا ما ينطبق أيضا على إيران.
  3. أن استهداف مدينة تل أبيب صباح هذا اليوم بصواريخ بعيدة المدى من نوع فجر-5 فسر من قبل المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن على أنه تصعيد غير مسبوق وخطير وأن نتائجه لا يمكن احتمالها وأن وصول هذه الصواريخ وما تسببه من آثار نفسية على السكان المدنيين قد احتوى تداعيات اغتيال القيادي العسكري الرجل الأول في كتائب عز الدين القسام أحمد الجعبري.

ويؤكد المصدر وبما يتوافر لديه من قنوات تتسرب منها المعلومات حول ما يدور في منتدى المجلس الوزاري المصغر وما يدور في رئاسة الأركان فإن إسرائيل لن تجد أمامها من خيار سوى أن يكون ردها أعلى سقفا من قصف مدينة تل أبيب، ولهذا فإنه يتوقع أن تتعزز الأصوات داخل المجلس الوزاري الأمني أو داخل هيئة الأركان الداعية إلى انطلاق عملية الاجتياح البري لقطاع غزة حتى لا تتعرض تل أبيب ومناطق أخرى لهجمات صاروخية أوسع نطاقا تتسبب في نشر حالة من الذعر والهلع بين السكان رغم لجوئهم إلى الملاجئ والمخابئ الأرضية، لأن تل أبيب ومنذ قيام إسرائيل عام 1948 لم تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة في كل الحروب التي خاضتها إسرائيل مع الدول العربية.

وقد أشارت آخر التقارير إلى أن وحدات خاصة إسرائيلية من قوات جفعاتي وجولاني اقتربت من خط التماس مع قطاع غزة وقد يكون ذلك خطوة أولى نحو محاولة التوغل في مناطق محدودة في قطاع غزة إما لشن هجمات ثم العودة أي في نطاق الكر والفر وإما للتموضع.


هل هناك دول عربية كانت على علم بالعدوان الإسرائيلي؟

يوم الخميس 15/11/2012

تدعي تقارير صادرة عن مراكز أبحاث متخصصة في الشؤون الأمنية مثل مركز أبحاث الاستخبارات ونشرة دبكا وكذلك موقع والا بالإضافة إلى ما يتردد فوق منابر سياسية أن هناك دولا عربية كانت على علم مسبق بالهجوم بل أنها عبرت عن تأييدها له إذا كان سيؤدي إلى قطع وتفكيك العلاقة بين قطاع غزة وإيران أي العلاقة بين الفصائل الفلسطينية التي تعتمد في تسليحها على إيران وكذلك حزب الله.

وعند قراءة متعمقة لما تضمنته هذه التقارير يستطيع أي قارئ أو متابع أو محلل أن يستخلص الآتي:

1. أن أمير قطر وفي زيارته لقطاع غزة كان هدفه الرئيسي هو التأثير على قيادات حركة حماس من أجل أن تفكك كل علاقاتها مع إيران وسوريا وحزب الله.

لم تكن هذه الرسالة من عندياته وإنما كانت رسالة إسرائيلية، هذه الرسالة حملت معه وتمت صياغتها في لقاء سري جمع ولي العهد القطري تميم بن حمد مع المستشار السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي وهو يتسحاق مولخو والذي تم في منطقة البحر الميت في إحدى الفنادق في 11 أكتوبر الماضي.

مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي أبلغ ولي عهد قطر أن قطر هي في موقع يمكنها التأثير على قرارات حماس نظرا لأن رئيس المكتب السياسي وقيادات من حماس انتقلت من دمشق إلى الدوحة.

مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي يتسحاق مولخو كان واضحا في مطالبته من قطر أن تتدخل لدى القيادة الحمساوية الأكثر اعتدالا سواء في قطاع غزة أو في الخارج من أجل:

أولا: أن تفك ارتباطها بإيران وحزب الله

ثانيا: أن تلجم وتكبح جماح الجماعات الفلسطينية المتشددة وعلى رأسها حركة الجهاد الإسلامي وتمنعها من إطلاق الأسلحة والنيران المختلفة باتجاه إسرائيل تستتبعها إجراءات أخرى لنزع أسلحة هذه الفصائل.

مولخو شدد على أهمية أن تقوم قطر بهذا الدور لأن من مصلحة الأطراف المناوئة لمحور طهران سوريا أن تعمل على تحييد جميع القوى المرتبطة بإيران وحزب الله وسوريا في نطاق المعركة الدائرة في سوريا، والتي تخرج عن النطاق السوري المحلي لتتسع في المستقبل وتمتد إلى ساحات أخرى مثل لبنان والعراق وإيران.

مولخو أكد وشدد أيضا على أن إسرائيل يمكنها أن تقوم بعمل يؤدي إلى إضعاف الجناح المتشدد في حركة حماس لصالح الجناح السياسي الذي قطع علاقاته وفكك اتصالاته مع إيران ومع سوريا ومع حزب الله.

هذا التأكيد أثار شهية حب الاستطلاع لدى ولي العهد القطري وسأل المسؤول الإسرائيلي: هل يعني ذلك أن تقوم إسرائيل بعمل عسكري فأجاب مولخو: أنتم تقومون بدعم الجماعات المسلحة في سوريا من أجل إسقاط النظام السوري برئاسة الأسد من أجل إخراج سوريا من محور طهران وإحلال نظام يتماهى مع الربيع العربي الذي أينع في مصر وتونس وليبيا والمغرب، ونحن سنتوخى من وراء أي عمل نقوم به إضعاف ودحر وإسقاط المتشددين الموالين لإيران وسوريا.

على ضوء هذا اللقاء والمحادثات التي دارت والتفاهمات التي تم التوصل إليها عاد ولي عهد قطر إلى بلاده ليبلغ هذه الرسالة إلى والده.

على ضوء تلقي أمير قطر هذه الرسالة وبعد استشارات مع بعض قيادات حماس الموجودة في الدوحة وعلى رأسها خالد مشعل قرر ترتيب زيارته إلى غزة من أجل الهدف المشتركة الإسرائيلي القطري وهو إخراج قطاع غزة بل وإنهاء أية علاقة أو رابطة مع طهران ومع حزب الله.

بالإضافة إلى ذلك فإن مستشار الرئيس الوزراء الإسرائيلي التقى أيضا بقيادات أردنية التي أبدت دعمها لهذه الخطة الإسرائيلية وعبرت عن امتعاضها من المتشددين في داخل حركة حماس، والذين اتهموا من قبل هذه القيادات الأردنية بأنهم يعملون على تأجيج نار الفتنة في الأردن ليس فقط بين الأردنيين والفلسطينيين بل بين أبناء الشعب الأردني عن طريق دعمهم لجماعة الإخوان المسلمين الأردنية.

ويكشف الخبير في الشؤون السياسية الإسرائيلية الدكتور عبد الرازق عبد الرحمن الحسن الذي هو على احتكاك وتماس مع أبرز وألمع الباحثين والخبراء الإستراتيجيين والسياسيين في مراكز البحوث الإسرائيلية عن أن دولا أخرى أبلغت أولا بزيارة أمير قطر إلى غزة ومضمون الرسالة التي يحملها، ومن بين هذه الدول الأردن والسعودية وتركيا.

على ضوء ذلك فإن هذه الدول استقبلت العدوان الإسرائيلي ولا تزال تستقبله بالترحيب وتعتبره بأنه جزء من المعركة ضد إيران ومحورها.

 

تقييم لحصيلة الحملة العسكرية الإسرائيلية

حتى صبيحة يوم السبت

يوم السبت 17/11/2012

للوهلة الأولى منذ بداية الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة عبر شن سلسلة من الهجمات الجوية أسفرت عن استشهاد القائد أحمد الجعبري ثم مهاجمة ما زعم أنه مخزونات ومستودعات للصواريخ عمدت إسرائيل إلى رسم ملامح هذه الحملة بل وتحديد خواتيمها على أساس أنها حسمت، والحسم الإسرائيلي وفق ما عبر عنه كبار القادة السياسيين والعسكريين وتحديدا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إيهود باراك تمثل في اختطاف أهم مكونين من مكونات القدرة الفلسطينية:

الأول: القدرة الصاروخية لدى الفصائل الفلسطينية والتي تشكل سلاح ردع وتنتج قدرة على الرد على أي عدوان، وهو رد يعتبر في العرف العسكري أنه رد مؤثر لأنه يطال قلب إسرائيل الديمغرافي والاقتصادي والإستراتيجي ممثلا في منطقة تل أبيب وضواحيها.

الثاني: مقتل أحد كبار القادة العسكريين لدى الفصائل الفلسطينية الذي اعتبرته إسرائيل الهدف الأول لها وسعت إلى الوصول إليه بشتى الوسائل لقطع رأسه، لكي تولد وتعظم من حالة الإحباط لدى الفلسطينيين بحيث يقولون لا أمل بعد الآن، إسرائيل عادت إلى سطوتها وعادت إلى امتلاك القوة التي لا تقهر ولا تغلب، وهي مقولة أنتجتها وأفرزتها هزيمة الدول العربية في عام 1967 عندما راح قادة العدو وعلى رأسهم موشي ديان ورهط من الجنرالات من أمثال حائيم بارليف وأريائيل شارون والجنرال شموئيل جونين والذي بلغ به الجنون والغلو إلى حد ترديد عبارته : رنونا بأبصارنا إلى الموت فكان أن طأطأ الموت رأسه خجلا منا.

وجاءت التطورات في ما بعد ليس فقط لتطيح بهذه المقولة وإنما بقائلها عندما هزم في جبهة قناة السويس عام 1973 وفقد السيطرة وأصيب بحالة انهيار فلم يعد بمقدوره أن يدير المعركة فسحب منها ثم بعد ذلك مات كمدا وغيظا بل وخجلا.

من تابع ودقق البيانات والتقارير الإسرائيلية التي صدرت بعد ساعات من الهجوم في يوم الأربعاء 14 نوفمبر وتحديدا من قبل وزير الدفاع إيهود باراك ثم رئيس الأركان الجنرال بيني جانتز وكذلك قائد المنطقة الجنوبية الجنرال طال روسو استشف أن المعركة قد حسمت لصالح إسرائيل وأن إسرائيل استردت قوتها الردعية بعد أن سلبت الطرف الآخر وهو الطرف الفلسطيني هذه القدرة ممثلة في قدرتها الصاروخية وذراعها الطويل ثم في قياداتها القادرة والمقتدرة.

ولم تمض على هذا العدوان سوى ثلاثة أيام حتى راحت تتكشف الحقائق ويتبدى زيف وسفور التضليل الإسرائيلي والتهويل المتغول في مبالغته.

من بين هذه الحقائق:

1. أن المقاومة الفلسطينية بفصائلها أشهرت ذراعها الطويل وبدأت تستخدمه لتسديد الضربات إلى أهم المعاقل الإسرائيلية التي لم تصلها على مدى أكثر من ستة عقود أي ذراع عربي، ونقصد بهذه المعاقل مدينة تل أبيب قلب إسرائيل وضواحيها ومدينة القدس ومدن مثل رحوفوت وريشون تسيون وبني باراك وحولون بالإضافة إلى كريات ملاخي وأسدود وبئر السبع وجميع المدن الواقعة في المنطقة الجنوبية وعلى هوامش المنطقة الوسطى بل وفي وسطها.

انهارت مزاعم وزير الدفاع الإسرائيلي وقادة الجيش الإسرائيلي أن ذراع المقاومة الطويل قد بتر ولن يكون بعد بتره قادرا على ملامسة أي هدف إسرائيلي خارج غلاف قطاع غزة.

وليس أدل وأبلغ على هذه الحقيقة من أن وسائل الإعلام الإسرائيلية التي فرض عليها التعتيم وحظر عليها نشر أية معلومات عن استهداف المعاقل الإسرائيلية والمدن الإسرائيلية والأهداف الإستراتيجية وحتى القيادات الإسرائيلية راحت تعترف بأن كل البيانات وكل التصريحات وكل التقارير وكل التحليلات الإسرائيلية كانت بمثابة ذر للرماد في الأعين والدليل أن تل أبيب ضربت بصواريخ فجر5 ولعدة مرات، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اضطر لأن يهرب من مكتبه ليلجأ إلى الملجأ وأن قيادة القيادة العامة في تل أبيب نزلت إلى خندق تحت الأرض وأن سكان تل أبيب يبحثون عن طوق نجاة في مناطق أخرى يلجؤون إليها، وهو ما أثار التشفي والسخرية لدى سكان الجنوب من سكان تل أبيب والمنطقة الوسطى لأن المنطقة الجنوبية أدمنت على تلقي الضربات الصاروخية وظلت عرضة للقصف الصاروخي على مدى سنوات.

  1. أمام الانهيار الشامل في معنويات التجمع الاستيطاني الإسرائيلي في جميع المناطق حتى في المنطقة الشمالية التي لم تتعرض حتى الآن لأي قصف من أي سلاح كان مصدر الخوف لدى المستوطنين في المنطقة الشمالية هو هاجس حزب الله وفي أن يضغط على الزناد لتنهال شئابيب النار على رؤوسهم كما حدث في عام 2006.

يكفينا أن نشير إلى أن أحد الملاحظين في الداخل الفلسطيني وهو باحث وخبير في الشؤون الأمنية يشخص الحالة المعنوية بين صفوف المستوطنين بأنها الأسوأ في تاريخ إسرائيل وبأن هذه الحالة ستتفاقم إلى أبعد من هذا المدى وهذا التأزم إذا ما طالت الحرب أو إذا ما فتحت جبهات أخرى لديها من القدرات الصاروخية ما بوسعها أن تلحق بإسرائيل عمليات انكسار نفسي غير قابلة للعلاج.

إزاء هذا التدهور وإزاء انكشاف وافتضاح المبالغات الإسرائيلية راحت القيادة السياسية والعسكرية تبحث عن وسائل لاحتواء هذه الآثار وذلك من خلال الآتي:

أولا: تصعيد غير مسبوق في الغارات الجوية على قطاع غزة حتى أن عدد الغارات في ساعة واحدة من يوم الجمعة بلغ 22 غارة وبلغ مجموع الغارات حتى صبيحة يوم السبت 390 غارة.

الذرائع والمبررات التي تروجها هذه القيادات عن هذا التصعيد في الهجمات الجوية تتلخص في الادعاء بأنها عملية تليين أو تهيئة الساحة والميدان لكي تتقدم القوات البرية لتحسم المعركة، اعترافا بأنه ليس بمقدور سلاح الجو أن يحسم المعارك والحروب حتى في ساحة كساحة قطاع غزة التي تعتبر ساحة تتعذر فيها المناورة وتفتقد إلى العمق الإستراتيجي.

3. التلويح بعمليات الاقتحام البري وذلك بتحريك قوات برية تتقدم القوات الخاصة والمظليين وقوات جفعاتي وجولاني ثم المشاة المؤلل وكذلك الدروع والتي تلامس الخط الفاصل بين غزة وبين الأراضي الفلسطينية المحتلة.

4. الغارات المكثفة حيث شن سلاح الجو الإسرائيلي 22 غارة تتركز على مدينة غزة من أجل تقويض ليس فقط البنى التحتية والمؤسسات والدوائر وهي تعتبر أهداف مدنية وإنما في التركيز على السكان من أجل إلحاق الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين، في نطاق ما سمي بردع السكان عن دعم المقاومة والفصائل الفلسطينية وهو ما ورد في المنشورات التي أسقطت على القطاع خلال الأيام الأربعة الأخيرة.

هذه الغارات شنت حتى عندما كان رئيس الوزراء المصري هشام قنديل يزور القطاع وهو قادم من أجل التأثير على موقف الفصائل الفلسطينية لتقبل التهدئة والهدنة بعلم من إسرائيل وبتكليف من الرئيس المصري الذي تجاوب وتفاعل مع دعوات انطلقت من الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أي الدول الغربية التي لم تجد غضاضة أو تحرجا في دعمها ووقوفها إلى جانب إسرائيل واعتبار ما تقوم به من عدوان وعمليات قتل وتدمير بأنه عمل مشروع.

ولكي نقف على نتائج هذا العدوان الذي باشرته إسرائيل على مدى 34 أيام حتى الآن لا بد من التطرق إلى محصلة العدوان ونتائجه في الجانب الفلسطيني وفي الجانب الإسرائيلي أي أن نورد كشفا بالمعطيات حول خسائر الطرفين هذا مع التأكيد والتشديد على الفارق في هذه المعطيات والناجمة أصلا عن التفوق الإسرائيلي الكاسح بكل مكوناته، ورغم ما ورد من معطيات تؤكد أن إسرائيل ألقت خلال الأيام الثلاثة الأولى من العدوان كميات من النيران والحديد والنار ضعف ما استخدمته طوال عملية الرصاص المسكوب في أواخر عام 2008 والتي استمرت 23 يوما.

أولا في الجانب الإسرائيلي:

عدد الصواريخ التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها حتى صبيحة يوم السبت: 800 صاروخ وقذيفة.

المدن التي قصفت:بئر السبع، عسقلان، أسدود، أوفكيم، زيكيم، مفتاحيم، إشكول، كريلات ملاخي، جان يفني، كريات جات، شعار هنيجف، حولون، بات يام، تل أبيب، بني باراك، ريشون تسيون، غوش عتسيون والقدس.

الخسائر : 10 قتلى و70 إصابة.

الجانب المعنوي هناك مظاهر الانهيار النفسي والانكسار في مقابل اعترافات بأن المعنويات في قطاع غزة مرتفعة للغاية بل أن العشرات من المؤشرات والدلائل أن التلويح والتهديد بالهجوم البري لا يثير أي حالة من الخوف والهلع بل هناك الاستعداد لمواجهة مثل هذا الهجوم إن حدث.

 مكونات القوة المستخدمة في الحرب: ما بين 150-180 طائرة مقاتلة.

الحوامات غابت عن سماء المعركة يعزى ذلك إلى وجود وسائل مضادة لدى المقاومة.

الطائرات التي زج بها في الحرب لا تتموضع فقط في القواعد الجوية المتواجدة في الجنوب حاتسريم حاتسور تل نوف وعوفدا وبلماحيم وريمون، وإنما دفع بتعزيزات جوية من قواعد في المنطقة الشمالية وعلى الأخص قاعدة رامات دافيد التي تعتبر أكبر القواعد الجوية المكلفة بالتعامل العملياتي مع الجبهة الشمالية بجناحيها اللبناني والسوري ثم الجبهة الأردنية والعراقية.

ثانيا: الجانب الفلسطيني: 30 شهيد بينهم تسعة أطفال، و285 جريح.


تقييمات إسرائيلية متناقضة لفاعلية الصواريخ الفلسطينية

يوم الخميس 15/11/2012

تباينت التقارير الإسرائيلية بشأن فاعلية الصواريخ التي تطلق من قطاع غزة ردا على الهجوم الإسرائيلي أو ما يسمى بحملة عمود السحاب.

هذا التباين نجم عن وجود مرجعيات مختلفة متباينة ومتفاوتة في دقة وصحة بياناتها ومعطياتها.

المرجعيات الرسمية تغالي وتبالغ في تقييم ما تسميه بالفاعلية الإسرائيلية للتعاطي مع التهديد الصاروخي والتي جسدها سلاح الجو الإسرائيلي بغاراته وهجماته على مكونين أساسيين من مكونات القدرة الصاروخية الفلسطينية.

المكون الأول مستودعات الصواريخ وخاصة ذات المدى البعيد مثل فجر 3وفجر 5، التقارير الصادرة عن مراجع رسمية ادعت أن إسرائيل دمرت ما لدى الفصائل الفلسطينية من هذا النوع من الصواريخ وأخرجته من الخدمة وأن الفصائل الفلسطينية لم تعد تملك الذراع الطويل الذي يمكنه أن يطال مدينة تل أبيب المركز السياسي والاقتصادي والمعنوي في إسرائيل.

هذه المراجع إما أن تكون مرتبطة بالمنظومة الاستخباراتية الإسرائيلية مثل موقع دبكا أو من المؤسسة العسكرية وفق ما يصدر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي يؤاف مردخاي.

المكون الثاني المبالغة والتهويل في تصدي واعتراض منظومة القبة الفولاذية الإسرائيلية للصواريخ الأقصر مدى وإسقاط نسبة تتراوح ما بين 20-25%، على سبيل المثال أعلن عن اعتراض 27 صاروخا من مجموع 85 صاروخ.

هذا المعطى الذي أعلن عنه ينقض ويدحض ويفند مزاعم إسرائيلية وتقارير إسرائيلية كانت تحدثت عن أن بإمكان هذه المنظومة أن تعترض وتتصدى وتسقط ما بين 70-80% من أية صواريخ تطلق على إسرائيل.

لكن خبراء محايدين وخاصة في منظومات الاعتراض مثل عوزي رابي واللوبي الذي يعمل لحماية الجبهة الداخلية شكك في هذه المعطيات وقال إنها غير صحيحة وغير دقيقة وهي محاولة لتخدير أعصاب سكان إسرائيل والمدنيين.

وأورد هؤلاء الخبراء معطيات تتأسس على خبرة تقنية وعملياتية تؤكد أن منظومة القبة الفولاذية ليست فاعلة بالشكل المبالغ فيه وأن هذه المنظومة ما تزال محدودة من حيث كمها وفاعليتها وأن الجبهة الداخلية لن تستطيع أن تصمد أمام عملية إطلاق صاروخي مكثف على الجبهة الداخلية مصدرها حزب الله وسوريا وغزة وإيران.

وقبل يومين فقط من الهجوم على غزة وبعد استقالته من منصبه كقائد لمنظمة الدفاع الجوي البريجادير دورون جافيش أعلن أن الجهة الداخلية الإسرائيلية ليست محمية بشكل محكم وأن لدى حزب الله ترسانة من الصواريخ قادرة على إلحاق الأذى والضرر بالجبهة الداخلية وإصابة أي هدف في إسرائيل.

وشكك البريجادير جافيش في فاعلية جميع المنظومات الموجودة بحوزة إسرائيل وبأن أي حرب قد تندلع تستخدم فيها الصواريخ بشكل مكثف ستجد الجبهة الداخلية نفسها عرضة لمخاطر وخسائر كبيرة.

وهناك أكثر من دالة على فشل إسرائيل في القضاء على المكون الأول الصاروخي الأول وهو الادعاء بأن إسرائيل دمرت مخزون الفصائل الفلسطينية من صاروخ فجر 3و5 هذه الدالة هي تعرض مدينة تل أبيب هذا اليوم لصاروخ هز المدينة وأشاع موجة من الخوف والهلع خوفا من تكرار الهجمات الصاروخية على مدينة تل أبيب التي تعتبر قلب إسرائيل إستراتيجيا واقتصاديا وبشريا.

لا غرو أن هذه المبالغة الإسرائيلية تستهدف في المقام الأول امتصاص أية حالة للهلع بل والانهيار النفسي والانسحاق السيكولوجي في صفوف السكان حتى لا تخسر إسرائيل معركتها، خسارة كبيرة تضطرها إلى التراجع وإلى وقف العدوان.

 

هل تلجأ إسرائيل إلى الاقتحام البري لقطاع غزة؟

معادلة الكلفة والحاصل هما العاملان الحاسمان

في القرار الإسرائيلي

 

يوم السبت 17/11/2012

كثر الحديث في الساعات الأخيرة عن هجوم بري إسرائيلي وشيك على قطاع غزة، الحديث استمد ديناميته من مجموعة من الرسائل الإسرائيلية الموجهة إلى حركة المقاومة الفلسطينية، الرسائل كثيرة وعديدة ولكننا سنورد أهمها:

  1. تكثيف غير مسبوق للهجمات الجوية على قطاع غزة ابتداء من يوم أمس الجمعة 16 نوفمبر طاولت أهداف البنية التحتية اللوجيستية والمدنية للمقاومة والسلطة في غزة الغارات استمرت طوال سحابة يوم الجمعة وليلة السبت وتراوحت ما بين 40-45 غارة.

واستنادا إلى التقديرات الإسرائيلية والأسباب الكامنة وراء هذا التصعيد فإن هذه الهجمات المركزة تندرج ضمن ما سمي بعملية التليين أو تعبيد الطريق أمام التشكيلات البحرية الإسرائيلية لاقتحام القطاع في ظل معادلة تقليص كبير لقدرة الفصائل الفلسطينية على صد ومواجهة هذه التشكيلات.

  1. استدعاء ما يتراوح ما بين 30-75 ألف من أفراد الاحتياط للالتحاق بوحداتهم لتحريكها إلى خطوط القتال.

الاستدعاء بادر إليه وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك واعتمدته وصادقت عليه لجنة الشؤون الخارجية والأمن التابعة للكنيست يوم الجمعة 16 نوفمبر.

ما يثير الانتباه أن هذا الاستدعاء غطي تغطية إعلامية كاملة وهو غير مسبوق في إسرائيل التي كانت تستدعي الاحتياط بسرية تامة وعبر رسائل بريدية وكلمة سر تذاع في الإذاعات أو استدعاء مباشر من قبل ممثلين في وزارة الدفاع.

–      استعراض مكشوف لوحدات من القوات الخاصة لواء جولاني ولواء جفعاتي وهي تتحرك نحو الخط الفاصل بين قطاع غزة والمناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية وكذلك لأسلحة القوات البرية دروع وآليات قتال ومدفعية.

–      تصريحات لقيادات سياسية وعسكرية بأن الهجوم البري أصبح ضرورة بل حتمية بعد إقدام الفصائل الفلسطينية على قصف تل أبيب والقدس وانتهكت التابوهات الإسرائيلية.

وفي إطار هذه التصريحات جاء التشديد على أن إسرائيل مصممة على إعادة مصداقية الردع وذلك عبر اللجوء إلى هذا الخيار أي خيار اجتياح القطاع.

فيض من الدراسات والتقييمات والتحليلات صادرة عن خبراء بينهم من شغل مناصب مركزية في منظومة الاستخبارات تروج وتهلل لخيار الاجتياح.

نذكر على سبيل المثال:

*       الجنرال عاموس يادلين رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق في دراسته الموسومة: ” بتصميم وحنكة وفي وقت مبكر ينبغي الانتقال إلى الهجوم البري”، الصادرة عن معهد أبحاث الأمن القومي في 15 نوفمبر.

בנחישות, בשיקול דעת ובהקדם מבט על, גיליון 385, 15 בנובמבר 2012

ידלין, עמוס

הציבור ומקבלי ההחלטות בישראל מבינים, כי בסיסמאות כמו “חיסול חמאס” או “לדבר עם חמאס” לא מנצחים מלחמות ולא פותרים את הבעיה הפלסטינית. ואכן, מטרות מבצע “עמוד ענן” מדודות ומנוסחות בזהירות: להשיב את ההרתעה הישראלית מול חמאס על-ידי פגיעה קשה בארגוני הטרור הפלסטינים בעזה ושלילת יכולתם להשתמש במערך האסטרטגי של הרקטות ארוכות הטווח שברשותם. המבצע החל בהצלחה צבאית ומודיעינית מרשימה, ונראה למרות שהמערך האסטרטגי לא הושמד לחלוטין, עד כה יעדי המבצע הושגו כמעט במלואם. הניסיון ממלחמת לבנון השנייה וממבצע “עופרת יצוקה” לימד, כי נדרשת ‘תקופת עיכול’ עד שעוצמת המכה מחלחלת ומשפיעה על מקבלי ההחלטות בצד השני. סיום המבצע הנוכחי דורש גם הוא ניווט אחראי וחכם: המשך הלחימה יאפשר להעמיק את הפגיעה בחמאס ולהכין אפשרות של פעולה קרקעית, אך בו בזמן יש לחפש הזדמנויות לסיים את סבב הלחימה לאור הישגיו עד כה.

*       عمير ربابورت ضابط سابق وفي دراسته الموسومة: “جيش الدفاع الإسرائيلي يستعد لعملية خاطفة وفتاكة”، يقول أنه في نهاية الأسبوع سيحسم قرار بشأن انطلاق جيش الدفاع الإسرائيلي إلى عملية برية في غزة.

צה”ל נערך ל”תמרון מהיר וקטלני”

עמיר רפפורט – 16/11/2012

•      גם אילו לא היו משוגרים טילי הפאג’ר לעבר תל אביב וראשון לציון אתמול בערב, סביר כי צה”ל היה יוצא למבצע קרקעי ברצועת עזה במסגרת השלב השני של מבצע “עמוד ענן”. הסיכויים להתממשותו של שלב זה, מיד לאחר ה”ריכוך” האווירי והטיפול במשגרי הטילים והקטיושות, היה גבוה מלכתחילה.

המהלך של החמאס, שהכניס עוד מיליון וחצי אזרחים לחרדת אזעקות, גם אם לא גרםעד אמש נפגעים או נזק בגוש דן, הגדיל את הסיכוי הזה מאוד. האפשרות שתהיה פעולה קרקעית הוא הרקע להחלטה של שר הביטחון להתיר גיוס של עד 30 אלף אנשי מילואים.

וכך, אם צה”ל יאכן יצא לפעולה קרקעית בעומק רצועת עזה המטרה עשויה להיות כפולה: להגביר את הלחץ על ראשי החמאס לבקש הפסקת אש, ובמקביל לצמצם את ירי הרקטות לעבר ישובי דרום הארץ ואףה מרכז, באמצעות תפיסת חלק מאתרי השיגור. ארועי אתמול ממחישים כי פעילות מן האוויר בלבד אינה מספיקה כדי לנטרל את הירי: במהלך היום שוגרו לעבר ישראל למעלה מ-200 טילים ורקטות – כמות שאפיינה את היקפי הירי של חיזבאללה במהלך מלחמת לבנון השנייה, גבוהה בהרבה מאשר היקפי הירי ב”עופרת יצוקה” לפני כארבע שנים.

*       نشرة دبكا في 16 نوفمبر: “جيش الدفاع في مواقع الانطلاق نحو الدخول إلى غزة”

טילים התפוצצו בירושלים ובתל אביב. צה”ל ערוך לכניסה רצועה. הורחב גיוס המילואים. בתי חולים פונו, הועמדו בכוננות

המקורות הצבאיים של תיקדבקה

יום שישי, ב כסלו תשע”ג, 17:57, 16 בנובמבר 2012

עם כניסת השבת 16.11,גברו הסימנים כי ישראל הולכת למלחמה על רצועת עזה. צה”ל קיבל אישור הממשלה להרחיב את גיוס המילואים, מעבר למכסת 30,000 החיילים שאושרו קודם. לא ננקב מספר, אולם המדובר בכמות הגדולה פי כמה מהגיוס הראשון.הוחל בפינוי בתי החולים בישראל מחולים שאינם זקוקים לטיפולים מיידים. כוננות מלחמה הוכרזה בבתי החולים. קודם לכן התפוצצו לפחות 4 טילים בירושלים ובתל-אביב. בתל-אביב התפוצצו שני טילי פאג’ר 5, בירושלים התפוצץ סוג חדש של טילים שהחמס הגדיר M-75 . מטחים טילים פלסטינים המשיכו להתפוצץ בכל הערים המרכזיות ומרחבי דרום ישראל.הפרטים:

هذه مجرد أمثلة قليلة فقط من هذا المستودع الذي زخر بالتقارير والتحليلات والتقديرات عن العملية البرية.

الكلفة والعائد

يتعلق هذا العامل الحاسم في اتخاذ قرار اجتياح قطاع غزة بالحسابات الخاصة.

أولا بالكلفة في مجال الخسائر البشرية التي يمكن تكبدها القوات التي تجتاح القطاع وهل ستكون متوازية مع نفس خسائر إسرائيل في الحملة العسكرية التي شنت أواخر عام 2008 والتي اعتبرت كلفة متدنية ومنخفضة قياسا بالكلفة والثمن الذي دفعه الفلسطينيون ألف شهيد وخسة آلاف جريح.

الكلفة السياسية في الداخل الثمن الذي ستدفعه القيادة لإسرائيلية وتحديدا الترويكا نتنياهو وباراك وليبرمان إذا فشل الاجتياح، والأرباح التي سيحققونها في حالة نجاح عملية الاجتياح في الانتخابات القادمة في 23 يناير 2013.

هنا هاجس فشل حملة الرصاص المسكوب عام 2008 الذي أطاح برئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود أولمرت، ومن قبل هاجس حرب لبنان الثانية 2006 الذي أطاح بوزير الدفاع السابق عمير بيريتس.

وفي الخارج حجم الضغوط التي ستمارس على إسرائيل من قبل المجتمع الدولي من أجل إما منع الاجتياح أو الحؤول دون بلوغه سقفه الأعلى السيطرة على القطاع بأكمله.

إذا ما ارتأت القيادة الإسرائيلية أن الثمن لن يكون فادحا وقدرت أن التدخل الإقليمي والدولي لن يكون رادعا أو كابحا أو قويا فإنها ستفكر أكثر من مرة في اتخاذ مثل هذا القرار.

الكلفة والخوف من أن تكون باهظة بحيث لا تطيق القيادة السياسية تحملها مازال يشكل عامل إعاقة أمام الإسراع في اتخاذ قرار الاجتياح.

وفي ضوء حسابات التكلفة والعائد فإن من الطبيعي أن تشير التقارير إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إيهود باراك يدققان في دراسة معادلة الكلفة والعائد قبل اتخاذ هذا القرار.

هناك العديد من التفسيرات التي قد تشرع احتمال أن يقرر نتنياهو وباراك وليبرمان خوض الحرب البرية نزولا عند رغبة القيادات العسكرية والاستخباراتية التي تضغط من أجل المبادرة فورا إلى ما وصف بالانتقال إلى العملية البرية.

من أبرز القيادات التي تضغط من أجل تطوير الحرب على غزة بالانتقال إلى الهجوم البري الجنرال طال روسو قائد المنطقة الجنوبية الذي يتولى إدارة المعركة عملياتيا.

روسو اتهم القيادة السياسية بالتردد محذرا من مغبة تكرار ما فعلته قيادة أولمرت باراك في عام 2008 والذي أحبط تحقيق انتصار حاسم في تلك الخرب عن طريق الهجوم البري. وانتهى إلى أن الشك في إمكانية نجاح الجيش الإسرائيلي في إنجاز خطة الاجتياح مبالغ فيه وأنه يسيء إلى الجيش الإسرائيلي ومعنوياته.

القيادات العسكرية الإسرائيلية تؤكد أنها ستكون في مستوى هذه المهمة في إنجازها وأن القيادة السياسية هي دون مستوى هذه المهمة.

القيادات العسكرية وخاصة قادة صنوف الأسلحة الجوية والبرية والبحرية يؤكدون على أن العملية البرية لا محيص عنها لتحقيق هدفين رئيسيين:

الهدف الأول: القضاء المبرم على القدرة الصاروخية لدى المنظمات الفلسطينية ويعترفون أن السلاح الجوي غير قادر على تدمير هذه القدرة نظرا للتمويه عليها وإخفائها وكذلك على المجموعات التي تتولى إطلاق هذه الصواريخ.

الهدف الثاني: إرغام السلطة في غزة على قبول الشروط الإسرائيلية أو ما يعرف بالخطوط الحمراء الإسرائيلية ومنها:

  1. التوقيع على هدنة طويلة الأجل بكفالة مصرية قطرية تركية.
  2. منع دخول الأسلحة إلى غزة عبر الأنفاق وضمان المنع من قبل مصر.
  3. السيطرة على الفصائل والمنظمات الفلسطينية المتشددة وعلى رأسها حركة الجهاد ونزع سلاح هذه الفصائل ولو استدعى تدخل قوات مصرية أو قطرية أو دولية.

أما المنظومة الاستخباراتية وفي آخر تقديراتها المقدمة إلى مجلس الوزراء المصغر لشؤون الأمن يوم الخميس 16 نوفمبر أن العائد الإستراتيجي والسياسي سيكون أكبر من التكلفة.

رؤساء هذه المنظومة تمير باردو رئيس الموساد والجنرال أفيف كوخفي رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ويورام كوهين رئيس جهاز الأمن العام أجمعوا على أن مخاوف نتنياهو من التداعيات السياسية الإقليمية والخارجية غير مبررة، وللتدليل على صحة ووجاهة رؤيتهم يشيرون إلى عدة معطيات:

*       أن ردود الفعل الدولية لم تنطو على أية إدانة ضد إسرائيل أو مطالبتها بوقف عملية عمود السحاب.

العكس هو الصحيح، دول مثل الولايات المتحدة فرنسا وبريطانيا تضفي الشرعية على الحملة وتبررها وتصفها بأنها عملية الدفاع عن النفس.

*       أن التوقعات بشأن ردود فعل عربية راديكالية وعلى الأخص من جانب مصر ودولا أخرى تغيرت قياداتها ليست واقعية.

الأكثر من ذلك أن المنظومة الاستخباراتية تؤكد أن مصر ليس من أولوياتها أن تتدخل لصالح الفلسطينيين باستثناء التعبير عن موقف سياسي وإعلامي متضامن.

 ردود الفعل على مستوى شعبي ورسمي على مدى الأيام الأربعة الأخيرة يشكل معيارا ومقياسا لتشوف واستشراف ما هو آت في قادم الأيام، أي أن ردود الفعل لن تخرج عن إطار الاحتجاج والتنديد والشجب وبمستوى وحدة أقل بكثير مما كانت عليه أثناء حملة الرصاص المسكوب في أواخر عام 2008.

رئيس الموساد تمير باردو ادعى أنه وعلى ضوء اتصالات مع العديد من دول المنطقة مصر وقطر والسعودية والأردن فهو متيقن أن هذه الدول أكدت أنها لن تستدرج من قبل المنظمات المتشددة والمرتبطة بإيران لتعديل مواقفها وأنها تعتبر معركتها الرئيسية مع إيران وسوريا وحزب الله والعراق.

 الخلاصة:

نتنياهو وباراك وليبرمان يواصلون عملية دراسة اتخاذ قرار التصعيد وتطوير العدوان إلى مستوى الهجوم البري، وحسب آخر المعطيات فإن عنصرا جديدا اقتحم دائرة صنع القرار الإسرائيلي ربما سيكون له تأثير على هذا القرار وهو تدخل مصر وبشكل مكثف لصالح التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار تصاعدت وتيرته بعد عودة رئيس الوزراء المصري هشام قنديل من زيارته لقطاع غزة.

وتأكيدا لمثل هذا الاستنتاج فقد أكدت تقارير صادرة من قطاع غزة أن مهمة رئيس الوزراء المصري انحصرت على مطالبة قيادة حماس وعلى الأخص رئيس الحكمة بقبول العرض المصري بوقف إطلاق النار وهذا بناء على تنسيق وتفاهم مسبق مع الجانب الإسرائيلي تولاه رئيس المخابرات المصرية محمد شحادة الذي كان مرافقا لرئيس الوزراء المصري.

رغم ذلك فإن احتمال شن الحرب البرية يظل واردا ومطروحا وبقوة ولا يمكن استبعاده، سيناريوهات العملية البرية سيتضمنها الجزء الثاني من ملف الحرب العدوانية التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة.

الرؤية الإسرائيلية

لسنا شغوفين أو راغبين في نقل الرؤية الإسرائيلية للحرب لكن مقتضيات البحث تتطلب منا أن نعرض لهذه الرؤية هذا مع تسجيل مجموعة من الملاحظات على هذه الرؤية ومنها:

  1. أن معظمها يعبر عن وجهة نظر المؤسسة الحاكمة في إسرائيل بجناحيها السياسي والأمني أو أنها قريبة من هاتين المؤسستين وتتأثر بمقارباتها ورؤاها وطروحاتها.
  2. بإمكان القارئ أو المتصفح لهذه الرؤية التي تتضمنها مجموعة التقارير والمقالات والبحوث الإسرائيلية الواردة أن يلمس وأن يشخص وأن يحدد نقاط الخلل، والخلل هنا المبالغة والتهويل بل رشقات وصليات من الحرب النفسية من خلال منهج الإطناب والمبالغة والتهويل وتضخيم قوة العدو.
  3. عليها أن ندرك أن ما يصدر حتى عن مراكز الأبحاث الإسرائيلية حتى المستقلة منها يخضع وفي ظل هذا العدوان للرصد والرقابة والتمحيص في نطاق إستراتيجية التعتيم على الحقائق، وهو ما أعلن عنه وبقرار من رئيس الوزراء الذي طالب الوزراء بعدم الإدلاء أو إفشاء أو تسريب أية معلومات وهو ما أجراه أيضا وزير الدفاع عندما حذر القيادات العسكرية بما فيها قيادات الاحتياط بعدم تسريب أو إبداء أية آراء أو طرح أية رؤى تعكس سلبيات سواء في أداء القيادة السياسية أو القيادة العسكرية أو الجبهة الداخلية أي على مستوى الشارع.

 

رشقات مكثفة على بئر السبع وأسدود وعسقلان وكريات ملاخي وجان يفني وكريات جات وأوفكيم

ثلاثة قتلى وجرحى في كريات ملاخي واستدعاء الاحتياط

المصادر الاستخباراتية والعسكرية الإسرائيلية يوم الخميس 15/11/2012.

ترجمة: مركز الناطور للدراسات والابحاث 15/11/2012.

الفضل في النجاح الأولي لحملة عمود السحاب يعود إلى الثلاثي نتنياهو-باراك-جانتز، وكان الرد هو صليات مكثفة على بئر السبع وأسدود وعسقلان وكريات ملاخي وأوفكيم وكريات جات وجان يفني هناك عدة إصابات وأضرار في الممتلكات نتيجة للإصابات المباشرة.

منظومة القبة الفولاذية أنجزت عملية اعتراض كثيرة.

في صباح هذا اليوم الخميس 15 نوفمبر لوحظت زيادة كبيرة في إطلاق الصواريخ من قطاع غزة على أهداف جنوب إسرائيل إصابة مباشرة لبيت من أربعة طوابق في كريات ملاخي هناك على الأقل 3 قتلى وجرحى بعضهم في حالة حرجة.

التفاؤل الحذر الذي ساد يوم الأربعاء ليلا أثناء اجتماع الطاقم الوزاري الأمني والسياسي والذي قاده وزير الدفاع إيهود باراك والكامن في أن مصر وحماس تسعيان لوقف سريع لإطلاق النار قدر الإمكان استبدل في الساعات المبكرة من يوم الخميس 15 نوفمبر صباحا باعتراف إسرائيلي بعدم وجود أية علامات حقيقية على وقف إطلاق النار وأن إطلاق الصواريخ من القطاع يتصاعد حيث أن الهدف الرئيسي هي مدينة بئر السبع.

الرشقات تلو الرشقات من صواريخ جراد أصابت المدينة وأدت إلى أضرار فادحة في الممتلكات.

الهدف الثاني الذي أصابته صواريخ كثيرة هو مدينة أسدود.

مجموع ما أطلق حتى ساعات الصباح المبكرة 85 صاروخا 27 صاروخا كانت مخصصة لضرب مناطق مأهولة تم اعتراضها من قبل منظومة القبة الفولاذية، عدم فاعلية إطلاق الصواريخ من الجانب الفلسطيني والنجاح الباهر لمنظومة القبة الفولاذية وحقيقة أنه خلال الإطلاق المكثف لهذه الصواريخ أصيب إسرائيليين اثنين فقط وكان هناك بعض عشرات أصيبوا بحالة من الهلع فقط يشير إلى حجم الضربة التي تلقاها الفلسطينيون بعد اغتيال القائد العسكري لحركة حماس أحمد الجعبري.

المشكلة الفلسطينية لم تكن فقط عملية التصفية فقط وإنما الوسيلة التي استخدمها جيش الدفاع لاغتياله.

ما أثار الذهول ليس لدى الفلسطينيين لوحدهم فقط وإنما إيران وحزب الله أيضا هو اكتشافهم فجأة أن جيش الدفاع عاد إلى نفسه وذاته خلافا لعملية الرصاص المسكوب في عام 2008 وبداية عام 2009 التي كانت عملية بطيئة ومعقدة حيث كانت قوات جيش الدفاع الإسرائيلي تجول في الميدان بدون هدف واحد وبدون حسم واحد من قبل القيادة الإسرائيلية لكيفية إنهاء العملية، وبكل تأكيد خلافا لحرب لبنان الثانية 2006 حيث لم ينجح جيش الدفاع الإسرائيلي في تطوير أية عملية تكتيكية صحيحة للهجوم، لكن تراءى لهم في منتصف نوفمبر 2012 وكذلك لسكان إسرائيل أن جيش الدفاع أصبح جيشا آخر مختلف تماما ففي خلال الساعات الأولى من العملية يوم الأربعاء حقق جيش الدفاع مكاسب إستراتيجية في القطاع أكثر مما حققها خلال أسابيع الحرب في نطاق عملية الرصاص المسكوب.

من حيث القيادة والاستخبارات كان هناك ارتباط ناجع للغاية لعمل شعبة الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن العام ونوعية العمليات التي شنها سلاح الجو ودينامية قرارات رئاسة الأركان، إذ يمكن القول أن جيش الدفاع عاد إلى نفسه خلال ال45 سنة الأخيرة عندما عمل بفاعلية وبدينامية أعادت إلى الذاكرة خطواته الأولية والحاسمة في حرب الأيام الستة 1967.

عملية التدمير السريع والناجع لصواريخ فجر 3 و5 القادرة على الوصول إلى مسافة 45 -75 كلم لا ينبغي مقارنتها بتدمير الصواريخ البعيدة المدى لدى حزب الله في حرب 2006 وهي عملية لم تخفق فقط في تقويض حزب الله وإنما دفعته لاتخاذ إجراءات خطوات أخرى للرد لم يكن لجيش الدفاع الرد عليها، وإنما تدمير سلاح الجو المصري عام 1967.

ومثلما بتر الذراع الجوي المصري والقوات المصرية في سيناء بقيت بدون دفاع جوي فقد بترت يوم الأربعاء ودفعة واحدة الذراع القيادي لحركة حماس وكذلك العمود الفقري لقوة الصواريخ التابعة لها والبنى التحتية لعمليات الإطلاق.

وليس هناك شك بأن الأمر يتعلق بإحدى العمليات الباهرة لجيش الدفاع حيث أن الفضل ينبغي أن يمنح للعمل المشترك لرئيس الحكومة نتنياهو ووزير الدفاع باراك ورئيس الأركان العامة الجنرال جانتز.

في الحقيقة حملة عمود السحاب لم تبدأ في 14 نوفمبر وإنما قبل ذلك ب 22 يوما أي في 24 أكتوبر في السودان عندما أغار جيش الدفاع ودمر مصنع إنتاج الصواريخ الإيراني السوداني اليرموك بالقرب من الخرطوم.

رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق الجنرال عاموس يادلين أكد يوم الأربعاء تقريرنا الحصري بأن الأمر يتعلق بمصنع لإنتاج الصواريخ لكي تكون الاحتياطي الإستراتيجي لحركتي حماس والجهاد في غزة.

 القضاء على هذه البنية أسهم وبشكل كبير في القضاء على بقية بنية حماس بعد ثلاثة أسابيع من ذلك.

في يوم الخميس صباحا حركة حماس لم يعد لديها رد تكتيكي إستراتيجي لمواجهة جيش الدفاع فقط وإنما أيضا ليس موجودا أيضا بالنسبة لحزب الله وإيران إذ ليس لديهما الرد إلا إذا قررا التدخل من أجل إنقاذ الجبهة الجنوبية التابعة لهما.

ينبغي أن نأمل أن هذا الوضع سيستمر وأن طهران وبيروت وغزة لن تجد ردا على خطوات وعمليات جيش الدفاع الإسرائيلي.

 

جيش الدفاع الإسرائيلي في مواقع الانطلاق

نحو الدخول إلى غزة

إطلاق الصواريخ على تل أبيب دفع شركات الطيران إلى إلغاء عمليات الهبوط في مطار اللد

المصادر الاستخباراتية والعسكرية الإسرائيلية يوم الجمعة 16/11/2012.

ترجمة: مركز الناطور للدراسات والابحاث 16/11/2012.

جيش الدفاع الإسرائيلي حرك طوال يوم الخميس ويوم الجمعة 16 نوفمبر فجرا قوات مدرعة ومدفعية ذاتية الحركة والمشاة المؤلل جنوبا ووضعها في مواقع انطلاق نحو دخول الأرض إلى قطاع غزة

مصادرنا العسكرية تشير إلى أن القيادة العسكرية وعلى رأسها رئيس الأركان العامة الجنرال بيني جانتز تؤيد دخول جيش الدفاع بشكل فوري إلى القطاع، لكن رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الدفاع باراك مازالا يعلقان قرارهما حول الموضوع.

في المقابل صعد سلاح الجو الإسرائيلي من غاراته على أهداف عسكرية للفلسطينيين في قطاع غزة وهو يركز غاراته على مستودعات الصواريخ والعتاد التابع للفصائل الفلسطينية بهدف انتزاع قدراتها على توسيع إطلاق صواريخها باتجاه أهداف إسرائيلية ومن بين ما قام به سلاح الجو هو الجهد للإضرار بقدرة الإطلاق لصواريخ فجر 5 التي مازالت بحوزة حماس والجهاد.

إطلاق هذه الصواريخ على أهداف تتضمن منطقة غوش دان يوم الخميس أدى إلى عدة تطورات فاجأت المستويات السياسية والعسكرية الإسرائيلية.

ركاب إسرائيليون في عدة دول في أوروبا كانا يعتزمون العودة يوم الخميس 15 نوفمبر إلى إسرائيل فوجئوا بأنهم غير قادرين على أن يفعلوا ذلك بعد أن ألغت عدة شركات طيران رحلاتها إلى إسرائيل وبصورة مفاجئة وكذلك رحلاتها إلى مطار بن جوريون في اللد.

ممثلو الشركات لم يفصحوا عن سبب هذا الإلغاء بيد أن مصادرنا تشير إلى أن إطلاق عدة صواريخ من القطاع على تل أبيب ومنطقة غوش دان وعدم الوضوح فيما يتعلق بانفجارها وسقوطها أدى إلى إلغاء هذه الرحلات.

شركات الطيران تخشى أن يحاول الفلسطينيون ضرب المطار، شركة الطيران الفرنسية إير دو فرانس أعلنت ليلا وبدون أن تعلن السبب أن من الجائز حدوث تغييرات في الجدول الزمني لرحلاتها إلى إسرائيل في الأيام القادمة.

شركة إير دو فرانس عرضت على المسافرين على طائراتها من وإلى إسرائيل الاتصال قبل ذلك بمكاتب الشركة قبل أن يصلوا إلى المطار.

المصادر المرتبطة بشركات الطيران في أوروبا صرحت أن إطلاق الصواريخ على تل أبيب وغوش دان وحقيقة أن صاروخين من نوع فجر انفجرا بالقرب من بات يام أو في البحر المتوسط في وسط إسرائيل تجعل من الرحلات إلى إسرائيل ومنها خطرة، فجزء من طائرات الركاب التي تقلع أو تهبط في إسرائيل تمر عبر هذه المناطق.

هذه المصادر أعلنت أن الكثافة الكبيرة للقصف وهجمات سلاح الجو في يوم الخميس على قطاع غزة تجعل الرحلات إلى إسرائيل ومنها صعبة بل مستحيلة حسب وصفها.

مصادرنا تشير إلى أن هناك سببا آخر لهذه الخطوة وهو أن عدة شركات طيران كانت مرتبكة بسبب التصريحات التي أدلى بها وزير الجبهة الداخلية أبراهام ديختر والمتحدث بلسان جيش الدفاع يؤاف مردخاي بأنه يتوقع بأن يكون يوم الخميس حتى يوم الجمعة يوما غير هادئ.

إلى الخطوات والإجراءات التي اتخذتها شركات الطيران أضيف بيان السفارة الأمريكية في تل أبيب التي أعلنت أن على المواطنين الأمريكان والعاملين بالسفارة الامتناع عن السفر غير الضروري إلى جنوب إسرائيل وأن أبناء العاملين في السفارة سيبقون في بيوتهم مع آبائهم يوم الجمعة 16 نوفمبر ولن يذهبوا إلى المدارس في منطقة غوش دان.

كذلك أعلنت السفارة أنها ستعمل في يوم الجمعة وبشكل مقلص حيث أن معظم الدبلوماسيين والعاملين في السفارة سيبقون في بيوتهم لاعتبارات أمنية.

السفارة الأمريكية في تل أبيب متواجدة في شارع يركون وهي تجاور المناطق الساحلية على طول البحر.

واضح أن وزارة الخارجية الأمريكية تخشى من أن تصبح السفارة هدفا لإطلاق الصواريخ من طرف حماس.

في عام 2008 وفي نطاق عملية الرصاص المسكوب حاولت حركة حماس ضرب أهداف عسكرية أمريكية في النقب بواسطة صواريخ جراد.

جيش الدفاع الإسرائيلي يستعد للقيام بمناورة سريعة وقاتلة

عملية برية في غزة

من إعداد: عمير ربابورت

مجلة الدفاع الإسرائيلية يوم الجمعة 16/11/2012.

ترجمة: مركز الناطور للدراسات والابحاث 16/11/2012

حتى لو لم تطلق صواريخ فجر باتجاه تل أبيب وريشون تسيون بالأمس فإنه من المحتمل أن يشن جيش الدفاع الإسرائيلي عملية برية في قطاع غزة في إطار المرحلة الثانية من حملة عمود السحاب.

فرص تحقيق هذه المرحلة بعد عملية التليين الجوي مباشرة والتعامل مع مطلقي الصواريخ والكاتيوشا عالية منذ البداية.

ما أقدمت عليه حركة حماس من إدخال مليون ونصف مليون مواطن إلى دائرة الخوف من صفارات الإنذار حتى لو لم تتسبب في وقوع ضحايا في منطقة دان عزز من هذه الفرصة إلى حد كبير.

احتمال شن عملية برية هو خلفية قرار وزير الدفاع باستدعاء 30 ألف جندي من قوات الاحتياط وهكذا فإذا ما شن جيش الدفاع الإسرائيلية فعلا عملية أرضية في عمق قطاع غزة فإن الهدف سيكون مزدوجا: زيادة الضغط على قادة حماس من أجل المطالبة بوقف إطلاق النار وفي ذات الوقت تقليص عمليات إطلاق الصواريخ باتجاه المستوطنات في جنوب البلاد بل في وسطها عن طريق السيطرة على جزء من مواقع الإطلاق.

أحداث الأمس تدلل على أن العمليات الجوية لا تكفي فقط من أجل تحييد عمليات الإطلاق فخلال يوم واحد أطلق باتجاه إسرائيل أكثر من 200 صاروخ وقذيفة صاروخية، كمية ميزت حجم الرمي لدى حزب الله أثناء حرب لبنان الثانية 2006 وهي تزيد بكثير عن حجم الرمي في حملة الرصاص المسكوب قبل أربعة أعوام

هل العملية البرية في الأيام القادمة في قطاع غزة ستكون مماثلة لحجم وإطار عملية الرصاص المسكوب؟ كلا على ما يبدو.

الضغط الدولي على إسرائيل لوقف العملية التي يتوقع أن يتعاظم مع بداية المرحلة البرية والخوف من ضرر إستراتيجي للعلاقات مع مصر وبالطبع الخوف من وقوع إصابات خطيرة بين الطرفين سيدفع جيش الدفاع إلى شن عملية عسكرية سريعة وضاربة مثل عملية الرصاص المسكوب.

جيش الدفاع يسعى للبقاء في قطاع غزة ولوقت قصير جدا قدر الإمكان ولكنه لن يترك قبل أن يوجه ضربة مؤلمة لحركة حماس.

الخطوة المتوقعة يتوقع أن تكون عملية من قبل الدروع وقوات محصنة مصحوبة بأغلفة نارية دقيقة للغاية.

السؤال الكبير هو إذا كيف ننطلق في عملية برية إلى حملة برية وبالشكل الصحيح؟.

جيش الدفاع يتميز بشكل عام في إجراءات استهلال المعارك، الاستمرار وعلى الأخص الخروج من كل معركة هو قصة أخرى مختلفة تماما.

في هذا المجال إنجازات جيش الدفاع وعلى الأخص المستوى السياسي تحتاج إلى تحسن وبشكل تاريخي.

هنا توجد عدة حقائق أساسية الوقت يشكل عاملا يعمل لصالحنا، فبعد عملية الفتح أو الاستهلال المثيرة اغتيال أحمد الجعبري الاتجاه العام يمكن أن يكون في الغالب نحو الأسفل، وهنا تطلب من حركة حماس عدة ساعات من أجل هضم الصدمة لكن الرمي المكثف بالأمس والذي شمل تل أبيب كان متوقعا في كل الأحوال.

كما أن الثمن الباهظ للصواريخ كان متوقعا هو الآخر، هذا ليس مشجعا لكن حماس يمكن أن تستخدم أيضا أسلحة أكثر مفاجأة بالنسبة لها بما في ذلك صواريخ ساحلية وربما شن هجوم بعيدا عن قطاع غزة.

كذلك ومثلما كان الوضع دائما فإن العالم لا يمنحنا عدة أيام من أجل معالجة مشكلتنا، في الأسبوع الماضي بدأ الضغط من لجنة الخارجية والدفاع التابعة للأمم المتحدة، العناوين عن القتلى المدنيين في غزة سيطرت على شاشات الفضائيات في العالم.

التسامح معنا راح يتضاءل كما أن جيش الدفاع يشعر بذلك، وإذا كان ذلك لا يكفي فإن كل يوم يمر سيتصاعد فيه الضغط على الحكومة المصرية من أجل أن توجه ضربة تاريخية لاتفاق السلام مع إسرائيل والتي تنطوي دلالاتها على أهمية إستراتيجية.

هذا أيضا ينبغي أن نذكر به التفوق النوعي والكمي لدى إسرائيل في مواجهة حماس هو هائل وكبير وهو أكبر ما هو بين روسيا وجورجيا التي سحقت، وللمقارنة فالأمر يتعلق بفجوة ستشعر بها حركة حماس جيدا خلال الأيام القادمة، وقد شعرت به بالفعل.

هل هذا يعني أن القيادة السياسية حددت لجيش الدفاع أهدافا واضحة باستغلال العملية العسكرية، وهل تحقيق هذه الأهداف هو مضمون فعلا أم لا؟


بتصميم وحنكة وفي وقت مبكر

إعداد: عاموس يادلين

نشرة مباط العدد 385

معهد أبحاث الأمن القومي في 15/11/2012.

ترجمة: مركز الناطور للدراسات والابحاث 17/11/2012

الجمهور وصانعي القرارات في إسرائيل يدركون أن شعارات مثل القضاء على حماس أو التباحث مع حماس لا تحسم حروبا ولا تحل المشكلة الفلسطينية، وبالفعل فإن أهداف حملة عمود السحاب تقاس وتصاغ بحذر: استعادة الردع الإسرائيلي في مواجهة حماس عن طريق توجيه ضربة موجعة إلى المنظمات الإرهابية الفلسطينية في غزة وانتزاع قدرتها على استخدام المنظومة الإستراتيجية الصواريخ البعيدة المدى التي بحوزتها.

العملية بدأت بنجاح عسكري واستخباراتي رائعين ويبدو أنه على الرغم من أن المنظومة الإستراتيجية لم تدمر بشكل كامل فإن أهداف العملية قد تحققت بشكل كامل تقريبا حتى الآن.

التجربة من حرب لبنان الثانية وعملية الرصاص المسكوب علمتنا أن هناك حاجة لفترة هضم لأن قوة الضربة تستطيع أن تؤثر وتتفاعل لدى صانعي القرارات لدى الطرف الثاني

إنهاء العملية الحالية يتطلب أيضا توجيه مسؤول وعقلاني: استمرار الحرب سيسمح بتعميق الضربة الموجهة إلى حماس وإعداد محتمل لعملية برية لكن في نفس الوقت البحث عن فرص لإنهاء جولة الحرب على ضوء إنجازاتها حتى الآن.

لمصر دور هام في تخليق مثل هذا الخروج ولا حاجة لأن نضطرب أو نصاب بالذهول بسبب رد الفعل المصري الأولي، وإذا كانت مصر تتطلع إلى مكانة إقليمية كبيرة ومؤثرة فإنها مطالبة بالحفاظ على قنوات الاتصال مع إسرائيل كما أنها مطالبة أيضا بالحفاظ على دورها كوسيط قادر على العمل على إنهاء الجولة التصعيدية.

إعادة السفير المصري من إسرائيل لا يمكن اعتباره صعود درجة على سلم ردود الفعل المصرية التقليدية على الأحداث من هذا النوع، مصر استعادت السفير من إسرائيل أثناء حرب لبنان الأولى 1982 وكذلك فعلت أيضا بعد هجوم الحوامات الإسرائيلية في عملية السور الواقي عام 2002.

قرار إرسال وفد برئاسة رئيس الحكومة المصرية هشام قنديل يشير إلى الطموح المصري في تعزيز مركزها كوسيط والتوصل إلى وقف إطلاق النار في أسرع وقت، وعلى الزعامة في القدس والقاهرة احتواء الإحباطات والخلافات في وجهات النظر القائمة بين الجانبين من أجل تسهيل عملية الوساطة المصرية وبشكل بناء يؤدي إلى إنهاء جولة الحرب الحالية وفي أسرع وقت.

من الأهمية الإشارة إلى أنه في الماضي أيضا راج تقدير بأن هناك احتمال كبير أن حربا في إحدى القطاعات ستقود إلى اندلاع الحرب في جبهة في قطاع آخر وأن احتمالات انحصار الحرب في جبهة واحدة كما حدث في حرب لبنان الثانية وعملية الرصاص المسكوب هي ضئيلة، بيد أن في سوريا تدور حرب أهلية ولا يبدو أن الجيش السوري المنهمك في الحفاظ على نظام الأسد والحرب التي لا هوادة فيها والمصحوبة بتضحيات كبيرة ضد المتمردين ستساعد على تخصيص قوات لفتح جبهة أخرى وخطيرة بالنسبة له في مواجهة إسرائيل.

الأحداث في سوريا تشغل أيضا حزب الله أكثر مما تشغله الأحداث في قطاع غزة، تهديد مركز حزب الله داخل لبنان والمساس بشرعيته ومكانته المتدنية في العالم السني نظرا لتأييده الأسد يقلص من احتمال أن يعمد إلى إشعال الجبهة الشمالية.

وعلى الرغم من الاحتمالات المتدنية لهذا السيناريو ينبغي أن يكون جيش الدفاع مستعدا أيضا لاحتمال تحقيقه.

في واشنطن ولندن يدركون أن حماس هي منظمة إرهابية، وكما حدث في عملية الرصاص المسكوب فإنها هي التي حددت توقيت الحرب عندما شرعت بإطلاق مكثف للصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية.

إسرائيل تحظى بدعم رائع من الولايات المتحدة الرئيس أوباما وسفيرته في الأمم المتحدة سوزان رايس المرشحة لأن تتولى منصب وزيرة الخارجية بدلا من هيلاري كلينتون دعما إسرائيل فيما يتعلق بحقها في الدفاع عن مواطنيها في جنوب البلاد، كما أن الدعوة البريطانية لإنهاء الجولة القتالية الحالية والتنديد بهجمات حماس على المستوطنات الإسرائيلية يدلل على أن إسرائيل نجحت حتى الآن في تحقيق أهدافها بدون دفع ثمن سياسي باهظ.

عملية عمود السحاب هي عملية شرعية من الناحية الأخلاقية وكذلك من الناحية القانونية.

إسرائيل أبدت ضبطا للنفس على مدى فترة طويلة بيد أن إعاقة حياة مليون مواطن في جنوب إسرائيل أمر لا يحتمل.

انضمام حماس إلى المنظمات الإرهابية الأكثر تطرفا التي تعمل في قطاع غزة بدلا من كبحها وكذلك حادثين أحدهما هو محاولة الهجوم على قوات جيش الدفاع الإسرائيلي داخل أراضي دولة إسرائيل عن طريق نفق مفخخ والثاني مهاجمة سيارة جيب في الجانب الشرقي من الحدود كان لا بد أن يرد عليهما، فمن واجب الدولة حماية سكانها وسيادتها.

الأمر لا يتعلق بعملية اغتيال أو ثأر أو انتقام فهذا المصطلح لا يصلح لوصف ما يحدث في الجبهة الجنوبية، الأمر يتعلق بمواجهة بين جيشين جيش الدفاع وجيش الإرهاب الفلسطيني والأمر يتعلق بضرب قادة كبار في صفوف العدو ومستودعات السلاح الإستراتيجي التابعة له.

ومع ذلك قطاع غزة هو جبهة واحدة داخل الساحة الفلسطينية الواسعة لذا فإن الحل على المدى البعيد يكمن في رؤية شاملة لجزأين السلطة الفلسطينية وحماس.

وفي غياب عملية سياسية وحيث أن السياسة الخارجية تبدو غير مبالية بالمعتدلين في المعسكر الفلسطيني فإن مخزون مشروعية إسرائيل في الساحة الدولية سينفذ وبسرعة كلما استمرت العملية وبالتأكيد في حالة وقوع خسائر كبيرة في صفوف المدنيين الفلسطينيين.

لذا الإستراتيجية الإسرائيلية العامة ينبغي أن تعرض الجزر على الأطراف المعتدلة في السلطة الفلسطينية من أجل تعزيزها وإنزال ضربات العصي وبقوة كبيرة ضد الجهات الإرهابية المتطرفة من أجل إضعافها.

في هذه المرحلة ينبغي أن نوضح لحماس أن إسرائيل لم تجسد حتى الآن قدرتها على الضرب، لدى السلاح الجوي مئات الأهداف الأخرى التي لم تهاجم.

فك الارتباك مع غزة كان خطوة إستراتيجية هامة تخدم أمن دولة إسرائيل وينبغي الحفاظ عليه والإحجام عن احتلال كامل لقطاع غزة، العودة إلى وضع السيطرة على مليون ونصف مليون فلسطيني آخر إضافة إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية سيكون خطأ إستراتيجيا خطيرا.

لكن إذا لم تسمح حماس بإنهاء الحرب فإن جيش الدفاع ينبغي أن يكون مستعدا وجاهزا لعملية أرضية شاملة في قطاع غزة.

كخطوة أولى يمكن الإغارة على المناطق الحدودية تدمير الأنفاق والمواقع الهجومية لحركة حماس وتقطيع قطاع غزة وإغلاق خطوط التعظيم المستقبلية للعناصر الإرهابية العاملين فيها.

إسرائيل ينبغي أن تبدي تصميما على توسيع الجهد القتالي ضد حماس من أجل تعزيز الضغط عليها وتجديد وترميم القدرة الردعية في مواجهتها.

سلوك حماس في غزة يحمل ملامح الدولة وعلى إسرائيل أن تستغل ذلك من أجل مطالبتها بمسؤولية الدولة، لكن كما سبق ذكره علينا أن نبحث عن فرص لإنهاء الحرب مع تحقيق أهداف العملية.

اعداد وترجمات: المركز العربي للدراسات والتوثيق المعلوماتي 17/11/2012


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى