دراسات وتقارير خاصة بالمركز

مصر: مرسي أجهز على الصندوق بشكل كامل

ترجمة: مركز الناطور للدراسات والابحاث 27/11/2012

 إعداد: تسفزي مزال

السفير الإسرائيلي الأسبق في القاهرة

معهد القدس للشؤون العامة والدولة في 26/11/2012

السيطرة على السلطات الثلاث في الدولة

بعد صدور الإعلان الدستوري في 22 نوفمبر استكمل الرئيس محمد مرسي عملية سيطرة الإخوان المسلمين على كل مراكز القوة في مصر،  فهو يحتفظ الآن بصلاحيات ثلاث سلطات السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية.

بالإضافة إلى ذلك فقد ورد في بيانه أن أحدا لن يكون مخولا بإلغاء القوانين واللوائح التي أصدرها منذ 30 يونيو عندما أدى اليمين الدستوري.

صلاحيات عبد الناصر ومبارك والتي أدارت شؤون مصر بقبضة من حديد تتضاءل أمام ما استحوذ عليه مرسي لنفسه، يبدو أن رئيس كوريا الشمالية فقط الذي يحتفظ بصلاحيات مماثلة.

مرسي أحدث انقلابا ضد الشرعية الدستورية في مصر ولو حدث هذا في دولة أخرى لكان قد أقصي من منصبه لكنه حصن نفسه ضد مثل هذا الاحتمال عندما عدد في نفس الإعلان الدستوري بأنه يجوز له أن يتخذ جميع الوسائل التي يجدها مناسبة من أجل الحفاظ على الثورة وعلى الوحدة الوطنية والأمن القومي.

وبذلك أعاد مرسي سريان قوانين الطوارئ السيئة الصيت في عهد مبارك والتي ألغيت قبل عدة أشهر.

يبدو أنه مقتنع أن الشرطة وقوات الأمن الداخلي والجيش ستكون موالية له وأنه لا يواجه أي خطر من قبلهم.

هذه العملية تنهي في الحقيقة المرحلة الأولى من الثورة في مصر والتي شملت إقصاء مبارك وصعود الإسلام الراديكالي كقوة سياسية مركزية وجهد لا يتوقف من قبل الإخوان المسلمين للسيطرة على مصر والذي توجه بنجاح كامل.

الآن بدأت المعركة الأخيرة كما يبدو بين الديمقراطية والتطرف الديني.

تكتيك التضليل الذي مارسه الإخوان المسلمين

الإخوان المسلمون نجحوا في تضليل الشعب المصري لإدراكهم أن قطاعات كبيرة من الجمهور يتوجسون خيفة منهم وكذلك أيضا الدول الغربية، لقد أعلنوا في حينه أنهم سيكتفون بتقديم مرشحين للبرلمان بما يعادل الثلث من مقاعده فقط، ثم أخيرا قدموا مرشحين في كل المناطق الانتخابية وحظوا ب47%.

وبعد أن أعلنوا أنهم لن يتنافسوا على الرئاسة لكن بمرور الوقت قدموا مرشحهم واستخدموا البنى التحتية الاجتماعية والسياسية التي أقاموها في عهد مبارك من أجل العمل على الفوز .

مرسي وعد بتعيين قبطي وامرأة كنائبين للرئيس لكنه هنا أيضا نكث وعوده وأعطى الاثنين منصب مستشارين بدون صلاحيات.

وعلى الفور وبعد توليه المنصب استمر في استخدام كل الوسائل للسيطرة على مراكز القوة، فقد أقصى بسرعة قادة الجيش المصري وعين ضباط موالين له بدلا منهم، وكذلك حاول مواجهة الجهاز القضائي المستقل والقوي في مصر، ففي عملية استفزازية ضد المحكمة الدستورية العليا انعقد البرلمان الذي تم حله من قبل تلك المحكمة بسبب عيب في قانون الانتخابات لكنه اضطر لأن يتراجع بعد أن حذرته المحكمة من أنه يعمل ضد الدستور.

بعد بضعة أسابيع من ذلك أقال النائب العام وقد أعلن هذا الأخير أنه ليس من صلاحيات الرئيس إقالته لكونه جزءا من السلطة القضائية التي تتمتع بوضع مستقل.

مرسي تراجع مرة أخرى ولكن في هجومه الثالث منح مرسي نفسه جميع الصلاحيات والإمكانيات وتحول إلى فرعون فعلا.

الشعب المصري يرفض الخضوع للاستبداد

لكن في هذه الأثناء الأمور قد تغيرت، الشعب المصري ليس على استعداد للقبول باستبداد من هذا النوع الشعب المصري، لم يعد يسجد أو يخاف من السلطة.

الشعب المصري مستعد الآن للنزول إلى الشارع وخوض صراع من أجل حريته وإن كان واضحا بأنه ستكون هناك أعمال عنف وقتلى وجرحى وهذا ما كان بالفعل رد الفعل الفوري من جانب الجمهور على إعلان مرسي.

مرسي ورفاقه في إدارة حركة الإخوان المسلمين كانوا يدركون أنه ستكون هناك معارضة لذلك، وبعد أن أعلنت الرئاسة يوم الخميس الماضي 22 نوفمبر أنه ينبغي انتظار قرارات هامة من قبل الرئيس دعت حركة الإخوان المسلمين إلى الاجتماع في ساحة التحرير من أجل دعم قراراته، وإذا كان هناك من اعتقد بانقطاع العلاقة بين الرئيس وحركة الإخوان المسلمين فإن الرئيس يتخذ قراراته في إطار منصبه مع مستشاريه لكن هناك دليل على أن حركة الإخوان المسلمين هي التي تدير شؤون مصر،  ويتعين التأكيد بأن المستشار القبطي المصري قدم على الفور استقالته وأن كثيرين من المستشارين في مؤسسة الرئاسة يهددون بالاستقالة.

صحيح أن مرسي يحاول تهدئة الرياح بالقول بأنه يعتزم الحفاظ على مكاسب الثورة وأن قراراته مؤقتة إلى أن تتم صياغة الدستور وإجراءات انتخابات جديدة للبرلمان، بالقطع تصريحاته لا تقنع أحدا، فالتحرك الجماهيري ضد مرسي وضد الإخوان المسلمين يراكم القوة.

القضاة أعلنوا عن إضراب في المحاكم، والمظاهرات في الشارع تتصاعد وتتحول إلى عنف، هوجمت مكاتب حركة الإخوان المسلمين في القاهرة وفي المحافظات وقتل اثنين ومئات الجرحى.

كما أن زعماء المعارضة البارزين وقفوا ضد مرسي محمد البرادعي وعمرو موسى وحمدين صباحي وأيمن نور حيث أعلنوا أن على مرسي أن يلغي الإعلان الدستوري وهم لن يقبلوا بأقل من ذلك.

وتحدد إجراء مظاهرات ضخمة في ميدان التحرير يوم الثلاثاء، الإخوان المسلمين تعهدوا بإجراء مظاهرات مضادة وهذا الأمر الذي يذكر بالدكتاتوريات المنظمة للمظاهرات ضد شعبهم.

الولايات المتحدة تدعم من؟

من الجائز أيضا أن مرسي سيحاول التوصل إلى حل وسط بعد أن رأى قوة المعارضة ويتراجع عن عدد من قراراته، لكن من الواضح أنه سينتظر فرص جديدة ويشك إلى حد كبير في إمكانية أن تقبل المعارضة حلا وسط.

في مثل هذه الحالة هل سيصر مرسي على الذهاب إلى آخر الشوط ويستخدم قوة العنف؟ من الجائز جدا أننا نرى الآن بداية ثورة جديدة تضع مصر على الطريق إلى الديمقراطية، من الأهمية متابعة رد فعل أوباما الذي امتدح في الأسبوع الماضي فقط مرسي لدوره في إنجاز اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، هل هو سيواصل الحوار الذي بدأه مع الإخوان المسلمين أو يضع ثقله إلى جانب المعارضة؟

 لذلك فهو يحتاج إلى دعم من الولايات المتحدة، والسؤال هو هل يعود أوباما إلى رد فعله السلبي أثناء الأزمة في إيران والذي قاد إلى فشل المعارضة للملالي، أو أنه سيدعم هذه المرة المعارضة للنظام الديني المتطرف؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى