الأسرى

في قضية شاليط إسرائيل التي استخدمت الورقة الألمانية وجدت نفسها في مواجهة الورقة الفلسطينية بيد الأسد

ترجمة: مركز الناطور للدراسات والابحاث 17/08/2011.

المصادر العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية 17/8/2011

في قضية شاليط إسرائيل التي استخدمت الورقة الألمانية وجدت نفسها في مواجهة الورقة الفلسطينية بيد الأسد رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) قدّم تنازلات وصفت من قبل رجال الأمن بأنها بعيدة الأثر فيما يتعلق بمواقف إسرائيل من مطالب حركة حماس في موضوع الجندي الإسرائيلي المختطف (جلعاد شاليط) حيث أن اتصالاته تتركز مع الموفد الاستخباراتي الألماني الذي يتولى هذه القضية، المفاجأة أن (نتنياهو) وجد نفسه يعالج عدة أوضاع بينها موضوع انتقال قضية الجندي الإسرائيلي من الوسيط الألماني إلى المجموعة العسكرية الحاكمة في مصر ثم بعد ذلك إلى أيدي الرئيس السوري بشار الأسد حيث أن لكل منهما مصالح مختلفة ومتعارضة، هذا ما تورده مصادرنا العسكرية والاستخباراتية. النية الأصلية لدى (نتنياهو) والمنسق الإسرائيلي الخاص لملف (شاليط) (دافيد ميدان) كانت أن يتوجه المبعوث الألماني مباشرة إلى حماس ويعرض عليها قائمة التنازلات الإسرائيلية الجديدة والتي تتضمن تقليص كبير في عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيطردون حسب المطلب الإسرائيلي إلى الأقطار الخارجية ولا يمكنهم العودة إلى منازلهم وكذلك الاتفاق حول الإفراج عن أسرى سياسيين من سكان القدس الشرقية وعرب إسرائيل الذين حكم عليهم بالسجن لفترة طويلة على خلفية أعمال إرهابية قاموا بها، وهو الأمر الذي كانت إسرائيل قد رفضته سابقا وعارضته بشدّة، بيد أنّه بدلا من التوجه إلى حركة حماس بشكل مباشر سواء في غزة أو في بيروت حمل الوسيط الألماني قائمة التنازلات الجديدة الرئيسية وسافر إلى القاهرة وعرضها أمام المجلس العسكري الحاكم في مصر، الاعتبار لدى الوسيط الألماني لم يكن خارج المنطق، لقد استند إلى قيام مصر قبل أربعة أشهر في 28 مايو بفتح معبر رفح بين قطاع غزة وسيناء، وهذه الخطوة أوضحت لقادة حماس أن من بين المواضيع التي كانت تتوقعها هي فتح المعبر مقابل حلّ قضية (شاليط). ولما كان شرط فتح معبر رفح قد تحقق في القاهرة في شهر مايو مع رئيس أركان قوات حماس أحمد الجعبري حيث دعي الجعبري خلال الأسبوعين الأخيرين للعودة إلى القاهرة ومناقشة المقترحات الجديدة التي قدمها (نتنياهو) للوفاء بوعده بإنهاء قضية (شاليط) والإفراج عنه. مصادرنا تشير إلى أنّ مصر لم تطرح على الجعبري موضوع (جلعاد شاليط) كمسألة أكثر إلحاحا وأهمية والتي تحتاج إلى معالجة، فقبل أن يذكر المصريون (شاليط) فقد طالبوا الجعبري بأن تتعقب قواته في غزة أفراد جيش التحرير الإسلامي الذين هربوا من سيناء إلى قطاع غزة، يذكر أن الجيش المصري بدأ حملة ضد عناصر القاعدة في سيناء يوم الأحد 14 آب. المصريون هددوا الجبعري بأنّه إذا لم يمتثل لمطلبهم فإنّهم سيهاجمون بكل ما يمتلكون من القوة العسكرية التي بحوزتهم منظومة أنفاق التهريب من سيناء إلى قطاع غزة ويدمرونها. في مثل هذا الواقع العلاقات المصرية مع حركة حماس لا مجال للصورة التي تعرض في إسرائيل بأنّ موضوع (شاليط) يتصدر المداولات بين المجلس العسكري والجعبري. بالإضافة إلى ذلك فإن الوسيط الألماني والمصريين والإسرائيليين لا يتوقعون أن تكون الإجابة الفورية للجعبري إيجابية وأن المفاوضات للإفراج عن (شاليط) ستبقى تحتل المرتبة الدنيا لديه لكن هناك ثلاثة عوامل يمكن أن تحدث تقدما طفيفا في المفاوضات: 1- الجعبري وهو الرجل الوحيد في قيادة حماس الذي يعرف أين يتواجد (جلعاد شاليط) نظرا لأنّه يستخدمه ويستخدم مصيره كبطاقة تأمين لنفسه من عملية اغتيال إسرائيلية، لذا فإنّه أيضا الرجل الذي يحول منذ خمسة أعوام دون إطلاق سراحه وأحال حبة البطاطا الحارة أي عملية الإفراج عن (شاليط) إلى قيادة حماس في دمشق. في الوقت ذاته توجه المجلس العسكري إلى الرئيس السوري بشار الأسد بطلب ليسمح لخالد مشعل زعيم حركة حماس بالوصول إلى القاهرة من أجل المساعدة على التقدم في المفاوضات. بكلمات أخرى مشعل كان ينبغي أن يستخدم الضغط على الجعبري لإنهاء هذه القضية وأن يوافق بالتخلي عن بطاقة التأمين الشخصية لديه والإفراج عن (جلعاد شاليط). مصادرنا الاستخباراتية تشير إلى أنّه بالنسبة للرئيس السوري ليس هناك موعد أكثر ملاءمة من قبول الطلب المصري لسببين رئيسيين: 1- العلاقات بين بشار الأسد وخالد مشعل متوترة منذ أشهر طويلة والأسد يفضل أن يراه خارج دمشق وسوريا من وجوده في الداخل. للأسد هناك اهتمام كبير وعلى الأخص في هذه الأيام حيث ينشغل في قمع التمرد السوري ضده بإبعاد خالد مشعل عن دمشق وعزله من العلاقة المباشرة مع قيادات حماس في دمشق وبيروت، وهذا السبب لماذا خالد مشعل حصل هذا الأسبوع على إذن من الأسد لمغادرة سوريا والوصول إلى القاهرة حيث المفاوضات حول الإفراج عن الجندي يستخدم ذريعة مناسبة لذلك. 2- في هذه الأيام حيث هجوم القوات السورية على حي الرمل الفلسطيني في اللاذقية والمستمر حتى هذا اليوم 17 آب أي لليوم الخامس على التوالي ونيران الدبابات وقناصة جنود الأسد تقتل عشرات الفلسطينيين وتجرح المئات فإنّه من المريح للأسد أن يتظاهر بأنّه قادر أن يتصرف بشكل آخر مع الفلسطينيين شريطة أن يكونوا على استعداد أن يتماهى خطهم مع الخط السوري. بعبارة أخرى (بنيامين نتنياهو) لم يتوقع سلفا التطور في قائمة التنازلات المقدمة إلى حماس والتي ستمكن الأسد من استخدامها كورقة فلسطينية في قمع التمرد ضده. هذه التطورات تشير إلى أنّ الاتصالات الجارية في هذه الأيام في القاهرة لإطلاق (جلعاد شاليط) لا تظهر أي تقدم طفيف في المفاوضات وأنّ المشكلة التي حوّلت (جلعاد شاليط) كرهينة شخصية للجعبري وإلى كرة قدم في صراع القوى بين الدول العربية قد تفاقمت. وهذا هو السبب الرئيسي لماذا لا تتقدم المفاوضات لإطلاق (جلعاد شاليط) إلى أي اتجاه، حتى مع رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) أو مع أي رئيس حكومة إسرائيلي آخر حتى لو قبلوا جميع مطالب حركة حماس. ينبغي أن نعلم أنّ مطالب حركة حماس هي بمثابة مظهر خارجي مضلل حيث أن الجدل حوله وعلى الأخص داخل إسرائيل لا يؤدي إلى أية نتيجة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى