شجاع الصفدي: لقد قررت حماس أن تحارب(26)

شجاع الصفدي 25-1-2025: لقد قررت حماس أن تحارب(26)
عند الميل للعقلانية والحكمة في أي صراع يضطر أي طرف متضرر أن يتجاوز ويتنازل عن بعض الخطوات أو النشاطات، بل وإخفاء بعض القدرات إلى وقت آجل حفاظا عليها ، هذا هو منطق العقل، أن تحتفظ بأوراق يمكن أن تظهرها بعد حسم جولة الصراع ، وتكون تلك الأوراق هي رسالة بقدرتك على التعافي والنهوض، وكل ما شئت من الفعل الإعلامي والاستعراضي لتحبط عدوك وتظهر فشله في الوقت الأمثل.
لقد تعرضت غزة لتدمير هائل، خسرت عشرات الآلاف من الضحايا، وأيضا خسرت كم هائل من مقدّرات المقاومة ، ومع بدء المرحلة الأولى من الصفقة ، أظهرت حماس الأسرى بطريقة استعراضية خاطئة، وأظهرت حضورا في شوارع القطاع بشكل أكثر مما ينبغي في هذه المرحلة الحرجة.
الصفقة والاتفاق في غاية الهشاشة، مفخخ تماما ويمكن لنتنياهو نسفه في لحظة، عندما يشعر أن ذلك في مصلحته، المرحلة الأولى حرجة للغاية ولا تتطلب استعراضا للقوة ولا مظاهر بسط النفوذ، إذ كان كافيا انتشار عناصر شرطة لضبط الأمن ، وعدد قليل من الحراس( الظاهرين) لتسليم الأسرى للصليب ، وإبداء أدنى درجات الحضور العسكري للجناح المسلح ، وتأجيل الاستعراضات إلى حين إتمام مراحل الصفقة والتأكد من إنتهاء الحرب على غزة ، ثم بعدها استعرض كما شئت، وأخرج لسانك للكاميرات حتى لو كان ذلك يريحك ويغيظ عدوك!.
هذه الصورة ذريعة مناسبة جدا لنقض أي اتفاقات بعد الإفراج عن الدفعة الأولى من الأسرى، فهي إبرة مسكنة للرأي العام بالنسبة لنتنياهو وحكومته المتطرفة، وإن تنصل من الاتفاق سيحافظ على الحكومة والائتلاف، ويعود للقتال بطريقته، والتي يمكن أن تطيل أمد الحرب بالقدر الذي يحتاجه ، ويعطل أي أفق سياسي تتطلبه الضغوط الدولية.
السلوك الاستعراضي خطأ “تكتيكي”، يبرز سؤال : ما هو الأهم ، النتائج أم الفاعل ؟، المشهد أم الغد ؟
انتهجت حماس سياسة السرية في عمليات كثيرة في الضفة الغربية، والتزمت الصمت وعدم الإعلان عنها لسنوات لدواعٍ مختلفة، وكان نهجا عقلانيا يؤتي ثماره عند الإعلان عنها في أوقات حساسة لدى الاحتلال .
لكن يبدو أن هذه الاستراتيجية تغيرت وفي غير وقتها للأسف، والمؤسف أن لذلك ارتدادات لم يعد شعبنا قادرا على تحملها بعد ما عاناه وخسره.
على حماس أن تدرك أن ضغوط ترامب على نتنياهو ليست مقدسة، ويمكن لشخص مزاجي مثل ترامب أن ينقلب في لحظة ولأي سبب، بمجرد تضخيم تقارير عن قوة المتبقية مثلا، وبعض البهارات عن أحداث أكتوبر حول اغتصابات مزعومة و ادعاءات بقتل أطفال وخلافه .
فما الأولى في هذه المرحلة؟ جلب المنافع أم درء المفاسد؟
الاستعراض والظهور المبالغ فيه غير مبرر ومفسدة يتوجب درؤها .
الشعب الفلسطيني في غزة يعيش على أمل الحياة وأن يتمكن من لملمة شتاته وتضميد جراحه، لعله يشفى من القهر والألم والفقد الذي عاشه في هذه الحرب غير العادلة.