أقلام وأراء

شجاع الصفدي: لقد قررت حماس أن تحارب (25)

شجاع الصفدي 23-12-2024: لقد قررت حماس أن تحارب (25)

حتى لا ينصدم أحد بالواقع فيما هو قادم، علينا ألا نرفع سقف التوقعات، فالحالة الفصائلية الفلسطينية بلغت حدا من السوء والأنانية يعقد المشهد تماما، ستحدث صفقة لا محالة وقريبا، لكن الحالة القادمة على غزة لا تسر، إعمار غزة لن يبدأ قريبا، لكن حالة المماطلة التفاوضية سوف تستمر أكثر مما يتخيل الجميع، وتبقى حالة حرب و لا حرب، هدوء نسبي يتخلله استهدافات يومية لأي منشأة أو مكان يمكن أن يصنع حالة خطورة مستقبلية بأي شكل على الاحتلال، مع إبقاء مجال لحكم محلي مشتت مقطوع الأوصال، مما يشيع الفوضى والفلتان القابل للانحدار لحالة اقتتال داخلي، وتتكون بيئة طاردة تعززها سياسات الاحتلال وتسهيلاته على المعابر، ويلجأ الكثيرون لبيع أي شيء تبقى لديهم والرحيل، خاصة بعد يأسهم من التعويضات المرجوّة والأمل في إعمار بيوتهم، بينما يستمر مسلسل التفاوض حتى الانتخابات الإسرائيلية القادمة في أكتوبر ٢٠٢٦ .

سوف يتفنن نتنياهو مستخدما كل الدهاء السياسي لمنع الدعوة لانتخابات مبكرة والحيلولة دون حل الائتلاف، ويتمسك بورقة غزة ويطيل أمد الحالة القائمة دون تغيير، أي عدم الإعلان عن إنهاء حالة الحرب، والتلويح أو حتى المضي قدما بتوجيه ضربة لإيران، مع احتلال لأراضٍ سورية بحجة حماية أمن” إسرائيل”، وصولا للانتخابات حاملا بجعبته كل ما يحميه من المساءلة حول أحداث السابع من أكتوبر، مقدما العديد من القرابين للجمهور من المؤسسة الأمنية والعسكرية، وبذلك يحظى بفرصة كبيرة لولاية قادمة بائتلاف يميني متطرف مجددا، خاصة في غياب منافس حقيقي يمكنه وقف خطط نتنياهو، خاصة مع تردد بينيت وعجز غانتس عن ترجيح كفة الميزان بأي شكل.

غزة في خضم ذلك ستعيش أسوأ أحوالها، حماس لا تريد أن تسلم غزة للسلطة بتاتا إن لم يكن ملف الأمن بحوزتها، ومن المستحيل أن تقبل السلطة بذلك، ويترتب على عدم التوافق تعطيل لأي مقترحات تتعلق بالإعمار أو إعادة تأهيل المؤسسات المركزية .

خلال التفاوض الطويل ستكون صفقات جزئية متعددة تتخللها هدن ومساعدات إنسانية، وتأهيل مشافي ومدارس، مع إنشاء مخيمات كبيرة للنازحين، ومن المؤسف القول أننا سنتعايش مع الخيام لوقت ليس بالقصير.

وبالنسبة للصفقة الجزئية التي تطبخ حاليا ستكون ترضية لترامب ليس أكثر، فأسرى الاحتلال ليسوا أولوية مطلقا لنتنياهو، لكن عليه أن يقدم شيئا للديمقراطيين قبل المغادرة، و هدية استقبال للجمهوريين قبل التنصيب، والصفقة الجزئية هي المنجز الوحيد الذي يمكنه تقديمه دون الإضرار بمخططاته المستقبلية.

وفي حال فاز نتنياهو فترة قادمة يكون قد حقق كل ما يمكن أن يطمح إليه، تفادي أي مساءلة، تجاوز القضاء، فترة حكم جديدة تجعله من أباطرة إسرائيل، أو كما صرح مرة عن تحقيق نبوءة إشعياء .

وفي أوج سيطرته سوف يسعى نتنياهو لرسم مستقبل غزة بطريقته، من خلال حكم تحت السيطرة خاصة بعد نزع قدرة الفصائل في غزة على تشكيل حالة خطورة نسبيا على دولة الاحتلال، مع فصل تام ومستمر بين الضفة وغزة، بما يمنع أي خطوات تتعلق بحق العودة أو تقرير المصير.

وبالنسبة للفلسطينيين خلال تلك السنوات وما يمكن أن يحدث في مرحلة ما بعد الرئيس عباس، فذلك يحمل الكثير من السيناريوهات وبعضها مرتبط ارتباطا وثيقا بما يجري من تطورات سياسية داخل “إسرائيل”.

حتى اللحظة كل المؤشرات تذهب نحو هذا السيناريو ما لم يحدث تطور دراماتيكي متعلق بصفقة تطبيع كبرى يفرضها ترامب، مما يجبر نتنياهو على التماشي معها، وهذا أيضا له تداعيات على غزة تتعلق بفرض حكم السلطة بالقوة، ولذلك ثمنٌ دامٍ أيضا، أو يسبق ذلك تدخل مصري مختلف عما هو عليه الآن، بما يقنع حماس والسلطة بالتنازل لتطبيق اتفاق ما، يضمن المطالب الدولية لمرحلة ما يسمى باليوم التالي، وإن كنت لا أعوّل على هذا الاحتمال .

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى