شجاع الصفدي: لقد قررت حماس أن تحارب (22)
شجاع الصفدي 3-12-2024: لقد قررت حماس أن تحارب (22)
منذ بداية الصراع على الأرض الفلسطينية، كانت تعرض حلول يرفضها الفلسطينيون، ولاة المشهد يحسبون حساباتهم ويقررون الرفض، ثم يمر وقت تتفاقم الخسارات، فتطرح مقترحات، يرفضها الولاة مطالبين بالعودة لمقترحات وحلول طرحت من قبل، وهكذا دواليك، من مرحلة لأخرى كانت خساراتنا تزداد، والرفض يكبر ويكبر معه الندم، والمطالبة بالعودة للمربع السابق، بينما الاحتلال يسنُّ أنيابه لينهش المزيد والمزيد مما يتاح من لحم ودم الأرض الفلسطينية.
من يتابع التاريخ الفلسطيني ودمار غزة عدة مرات وهجرة سكانها، سيقرأ عن كل الطروحات والعروض التي رفضها الفلسطيني متمسكا بعدم فهم الواقع والمخططات التي تحاك ضد وجوده .
أخطأ الساسة ولاة الأمر مرارا وتكرارا، وفي كل حقبة من زمن الصراع تكررت الأخطاء، وتكررت المطالبة بالرجوع للعرض السابق!.
تزامنا مع كامب دافيد ٧٩ كان هناك عرض ثري أفضل من أوسلو بكثير، لكن القيادة آنذاك رفضته وخوّنت دعاته، ثم اضطرها الواقع بعد قرابة عقدين من الزمن للقبول باتفاق أوسلو الهزيل، وفي كامب دافيد مرة أخرى في عهد كلينتون وباراك، رفض عرفات العرض، وأشعل انتفاضة شعبية، كانت كل مآلاتها خارج السيطرة، فأوصلت لنهاية مسيرة عرفات بالتخلص منه، وخلق حالة من الفوضى السياسية والميدانية وصولا لانفصال غزة عن الضفة، وإشغال غزة بحروب متواصلة، بينما الضفة والقدس يجري تهويدهما على قدم وساق.
ووصلنا إلى تبخر أي عروض تتعلق بدولة، صار التفاوض على أموال المقاصة على أقصى تقدير، بينما الفرقاء انشغلوا بجلسات مصالحة مكوكية فاشلة تعتبر أكبر مهزلة في التاريخ الفلسطيني.
وكل المؤشرات كانت واضحة إلى أين تذهب غزة، ولكن أحدا لم يفكر بإنقاذها، تركوها تغرق، كما يقول المثل: ” كب الفأر بالزيت غنيمة”.
ترِكَت غزة لمصيرها المأساوي، وأقحمت في حرب فتحت كل البوابات أمام الاحتلال لينفذ ما شاء من مخططات يفرضها على الأرض كأمر واقع، وما زلنا كفلسطينيين نرتكب ذات الأخطاء التاريخية، نرفض عرضا، ثم نعود لنطالب بالرجوع إليه، وبعد خسارات أكبر، نرفض عرضا ، ثم نندم ونطالب به وكأنه حبل النجاة!!.
وهكذا أصبح الصراع مع الاحتلال بحرا من الرمال المتحركة، نغرق فيه، وكلما ألقى أحدهم غصنا نتمسك به، رفضناه وقللنا من شأنه، ثم نغرق أكثر، ونلوّح بأيدينا بحثا عن غصن للنجاة، ونكرر الخطأ، حتى بلغ الدفن الرقاب .
كم كان ممكنا إنقاذ آلاف الأرواح والضحايا والبيوت، لو أننا لمرة واحدة أدركنا أن علينا التمسك بالفرصة لنبني عليها، لربما كان حالنا غير الحال، لكنها مأساتنا التي لا فكاك منها، سوء القرارات والتباس الأحكام، واستبداد القرار.
وها نحن نتعرض للإبادة يوميا، وما زال ولاة الأمر يفكرون ويرفضون ويطلبون العودة لمربع سابق ، والدوران في حلقة مفرغة، مع صفر كبير .
والمؤلم أنني أكاد أجزم أنهم في نهاية الأمر سيضطرون لقبول ما كان متاحا قبول أفضل منه قبل عام من التدمير والإبادة .