أقلام وأراء

شجاع الصفدي: لقد قررت حماس أن تحارب (16)

شجاع الصفدي ١٨-٧-٢٠٢٤: لقد قررت حماس أن تحارب (16)

عندما تشعر حركة مقاومة بنجاحها في مهمة أو عملية ما ضد العدو، فإن سقف اشتراطاتها يكون عاليا ، بناء على ما حققته من نجاح، لكن الخلل يحدث في طبيعة الحكم على النجاح أو الفشل، دون الأخذ بالاعتبار المعايير الصائبة لكليهما.

وكلما تسرعت في ظنها الخاطيء وأعلنت النجاح كلما تكشفت لها حقيقة أنها مخطئة،أمام مجريات الأحداث. مما يجعل سقف مطالباتها ينخفض وينخفض ، ويجعل العدو يترفع عن الإقرار بأي نجاح يحسب لها ، ما دام يمكنه تجاهل أي اشتراطات، وفرض أولوياته ،مما ينسف رواية النجاح في المهمة الأصل.
وهنا تتوجب مراجعة الذات ومحاسبتها على التسرع في تنفيذ عمل أو مهمة ضد العدو دون حسابات شاملة ودقيقة لما يمكن تحقيقه من نتائج .
وبعيدا عن عواطف الانفعاليين ، لو سألنا أنفسنا: هل اشتراطات حماس الآن هي ذاتها في بداية الحرب على غزة ؟
هل يمكن مقارنة سقف المطالب آنذاك، بالمطالب المتواضعة حاليا؟
تبييض السجون الذي كان المصطلح الأكثر رواجا، أصبح خلف ظهورنا، رفع الحصار أيضا بات اصطلاحا ممجوجا لا قيمة له، الميناء ،المطار، عدم المساس بالمقدسات، كل هذه مطالب انهارت بمجرد مجابهة الحقيقة، الحقيقة التي تقول أن الاجتهاد المتسرع يجلب نتائج عكسية.
وها نحن ذا، سقف مطالبنا بضعة مئات من الأسر.ى، عودة نازحين فقدوا كل حياتهم ،كل ما يريدونه العودة لركام منازلهم ، نطالب بانسحاب جيش لم يكن يتقدم مترا واحدا في غزة، نطالب بمساحات أرض تم احتلالها كمنطقة عازلة ، نطالب بفتح معبر كان مفتوحا، نطالب بخيام وغذاء ودواء، وكلها لم نكن بحاجتها .
المحصلة أن الحركة أقدمت على مهمة رافعةً سقف مطالبها عاليا اعتقادا بأنها في وضع يؤهلها لفرض اشتراطات ،ولكن بعد وقت قصير وجدت نفسها كحركة مقا.ومة منساقة نحو إملاءات ، وكرامتها تجعلها مضطرة للرفض، بينما تدرك جيدا أن العدو وخلفه أمريكا وحتى الوسطاء، يتعاملون معها تعامل الحلقة الأضعف،ويضغطون عليها أن تتنازل أكثر وأكثر، وكلما طال الوقت، وجدت الحركة نفسها مضطرة لتقديم تنازلات أكبر، والعدو يمعن في تجريدها من أي صورة لإنجاز ، وهي مرغمة على مسايرة ذلك ، لأن عامل الوقت الذي راهنت عليه من البداية، تحول لعامل ضاغط ضدها ، والضرر الواقع عليها أضعاف ما يقع للعدو ، العدو الذي لم تتعطل حياته اليومية بخمسة في المئة بالمقارنة مع الدمار الواقع في كل ما يخص الحركة ويخص الشعب.
أول خطوة لتعويض الفشل وتجاوزه، هي الاعتراف به ووضع اليد على الخلل، وما دام الإصرار على أنه ليس هنالك أخطاء فيما حدث ، فلا جدوى ، وسوف يبقى الحال يسوء ، والخسائر تتفاقم، والمكاسب تُسلب وتتجرد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى