أقلام وأراء

شجاع الصفدي: غزة في بورصة السياسية الأوروبية

شجاع الصفدي 28-5-2025: غزة في بورصة السياسية الأوروبية
من المعتاد أن تتدخل فرنسا في قضايا تخص تونس ولبنان والجزائر، بحكم وجود علاقة وثيقة تحرص فرنسا على توطيدها كلما سنحت الفرصة، فهي تتعامل من منطلق الوصاية بشكل أو بآخر مع هذه الدول ، وفي الآونة الأخيرة اتجه ماكرون نحو الدول العربية بشكل بارز ، وظهر بمظهر الحريص على سوريا وأمنها ، وزار مصر وتجول مع رئيسها في زيارات ذات مغزى سياسي ، تبع ذلك تصريحات عن قوة متانة العلاقة ووجوب استمرارها في شتى المجالات .
عندما أصبح الموقف الفرنسي صارما إلى حد ما تجاه إسرائيل ، وباتت تبرز انتقادات سياسية علنية،وحديث عن الاعتراف بدولة فلسطينية، لم يكن ذلك حبا بغزة ولا تعاطفا مع الفلسطينيين ، الأمر له علاقة بتجاذبات سياسية داخل الاتحاد الأوروبي حول التبعية التامة للقرار الأمريكي من عدمها، فرنسا اختارت الانسلاخ عن تلك التبعية بشكل يظهر ألمانيا بشكل لا يليق بمكانتها المتصدرة في الاتحاد الأوروبي.
برز للسطح  أيضا الموقف البلجيكي والسويدي خلال اليومين الماضيين بطريقة حازمة في توجيه الانتقاد لاسرائيل، والمفاجيء هو الموقف البريطاني الآخذ في المضي في ذلك الاتجاه أيضا في عدة قرارات .
ذلك ليس أمرا بسيطا، وهو ما دفع ألمانيا ولأول مرة في تاريخها الحديث بعد النا.زية، أن توجه انتقادات لاسرا.ئيل ، ولأول مرة يخرج المستشار الألماني ليتحدث عن مشاورات لحظر تصدير الأسلحة لإسرائيل!!.
ألمانيا لامست أن الواقع في أوروبا يتغير وأن إستمرار  تبعيتها للسياسة الأمريكية جعلتها ذيلا عديم الفاعلية في السياسة الدولية، وأبرز الدور الفرنسي على حسابها ، لذلك قررت أن تنتهج سياسة مغايرة تماما ،ولهجة حادة ظهرت في حديث وزير الخارجية الألماني اليوم أنه سيتصل بنظيره الإسرا.ئيلي ويخبره بضرورة وقف الحرب وأن الوضع في غزة لا يطاق. وأيضا صرح :” لن نتضامن مع إسرائيل بالإجبار”.
هذه تصريحات نادرة من نوعها، تصدر للمرة الأولى عن مسؤول ألماني بهذا المستوى .
كثير من التطورات السياسية ، على ما يبدو  هناك عربة  قطار مسرعة يحاول الأوروبيون اللحاق بها، ظهر ذلك جليا في تصريحات وزير الخارجية الألماني ونظيره البلجيكي، زعيم الحزب الاشتراكي الفرنسي الذي وصف ما يحدث بغزة بالإبادة، موقف مالطا من الاعتراف بالدولة الفلسطينية، موقف أسبانيا الحيوي ،وموقف السويد من استدعاء السفير في ستوكهولم للإحاطة .
هذه كلها مؤشرات على صراع صامت يتمحور حول قيادة الاتحاد الأوروبي ، و أعتقد لا أبالغ إن قلت أن غزة أصبحت أسهما متنامية في  بورصة أوروبا  السياسية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى