شجاع الصفدي: سنرجع يوما؟
شجاع الصفدي 10-9-2024: سنرجع يوما؟
ابتسمت،كان ذلك سؤالا وجهه لي صديقي، سنرجع يوما؟
لم يخبرني العندليب يا صديقي، لقد تغيرت معالم الحي الجميلة، وباتت الكيلومترات القليلة التي تفصلنا عن مدينتنا أشبه بالجحيم.
كان الحلم بالعودة إلى صفد ، صار الحلم بالعودة إلى غزة!! .
سألت: هل معك مفتاح البيت؟
مفتاح العودة ، الذي انتظر أن تقرع الأجراس ، حتى أكله الصدأ .
يفكر صديقي ببيع بيته نصف المدمر ويشتري بديلا في خانيونس أو دير البلح، يبرر ذلك بأن المأساة طالت، و سوف تطول ، لا ضوء في آخر النفق، ولا يمكن تحمل نفقات الإيجار الشهري الباهظة، و الإقامة في الخيمة لا يحتملها المرضى من أسرته ، لذلك بات من الضروري أن يجد حلا، ويشتري بيتا في مناطق اللجوء الجديدة.
نحن لاجئون ، شتم أحد المعلقين شخصا أعرفه ، عندما اختلفا في الرأي، قال له : يا لاجيء!!.
هل ذلك جرحٌ يبرأ؟
كم مرة يجب أن يلتئم ما نهشناه من لحمنا؟.
كان البحر أمامنا،صرنا نغني:” كنا والريح تهب تصيح سنرجع نرجع يا يافا”، يرد الصدى في الليل، بينما صديقي يسترجع ذكريات أمه اليافاوية، بلهجتها اللذيذة التي عاشت معها بعد النكبة سبعين عاما لم تتغير ولم تتأثر .
هل تطغى الأمكنة على الألسنة؟، غالبا كذلك، لكن اللاجيء الفلسطيني يكسر كل قاعدة، نحن لاجئون الآن، لكننا لسنا لاجئين من ذهب مثل والدة صديقي، فقد تأثرت ألسنتنا، وتغيرت لهجتنا، صارت عرجاء مختلطة، أقل من عام بقليل أثر في لهجتنا، يبدو أن اللهجات معادن مثل الناطقين بها، منهم من تغيره العوامل المحيطة، ومنهم من لا يقبل التغيير .
نحن لاجئون، فهل سنرجع يوما إلى غزة؟.
صديقي ابن البحر ، لا يجيد السباحة، كنت دائما أتساءل كيف ليافاوي ألا يجيد السباحة !!.
كنت أقول دوما: اليافاوي الذي لا يعوم، مثل الغزاوي الذي لا ينجو من الحرب .
الحرب والبحر ، عناوين موت للذين فقدوا الأمل في العودة للديار.