أقلام وأراء

شجاع الصفدي: توالد الميليشيات يدق ناقوس الخطر

شجاع الصفدي 29-6-2025: توالد الميليشيات يدق ناقوس الخطر

في الانتفاضة الأولى عملت مجموعات القيادة الموحدة على ضبط الحالة الوطنية والشعبية ميدانيا، كان عمل تلك المجموعات سريا ومنضبطا جدا، لا استعراضات لا تفاخر وتقريبا لا أخطاء في قرارات الردع تحديدا.

كان لهذه المجموعات زيا موحدا بالكامل، تنفذ كل مجموعة مهامها وتعود، دون أن يعرف أحد أيا من عناصرها.

في فترة حرب الخليج ظهرت مجموعة ترتدي نفس الزي بالضبط، ونفذت اعتداءات على مواطنين باسم القيادة الموحدة، دون أدلة أو معطيات واضحة، مما أثار بلبلة وسخطا في أوساط الناس، وبرزت آنذاك إلى السطح صراعات مع جهاز الصاعقة الإسلامية وهو جناح حماس العسكري في ذلك الوقت، وذلك موضوع آخر عموما.

وصلت ق.م إلى المجموعة الارتجالية وحققت معها وفهمت الهدف من نشاطاتها، لكن كانت الفوضى قد استشرت وكثرت المجموعات وكثر المطاردون لأتفه الأسباب، وبات الجهلة بديلا مقصودا في الساحة للحالة الوطنية المنضبطة.

لم يكن هناك ما يضمن عدم وجود مندسين يعملون وفق برنامج موجه غير وطني، وتقمص أي حالة أو انتحال عنوان أي تنظيم، وقد ظهرت في تلك الآونة مجموعات تحت مسميات عدة، وقامت بالكثير من الأعمال القذرة.

فما بالكم الآن والاحتلال قد فكك الحالة الوطنية، وتسبب بتهتك النسيج الاجتماعي تماما، وبدلا من العمل المنضبط الدقيق ينطلق العنان لمجموعات غير معلومة المرجعية، فلا يمكن تحديد هويتها، ولا ضبط سلوكها، مما يبطل الغاية ويجعل العشوائية تتصدر الموقف.

أي مجموعة من اللصوص يمكنها أن ترتجل اسما، وتصدر بيانات تهديد ووعيد، وتردع وتقمع وتقتل وفق مصالح من يمولها، وهناك عناوين كثيرة لنشاطات خارجة من هذا النوع، في ظل غياب سلطة قانونية قادرة على ضبط الشارع وفق نظم قانونية واضحة المرجعيات وخاضعة للرقابة.

سهم، سهم ثاقب، أو رادع، أو غيرها من المسميات ليست وسيلة ناجعة لتعويض غياب القانون، وبيانات الانترنت فارغة الجدوى، وكل بيان يصدر تجد نتيجته معاكسة تماما في اليوم التالي، بما ينعكس سلبا على المواطن، لأن تلك المجموعات تعمل باندفاع وعشوائية ، وليس ضمن برنامج ضابط للسلوك ومحدد التوجهات والأهداف.

وحتى لا نبتعد عن الواقع ونتحدث عن حسم الحالة بتأسيس سلطة على الأرض تقوم بمهامها وواجباتها تجاه المواطن وأمنه في هذه الظروف الحالكة، على الأقل يتوجب مبدئيا ضبط عمل هذه المجموعات، ومنع إطلاق المسميات بعشوائية وعبثية، حتى لا يصبح الحبل على الغارب وتصبح الحالة الوطنية عبارة عن صراعات متواصلة للميليشيات المتوالدة يوما بعد يوم.

علما بأن توالد وتكاثر المجموعات المسلحة والمشتتة دون مركزية أمر يخدم أهداف الاحتلال لما يسمى باليوم التالي، والذي يراد له أن يفتح جحيما أشد من جحيم الحرب الطاحنة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى