خط أنابيب لنقل النفط من جنوب السودان إلى جيبوتي عبر إثيوبيا، أبعاد ونتائج
مركز الناطور للدراسات والابحاث
هناك مجموعة من الأمثلة تؤكد أن مبدأ الانصياع للخارج في السياسة الخارجية لدولة الجنوب لا يزال مبدأ محوريا بالنسبة لقيادة هذه الدولة.
ولا بد هنا من أن نعرض لبعض الأمثلة لتأكيد هذه الحقيقة حقيقة ارتهان دولة الجنوب بإرادة الخارج سواء كان إقليميا أو دوليا.
المثال الأول: اختارت قيادة الجنوب ومنذ اليوم الأول من ولادتها في التاسع من شهر تموز يوليو 2011 مفهوم التفاعل المركز مع القوى الإقليمية كينيا وإثيوبيا وأوغندا وإسرائيل والولايات المتحدة ودول أوروبية على الصعيد الدولي.
وتقوم فكرة التفاعل المركز والمكثف على بناء علاقات تحالف وتعاون في كل المجالات السياسية والاقتصادية والإستراتيجية.
في مقابل ذلك تبنت هذه الدولة مبدأ التصادم والمواجهة مع الدولة الأم السودان من خلال الأخذ بإستراتيجية تقوم على العدائية والمواجهة.
وليس من معاد القول أن نؤكد مرة أخرى أن هذا التفاعل المكثف انعكس في ثلاثة مجالات أساسية:
1-المجال الإستراتيجي العسكري والأمني.
2-المجال السياسي التكامل مع الدول الإقليمية والدولية..
3-المجال الاقتصادي: وضع ثروات دولة الجنوب وعلى الأخص النفط في مصلحة الدول الأخرى الداعمة للإستراتيجية الهجومية ضد السودان.
المثال الثاني: استدعاء قوى إقليمية ودولية كاحتياطي يدعم ويعظم من قدرة دولة الجنوب على الدخول في مواجهة مستمرة ومتصاعدة ضد السودان.
الدليل الأكثر وضوحا وجلاء وسفورا على هذا الاستدعاء ما توصل إليه سلفاكير رئيس دولة الجنوب خلال زيارته لإسرائيل في 19 ديسمبر الماضي ومعه وفد عسكري واقتصادي وسياسي من اتفاقيات في مجال التسليح والتدريب والتواجد العسكري والأمني، هذه الاتفاقيات تداخلت وتشابكت مع اتفاقيات مماثلة وقعها الرئيس الأوغندي موسوفيني ورئيس وزراء كينيا رايلا أودينجا أثناء زيارتهما لإسرائيل في 17 ديسمبر أي خلال نفس التوقيت.
هذه الاتفاقيات –بحسب تقدير الجنرال عودي شنيه مدير عام وزارة الدفاع الإسرائيلية- وضعت حجر الأساس لبناء منظومة دفاعية وأمنية عسكرية السودان المستهدف الأول من تشكيلها.
المثال الثالث: الذي أشار إليه أكثر من مصدر أمريكي وإسرائيلي ومن دول الإقليم ويتعلق بفرض حصار اقتصادي على السودان خانق يسهم مع أدوات الحرب الأخرى في إضعاف السودان، آليات هذا الحصار وقف ضخ النفط عبر السودان من الجنوب ليصدر إلى الخارج من بور سودان.
قرار حكومة جنوب السودان وقف تصدير النفط كما كشفت عنه أدبيات اقتصادية إسرائيلية مثل كلكليست والفصلية الاقتصادية رباعون كلكلاه الصادرة في شهر فبراير كانت استجابة لطلب القوى الإقليمية ودوائر أمريكية ومنها شركات النفط الأمريكية، الطامعة في العودة إلى امتلاك الثروة النفطية في جنوب السودان وعلى هذا الأساس جاء قرار مد خطوط أنابيب من جنوب السودان إلى كينيا ثم خط آخر من جنوب السودان إلى جيبوتي عبر إثيوبيا وخط ثالث من الجنوب إلى أوغندا ضمن أجندة خارجية لمواجهة السودان بجملة من الاستعدادات العسكرية والاقتصادية والأمنية.
خط الأنابيب الممتد من جنوب السودان إلى جيبوتي مرورا بإثيوبيا
هذا الخط الجديد تم التوصل إلى اتفاق بشأنه مع إثيوبيا والذي أطلق عليه اسم “مشروع حلم الأنابيب” يبلغ طوله 1800 كلم وذلك في الأول من شهر فبراير الجاري.
هذا الخط هو الخط الثاني الذي تقرر حكومة دولة الجنوب مده بعد الاتفاق بينها وبين كينيا في شهر يناير الماضي، كل ذلك من أجل تجنب تدفق النفط عبر السودان إلى بور سودان للإضرار بمصالح السودان.
وزير الإعلام في دولة الجنوب برنارد ماريال بنجامين أشار إلى أن عدة شركات أمريكية وأوروبية تقوم بإجراء دراسات الجدوى الاقتصادية الضرورية ليلاحظ الأنابيب من الجنوب إلى جيبوتي عبر الأراضي الإثيوبية.
الوزير الجنوبي لم يكشف في حديثه الصحفي عن شركات أخرى وتحديدا إسرائيلية أو مزدوجة الجنسية مثل شركة كودو التي يملكها مايكلس وBSG التي يملكها بيني شتاينمتس وشركات أخرى إسرائيلية، ولا كذلك عن مصادر تمويل المشاريع الثلاث الكيني والإثيوبي والأوغندي والتي تشير التقارير الأولية إلى أنها قد تصل إلى أكثر من 10 مليار دولار.
جدوى المشروع الكيني والإثيوبي
يبدو وبشكل مؤكد أن الاعتبارات الاقتصادية ليست هي الحاكم والناظم لموقف حكومة دولة الجنوب من مد هذين الخطين وفي ذات الوقت وقف الإنتاج وكذلك تصدير النفط عبر الخط الممتد إلى بور سودان.
هذا ما يستشف من تصريح سلفاكير ميارديت في أعقاب التوقيع على اتفاق مع إثيوبيا لمد هذا الخط.
سلفاكير قال بالحرف الواحد: “إن نفط بلاده لن يضخ من جديد إلا بعد اكتمال بناء خطوط النقل البديلة التي تم التوقيع عليها مع كل من كينيا وإثيوبيا”.
الاعتبارات الإستراتيجية التي تصب في خدمة قوى إقليمية (إثيوبيا وكينيا وأوغندا) وإسرائيل وكذلك القوى الدولية الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا هي المحرك وراء هذا الموقف.
هذه الدول هي المستفيد الأول من نقل النفط عبر هذين الخطين الكيني والإثيوبي الجيبوتي، وتتجلى هذه الاستفادة في عدة أبعاد:
البعد الإستراتيجي: محاصرة السودان اقتصاديا وسياسيا واستهدافه إستراتيجيا بخيار الاستنزاف الاقتصادي أو بالتفتيت.
البعد الاقتصادي: الدول الإقليمية إثيوبيا وكينيا وإسرائيل وكذلك الولايات لمتحدة ستحصل على لنفط بأسعار مفضلة (مخفضة) كما أن شركاتها ستحصل على عائدات قد تصل إلى 50% من قيمة النفط المنقول عبر هذه الخطوط.
البعد الجيواقتصادي: الولايات المتحدة تدعم هذا الموقف من قبل دولة الجنوب لأنه يحقق لها مكاسب إستراتيجية عبر إنهاء أي وجود صيني في دولة الجنوب وعلى الأخص في الميدان النفطي، هذا في نطاق إستراتيجية أمريكية، ليس فقط مزاحمة الصين في إفريقيا بل في تقليص وإنهاء هذا الوجود والانتشار.
ومن الأدلة على ذلك قرار دولة الجنوب بإنهاء العقود مع الشركات الصينية العاملة في المجال النفطي ثم القرار بطرد مدير الشركة الصينية من جنوب السودان ليو ينجكاي .
انتقادات للمشروعين على خلفية فنية والجدوى الاقتصادية
تشير التحليلات والتعليقات التي صدرت حتى الآن إلى أن هناك شكوك في الجدوى الاقتصادية من بناء هذين الخطين لنقل النفط من الجنوب إلى أسواق الاستهلاك.
الخبير في شؤون النفط ومسؤول سابق في منظمة أوبيك في فيينا الدكتور فاروق حسني سجل من خلال تلك المتابعة ملاحظات هامة في هذا الشأن.
الملاحظة الأولى: أن الخط الممتد من جنوب السودان إلى بور سودان هو الأفضل من ناحية الجدوى الاقتصادية ومن ناحية أمنية.
واستشهد بشهادة أحد الخبراء الاقتصاديين من دولة الجنوب نفسها ويدعى لوقابيبي، يقول هذا الخبير أنه ليست هناك أية جدوى اقتصادية ممكنة لخط الأنابيب الذي سيتم مده من الجنوب، ثم إلى إثيوبيا وكينيا والذي سمي بمشروع حلم الأنابيب، ودعا حكومة الجنوب إلى التوقف عن الأحلام الوهمية والعودة إلى ضخ النفط الذي يمر عبر الشمال والتوصل إلى اتفاقيات مع حكومة الشمال لأن هذا الخط يظل الخيار الأفضل والأجدى.
الملاحظة الثانية: تتعلق بجوانب فنية، لاحظ هذا الخبير أن الشركات المتخصصة في بناء خطوط خط أنابيب نقل النفط لم تخف حقائق تتصل بـ:
1-تضاريس الأرض التي ستمر منها هذه الخطوط، هذه التضاريس صعبة في كل من إثيوبيا وفي مرتفعات شمال كينيا، وسيترتب على ذلك تكاليف مالية كبيرة حيث تتطلب إقامة محطات لضخ النفط الخام والتدفئة للحفاظ على جودته ودفعه عبر مناطق مرتفعة على عكس اتجاه آبار إنتاج النفط في الجنوب.
الأمر يختلف بالنسبة لخط الأنابيب الممتد من الجنوب إلى شمال السودان، هذه الخطوط يمر عبر أراضي منبسطة وسهلة وهو لا يحتاج إلى ستة محطات ضخ وتدفئة خام النفط الذي ينقل عبر الأنابيب سواء عبر إثيوبيا أو كينيا
الملاحظة الثالثة: تتعلق بالمخاطر الأمنية، الخط المار عبر كينيا أو الخط المار إلى جيبوتي عبر إثيوبيا سيظل عرضة لتهديدات أمنية:
*تهديد من جانب عناصر مناوئة لكل من كينيا أو إثيوبيا بما فيها جماعات مسلحة متمردة في إثيوبيا وجماعات قبلية في جيبوتي وقراصنة يجوبون خليج عدم والبحر الأحمر.
*هناك أخطار وتهديدات أخرى مفترضة نظرا لأن منطقة شرقي إفريقيا تعتبر من المناطق غير الآمنة إما بسبب الاضطرابات والحروب الأهلية (الصومال واليمن) وإما ما يزعم عن وجود عناصر للقاعدة.
ورغم هذه التأكيدات بعدم الجدوى الاقتصادية لهذه الخطوط وأن الجدوى والمنفعة ستكون للشركات المالكة لهذه الخطوط إلا أن المسؤولين في دولة الجنوب يصرون على مواقف تلحق أفدح الأضرار والخسائر الاقتصادية.
ماريال ابو بول مسؤول في وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي بدولة الجنوب اعترف بأن وقف إنتاج النفط سيرفع نسبة التضخم، وأنه إذا لم تتوفر مصادر تمويلية بديلة لدعم العملة المحلية فإن جنوب السودان سيواجه مشكلة كبيرة.
ومعروف أن دولة الجنوب كانت تضخ ما يصل إلى 350 ألف برميل يوميا وأن عائدات النفط تشكل 98% من إيرادات الدولة.
المهم عند قادة دولة الجنوب هو خيار استهداف السودان في أمنه واستقراره ووحدته حتى ولو كان ذلك على حساب مصالح الجنوب.
ملحق:
חידוש המלחמה בין הצפון והדרום, יתאפיין ברף אלימות גבוהה אף יותר מכפי שהיה בעבר, לנוכח הכניסה של אינטרסים כלכליים, אינטרסים מעצמתיים ונשק מתקדם לזירה. עבור גוש המדינות הנוצריות מדובר בקרב מפתח – ניתוקו של הדרום הנוצרי מהצפון המוסלמי, יביא להחלשת ממשלת חארטום, בעיקר מבחינה כלכלית, עד שהיא תתקשה לתמוך בארגוני גרילה וטרור באוגנדה, אתיופיה ומדינות אחרות.
הגוש הנוצרי מצידו, מקווה לזכות בבת ברית בעלת אוצרות טבע אשר תוכל להיות לנכס חשוב. העובדה כי לדרום סודן אין מוצא אל הים, תחייב את הדרום-סודנים, במידה ואכן יצליחו להתנתק מהצפון, להגיע להסדר כלכלי-תשתיתי עם קניה או ג’יבוטי לצורך ייצוא הנפט, הסדר שבוודאי יניב רווח כלכלי ופוליטי עבור אחת משתי האחרונות.
בשנים האחרונות פועלות מדינות הגוש הנוצרי כדי לסייע לדרום להתכונן לחידוש הלחימה. כך לדוגמא, המסחר בין דרום סודן לאוגנדה צמח באופן משמעותי בשנים האחרונות [8]. באוקטובר 2008 דווח כי סודן זימנה את שגריריהן של קניה ואתיופיה כדי למחות בפניהם על הסיוע שמדינות אלה מעניקות לדרום המדינה. המדובר היה במשלוח של טנקים מאוקראינה שנתפס במקרה על ידי פיראטים סומלים בים האדום, ושוחרר על ידי הקניאתים לאחר תשלום של 3.5 מיליון דולר כופר עבור 33 טנקי T-72, הנחשבים חדישים יחסית לזירה הסודנית. במקרה אחר, היה זה מטוס תובלה עמוס בנשק שהיעד שלו היה אף הוא הדרום [9].
التعاون بين أطراف الكتلة المسيحية في شرق إفريقيا
المركز العربي للدراسات والتوثيق المعلوماتي