حافظ البرغوثي – التحديات التي تواجه إسرائيل
حافظ البرغوثي 28 يناير 2022
انتقد التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي للعام الحالي التقصير في مواجهة التحديات التي تواجهها، وقال معهد الأمن القومي في تقريره السنوي إن الحكومات الإسرائيلية تفتقر إلى عقيدة استراتيجية شاملة وثابتة ولا تستخدم ما لديها من قدرات عسكرية وتكنولوجية للرد على التحديات خاصة التحدي النووي الإيراني.
وكانت إسرائيل منذ أكثر من عقدٍ من الزمن هددت بتوجيه ضربات جوية لإحباط البرنامج النووي الإيراني لكنها كانت تتراجع لمعرفتها أنها لا تستطيع فعل ذلك وحدها دون انخراط عسكري أمريكي.
فالولايات المتحدة لم تخض أية حرب مع إيران ودأبت على التهديد هي الأخرى منذ ما يقرب 39 سنة من دون أن تنفذ تهديداتها. وعارضت إسرائيل الاتفاق النووي وظلت تعارضه إبان حكم أوباما وحصلت كترضية على أسلحة ذكية من إدارته، وصفقة مساعدات تزيد على 30 مليار دولار لأن إدارة أوباما كانت تعتقد أن الاتفاق النووي سيمنع إيران من تطوير أسلحة نووية حتى سنة 2030، فأخذت إسرائيل السلاح المتطور كطائرات«اف 35» وأسلحة وذخيرة ذكية وظلت تنتقد الاتفاق إلى أن جاء الرئيس دونالد ترامب وانسحب من الاتفاق فقررت إيران رداً على ذلك المضي قدماً في برنامجها رغم العقوبات ورفعت وتيرة تخصيب اليورانيوم.
بهذا المعنى فإن إسرائيل هي التي تقاعست وليس واشنطن، بل عند استئناف مفاوضات فيينا رأينا كيف شن القادة الإسرائيليون حملة تهديد بشن هجوم على المنشآت النووية، بدءاً من الرئيس إلى رئيس الوزراء مروراً بقادة عسكريين وأعضاء كنيست، وكلها تهدد بالويل والثبور، لكن الأمريكيين كانوا يدركون أن اسرائيل لن تستطيع وحدها القيام بعمليات ضد المنشآت النووية ولن تستطيع تدميرها، بل تريد من واشنطن أن تتدخل إلى جانبها وليس هناك في الأجندة الأمريكية الحالية أية خطط لضرب إيران.
فالهدف الإسرائيلي من نشر قوائم برصد ميزانيات لشراء أسلحة وطائرات إنزال تشير إلى استعدادات طويلة الأمد تستغرق سنوات، ومن يريد الهجوم لا ينشر قوائم الأسلحة، بينما تؤكد معلومات أن ايران تحتاج إلى سنوات لتكون دولة على حافة السلاح النووي وبعدها سنوات لصنع سلاح نووي، فمحادثات فيينا والحل الدبلوماسي يبقى مرجحاً مقابل مكاسب إقليمية تطمح إليها إيران.
التحدي الآخر الذي فشل فيه الإسرائيليون كما يقول التقرير هو القضية الفلسطينية، فذهب باحثو المعهد إلى أن الأراضي الفلسطينية على «شفير الغليان». وتشكّل هذه الجبهة، وفق المعهد، «تحدّياً كبيراً لرؤية إسرائيل دولة يهودية، ديمقراطية، آمنة وأخلاقية، بسبب الانزلاق إلى واقع الدولة الواحدة»، ف«غياب حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وعدم الدفع بمسار سياسي يضعان إسرائيل أمام تهديد خطير على هويّتها كدولة يهودية وديمقراطية وعلى مكانتها في المجتمع الدولي».
ويشير التقرير إلى أن السلطة الفلسطينية تضعف، ومن المحتمل أن تصل حتى إلى عدم القدرة على التصرّف، في الوقت الذي يزيد فيه اليأس عند جيل الشباب الفلسطيني. بالطبع لا يشير التقرير إلى سبب ضعف السلطة وهو محاولة إسرائيل العمل على إفلاسها وحجز أموالها، مثلما فعلت في أواخر سنوات الانتفاضة الثانية حيث دمرت مقار الشرطة والأمن وأضعفت قوات السلطة لتكون ضعيفة أمام انقلاب حماس.
أما سبب التوجه نحو دولة واحدة كما يقول التقرير، فالسياسة الاستيطانية المتسارعة والتطهير العرقي في القدس والأغوار وتغوّل المستوطنين وإقامة بؤر استيطانية كثيرة يسكن بعضها بضعة أشخاص فقط ويسيطرون على آلاف الدونمات تحت حماية قوات الاحتلال، كل هذه الإجراءات على الأرض جعلت من حل الدولتين أمراً صعباً، بل واصلت حكومة بينيت رفضها للمفاوضات مثلما كان الوضع في عهد نتنياهو، وبالتالي وأمام تقاعس الإدارة الأمريكية عن تنفيذ ما تعهد به الرئيس بايدن علناً من التزام بحل الدولتين ووقف الاستيطان وإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس، لذلك فإن إسرائيل لا تجد رفضاً عملياً لسياستها وهي تواصلها دون مساءلة أو عقاب.
فتحدي الدولة الواحدة بات ماثلاً للعيان، والتحدي النووي الإيراني يبقى هو الآخر يقض مضاجع حكام إسرائيل.