تقرير خاص: ماذا يعني أن تؤيد إسرائيل إقامة إمبراطورية تركية عثمانية؟
مركز الناطور للدراسات والابحاث
بالتزامن مع تصريحات لرئيس الوزراء التركي طيب أردوغان التي زعم فيها أن تركيا تتحمل مسؤولية إزاء سوريا لأنها كانت جزءا من الدولة العثمانية كان أحد دهاقنة الفكر السياسي والإستراتيجي الإسرائيلي دوري جولد مستشار رئيس وزراء إسرائيل الأسبق أريائيل شارون يتحدث عما أسماه بالنظام المتغير للقوى الإقليمية وبأن تركيا ستتحول إلى القوة الإقليمية الرئيسية.
دوري جولد يتعرض في مقالته الصادرة عن معهد القدس للدراسات في 14 أكتوبر الحالي لمراحل التصعيد التركي للأزمة السورية ولدورها في هذه الأزمة المباشر وغير المباشر عسكريا وسياسيا.
وفي سياق حديثه عن هذا التصعيد التركي ليس داخل سوريا فحسب بل في العراق ومن قبل في ليبيا والمتوقع أن يستمر ويتصاعد يؤكد أن البصمات التركية بادية على جميع التحولات التي تشهدها المنطقة.
دوري جولد وهو الخبير الإستراتيجي والسياسي لم يكتف بكشف أبعاد الإستراتيجية التركية وأهدافها بل حرص على استشراف معالم المستقبل والحديث عن مستقبل الخريطة الجيو إستراتيجية للمنطقة بفعل جملة من العوامل المؤثرة في الصراعات التي تموج بها المنطقة.
أن الترويكا الحاكم في تركيا عبد الله جول وطيب أردوغان وداود أوغلو يعمل على إحداث تغيير إستراتيجي في المنطقة إقامة نظام شرق لوسطي جديد تكون تركيا الحاكم والمتسيد فيه وتقويض النظام السابق المتعدد القطبية الدول العربية وإيران وإسرائيل لصالح قيام نظام أحادي تركي دون أن يلغي إسرائيل أو يتصادم معها.
جولد يتحدث عن أن ما يقوله ليس استنتاجا من عندياته بل هو تحليل وتفسير لمعلومات تتراكم لدى إدارة أوباما بشأن المشروع الإمبراطوري التركي، وهنا ينصح بقراءة عدة مصادر منها:
– صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في 2 أكتوبر.
– صحيفة الجارديان البريطانية.
– مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية ومصادر وصفها بمحدودة التداول .
– أدبيات حزب العدالة والتنمية التركي.
قراءاته لهذه المصادر وغيرها تقوده إلى توقعات بأنه إذا ما نجحت تركيا في إحداث التغيير في سوريا فسيكون العراق المحطة الثانية، وعندما تسقط سوريا والعراق تنفتح بقية الأبواب أمام تركيا الأردن حتى تمتد إلى دول المغرب العربي.
هنا يزعم أن دولة مثل مصر وليبيا وتونس هي التي ستقدم مفاتيح بلادها إلى تركيا العثمانية الجديدة نظرا للتناغم الإيديولوجي بين الأنظمة الحاكمة في هذه الأقطار والنظام التركي بالإضافة إلى التطابق في الرؤية لقيام خلافة إسلامية.
- الخبير الإسرائيلي يستشهد بالعديد من التصريحات لمهندس السياسة الخارجية التركية أحمد داود أوغلو ويصفه بأنه باعث الطموحات العثمانية الجديدة التي ترى في المنطقة العربية، ملكية عثمانية من حق تركيا الجديدة أن تعود إليها بالقوة الناعمة وإن تطلب الأمر بالقوة الخشنة.
تجدر الإشارة إلى أن داوود أوغلو صرح عندما زار سراييفو عاصمة البوسنة في شهر أكتوبر 2009 أن البلقان والقوقاز والشرق الأوسط كانت في أوضع أفضل عندما كانت تخضع هذه المناطق للحكم العثماني وللنفوذ العثماني، وقد أطلق أوغلو عبارة تضمنت رسالة كان لا بد أن تقرأ عندما قال: تركيا تعود إلى هذه المناطق وأنها ستقوم بدور فعال في الصراعات الإقليمية.
- دوري جولد لا يستبعد أن يتماهى الغرب مع المشروع الإمبراطوري التركي وينسحب من المنطقة مقابل تفاهمات تعاقدية مع تركيا تتضمن:
* حماية مصالح الغرب في المناطق التي ستكون تحت النفوذ التركي سواء كانت اقتصادية النفط والغاز والأسواق أو لوجيستية الممرات البحرية.
* تخليق مجال مصالح مشتركة وشراكة بين تركيا الكبرى وإسرائيل.
على ضوء هذا التحليل الإسرائيلي لما يصفه بديناميات التدخل التركي في المنطقة في سوريا والعراق والمتوقع أن يمتد إلى لبنان وإلى دول أخرى كذلك تحليلات غربية يمكن أن تفسر التصعيد التركي في الأيام الأخيرة ضد سوريا على أنه يأتي في نطاق أجندة الترويكا الحاكم في أنقرة.
وعلى أي حال من الأحوال فإن حديث حولد عن المشروع الإمبراطوري العثماني وعن ديناميات التدخل التركي في الدول العربية لإعادة رسم خريطة منطقة الشرق الأوسط هو ليس هدفه الانتقاص من المشروع التركي بل لتأكيد دعاوى إسرائيلية ظلت تتردد من أن منطقة الشرق الأوسط لم تعد منطقة عربية وأن العرب لم يعودوا يشكلون معادلة في هذه المنطقة وأن قوى أخرى تركيا وإسرائيل هما الأقدر على إدارة زمام الأمور فيها.
المركز العربي للدراسات والتوثيق المعلوماتي