تقرير خاص: كيف قابلت إسرائيل قرار الجمعية العامة بشأن قدرتها النووية وانضمامها إلى معاهدة حظر الانتشار النووي؟
مركز الناطور للدراسات والابحاث
القرار الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء الخامس من ديسمبر والذي يدعو إسرائيل إلى فتح منشآتها أمام الرقابة الدولية والانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار النووي قوبل في إسرائيل بالسخرية أكثر مما قوبل بالجدية أو الانفعال.
ولكي تدلل الدوائر الإسرائيلية على تجاهلها لهذه القرارات استخفت بالقرار واعتبرته في خبر كان مثل قرارات أخرى صدرت عن الجمعية العامة من قبل تعترف بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة ثم دعوتها إلى الانسحاب من الأراضي التي سيطرت عليها عام 1967 ووقف الاستيطان.
المستشار السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق الدكتور دوري جولد وصف القرار بأنه عبارة عن كلمات سطرت على ورق وأن مصيرها الحفظ وتراكم الغبار عليها.
في ضوء ذلك ناقش في مقالته الصادرة هذا اليوم بعنوان: “الجمعية العامة منبر خطابي ضد إسرائيل ومجلس الأمن هو المنبر الأهم والداعم لإسرائيل” ثلاثة عوامل حاسمة في تقرير مصير القدرة النووية الإسرائيلية:
أولا: وجود التزام أمريكي صارم بعدم السماح لأية منظمة دولية بما فيها الوكالة الدولية للطاقة النووية في فيينا بمناقشة الملف النووي الإسرائيلي أو مطالبة إسرائيل بإخضاع منشآتها النووية للتفتيش أو الانضمام إلى معاهدة حظر انتشار السلاح النووي.
ثانيا: التزام أمريكي ولأجل غير مسمى باستخدام حق الفيتو ضد أي قرار يمس بأمن إسرائيل أو يضعف من قوتها في نطاق الالتزام الأمريكي بأمن إسرائيل.
ثالثا: التزام أمريكي بضمان التفوق العسكري الإسرائيلي الكاسح نوعا وكما مع ما يتطلبه ذلك من تقديم وسائل القتال الأمريكية المتطورة إلى إسرائيل.
رابعا: أن الولايات المتحدة وفي نطاق هذا الالتزام كانت شريكا في تطوير القدرة النووية الإسرائيلية يلاحظ حديثه عن قدرة وليس عن سلاح هذا في إطار سياسة الغموض المحيطة بالسلاح النووي الإسرائيلي، وفي نطاق هذا الالتزام قدمت الولايات المتحدة ومنذ سبعينات القرن الماضي:
– مئات الأطنان من اليورانيوم الخام.
– مفاعلات نووية في عدة منشآت في ريشون لتسيون ورحوفوت وناحال روبين.
– إمداد إسرائيل بالتقنيات النووية الحديثة وبحوث ومكتبات علمية لتطوير برامجها النووي ووسمه بالطابع الأمريكي بدلا من طابعه الفرنسي الذي تأسس عليه.
من هنا ومن خلال التأكيد على أن الولايات المتحدة تمنح الحصانة للترسانة النووية الإسرائيلية فإن القدرة الإسرائيلية التدميرية الهائلة بفعل مخزونها من الرؤوس النووية 300 رأس نووي تبقي إسرائيل خارج المساءلة وانتهاك القرارات الدولية وعدم الالتزام بها.
الباحث في الشؤون العلمية والحاصل على الدكتوراه في الفيزياء الدكتور وليد عبد الله البكر يؤكد أن جميع التقنيات والمنظومات الأمريكية السياسية والعسكرية والأمنية والعلمية على علم كامل بكل إحداثيات ومعطيات الترسانة النووية الإسرائيلية، ويكشف عن أن باحثين إما في وكالة الاستخبارات المركزية أو في معاهد إستراتيجية بما فيها مؤسسة راند ومعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى عوقبوا وفصلوا لمجرد أنهم تطرقوا إلى حجم ونوع الترسانة النووية وقدرتها التدميرية وتصنيفها بأنها خامس قوة نووية على مستوى العالم.
ويخلص إلى أن هناك قرار أمريكي منذ عهد جونسون بأن تكون القدرة النووية خارج الدول النووية الكبرى حكرا على إسرائيل دون غيرها وأن أية دولة عربية تتبنى برامج نووية حتى ولو كانت سلمية ستقابل بالتدمير والتقويض.
وأورد أمثلة على تطبيقات هذا القرار الأمريكي:
* تدمير المفاعل النووي العراقي أوزيراك عام 1981 ثم اجتياح العراق عام 2003 بحجة حيازة أسلحة دمار شامل.
* تدمير ما زعم أنها منشأة نووية سورية في دير الزور في أيلول 2007
* تهديد بشن هجوم عسكري مدمر ضد المنشآت النووية في إيران.
وانتهى إلى أن إسرائيل هددت علنا على ألسنة كبار المسؤولين فيها باستخدام السلاح النووي:
- جولدا مئير رئيسة الوزراء في عام 1973 عندما أمرت بإخراج القنابل النووية من موقعها في بير يعقوب في النقب لاستخدامها ضد مصر، ثم تراجعت عندما علمت بتحرك سفن حربية روسية حاملة للرؤوس النووية تتجه إلى مصر.
- موشي أرينس وزير الدفاع في عام1991 أثناء حرب الخليج الثانية هدد بضرب العراق بالسلاح النووي إذا ما واصل قصف إسرائيل بصواريخ العباس والحسين.
- أفيجدور ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي الحالي هدد بضرب السد العالي مرتين وهدد بضرب مكة المكرمة بالسلاح النووي.
هذه التهديدات حملت معها دلالات هامة:
الدلالة الأولى: أن هذه التهديدات تعتبر اعترافا وإشهارا وإعلانا بحيازة السلاح النووي.
الدلالة الثانية: أنه ليس من المستبعد استخدام هذا السلاح طالما أن إسرائيل مستثناة من أية إجراءات رقابية دولية وطالما تتمتع بحصانة وحماية أمريكية.
الدلالة الثالثة: أن التهديد النووي الإسرائيلي هو من نوع التهديدات المركبة فهو لا يستهدف الفلسطينيين أو سوريا أو الأردن أو لبنان أو مصر وإنما يستهدف الوطن العربي من الدار البيضاء في المغرب حتى إيران شرقا.
وتحضرنا هنا مقولة شمعون بيريز رئيس الكيان الإسرائيلي ووزير الدفاع عام 1987 حين ردد: العالم العربي من المغرب وحتى إيران أصبح رهينة في أيدينا.
وجاءت هذه المقولة بمثابة تعقيب على إطلاق صاروخ إسرائيلي من نوع أريحا سقط في مياه البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل الليبية.
المركز العربي للدراسات والتوثيق المعلوماتي