تقرير خاص: سيناريو الحرب الوشيكة في مالي
مركز الناطور للدراسات والابحاث
بتحديد مجلس الأمن مهلة 45 يوما لدول غرب إفريقيا بالتحضير للتدخل العسكري في مالي يكون مجلس الأمن قد دشن فعلا الإجراءات والتحضيرات لشن هذه الحرب في مالي.
عندما تنتهي هذه المهلة ستبلغ دول غرب إفريقيا وكذلك دول الميدان الجزائر مالي موريتانيا والنيجر بأنها قد أكملت استعداداتها للقيام بالتدخل ليصدر مجلس الأمن بعدها قرار يتضمن ليس فقط بالتصريح بشن هذه الحرب وإنما تمويلها ودعمها سياسيا.
ليس مما يتسنى تجاهله أن فرنسا كانت المحرك لاتخاذ هذا القرار وطرح مسألة التدخل العسكري على مجلس الأمن ولا تزال تدفع باتجاه التصعيد في مالي هذا رغم أن الولايات المتحدة أعلنت أنها لن تتدخل، رغم أن هذه الأخيرة لها مصالح في التدخل وهي قادرة على التدخل نظرا لتواجدها العسكري وانتشارها الاقتصادي وتمركز قيادة عسكرية أمريكية في إفريقيا هي قيادة أفريكوم.
التصعيد الفرنسي يمكن تبين ملامحه ومشاهده في الإنذار الذي وجهته إلى مختطفي رعايا فرنسيين في الصحراء بضرورة الإفراج عن هؤلاء الرهائن وإلا سيواجهون عواقب وخيمة.
ويستدل من مضمون هذا التحذير والإنذار أن المعركة التي تخطط لها فرنسا قد تتجاوز حدود مالي وأنها قد تمتد إلى النيجر وإلى منطقة الساحل أي المناطق التي تنتشر فيها عناصر من القاعدة أو الموالين لتنظيم القاعدة.
في المقابل أعلنت عدة حركات تسيطر على إقليم أزواد في شمال مالي أنها في حالة استنفار واستعداد لمواجهة أية هجوم بل هددت بأنها ستشعل حريقا في ربوع منطقة الصحراء إذا ما تدخلت فرنسا ومعها حليفاتها من الدول الإفريقية في شمال مالي، بل أنها أنذرت بفتح جبهات عدة في منطقة الصحراء.
وبحسب الخبراء العسكريين فإن العملية العسكرية المتوقعة ستنطلق من عدة دول من بينها موريتانيا والنيجر ونيجيريا والسنغال وستكون على شكل عمليات إنزال جوي لقوات إفريقية خاصة ويستبعد أن تشارك قوات فرنسية خاصة في هذه العمليات، حيث سيكون دور فرنسا مقتصرا على تأمين المستلزمات اللوجيستية طائرات نقل وحوامات وربما طائرات مقاتلة لقصف أهداف في شمال مالي.
أما القوات الإفريقية فلن تقتصر عملياتها على عمليات قصف للمواقع أو عمليات إنزال بل ستنطلق مع قوات الحكومة في باماكو نحو الإقليم لشن هجوم بري لإعادة السيطرة على إقليم أزواد إذ يتعذر إنجاز عملية السيطرة بدون هجوم بري.
ويتوقع أحد الخبراء في الشؤون العسكرية والحروب غير المتناظرة بين جيش نظامي وجماعات مسلحة اللواء المتقاعد عبد الوهاب محمد أن لا تتمكن هذه الجيوش التي ستشارك في عملية التدخل في مالي من حسم المعركة خلال أيام كما يروج الفرنسيون، بل قد تستمر لأيام وربما لأسابيع لكن ستكون لها ارتدادات في دول أخرى مثل النيجر وحتى في نيجيريا وفي موريتانيا.
ويذهب اللواء المتقاعد عبد الوهاب محمد إلى استحضار تجارب مماثلة حصلت في الصومال مع القوات الأمريكية التي دخلت الصومال تحت شعار حملة إعادة الأمل وكذلك الحملات التي شنتها الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق وما يجري في اليمن.
ويؤكد أنه كان بالإمكان احتواء هذه الأزمة في مراحلها الأولى عندما كان النزاع قاصرا على الحكومة وعلى الجبهة الوطنية لتحرير أزواد أي الطوارق وهو نزاع نشأ عن سياسات الحكومة المركزية ضد الطوارق من حيث التهميش والإقصاء وحرمانهم من أبسط الحقوق.
ولقد أثبتت التجارب في السنوات الأخيرة أن الحلول الأمنية قد تكون حلول قصيرة الأمد بينما الحلول الجذرية تكتسب عنصر الديمومة والاستمرارية.
المركز العربي للدراسات والتوثيق المعلوماتي