القدس

القدس في القانون الإسرائيلي في ضوء إعلان ترامب

علاء محاجنة ، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات 29/6/2018

مقدّمة

تستغل إسرائيل، منذ عام 1948، التطورات السياسية لتنفيذ مخططاتها الاستعمارية الإحلالية في مدينة القدس. وقد حققت مرادها جزئيًا عام 1948 وما تلاه من أحداث النكبة، عندما احتلت غربي القدس، وهجّرت سكانها الفلسطينيين من بيوتهم وأراضيهم، وفرضت بقوة السلاح سيطرتها عليها، وقننت لاحقًا هذه السيطرة بتشريع قوانين عنصرية مثل قانون أملاك الغائبين عام 1950. وعلى غرار غربي القدس، تسعى إسرائيل منذ عام 1967 لتنفيذ النموذج نفسه وتهويد شرقي المدينة، وهو مشروع ما زال قيد التشكل بفعل صمود أهالي القدس.

قامت إسرائيل بضم شرقي القدس وأخضعته لولايتها وسيادتها، مباشرة بعد أن احتلته عام 1967. ولم تكن عملية الضم هذه شكلية أو رمزية، بل كانت توطئة لتنفيذ مشاريع هدفها الأساسي تفريغ المدينة من سكانها الفلسطينيين، وتنفيذ المشاريع الاستيطانية لتغيير الميزان الديموغرافي وتغيير طابعها العربي الفلسطيني، لتكون العاصمة “الموحدة والأبدية” للشعب اليهودي.

وبناء عليه، وبعد أن سيطرت إسرائيل عسكريًا على شرقي القدس، قامت بداية بترسيم حدود جديدة للمدينة؛ وذلك بتوسيع حدودها البلدية لتشمل مناطق شاسعة كانت قد صادرتها من القرى الفلسطينية المجاورة. وقد مكنت هذه التوسعة من إحاطة شرقي المدينة بمستوطنات يهودية جديدة، فصلت القدس عن سائر محيطها الجغرافي من جهة، وربطتها من جهة أخرى بشقها الغربي. كما صادرت ما تبقى من أراضٍ داخل الحدود الجديدة للمدينة، وفرضت تضييقات على إمكانات التوسع والتطور العمراني للأحياء الفلسطينية في المدينة من خلال تعريفها مناطق خضراء أو حدائق عامة لا تصلح للتطوير والبناء. وعلى صعيد السكان، تم إعطاء المقدسيين مكانة “الإقامة الدائمة”، وهي مكانة تعطى في العادة للمهاجرين، وتتميز بأنها هشّة المضمون؛ بحيث تمنح “هذه الإقامة” السلطات الإسرائيلية صلاحيات واسعة منها أنه في إمكانها أن تسحبها ما لم تحقق شروطًا عديدة، وهذه الشروط آخذة في الازدياد بوساطة مشاريع قوانين ما زالت قيد التشريع. وفي عام 2003 أقامت إسرائيل جدار الفصل العنصري حول المدينة الذي استثنى خارجه أكثر من 150 ألف مقدسي؛ تمهيدًا لسلخهم الدائم عن مدينتهم بوساطة مخططات أيضًا ما زالت قيد البحث والتشكل.

في هذا الإطار، يأتي قرار البيت الأبيض الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل بمنزلة إقرار بالممارسات الإسرائيلية في المدينة منذ عام 1948 وحتى هذا اليوم، بل شرعنتها. ويعكس التغيير القانوني الذي أقره الكنيست بعيد هذا الاعتراف، والمتمثل بتغيير قانون الأساس: القدس عاصمة إسرائيل، والذي تم تشريعه عام 1980 عن طريق تحصين بنوده بحيث يصبح التنازل عن السيادة الإسرائيلية في أي جزء في حدود المدينة الموحدة في أي اتفاقية مستقبلية في حاجة إلى أغلبية ساحقة (مستحيلة التحقق) – تمامًا جوهر هذا الاعتراف وتبعاته السياسية والميدانية على الأرض.

من هنا، تسعى هذه الدراسة لتناول الأدوات “القانونية” التي تستغلها إسرائيل للسيطرة على القدس ولتغيير طابعها الديموغرافي والجغرافي – المكاني. وذلك من خلال قراءةٍ وتحليل لأهم هذه الأدوات والقوانين، لا سيما بعد قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، الذي يعتبر بمنزلة إقرار بالواقع الذي فرضته إسرائيل على الأرض. ما يميز السياسات الاستعمارية الإسرائيلية تجاه المدينة منذ عام 1948 أن إسرائيل تستغل التطورات السياسية لخلق وقائع على الأرض تخدم مخططاتها الاستعمارية الإحلالية في المدينة، ومن ثم تشرعنها بأدوات قانونية وتكرِّس بوساطتها هذا الواقع.

تنقسم الدراسة إلى ثلاثة محاور أساسية: يتناول المحور الأول تفنيد القانون الإسرائيلي، بصفته إحدى أدوات السيطرة على المدينة، بعد فرض الأمر الواقع منذ احتلال الشق الغربي للمدينة عام 1948. ويغطي المحور الثاني الانعكاسات السياسية لإعلان ترامب، واستغلال إسرائيل هذا الإعلان. أمّا المحور الثالث، فيطرح سؤال الخيارات الفلسطينية المتاحة لمواجهة هذه السياسات، ومن ضمنها إعلان ترامب، ومحاولة خلق أفق بديل للعمل.

أولًا: القانون الإسرائيلي آليةً للسيطرة

تمثل عملية الاستيلاء على الأرض وإفراغ الحيز من سكانه الأصليين محورًا أساسيًا، يقوم عليه المشروع الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي في فلسطين عمومًا، وفي القدس على وجه الخصوص. وقد استخدمت الحركة الصهيونية وإسرائيل فيما بعد وسائل مختلفة لتحقيق هذه الغاية، ونجحت في ذلك بقدر لا يستهان به. وفي هذا السياق، يمكن اعتبار المنظومة القانونية من أهم الوسائل التي اعتمدتها إسرائيل لإضفاء الشرعية على الواقع الذي فرضته بالقوة وتكريسه لخدمة أهدافها هذه. فالأداة القانونية عززتها بنية قضائية صهيونية الجوهر، حتى حين تستخدم خطابًا قانونيًا ليبراليًا. وهي في جوهرها موائمة لهذا التوجه، وتشكل منظومة عمل/ شراكات ومصالح مساندة تخدم هذا التوجه اليميني الذي يقوم على هدف أساسي معلن هو تعزيز الاستيطان والسيطرة على المدينة، وإفراغها من سكانها الأصليين والشرعيين. وسنستعرض هنا تطور هذه البنية، وما لحقها من أطر مساندة لتنفيذ هذا المخطط، ضمن المحور الآتي.

1. تغييرات في بنية النظام القضائي

عند الحديث عن بنية النظام القضائي الحالي في إسرائيل، لا يمكن تجاهل التحول الذي حدث في هذا النظام وما زال في أوجه، ويتمثل في سيطرة اليمين الديني على النظام القانوني والقضائي الإسرائيلي، وذلك قبل الدخول في مراجعة القوانين. إذ نشهد هيمنة اليمين الإسرائيلي الجديد على معاقل كانت تُعدّ تاريخيًا معاقل لليسار الصهيوني الليبرالي. فعلى سبيل المثال، تقف اليوم على رأس وزارة القضاء الإسرائيلية الوزيرة إيليت شاكيد، وهي وزيرة تنتمي إلى حزب البيت اليهودي؛ وهو حزب يميني ديني استيطاني يدعو علنًا إلى ضم مناطق “ج” التي تمثّل أكثر من 62 في المئة من أراضي الضفة الغربية إلى إسرائيل مع إبقاء حكم ذاتي محدود (وليس دولة) في باقي المناطق المُعرَّفة وفق اتفاقيات أوسلو مناطق “أ” و”ب”. ومن دون ادعاء وجود فروق بين اليمين واليسار الصهيونيين في عملية تعزيز الاستيطان، فإن سنَّ قانون مصادرة الأراضي الخاصة الذي يعرف بـ “قانون التسوية” مؤخرًا، والذي يشرعن سرقة الأراضي الفلسطينية الخاصة (تلك التي نجت من المصادرات الإسرائيلية وفق القوانين الأخرى)، هو نتاج مباشر لسيطرة اليمين الإسرائيلي على الجهاز القانوني في إسرائيل. كما تم تعيين أفيحاي مندلبليت مستشارًا قضائيًا للحكومة، وهو مثل الوزيرة شاكيد ينتمي أيديولوجيًا إلى اليمين الديني الاستيطاني، وقد واجه تعيينه انتقادات حتى داخل المعسكر الصهيوني ذاته. علاوة على ذلك، تم في السنوات الخمس الأخيرة تعيين قضاة مستوطنين في المحكمة العليا، إضافة إلى عشرات القضاة الآخرين الذين تم تعيينهم عن طريق شاكيد في محاكم الصلح والمركزية، خاصة في مدينة القدس. ونخص بالذكر تعيين حايا زندبيرغ قاضية في المحكمة المركزية في القدس بتاريخ 22 شباط/ فبراير 2018، وهي التي شغلت سابقًا منصب رئيسة لجنة “شرعنة البؤر الاستيطانية غير القانونية” لتنظر في التماسات الفلسطينيين المتعلقة بالأراضي في الضفة الغربية؛ وذلك بعد استكمال التعديل الذي بادرت إليه شاكيد، وينص على نقل صلاحية النظر في هذه القضايا من المحكمة العليا إلى المحكمة المركزية في القدس[1]. وفق هذا التعديل الذي تم إقراره في اللجنة الوزارية للتشريع خلال شهر شباط/ فبراير 2018، يتم النظر في التماسات الفلسطينيين المتعلقة بقضايا الأراضي في مناطق الضفة الغربية أمام المحكمة المركزية، عوضًا عن المحكمة العليا. وإن بدا التغيير إجرائيًا متعلقًا بالنظم القضائية الداخلية، فإنه يحمل أبعادًا سياسية أبعد من تلك التي يراد تحقيقها من خلاله. إن أهم هذه الأبعاد هو إخضاع القضايا المتعلقة بالمناطق المحتلة داخل الضفة الغربية للولاية الإسرائيلية المباشرة، من خلال إجبار الفلسطينيين على التقاضي أمام المحاكم المدنية الإسرائيلية، تمامًا كما يحدث داخل حدود الأراضي المحتلة عام 1948. فقد جرت العادة أن تنظر المحكمة العليا الإسرائيلية، بصفتها “محكمة عدل عليا”، في الالتماسات التي يقدمها فلسطينيو الضفة الغربية، وذلك من خلال صلاحيتها العامة التي تخولها النظر في أي قضية تتعلق بالنشاط الحكومي أينما كان ونقضه. فالنظر في مثل هذه القضايا جاء من باب صلاحية المحكمة نقض النشاط الحكومي، والحديث هنا في هذه الحالة عن الجيش – وزارة الدفاع، وليس لوجود صلاحية مباشرة للنظام القضائي الإسرائيلي على الأراضي في الضفة الغربية أو حتى على الفلسطينيين هناك. إن التغيير الذي تسعى له شاكيد، من خلال التعديل، سيعطي المحكمة المركزية في القدس صلاحية مباشرة للنظر في الالتماسات التي يقدمها فلسطينيون، والتي تتعلق بالأراضي في مناطق “ج”، وبهذا يمكن اعتباره إخضاع الضفة الغربية مباشرة للولاية الإسرائيلية بما يحمله من معاني ضم واضحة لهذه المناطق؛ الأمر الذي يتلاءم تمامًا مع برنامج الأحزاب اليمينية الحاكمة. طبعًا، فضلًا عن أن التعديل سيسهل أكثر على المستوطنين تعزيز قبضتهم في الضفة الغربية؛ وذلك عبر تمكينهم من تقديم القضايا أمام المحكمة المركزية، من خلال هيئة قضائية وُضعت بالأساس لتخدم سياسة التهويد وتوسيع الاستيطان. فالحديث، إذًا، ليس عن أجواء هيمنة يمينية دينية فقط، وإنما التوصيف الأفضل لهذا التحول هو تغلغل وانخراط مباشران لليمين الاستيطاني في مراكز اتخاذ قرارات ومراكز قوى لها تأثير مباشر في المشروع الإسرائيلي لتهويد القدس.

2. البنية القانونية المعتمدة في سياسات التهجير والتهويد

هذه التغييرات في الجهاز القضائي الإسرائيلي تخدمها منظومة قانونية سابقة، ضمنت وحققت عملية التهجير والتهويد لمدينة القدس منذ احتلالها. ولعل من أبرز الأمثلة على هذه القوانين ذاك المتمثل بقانون أملاك الغائبين لسنة 1950[2]، الذي يعرّف من هجر أو نزح أو ترك حدود دولة إسرائيل حتى تشرين الثاني/ نوفمبر 1947 بأنه “غائب”؛ وبفعل ذلك تعتبر كل أملاكه (من عقارات، وأراض، وحسابات بنوك، وغيرها) بمنزلة “أملاك غائبين”، تنقل ملكيتها إلى دولة إسرائيل، وتديرها الدولة عن طريق “وصي أملاك الغائبين”. يعتبر هذا القانون من الأدوات الأساسية التي مكنت إسرائيل من شرعنة سيطرتها الفعلية على أملاك اللاجئين الفلسطينيين، ومن ضمنها أيضًا أملاك الأوقاف الإسلامية، والتي مكنتها لاحقًا من تحويل الحيازة والملكية على هذه الأملاك لخدمة الوافدين الجدد من اليهود. بفعل هذا القانون، إلى جانب منظومة قوانين أخرى مشابهة، فرضت إسرائيل سيطرة وهوية يهوديتين على الشق الغربي من القدس، ونجحت في تنفيذ عملية تهويد مكتملة المعالم. على غرار ذلك، ومنذ احتلالها شرقي القدس عام 1967، تثابر إسرائيل فيمحاولتها تهويد القسم الشرقي للمدينة. فكانت أولى خطواتها، بعد إحراز سيطرتها العسكرية على شرقي القدس، إحالة الولاية والسيادة الإسرائيلية عليها عام 1967؛ ما مكّنها من استخدام أدوات قانونية بهدف شرعنة السيطرة الفعلية تمهيدًا لتهويد هذا القسم من المدينة أيضًا في محاولة لتحقيق مشروعها “العاصمة الأبدية والموحدة”[3]. في هذا الإطار أيضًا، جاء بتاريخ 28 حزيران/ يونيو 1967 قرار توسيع حدود شرقي المدينة، بحيث تمت إضافة زهاء 64 كم2 إلى حدودها التاريخية، والتي كانت مساحتها 6.4 كم2 فقط، وهي أولى هذه الخطوات القانونية التي اتخذتها إسرائيل[4]. ولم تأت هذه الخطوة من منطلقات تخطيطية مهنية، وإنما باعتبارها جزءًا من مخطط هدفه إقامة سلسلة من المستوطنات اليهودية، لإحاطة الأحياء والتجمعات الفلسطينية في شرقي القدس فتقطع تواصلها الجغرافي والسياسي مع سائر مناطق الضفة الغربية من جهة، وتخلق تواصلًا ونقاط تماس مع الشق الغربي للمدينة بهدف تحقيق مشروع “القدس الموحدة”، من جهة أخرى. ولم تقف إسرائيل عند ذلك الحد، بل صادرت أكثر من 35 في المئة من الأراضي داخل حدود شرقي القدس مستخدمة قوانين مصادرة عديدة، من أهمها قانون المصادرات لعام 1945؛ وهو من بقايا الانتداب البريطاني، وقد أبقت إسرائيل عليه لاستخدامه، واستعملت الأراضي المصادَرة بموجبه لخدمة مشاريعها الاستيطانية.

3. خصخصة الاستيطان داخل الأحياء الفلسطينية في القدس (منظومة الشراكات والمصالح)

ترعى الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة مباشرة مشروع الاستيطان في الشق الشرقي للمدينة داخل الحارات والبلدات اليهودية التي أقيمت بعد عام 1967، تخطط وتنفذ إقامة مستوطنات جديدة وتوسّع أخرى قائمة. وظهرت في العقدين الماضيين أطراف أخرى فاعلة غير حكومية لا يقل دورها أهمية عن دور الحكومة ونشاطها في تنفيذ مشاريع الاستيطان في القدس، في تواطؤ واضح ومنسق مع الحكومة، ونخص بالذكر منها:

أ- الجمعيات اليمينية الاستيطانية

ترعى هذه الجمعيات عملية تعزيز الوجود اليهودي داخل أحياء وبلدات وحارات فلسطينية في شرقي القدس مثل سلوان، والشيخ جراح، وراس العمود، وغيرها. وعلى رأس هذه الجمعيات نخص بالذكر جمعية “إلعاد” وهي الحروف الأولى لـ “إلى مدينة داوود” باللغة العبرية، وجمعية “عطيرت كوهنيم”. والحديث هنا عن جمعيات مسجلة إسرائيليًا وفي جوهرها هي خاصة بمعنى إنها غير حكومية ويقف وراءها ممولون يهود أثرياء. تنتمي هذه الجمعيات أيديولوجيًا إلى تيارات صهيونية دينية متطرفة، هدفها المعلن هو تعزيز الوجود اليهودي في شرقي القدس داخل الحارات والأحياء الفلسطينية، لا سيما في منطقة “الحوض المقدس” وفق التسمية الإسرائيلية، وهي المنطقة الواقعة في محيط البلدة القديمة وتضم بلدة سلوان وحي الشيخ جراح وراس العمود وجبل الزيتون، التي لها قدسية خاصة وفق الرواية التوراتية. والمقصود هو تعزيز الوجود اليهودي على حساب الفلسطينيين، بحيث تتم السيطرة على بيوتهم وتوطين يهود متطرفين فيها. وتنفذ هذه الجمعيات مشروعها هذا، من خلال آليات عديدة تتضمن تارة عمليات تزوير بيع عقارات، وتارة أخرىعمليات شراء عقارات ملفقة ومشكوك في مدى صدقيتها، مستغلة الظروف المعيشية والاجتماعية الصعبة للفلسطينيين في ظل الاحتلال تحت وطأة التهديد بالتهجير .

ب. المكاتب الحكومية والشراكات التي تعقدها مع الجمعيات اليمينية

في السنوات الأخيرة ومع تصاعد قوة اليمين الاستيطاني وهيمنته على الساحة السياسية الإسرائيلية وسيطرته على مراكز القوة واتخاذ القرار، بدأت تنشأ شراكات وعلاقات عمل وطيدة بين المكاتب الحكومية وهذه الجمعيات. وفي السنوات الأخيرة الفائتة، أصبحت هذه الشراكات علنية، وصلت إلى مستوى تقديم هذه الجمعيات تمويلًا سخيًا ومستمرًا لعمل بعض المكاتب الحكومية، في مقابل إعطائها السيطرة وإدارة بعض المشاريع التي ترغب في تنفيذها داخل الأحياء الفلسطينية. في هذا الصدد وبهدف تعزيز الاستيطان اليهودي داخل الأحياء الفلسطينية، نذكر تعاون هذه الجمعيات مع مكتب “القيم العام” و”حارس أملاك الغائبين” وأيضًا “سلطة الآثار” و”سلطة إدارة الطبيعة والحدائق”؛ وجميعها لها مكانتها ووظائفها الخاصة داخل المدينة. حتى إن بعض هذه الشراكات تم تأكيد “قانونيتها” بقرارات صادرة عن المحكمة الإسرائيلية العليا من خلال التماسات تقدمت بها جمعيات حقوقية إسرائيلية طعنت في قانونيتها. إضافة إلى ذلك، وعلى نحو لا يقل أهمية، تعمل هذه الجمعيات جنبًا إلى جنب مع بلدية القدس (خاصة في ظل إدارة نير بركات وهو رئيس بلدية القدس منذ عام 2008)، وهي تتمتع بنفوذ غير محدود داخل لجان البلدية المختلفة لا سيما لجنة التخطيط والبناء المحلية فيالقدس، وهي المسؤولة عن التصديق على المشاريع الاستيطانية من جهة، وإصدار أوامر الهدم بحجة البناء غير المرخص ضد البناء الفلسطيني من جهة أخرى. ونقصد بالحديث هنا وجود علاقة تنسيق بين هذه الجمعيات والمكاتب الحكومية والبلدية على أعلى المستويات، وإعطاءها التسهيلات المباشرة وغير المباشرة لتنفيذ مشروعاتها. وقد اشتمل بعض هذه التسهيلات على تنازل سلطة الآثار عن إدارة المعلم الأثري الواقع في البلدة القديمة الذي تطلق عليه إسرائيل اسم “بلدة داوود” لصالح جمعية “إلعاد”، من دون عطاء. وقد قدمت هذه القضية للتداول أمام المحكمة العليا الإسرائيلية؛ لعدم قانونية هذا التنازل. وصدر قرار صدق على هذا التنازل وأقره[5].

4. السيطرة على الحيز وتغيير طبيعته وهويته

يمكن تقسيم المشاريع الاستيطانية في شرقي القدس إلى قسمين: يتجلى القسم الأول في المشاريع الاستيطانية التي تنفذ في الحارات والبلداتاليهودية، والتي أقيمت منذ عام 1967، وتم التخطيط لها بهدف إحاطة شرقي المدينة والحد من التوسع نحو الشمال والجنوب لمنع التواصل الجغرافي مع باقي المناطق الفلسطينية شمالي القدس وجنوبها، وهي طبعًا مستوطنات أقيمت على أراضٍ فلسطينية مُصادرة، وعلى أنقاض قرى تم تهجير أهلها وتدميرها؛ نقصد مستوطنات مثل “جفعات زئيف”، و”بسجات زئيف”، و”النبي يعقوب”، و”رمات شلومو” و”هار حوتسبيم” شمالًا، و”غيلو” و”هار حوما”، وغيرها جنوبًا. أما القسم الثاني، فهو المستوطنات داخل أحياء وحارات وبلدات عربية في القدس، بدأت تتوسع على نحو ملحوظ ونشط، منذ تسعينيات القرن العشرين. والحديث هنا عن استيلاء وسيطرة لأفراد وجمعيات يهودية على أراض وعقارات فلسطينية، وتوطين اليهود داخلها بعد تهجير أصحابها منها بفعل قرارات المحاكم الإسرائيلية، مثلما حدث مؤخرًا مع عائلة شماسنة في الشيخ جراح والمئات غيرهم[6]، والتي شرحنا آلية عملها في البند السابق.

يمكن تناول بلدة سلوان مثالًا، بهدف التوضيح؛ فمنذ سنوات، وضعت الجمعيات الاستيطانية اليمينية الفاعلة في القدس وفي مقدمتها “عطيرت كوهنيم” و”إلعاد” اسم سلوان في أعلى سلم أولوياتها، بغية تهويدها لتسهيل صياغة الرواية اليهودية وبنائها لإثبات أحقيتها في القدس. عملت هذه الجمعيات على نحو منظم ومنهجي على السيطرة والاستيلاء على عقارات داخل سلوان، لا سيما في حي وادي حلوة حيث تسيطر جمعية “إلعاد” اليوم على على نحو 50 دونمًا من مجمل مساحة حي وادي حلوة، البالغة نحوَ 200 دونم، أي ما يقارب 25 في المئة من مساحة الحي، وهي تسيطر فعليا على 50 بناءً داخل الحي، يستعمل أغلبها بيوتًا لمستوطنين يبلغ عددهم اليوم نحو 400 مستوطن. وقد استولت الجمعيةُ على كل هذا بطرق عديدة مثل الشراء غير القانوني، وتزوير المستندات، أو عن طريق شراء حصص من حارس أملاك الغائبين، والقيم العام الذي سيطر عليها بفعل قانون أملاك الغائبين[7].

إضافة إلى ذلك، لم تكتف هذه الجمعيات بهذه الطرق، بل قامت “عطيرت كوهنيم” مؤخرًا باتباع وسيلة جديدة متمثلة بالمطالبة بملكيتها على الوقف والأملاك التي كانت وفق الادعاء تعود لليهود قبل عام 1948، مثل “الحي اليمني” الذي سكنه اليهود قبل عام 1948، وهو يقع في بلدة سلوان وفق هذه الرواية[8]. في هذه الأيام يتم تداول قضايا مهمة متعلقة بادعاء جمعية “عطيرت كوهنيم” ملكيتها لحي كامل داخل سلوان، وهو حي بطن الهوى الذي يسكنه أكثر من 700 مقدسي ويمتد على مساحة 5 دونمات تقريبًا. وتزعم الجمعية أن بحوزتها ملكية وقفية على الأرض تعود لعام 1896 أيام الحكم العثماني، حيث تم إنشاؤها في المحكمة الشرعية في القدس. وفي عام 2001، وفي محاولتها السيطرة على الأرض، طلبت من المحكمة تعيين ممثلين من “عطيرت كوهنيم” ليكونوا قيمين على هذا الوقف. وقد استجابت المحكمة لهذا الطلب؛ ما مكنهم فعليًا بعد ذلك من مطالبة القيم العام بتحرير الأرض في حي بطن الهوى لإدارة الوقف، على اعتبار أن أراضي الحي هي جزء من الوقفية، وهو ما تم عام 2015. إن قرار المحكمة الصادر عام 2001، وتحرير الأرض بعدها عام 2015 لصالح الوقف الذي أصبح تحت إدارة “عطيرت كوهنيم” المباشرة، مهّدا الطريق أمامها لتقديم العشرات من دعاوى الإخلاء ضد سكان الحي بدعوى أنهم “غزاه للأرض” ولا يملكون حقوق ملكية فيها لأنها تعود لليهود وفق شهادة التحرير التي حصلوا عليها[9]. وفعلًا تم قبول بعض هذه القضايا، وتم إخلاء بعض العائلات من بيوتها، وبدأت الجمعية توطن اليهود داخل العقارات التي تم إخلاؤها بفعل قرارات من المحاكم المختلفة. سيؤدي تنفيذ مشروع إخلاء حي بطن الهوى بالضرورة إلى طردٍ وتهجيرٍ لما يزيد على 700 مقدسي من بيوتهم، وقد تم كل هذا بغطاء قانوني من وزارة القضاء الإسرائيلية ممثلة بالقيم العام للأملاك، وبفعل قرارات المحاكم الإسرائيلية المختلفة التي تتجاهل عن قصد حقيقة هذه الدعاوى وجوهرها وتتعامل معها بطريقة منحازة. وبالتوازي، تعمل الجمعية على المبادرة إلى تقديم مخططات بناء على هذه الأراضي أمام لجنة التخطيط والبناء المحلية في القدس، لتعزيز الوجود اليهودي هناك.

وفي سلوان، هناك أيضًا حي البستان الذي يمتد على مساحة تصل نحو 45 دونمًا، ويسكنه مئات الفلسطينيين. ومنذ عام 2005، يواجه سكان الحي، خاصة أكثر من 88 بيتًا، شبح الهدم؛ وذلك بسبب تصنيف الأرض في حي البستان عن طريق بلدية القدس على أنها أراض مُعدَّة لأن تكون “حديقة وطنية عامة”، وهو الأمر الذي يمنع إعطاء تراخيص بناء لهذه البيوت؛ ما أدى إلى هدمها بالضرورة في نهاية الأمر. وفي عام 2010، أصبح شبح الهدم أكثر تطبيقًا؛ بحيث قامت بلدية القدس عن طريق لجنة التخطيط والبناء المحلية بالتصديق على مخطط رقم 1800 وهو المعروف باسم “بستان/ حديقة الملك”، ومؤخرًا تم التصديق عليه عن طريق وزارة الداخلية، بعد تقديم الاعتراضات عليه ورفضها. ويهدف هذا المخطط على نحو معلن إلى تحويل حي البستان، بعد إخلائه وهدم البيوت الموجودة فيه، حديقة عامة.[10]

إن مشاريع الحفريات الاستيطانية في سلوان لا تقل خطورة عن مشاريع توطين اليهود في الحارات الفلسطينية في البيوت التي تم الاستيلاء عليها. وفق المعلومات المتوافرة اليوم، تدير “إلعاد” أعمال حفريات استيطانية في أربعة مواقع مختلفة داخل سلوان، من ضمنها موقف “جفعاتي” الذي يقع في رأس حي وادي حلوة في أقرب نقطة إلى أسوار البلدة القديمة من الجنوب؛ فقد نفذت هناك سلطة الحفريات بتمويل من “إلعاد” حفريات كانت مقدمة لإقامة مركز كبير مؤلف من سبعة طوابق معدّ ليكون أكبر مركز سياحي في القدس، ويشتمل على متحف للتوراة، وعلى مركز تسوق بمساحة تزيد على 15 ألف متر2، وتم التصديق النهائي على هذا المخطط عام 2016، وأطلق عليه اسم مركز “كيديم”[11].

أما خارج هذه الأحياء، فيحيط بالقدس الشرقية أكثر من 12 مستوطنة يسكنها أكثر من 200 ألف مستوطن، قطعت تواصلها الجغرافي فيما بينها، وفصلتها فعليًا عن الضفة الغربية، وربطتها بالشق الغربي للمدينة من خلال نقاط تماس وبنية تحتية متفرعة تشمل شوارع التفافية وشوارع سريعة وسككًا حديدية. وهي مشاريع آخذة في التوسع يوميًا، كما يظهر من نشر العطاءات والتصديق على مستوطنات جديدة وتوسيع المستوطنات القائمة.

منذ بداية ولاية ترامب، تصاعدت وتيرة الاستيطان في القدس؛ إذ تم التصديق منذ 2017 على بناء 3 آلاف وحدة استيطانية بالقرب من مستوطنة غيلو (جنوب القدس)، وبناء 1600 وحدة استيطانية بالقرب من بيت صفافا، وبناء 176 وحدة استيطانية في جبل المكبر.

وفي مجال التخطيط، قامت إسرائيل بعد عام 1967 بوقف جميع المخططات الهيكلية الخاصة بالأحياء الفلسطينية ولم تقم بتطوير بديل منها، بل على العكس، فقد استعملت التخطيط أداةً طيعة لتحقيق غاياتها الاستيطانية الرامية إلى خنق الأحياء العربية ومنع تطورها؛ فقامت بتصنيف ما لا يقل عن 24 في المئة من أراضي شرقي القدس، أراضي خضراء وحدائق عامة لمنع البناء عليها. علاوة على ذلك، تم تعريف نحو 13 في المئة فقط من مساحة القدس الشرقية مناطق صالحة للبناء والتطوير[12]. البناء في هذه المناطق المحدودة ليس بالأمر السهل مطلقًا، علمًا أن إسرائيل فرضت قيودًا أخرى مستحيلة أغلب الأحيان على إمكانية استصدار تراخيص بناء حتى في هذه الأجزاء؛ ما يعني “عدم قانونية” هذه الأبنية، ومن ثمّ تعريضها لخطر الهدم.

5. تغيير الميزان الديموغرافي داخل المدينة

بالتوازي مع السعي للسيطرة على الحيز وتعزيز الاستيطان في شرقي القدس، تعكف إسرائيل على إيجاد حل لمعضلة أخرى حارقة هي الديموغرافيا. فمنذ عام 1967، تتعامل إسرائيل مع الفلسطينيين في شرقي القدس على أنهم معضلة جدية تقف في طريق تحقيق مشروعها في المدينة. وقد انعكست هذه النظرة على تعامل إسرائيل مع سكان البلد الأصليين؛ فأعطتهم مكانة “الإقامة الدائمة” وفق قانون “تنظيم دخول الغرباء” لسنة 1952، وهو الأمر الذي عكس تمامًا حقيقة تعامل إسرائيل مع المقدسيين ونظرتها إليهم. وفي الوقت الذي تضمن هذه المكانة بعض الحقوق المدنية مثل الحق في التنقل والدخول في سوق العمل وبعض الامتيازات الأخرى كالتأمين الصحي والضمان الاجتماعي، فإنها ما زالت منقوصة جدًا عند مقارنتها بالمواطنة التي تمنحها إسرائيل لكل “يهودي”، أو من له صلة باليهودية، وإن لم تربطه بهذه الأرض أي صلة فعلية تذكر من قبل. علاوة على ذلك، فمكانة الإقامة الدائمة هشة تمامًا، ويسهل مصادرتها من المقدسيين بتحقق عدة معايير ينص عليها القانون؛ وهو ما يعني التهجير الفوري من المدينة. ومن أخطر هذه المعايير هو “مركز الحياة” الذي يوجب على المقدسي في أي وقت تراه إسرائيل أن يقوم بإثبات أن مركز حياته هو القدس أو أي مدينة أو بلدة أخرى داخل إسرائيل. باستخدام هذا الشرط، نجحت إسرائيل طبعًا في مصادرة الإقامة من آلاف المقدسيين، لسكنهم في مناطق قريبة في الضفة الغربية أو بسبب وجودهم خارج فلسطين لأغراض مختلفة مثل التعليم والعلاج، وغيرهما، إضافة إلى أن حصول المقدسي على إقامة دائمة أو مواطنة في أي بلد آخر يمثّل ذريعة مباشرة لمصادرة إقامته، علمًا أنه يسمح لليهود بامتلاك جنسيتين أو أكثر من دون أن يؤثر ذلك في مكانتهم. ووفق بعض التقارير قامت إسرائيل بسحب مكانة الإقامة الدائمة لما لا يقل عن 16 ألف مقدسي منذ عام 1967؛ الأمر الذي يعني بالضرورة تهجيرًا مباشرًا لضعف هذا العدد أو أكثر من المدينة[13]. ويقوم الكنيست حاليًا بإيعاز من المحكمة العليا الإسرائيلية بتعديل القانون ليشتمل على صلاحية أخرى جديدة تعطى لوزير الداخلية، وتمكنه من مصادرة الإقامة الدائمة من المقدسيين، إذا قرر وجود “إخلال بالولاء” للدولة ونظامها ومعايير أخرى تعنى بالنشاط السياسي. كما بنت إسرائيل عام 2003 جدار الفصل العنصري حول مدينة القدس، ووضعته بطريقة استثنت تجمعات وأحياء فلسطينية كاملة يسكنها وفق التقديرات ما يقارب 150 ألف مقدسي، وهي أحياء ضمن حدود القدس التي عرفتها إسرائيل عام 1967، ليتم قطع تواصلهم المباشر مع مدينتهم، وأصبح دخولهم وخروجهم منها عن طريق حواجز عسكرية تُعدّ مشكلة في حد ذاتها. على الرغم من أن إسرائيل أبقت على الإقامة الدائمة لسكان هذه الأحياء ولم تصادرها إلى الآن، وبناء على قراءةٍ ومتابعةٍ لأقوال الحكومة ومخططاتها فإن سحب الإقامات وتهجير سكان هذه الأحياء عن مدينتهم هما مسألة وقت فقط، ولا أستبعد أن تقوم إسرائيل كعادتها باستغلال ظرف سياسي أو أمني لتنفيذ مخططها هذا؛ ما سيؤدي إلى تهجير أكثر من ثلث سكان المدينة الفلسطينيين[14].

ثانيًا: انعكاسات إعلان ترامب على الواقع في المدينة

إثر إعلان ترامب[1]، سارعت إسرائيل إلى تعديل “قانون أساس: القدس عاصمة إسرائيل” الذي أعلنته عام 1980، والذي حدد أن القدس بقسميها الغربي والشرقي هي العاصمة (الموحدة) لدولة إسرائيل، وذلك كونها مقر السلطات الثلاث: التشريعية (الكنيست)، والتنفيذية (الحكومة)، والمحكمة العليا، إضافة إلى رئيس الدولة. ويتعارض هذا القانون مع نصوص القانون الدولي، ومع قرارات مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة المختلفة والمتعلقة بمكانة القدس بعد احتلالها وضمها عام 1967. وفي حينه، اعترضت غالبية الدول، ومن ضمنها الولايات المتحدة الأميركية على القانون ولم تعترف بما جاء فيه. في حقيقة الأمر، إن قانون سنة 1980 لم يغير شيئًا من الأمر الواقع الذي فرضته إسرائيل منذ عام 1967، حينما ضمت شرقي القدس على نحو فعلي وقانوني، وجاء تشريعه إعلانًا أرادت إسرائيل من خلاله تكريس ما بدأته عام 1948. وفي تعديل القانون بتاريخ 7 كانون الثاني/ يناير 2018[2]، أي بعد إعلان ترامب بفترة وجيزة، جاء في البند (6) أنه “لا يسمح بالتنازل أو تحويل أي صلاحيات مؤقتة كانت أم دائمة لأي جهة أو سلطة ’أجنبية‘ وذلك ضمن حدود المدينة المعدلة من عام 1967”. وجاء في البند (7) للتعديل أنه لا يمكن تغيير البند (6) المذكور بخصوص التنازل وتحويل الصلاحيات لسلطة “أجنبية” في حدود المدينة إلا بأغلبية 80 عضو كنيست (من أصل 120 عضوًا). وبناء عليه، فقد أصبح التنازل عن أي جزء من القدس ضمن أي اتفاقية مستقبلية مع الفلسطينيين منوطًا بالحصول على أغلبية 80 عضو كنيست؛ وهو أمر شبه مستحيل، لا سيما في ظل الخريطة السياسية الإسرائيلية الحالية وهيمنة اليمين عليها على نحو قاطع منذ أكثر من عقدين[3]. بهذا المعنى يمثّل قرار ترامب تعزيزًا ودعمًا لموقف الأحزاب اليمينية والمتطرفة التي تعترض أساسًا على مبدأ “تقسيم القدس”، وهي تذهب إلى أبعد من ذلك؛ بحيث ترفض إقامة دولة فلسطينية وفق مبدأ حل الدولتين وتدعو علانية إلى ضم مناطق “ج”، التي تمثّل أكثر من 62 في المئة من أراضي الضفة الغربية، إلى السيادة الإسرائيلية. في هذا الصدد، نذكر أن مجلس أعضاء حزب الليكود، وهو الحزب الحاكم في إسرائيل منذ سنوات عديدة برئاسة نتنياهو، أقر قبل أشهر معدودة في مؤتمره الأخير ضم المستوطنات في الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية من جانب واحد. وهكذا، وفي ظل أي مفاوضات مستقبلية، وما دام لم يحدث تغيير جذري في تركيبة الحكومة الإسرائيلية، وهو أمر غير مرجح، إذ لم تعد القدس قضية قابلة للتفاوض الأمر الذي يتطابق مع تصريح ترامب لصحيفة يسرائيل هايوم اليمينية، أن قضية القدس لم تعد موجودة على طاولة المفاوضات[4]. بطبيعة الحال وإن كان هذا يعكس واقع الحال على الأرض منذ عام 1967، فإن هذا الأمر يعتبر تغييرًا جذريًا عما كان عليه الوضع قبل الإعلان، ومنذ توقيع اتفاقية أوسلو حينما تم تعريف القدس بأنها إحدى قضايا الحل النهائي للاتفاق بين الطرفين. وبخلاف الإعلان الفلسطيني الرسمي أن قرار ترامب “لن يغير شيئًا”[5] كما شدد الرئيس الفلسطيني مرارًا في تعقيبه على إعلان ترامب، فيصعب تخيل وضعية معقولة في ظل التركيبة السياسية للمجتمع الإسرائيلي تمكن من الحصول على أغلبية 80 عضو كنيست للتنازل عن شرقي القدس، هذا إذا نجح الطرفان في التوصل إلى اتفاق. وعلينا ألّا ننسى أيضًا ظهور تداعيات لإعلان ترامب على المستوى الدولي، تتمثل بإمكانية انضمام دول أخرى إلى الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل بفعل الضغوطات الإسرائيلية التي ستمارسها على المجتمع الدولي، وهي أفضل من يستغل التطورات السياسية لتحقيق مصالحها. كما سيكون له تداعيات داخلية على موقف الأحزاب “غير اليمينية” داخل إسرائيل، التي انحرفت أكثر نحو اليمين في السنوات الأخيرة، وهي في تقديري لن تتجرأ على التنازل أو حتى التفكير في ذلك؛ بسبب الإنجاز الذي حققته السياسة الإسرائيلية والمتمثل بإعلان ترامب[6].

وبسبب موقع القدس ورمزيتها لدى الجانب الفلسطيني، التي كانت السبب الأساسي لفشل قمة كامب ديفيد عام 2000 وما تلاها من مفاوضات بين الجانبين، يمكن القول إن القدس ستكون سببًا لإفشال أي محاولة للوصول إلى اتفاق بأي صيغة كانت، وما دام موقف الجانب الفلسطيني هو عدم التنازل عن القدس عاصمةً للدولة الفلسطينية كما ظهر ذلك من الموقف تجاه “صفقة القرن” واقتراح أبو ديس عاصمة بديلة، إلا إذا كان هدفها الوصول إلى اتفاقيات مرحلية “مؤقتة”؛ وهو غير مرجح نظرًا إلى الموقف الفلسطيني الواضح والرافض بهذا الشأن.

صحيح أن إعلان ترامب يأتي بمنزلة إقرار واعتراف بالواقع الذي خلقته إسرائيل في القدس منذ عام 1967، وحتى قبل ذلك، وفي خضم محاولة لإضفاء الشرعية على هذا الواقع، إلا أنه حتمًا يمثّل تجسيدًا لأحلك ظروف تمر بها المدينة منذ عامي 1948 و1967. ويعود هذا لعدة أسباب:

خلقت إسرائيل في القدس واقعًا يصعب تفكيكه أو إرجاعه إلى الوراء. وقد تناولناه في القسم الأول من الورقة ويتعلق بالواقع الديموغرافي والمكاني للمدينة، وتغلغل الاستيطان داخلها ضمن مشروع تهويد مبرمج.

تنفذ إسرائيل مخططها هذا في ظل غياب وجود فلسطيني رسمي داخل القدس؛ ما ينعكس مباشرة على احتمالات مواجهة هذه المخططات، وترك المقدسيين يواجهون مصيرهم تحت وطأة الاحتلال. أضف إلى ذلك غياب إستراتيجية فلسطينية موحدة لمواجهة المخطط الصهيوني لمدينة القدس أو في أي مكان آخر.

التغييرات السياسية على المستوى الإقليمي – العربي المتعلقة بسعي بعض الدول العربية ولهفتها الشديدة وراء التطبيع والتقرب من إسرائيل، بحجة مواجهة إيران في المنطقة، واصطفافها إلى جانب إسرائيل في المحور المعادي لإيران[7].

إن القضية الفلسطينية، وموضوع القدس كما يظهر من معالم “صفقة القرن” وإعلان ترامب بخصوص القدس، نتيجة مباشرة لهذه التحولات الإقليمية على الصعيد الداخلي. كما أن هناك من يدعي أن إعلان ترامب بخصوص القدس جاء هديةً لنتنياهو لتعزيز شعبيته إسرائيليًا ودعمه، خاصة وهو يواجه قضايا فساد عديدة؛ كونه من يقود السياسة المعادية لإيران، وهو الذي تبنى موقفًا معاديًا ومعارضًا لاتفاق الدول الغربية مع إيران، ويثابر في سعيه لتغييره حتى لو كان الثمن مواجهة إيران عسكريًا.

يقودنا هذا إلى السؤال عن الخيارات الفلسطينية في ظل هذا الوضع ومحاولة الخروج من الأزمة، وهو ما سنعرضه في المحور الآتي.

ثالثًا: خيارات المواجهة

تستدعي مواجهة المشروع الصهيوني في القدس بناء إستراتيجية عمل تتكون من ثلاثة مستويات أساسية متكاملة: المستوى المحلي (داخل القدس)، والمستوى الوطني – الرسمي، والمستوى الدولي.

تعاني المدينة حصارًا (إحكام سيطرة) إسرائيليًا، يحد من الوجود الفلسطيني داخلها لمن هم ليسوا من سكان المدينة أو “مواطنين” في إسرائيل. يترافق ذلك مع عملية تضييق اقتصادي، بفعل سياسات التمييز وممارسات الاحتلال، إضافة إلى عزل القدس عن محيطها الفلسطيني الطبيعي من خلال إقامة الجدار ونظام التصاريح؛ الأمر الذي له انعكاسات اقتصادية. كما تسعى إسرائيل لحظر العمل السياسي الفلسطيني، من خلال تقليص بل منع الوجود الرسمي الفلسطيني داخل المدينة، بملاحقة الناشطين السياسيين الحزبيين وغير الحزبيين، وإغلاق المؤسسات الفلسطينية مثل غرفة التجارة وبيت الشرق وحظر نشاطها، ومحاولات التضييق المستمرة على المؤسسات الفلسطينية القليلة الفاعلة. ذلك أن دور جمعيات المجتمع المدني داخل القدس يقتصر اليوم على الجمعيات الدولية والجمعيات الحقوقية الإسرائيلية بالأساس[8]. كما أن الأحزاب الفلسطينية داخل الخط الأخضر ليست فاعلة كما هو متوقع منها في المدينة، مع استثناءات مثل نشاط الحركة الإسلامية الشمالية التي ينصبّ تركيزها على المقدسات الإسلامية، وبالأخص المسجد الأقصى؛ ما يحصر بالضرورة الصراع داخل المدينة على المقدسات الدينية وعزلها عن الوقائع السياسية الأخرى. أمّا ما يتعلق بالجانب الفلسطيني، وبالنظر إلى ميزانية القدس من مجمل ميزانية السلطة الوطنية التي لا تتجاوز الـ 0.9 في المئة[9]، ودعوة العرب والمسلمين لزيارة الأقصى والصلاة فيه ردًا على إعلان ترامب[10]، فيدل على عدم وجود إستراتيجية مواجهة شاملة. وفي المقابل، نرى أن إسرائيل تستثمر بلا توقف، عن طريق الجهات الحكومية وبوساطة الجمعيات اليمينية أيضًا، لتعزيز المشروع الصهيوني وتهويد المدينة، كما أوضحناه سابقًا.

وفي محاولة لتجاوز الأزمة وإيجاد بدائل للعمل، فإن المطلوب هو العمل محليًا على مستويات تتكامل:

على مستوى الأحزاب الفلسطينية على جانبي الخط الأخضر: يجب تفعيل وجودها داخل المدينة لتضطلع بدور في مواجهة الممارسات الإسرائيلية ضمن الحراكات الشعبية التي من الممكن أن تنشأ، سواء في إطار ردة فعل مباشرة على الممارسات الإسرائيلية، أو تحرك ممنهج ومدروس لمواجهة أي تطورات، والدفع في اتجاه صمود المواطنين في المدينة. إذ إن هذا الغياب قد تجلى واضحًا بهبة البوابات الإلكترونية صيف عام 2017. وعلى الأحزاب أن تضطلع بدورها المتعلق بالإعداد الفردي والجمعي والوعي تجاه القضايا السياسية الملحة. فالواقع القائم وغياب العمل السياسي والأحزاب السياسية أنتجا حالة من اليأس العام.

على مستوى المجتمع المدني: والمقصود هو المؤسسات والجمعيات الفلسطينية، سواء الحقوقية أو الإغاثية التي تتحمل جزءًا من المسؤولية في تعزيز صمود المواطنين؛ وذلك من خلال رفع الوعي تجاه ما يحدث دخل المدينة من انتهاكات تجاه السكان وتغيير الطابع المكاني، والعمل على إيجاد مشاريع اقتصادية من الممكن أن تعزز صمود الفلسطينيين المقيمين في المدينة. والسعي لخلق إطار حقوقي من الممكن أن يعمل على القضايا الأساسية مثل الاستيطان، وسحب الإقامات، وقرارات الهدم والإزالة، ويوفر خبراء قانونيين ومحامين للترافع في وجه هذه القضايا؛ وذلك كون المواطن الفرد يتحمل تكلفة مادية باهظة في مثل هذه القضايا، وأحيانًا يلجأ إلى جهات قد لا تكون العنوان الصحيح في مثل هذه المسائل.

على الجانب الرسمي/ السياسي: يجب تفعيل الخيارات المتاحة، وعدم حصر النضال الفلسطيني في عملية التسوية. وإذا مورست ضغوطات على القيادة للقبول بصفقة القرن أو أي تسوية أخرى من الممكن أن تكون على حساب الحقوق السياسية والتاريخية للشعب الفلسطيني، فعلى القيادة أن تكون جاهزة لرفض هذه المقترحات وتأكيد التمسك بهذه الحقوق، وعدم الرضوخ للتهديدات مثل قطع الميزانيات والتمويل وغيرها؛ ما يستوجب التحضير لخيارات أخرى باعتماد إستراتيجية صمود لمواجهة التصعيد والنتائج المترتبة على المواقف الرافضة للإملاءات. من هنا، ينبغي للسلطة تفعيل الأدوات التي تملكها على المستوى الدولي، مثل خيار المحكمة الجنائية الدولية بخصوص الاستيطان في القدس وتغيير طابعها الديموغرافي الممنهج. إضافة إلى ذلك، يمكن السعي لإصدار فتوى قانونية عن محكمة العدل الدولية (رأي استشاري) على غرار الرأي الاستشاري بشأن عدم قانونية جدار الفصل العنصري (2003)، بخصوص أسئلة وقضايا يمكن أن يتم استثمارها سياسيًا مثل دور الدول ومسؤولياتها (والأفراد/ الشركات) بخصوص ضلوعها وتورطها في علاقات اقتصادية مع المستوطنات، ودعوة الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى تفعيل قراراته المتعلقة بالقدس؛ مثل القرار رقم (478) لعام 1980، المتعلق بإلغاء التغييرات التي أجرتها إسرائيل بصفتها قوة احتلال والمتعلقة بتغيير المكانة القانونية والطبيعة الديموغرافية للمدينة[11]، وقرارات أخرى دانت مباشرة الاستيطان وآخرها قرار مجلس الأمن رقم (2334) لعام 2017. وهنا من الممكن أن يتكامل الموقف الفلسطيني الرسمي مع الدور العربي والإسلامي في تقديم هذه الملفات إلى الجهات المختصة؛ مثل محكمة العدل الدولية، ومجلس الأمن، وحتى محكمة الجنايات الدولية. كما أنه يمكن العمل على المستوى العربي الشعبي في مواجهة التطبيع، وتفعيل خيارات المقاطعة التي اتخذتها الدول العربية بقرارات من جامعة الدول العربية، والانضمام إلى حركة المقاطعة العالمية لإسرائيل.

تفعيل خيار المقاومة الشعبية الذي تبنته السلطة، من خلال الرجوع إلى تفعيل أنماط المواجهة الشعبية، مثل مقاومة بناء الجدار وبناء قرى الصمود مثل باب الشمس في “منطقة E1″[12]. وكذلك على السلطة أن تتبنى خيار حركة المقاطعة الاقتصادية بصفتها إستراتيجية مواجهة مع الاحتلال. وألّا يقتصر هذا القرار على المستويين الفردي والشعبي، وإنما يجب أن تتبناه السلطة بصفته خيارًا إستراتيجيًا وطنيًا على المستوى الرسمي ودعمه عربيًا ودوليًا، علاوة على تنفيذ قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير المتعلقة بالبدء في تحديد العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية مع إسرائيل التي أكدها المجلس أكثر من مرة.

خاتمة

حين أعلن ترامب اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها، حاول الموقف الرسمي الفلسطيني التقليل من تبعات هذا الإعلان وانعكاساته؛ كون ترامب لا يملك أن يقدّم مثل هذا الاعتراف، ومن ثم فإنه لن يغير شيئًا. هذه المواقف لا تخدم بناء إستراتيجية مواجهة حقيقية، فهي استمرار في نهج التهرب والإمعان نفسه أكثر في حالة الخمود وانعدام الأفق والعمل. فالرد على هذا الموقف جاء سريعًا، حين أعلن البيت الأبيض بتاريخ 23 شباط/ فبراير 2018 أن نقل السفارة سيتم بتاريخ 14 أيار/ مايو 2018 تزامنًا مع الذكرى الـسبعين لإقامة إسرائيل، وهو ما جرى بالفعل حيث افتتحت الولايات المتحدة سفارتها في القدس، في هذا اليوم نفسه، وفي احتفال كبير. وقد استعملت مبنى القنصلية الأميركية الحالي وحولته إلى سفارة إلى حين إقامة مبنى جديد ودائم. إن هذا كله وتكرار الموقف القائل بأن القدس لم تعد مطروحة على طاولة المفاوضات يستوجب أن نضع جانبًا محاولات التهرب من مواجهة ما نحن مقبلون عليه، والتحرك نحو بناء إستراتيجية مواجهة متكاملة. فعلى الرغم من صعوبة الظروف التي تمر بها القضية الفلسطينية عامة وقضية القدس خاصة في ظل تمادي الاستيطان والتهويد داخل المدينة، وتسابق الدول العربية نحو التطبيع مع إسرائيل، فضلًا عن انسداد أفق التسوية بخروج الوسيط الأميركي من المعادلة، ورفض الجانب الإسرائيلي المتمثل بالحكومة اليمينية المتطرفة بقيادة نتنياهو أي تسوية سياسية مع الفلسطينيين، يظل أفق التحرك الفلسطيني متاحًا في عدة مستويات (محلية، ووطنية، ودولية). لكن هذا التحرك في حاجة إلى إستراتيجية عمل واضحة ومتكاملة. فسلوك السلطة الفلسطينية وقبولها الضغوطات والإملاءات من الأطراف الإقليمية والدولية أو رفضها، وتفعيل خياراتها، هو ما سيحدد مصير هذه القضية وأدوات مواجهتها. كما أن للجانب الشعبي خياراته، بعيدًا عن حسابات السلطة والاستقطاب الحاصل في الساحة الفلسطينية المحلية. فلطالما فاجأ الشعب الفلسطيني قيادته الرسمية والاحتلال باجتراح وسائل وأساليب في المواجهة تمكنه من الصمود واستمرار المواجهة، في ظل محاولات فرض الأمر الواقع، ومعركة البوابات الإلكترونية في صيف عام 2017 خير دليل على ذلك.

المراجع

العربية

أيوب، نزار. “مدينة القدس: بين الاستعمار الإسرائيلي والقبول الأميركي”. تقييم حالة. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (19/12/2017). في: https://goo.gl/owc7kf

جمعية بتسيلم. حي البستان- حديقة الملك. تقرير صادر في 16/9/2014. في: https://goo.gl/aG5nn4

_______. مخطط E1 وإسقاطاته على حقوق الإنسان في الضفة الغربية. تقرير صادر في 2/12/2012، ومعدل في 23/10/2013. في: https://goo.gl/6Xsaev

جمعية حقوق المواطن في إسرائيل. ضمن سلسلة الضغوطات على المقدسيين، تهديد غير قانوني بسحب الإقامة، 26/10/2015. في: https://goo.gl/ko3wBD

حمدان، بثينة. “مؤسسات القدس الفلسطينية: حصار تمويلي وعجز السلطة والمنظمة”. مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 109، (شتاء 2017)، في: https://goo.gl/karryd

الشرقاوي، محمد. “ترمب والقدس: قراءة من الدّاخل”. تحليل سياسات. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات )28/2/2018). في: https://goo.gl/UvbccR

شلحت، أنطوان. المحكمة الإسرائيلية العليا بوجه جديد- أكثر يمينية ومحافظة!. تقارير خاصة. مركز المدار. 27/2/2018. في: https://bit.ly/2HUDKmo

“قانون أملاك الغائبين لسنة 1950”. الوقائع الإسرائيلية: كتاب القوانين. العدد 37 (د. م: القائم بمطبوعات الحكومة، 1950)، في: https://bit.ly/2J5cC45 (النص العبري)، وفي: https://bit.ly/2xxtmzF (النص الإنكليزي، وقد قام بالترجمة “مركز عدالة: المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل”).

“قانون أساس: القدس عاصمة إسرائيل (1980)”. الوقائع الإسرائيلية: كتاب القوانين. العدد 980 (د. م: القائم بمطبوعات الحكومة، 1950)، في: https://bit.ly/2Jo6APB (النص العبري)، وفي: https://bit.ly/2LeMWCV (النص العربي بترجمة وزارة الخارجية الإسرائيلية، وهي ترجمة غير دقيقة للأصل العبري).

مدار. تقرير مدار الإستراتيجي 2018 (رام الله: 2018). في: https://goo.gl/ytzctW

الأجنبية

Between 1967 and 2017, Israel has revoked the residency status of 14,630 East-Jerusalem Palestinians.” Center for the defence of the individual (HAMOKED) 10/4/2018. at: https://goo.gl/gFa9cq

HAMOKED. “Between 1967 and 2017, Israel has revoked the residency status of 14,630 East-Jerusalem Palestinians.” HAMOKED: Center for the defence of the individual. (10/4/2018). at: http://www.hamoked.org/Document.aspx?dID=Updates1975

Peacenow. The E1 Plan – Information and Planning Status (21/11/2011). at: https://goo.gl/aByrWb

Peacenow & Ir Amim. Broken Trust: State Involvement in Private Settlement in Batan al-Hawa, Silwan. PEACENOW (5/10/2016). at: https://goo.gl/L7UZCf

United Nations, Security Council. Resolution 478 (1980) of 20 August 1980. S/RES/478 (1980) 20 August 1980. at: https://goo.gl/dZDf77

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى