ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: هذه ليست حربا وجودية فما المصلحة إذن؟

إسرائيل اليوم 15/9/2024، بوعز غانور*: هذه ليست حربا وجودية. فما المصلحة إذن؟

اختطاف 251 مدنيا وجنديا في 7 أكتوبر هو حدث سابقة على مستوى عالمي، وجود المخطوفين لدى إرهابيين فلسطينيين من منظمات مختلفة، فيما هم موزعون في ارجاء قطاع غزة فوق وتحت الأرض تمنع عمليا قدرة الوصول اليهم وتخليصهم جميعا في عملية عسكرية.

رغم ذلك، منذ بداية الحرب يعرض رئيس الوزراء نتنياهو موقفا مختلفا وبموجبه وحده الضغط العسكري سيؤدي الى تحرير مخطوفين – سواء من خلال حملات عسكرية، ام عندما تكون حماس، الراغبة في تخفيف الضغط، مستعدة لتنفيذ صفقة تبادل في الشروط المريحة لإسرائيل.

لشدة الأسف، هذه النظرية عديمة الأساس. فصفقة التبادل الوحيدة حتى الان التي نفذت في الأسبوع السابع من الحرب، لم تتم بعد ضغط عسكري خاص يتجاوز اعمال القتال العادي التي نفذت منذ بداية الحرب. كما أنه رغم أن القتال الذي استؤنف بعد الصفقة امتد لعشرات الأسابيع تضمن احباطات مركزة لكبار رجالات حماس وكان اشد بكثير، لم ينتج صفقة أخرى ولم يلطف حدة مطالب حماس.

منذ بداية الحرب طرحت حماس ثلاثة مطالب مركزية مقابل “صفقة كل المخطوفين” – وقف الحرب، انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة وتحرير سجناء امنيين. مقابلها، لم تكن إسرائيل مستعدة لوقف الحرب وسحب قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع، وامتنعت عن البحث في المفاتيح لتحرير السجناء في نهاية الصفقة. في واقع لا يكون فيه الطرفان مستعدين للمساومة على الخلافات الأساسية، حاولت الولايات المتحدة العمل على “صفقة على مراحل” تؤجل البحث في هذه المسائل الجوهرية الى موعد لاحق، لكن يبدو ان هذه الخطوة محكومة بالفشل. فبدون موافقة الطرفين على مزايا انهاء الصفقة، وبدون الموافقة على آليات لانهاء الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع، لن يكون ممكنا الوصول الى صفقة شاملة واحدة او على مراحل.

في هذه الظروف، وبغيار خيار عسكري لتحرير كل المخطوفين، يكون مصير المخطوفين قد حسم. 

ان المعارضة الإسرائيلية لانهاء الحرب تنبع من قول مغلوط وبموجبه حرب السيوف الحديدية هي حرب وجودية، بينما هذه الحرب – التي لا يوجد أيضا حرب اكثر عدالة منها – هي عمليا حرب خيار تستهدف الضرب الشديد لمنظمة حماس وردع اعدائنا.

 لكن بمرور 11 شهرا يبدو أن إسرائيل تواصل انهاء قواتها في حرب استنزاف، ليس فقط لا تعزز عظمتها العسكرية او صورتها الردعية بل تعرض للخطر افضل أبنائها، تستنفد مخزونات السلاح والذخيرة لديها وتقوض مقدر الدعم الدولي وبخاصة دعم الحليف الاستراتيجي الولايات المتحدة، وذلك في محاولة لتحقيق “نصر مطلق” غامض. ان ملاحقة هذه الرؤيا المخادعة تنطوي أيضا على خطر التدهور الى حرب شاملة متعددة الساحات. لهذا الغرض فان انهاء الحرب في غزة هو مصلحة إسرائيلية صرفة.

حتى بدون صفقة مخطوفين على إسرائيل أن تسعى الى صفقة دولية لانهاء الحرب بشكل يسمح لها بسحب قواتها من القطاع، نقل السيطرة على الأرض الى جهة أخرى – فلسطينية، عربية او دولية، لاعادة بناء الامن، المجتمع والاقتصاد الإسرائيلي، والاستعداد جيدا للمعركة مع التهديد الوجودي الحقيقي الذي يقف امامها – ايران ووكيلها – حزب الله. 

ان انهاء الحرب والدفع قدما بإقامة حلف عسكري إقليمي بقيادة أمريكية تجاه ايران هي بالتالي “النصر الحقيقي” الذي ينبغي لإسرائيل أن تسعى اليه. الطريق للنصر يستوجب صفقة “كل المخطوفين” سريعة وقصيرة قدر الإمكان؛ صفقة تعكس القيم الجوهرية للمجتمع والفكرة الإسرائيلية، التي تؤدي الى انهاء سريع للحرب وتسمح لإسرائيل بالصعود الى مسار بناء قدرات عسكرية رادعة، تحالفات إقليمية وترتيبات امن لازمة للتصدي للتهديدات الاستراتيجية والوجودية الحقيقية التي تقف امامها. صفقة المخطوفين هي بالتالي الحل وليست المشكلة.

بروفيسور، مدير عام مؤسس معهد “السياسة ضد الإرهاب” جامعة رايخمان

مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى