ترجمات عبرية

يديعوت – عوفر شيلح – احتلال كابول، ممَ تنسحب منه امريكا حقا!

يديعوت– بقلم  عوفر شيلح- 16/8/2021

” من يتطلع بعيونه الى واشنطن بأمل ان تساعدها في خطوات تلزمها بالخروج من قشرتها – حيال ايران، حيال الفلسطينيين،  في ترتيب سوريا – عليه أن يفهم بان ما يراه المواطن الامريكي الان في كابول يؤثر  عليه أكثر من اي حلم في الديمقراطية والقضاء على الارهاب”.

في 1990 اعلن وزير الدفاع في ادارة جورج بوش الاب، ديك تشيني عن نوع من المنافسة لتصميم  الاستراتيجية القومية لما بعد الحرب الباردة. ووصلت الى خط النهاية وثيقتان: رئيس الاركان كولن باول، الذي  نشأ كضابط في حرب لبنان، شدد على الحاجة الى الشرعية الداخلية والخارجية لكل عمل عسكري، الواجب لخلق تحالفات دولية والفرض في أنه اذا ما كنا سنقاتل، في أن نستخدم الحد الاقصى من القوة بالحد الادنى من الزمن – ونخرج بسرعة. 

اما الوثيقة المنافسة فكتبتها عصبة حظيت لاحقا بلقب “المحافظين الجدد”. جاء فيها انه توجد للولايات المتحدة نافذة زمنية محدودة لتعظيم مكانتها كقوة عظمى عالمية. الوثيقة مفعمة بالروح في أنه فقط اذا ما تحررت الامم من قيودها فانها ستتطلع الى نمط الحياة الامريكية، وعليه فان على امريكا أن تشجع فيكل مكان “اشكال من  النظم  الديمراطية والمنظومات الاقتصادية المنفتحة” وان تعمل بهذا الغرض بكل وسيلة، بما فيها، العسكرية، بما فيها احادية الجانب. 

احد كُتّاب وثيقة “المحافظين الجدد” كان نائب وزير الدفاع للسياسة في حينه، زلماي خليلزاد. لاحقا، في ادارة بوش الابن، دفع هو وشركاؤه نحو حرب العراق الثانية. أما اليوم، ولشدة المفارقة، فان خليلزاد هو  الامريكي رفيع المستوى في المحادثات مع طالبان والتي تواصلت كزينة فارغة بينما قوات الميليشيا الاسلامية  تندفع نحو كابول.  

حرب العشرين سنة للولايات المتحدة في افغانستان ستنتهي بمشاهد تذكر بسقوط سايغون في 1975. ولهذا السبب من المهم العودة الى منافسة السياسة ما قبل 30 سنة. امريكا بوش الابن خرجت الى الحربين الاطول في تاريخ الولايات المتحدة، ليس فقط للهدف العادل المتمثل بالقضاء على الارهاب العالمي والحرب ضد النووي العراقي، بل وايضا انطلاقا من الايمان بان للولايات المتحدة واجبا اخلاقيا لقيادة العالم، والحق الاخلاقي لان تستخدم القوة لهذا الغرض. من  المهم أن نفهم هذا كي نعرف ممَ انسحبت امريكا حقا. 

يمكن على الاطلاق أن نتفهم الرئيس بايدن. فالولايات المتحدة فقدت في الحروب في افغانستان وفي العراق نحو 7 الاف قتيل، وانفقت عليهما مبلغا يفوق 3 تريليون دولار، نحو 15 في المئة من الانتاج السنوي لديها. وقد علقت فيهما اكثر بكثير ممَ تبين لها، بثمن باهظ بالدم وبالدماء ولم ولن يكون فيهما نصر. والى جانب تعاظم صراعات الهوية والاجتماعية من الداخل وصعود التحدي العالمي الاقتصادي للصين فقدت الولايات المتحدة ليس فقط الامل في تغيير العالم بل وايضا جزء من احساس القوة الداخلية لديها.

في عهد اوباما، عبر ترامب وحتى بايدن، القاسم المشترك شبه الوحيد في سياستها الخارجية هو انها تقتطع الخسائر، تقلص التوقعات، تنطوي داخليا وسيؤثر هذا الميل عليها اكثر بكثير من صعود طالبان الى الحكم في افغانستان، الحدث الذي من السابق لاوانه جدا الحكم على تأثيره. 

ان من يتطلع بعيونه الى واشنطن بأمل ان تساعدنا في خطوات تلزمها بالخروج من قشرتها – حيال ايران، حيال الفلسطينيين، في ترتيب سوريا – عليه أن يفهم بان ما يراه المواطن الامريكي الان في كابول يؤثر  عليه أكثر من اي حلم في الديمقراطية والقضاء على الارهاب. يوجد هنا ليس فقط انهيار لخطوة عسكرية لم يعرف كيف يخرجوا منها في الوقت المناسب، بل انسحاب نهائي من مفهوم فكري اعتبر ذات مرة كفريضة شبه دينية. 

اذا كنا نريد الامريكيين الى جانبنا، ونحن ملزمون بهم الى جانبنا، فان علينا أن نعرض عليهم حلما جديدا تكون فيه قوة كافية تتغلب على هذا الانسحاب. والان، بينما تحتل  كابول، سيكون هذا اصعب بكثير. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى