ترجمات عبرية

يديعوت: الفلسطينيون يعودون إلى مركز الخطاب

يديعوت 2022-07-22، بقلم: موشيه إلعاد*

ما الذي دفع زعماء الدول العربية، الذين اجتمعوا قبل بضعة أيام في جدة في السعودية، إلى التصريح، كلّ بدوره، بأنه لن يتم التوصل إلى سلام حقيقي في المنطقة حتى يجري حل القضية الفلسطينية؟ لماذا أهمل زعماء مصر والبحرين وقطر ودول خليجية أُخرى المسألة الإيرانية والحوثيين في اليمن، والوضع في العراق، وتطرُّف الجهات الأصولية والإرهاب الداخلي في دولهم؟ ما هو مغزى طوق النجاة الذي رُميَ في اتجاه الفلسطينيين الذين استوعبوا في الأعوام الأخيرة أن العالم العربي تخلى عنهم؟

عاد العالم العربي إلى مصطلحين لم نسمعهما منذ وقت طويل: وحدة الكلمة ووحدة الخط. الذي رسم المسار القديم – الجديد، القائل إن السلام يمرّ بجدة وغزة هو عادل الجبير، وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية. لقد توقعوا منه في الشرق الأوسط وفي الولايات المتحدة إعلان حدوث اختراق في العلاقات مع إسرائيل، وأن يتحدث عن رزمة الاتفاقات بين البلدين، لكن تعليمات من القصر طلبت من الجبير الإعلان أن السعودية لن توقّع اتفاقاً منفرداً مع إسرائيل، إلى أن يتم التوصل إلى حل الدولتين.

كما تطرّق إلى “المبادرة السعودية” العائدة إلى سنة 2000، والتي تحولت إلى مبادرة عربية، واشترطت اتفاقات التطبيع الكاملة بين العالم العربي وبين إسرائيل بالانسحاب الكامل إلى خطوط الـ1967، ومن كل القدس الشرقية ومن هضبة الجولان، وحل المشكلة الفلسطينية وغيرها. فما الذي دفع السعوديين إلى إعادة طرح المبادرة والتلويح بها مجدداً؟ الجبير نفسه الذي لمّح في تصريحات سابقة إلى مؤشرات تقارُب مهمة مع إسرائيل، كشف السبب من خلال تعابير وجهه ولهجته: إسرائيل دفعت ثمن غضب ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، على الرئيس الأميركي خلال زيارته إلى المملكة.

تصريحات بايدن في المؤتمر الصحافي مع لابيد، الأسبوع الماضي، بشأن العودة إلى مخطط الدولتين كحل وحيد لإنهاء النزاع ساعدت دبلوماسياً ولي العهد من أجل تحصين مواقفه وإخراج المبادرة السعودية من أدراج النسيان وطرحها مجدداً على الحديث مع الإسرائيليين.

خلال حملته الانتخابية الرئاسية، وصف جو بايدن محمد بن سلمان بكلمات مهينة، مثل “القاتل” و”المجرم”، وهذا كلام غير صحيح سياسياً، وخصوصاً إذا جاء من فم زعيم حزب تحولت ثقافة الصح سياسياً إلى قيمة مقدسة لديه. وفعل ذلك مطالباً بتحقيق جذري في جريمة الصحافي السعودي – الأميركي جمال الخاشقجي.

لدى وصوله إلى السعودية في نهاية الأسبوع الماضي، حظيَ بايدن باستقبال بارد. وبينما كانت زيارات زعماء دول كبرى تحظى باستقبال فخم ومهيب من الملك ومن ولي العهد السعودي، جرى استقبال بايدن من جانب شخصيات دبلوماسية من رتبة منخفضة، مثل حاكم جدة، الأمير خالد الفيصل، والسفيرة السعودية في الولايات المتحدة الأميركية ريما بنت بندر (عندما زار ترامب المملكة في سنة 2017، حظيَ باستقبال مهيب شمل رقصاً تقليدياً بالسيوف، وهدايا شخصية وشيكاً على صفقة شراء سلاح بقيمة 350 مليار دولار). اللهجة الحازمة لولي العهد بن سلمان وردوده الساخرة على الصحافيين لم تترك مكاناً للشك: لقد ضرب السعوديون السرج الإسرائيلي كي يفهم الحصان الأميركي.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، وجّهوا أنظارهم بانتباه شديد إلى الرياض كي يفهموا اتجاه الرياح. وعندما فهموا أن السعوديين يريدون تلقين الأميركيين درساً بوساطة معاقبة إسرائيل، انفكت بسرعة عقدة ألسنتهم وبدؤوا هم أيضاً بطرح الموضوع الفلسطيني.

توقّع حدوث اختراق مع إسرائيل كان مهماً، وخصوصاً بالنسبة إلى جزء من الزعماء العرب.

البعض منهم انتظر وقتاً طويلاً كي يتحقق التغيير، لكن وحدة الكلمة ووحدة الخط انتصرت بسرعة؛ وهم قبِلوا الحكم.

في رام الله، شاهدهم أبو مازن وشعر بالارتياح، وخصوصاً في ضوء خيبة الأمل من زيارة بايدن له. لكن مع وتيرة التطورات الشرق الأوسطية، ليس من المستبعد أن يخيب أمله مجدداً.

*تولى سابقاً منصب المسؤول عن التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، واليوم محاضر في كلية أكاديمية الجليل الغربي.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى