يديعوت احرونوت: معضلة طهران

يديعوت احرونوت 8/10/2025، راز تسيمت: معضلة طهران
عشية عيد العرش، أثار وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان ضجةً طفيفة عندما حذر من نوايا إيران مهاجمة إسرائيل. ففي تغريدة على حسابه على شبكة إكس، كتب ليبرمان أن من يعتقد أن الحادث مع إيران قد انتهى فهو مخطئ ومضلل، وأن الإيرانيين يعملون بالفعل بنشاط لتعزيز قدراتهم العسكرية. ودعا المواطنين الإسرائيليين إلى توخي الحذر الشديد خلال العيد وقضائه بالقرب من المناطق المحمية. وعقب تصريحاته التي أثارت الذعر، أوضح مصدر أمني أنه لا علم له بأي حادث غير عادي متوقع قريبًا مع الإيرانيين. واتهم مصدر إسرائيلي آخر ليبرمان بإثارة الرعب دون أساس.
حتى الآن، يبدو أن إيران تُركز بالفعل على استعادة قدراتها التي تضررت خلال حرب الأيام الاثني عشر، بما في ذلك في المقام الأول أنظمة الصواريخ الباليستية والدفاع الجوي. الافتراض السائد في طهران هو أن تجدد القتال مسألة وقت، وأن إسرائيل عازمة على استئناف الحملة، وربما حتى استغلال جولة قتالية مقبلة للدفع باتجاه تغيير النظام. على سبيل المثال، زعم يحيى رحيم صفوي، كبير مستشاري الزعيم الإيراني، أن الحرب قد تُستأنف في أي لحظة، وأن إيران تُجهز نفسها لأسوأ السيناريوهات.
فاجأ الهجوم الإسرائيلي ليلة 13 حزيران إيران. وقد اعترف مسؤول عسكري إيراني رفيع المستوى مؤخرًا بأن الهجوم الإسرائيلي المفاجئ كان مثابة “ضربة صادمة” لم تستطع البلاد التعافي منها إلا بفضل قيادة وحكمة المرشد الإيراني خامنئي، الذي لولاه لما كان مصير البلاد واضحًا. لذلك، ليس من المستغرب أنه على الرغم من تزايد الأصوات في إيران الداعية إلى رد قاسٍ على تجديد العقوبات عقب تفعيل آلية “سناب باك”، بما في ذلك الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي أو حتى امتلاك أسلحة نووية، إلا أن القيادة الإيرانية تبدو غير متعجلة في اتخاذ قرارات خطيرة. في هذه المرحلة، لا توجد أي مؤشرات على أن إيران تسعى إلى ترميم المنشآت النووية المتضررة خلال الحرب. وتشير التقارير إلى أن معظم جهودها موجهة نحو ترميم منظومة الصواريخ وتحسين دقتها، وترميم أنظمة الدفاع الجوي، وربما حتى بناء موقع تخصيب جديد جنوب موقع تخصيب نطنز الذي تضرر خلال الحرب.
ومع ذلك، من المشكوك فيه للغاية أن يستمر الوضع الراهن الحالي لفترة طويلة. فعلى عكس مصر بعد حرب الأيام الستة، لا تعترف القيادة الإيرانية بهزيمتها، على الرغم من إدراكها للحاجة إلى تحسينات وتعديلات في مفهومها للأمن القومي. ورغم المفاجأة التي لحقت بها في حزيران 2025، يواصل كبار المسؤولين الإيرانيين الترويج لرواية النصر التي بدأت خلال تبادل إطلاق النار. وتستند هذه الرواية إلى عدة حجج رئيسية: تعافت إيران بسرعة نسبية من الضربة الافتتاحية؛ وشنت حملة ليس فقط ضد إسرائيل ولكن أيضًا ضد الولايات المتحدة؛ وألحقت أضرارًا بالعمق الإسرائيلي وأجبرت إسرائيل على الموافقة على وقف إطلاق النار؛ واحتفظت بقدرات كبيرة في أنظمتها النووية والصاروخية؛ والأهم من ذلك، فشلت إسرائيل في تحقيق هدفها الرئيسي: الإطاحة بالنظام الإيراني. ورغم أن العديد من هذه الحجج تحتوي على درجة كبيرة من المبالغة، فمن المستحسن عدم رفضها باعتبارها دعاية لا أساس لها.
ومع ذلك، وكما كانت الحال مع مصر في عهد أنور السادات، قد تصل إيران في مرحلة ما إلى استنتاج مفاده أن الحل الوحيد للخروج من المأزق يكمن في التحرك العسكري، حتى وإن كان محدودًا. ويتجلى هذا بشكل خاص عندما يُرسل الرئيس الأمريكي رسالة مفادها أن المشكلة النووية قد حُلّت بالهجوم الإسرائيلي الأمريكي، وبالتالي لا جدوى من أي تسوية سياسية، لا سيما تلك التي تتطلب تنازلات من الجانبين. وكما كان السادات، الذي رأى في حرب يوم الغفران مخرجًا من المأزق الاستراتيجي المتعلق بقضية سيناء، ومبادرةً لتحرك عسكري محدود، يُكفّر عن نتائج حرب الأيام الستة ويؤدي إلى عملية سياسية، قد تبادر طهران أيضًا في محاولة للخروج من الجمود السياسي والوضع الراهن الذي يُلحق الضرر باقتصادها.
هذا لا يعني أن إيران ستُسارع إلى اتخاذ مثل هذه الخطوة في وقت قريب، خاصةً ما دامت بعض قدراتها العسكرية لم تُستَعِد. كما أن انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاق النووي عام 2018 لم يُؤدِّ إلى ردٍّ إيرانيٍّ فوري. التزمت إيران بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي لمدة عام، واتبعت سياسة “الصبر الاستراتيجي” سعيًا لتحمل العبء الاقتصادي على الأقل حتى الانتخابات الأمريكية عام 2020، إلا أن تصعيد الضغط الاقتصادي الأمريكي وانضمام الدول الأوروبية إلى العقوبات أدى إلى تغيير في السياسة مع حلول صيف 2019. بدأت طهران بالتراجع تدريجيًا عن التزاماتها بالاتفاق، واتخذت خطوات عسكرية جريئة ضد حلفائها الأمريكيين، أبرزها الهجوم على منشآت النفط في السعودية في ايلول 2019، ولكن أيضًا ضد الولايات المتحدة نفسها – والتي بدأت بإسقاط طائرة أمريكية مُسيَّرة في الخليج العربي في حزيران 2019، وانتهت بإصابة مواطنين أمريكيين واقتحام السفارة الأمريكية في بغداد.
هل ستغير إيران سياستها بعد استعادة قدراتها أم ستنتظر بصبر انتهاء ولاية الرئيس ترامب أو فرصة عندما تقدر أن خطر اختراق الأسلحة النووية أقل من خطر استمرار الوضع الراهن؟ من الصعب معرفة ذلك. لكن من الواضح أنه في غياب ترتيب دبلوماسي أو على الأقل إزالة الخوف الفوري من جولة أخرى من القتال، قد تتوصل طهران إلى استنتاج – حتى لو كان خاطئًا وخطيرًا – أن حربًا أخرى أو على الأقل استفزازًا محدودًا ضد إسرائيل أو الولايات المتحدة أو حلفائها في المنطقة قد يسمح لها بإظهار قدرات محسنة واستعادة كرامتها وفتح طريق للخروج من المأزق.