يديعوت احرونوت: في الطريق لتخليد الحرب

يديعوت احرونوت – آفي يسخروف – 4/9/2025 في الطريق لتخليد الحرب
القول الشهير المنسوب لالبرت آينشتاين (ويبدو ان ليس عن حق)، يقول ان انعدام سواء العقل او الغباء معناه ان تقوم بالعمل ذاته المرة تلو الأخرى وتتوقع نتيجة مغايرة. في حالة عملية برية واسعة في مدينة غزة، لا يوجد غباء كثير جدا. قلة في إسرائيل تتوقع نتيجة مغايرة: رئيس الأركان ومسؤولون كبار آخرون في جهاز الامن في إسرائيل يفهمون بان مزيدا من الامر ذاته، أي توسيع العملية البرية الى احياء في مدينة غزة سبق للجيش الإسرائيلي أن عمل فيها في الماضي – لن تؤدي الى تغيير في صورة الوضع. حماس لن تستسلم. المخطوفون لن يتحرروا وبالعكس – يوجد احتمال غير صغير أن يصاب بعضهم – وللجيش سيكون غير قليل من المصابين في اطار مثل هذه العملية. كثير جدا من الفلسطينيين سيصابون، بما في ذلك مخربو حماس لكن أيضا مواطنون كثيرون والنقد الدولي ضد إسرائيل – والذي على أي حال يصل الى ذرى جديدة سيحطم ذرى أخرى. في حملة عربات جدعون 2 أيضا من المتوقع على ما يبدو النتيجة إياها مثلما في عربات جدعون 1 – التي وصفها العميد غي حزوت في الفتوى التي كتبها للجيش الإسرائيلي كفشل. مقعول الافتراض بان حزوت لن يكتب التقرير عن عربات جدعون 2. لكنه سيتضمن على ما يبدو تقريبا البنود ذاتها: إسرائيل ستواصل توريد المساعدات الإنسانية الى القطاع بما في ذلك لحماس، ليس لإسرائيل خطة واقعية لليوم التالي للعملية في مدينة غزة وبعد لحظة من خروج قوات الجيش الإسرائيلي، فلول حماس ستعود لتتموضع هناك.
ومع ذلك، ثمة غير قليل من المحافل في إسرائيل، ولا سيما في الائتلاف ومؤيديه في وسائل الاعلام ممن يحاولون تسويق العملية البرية الجديدة كابداع لم يجرب حتى الان. لكن هنا يجب أن نذكر من يحاول ان ينسي بان الجيش الإسرائيلي سبق أن عمل في مركز مدينة غزة: في الشمال في احياء مثل الرمال، الشيخ رضوان، وجنوبا في الدرج والتفاح، صبرا، مركز المدينة تماما قرب الجامعة الإسلامية، جامعة الازهر، قرب الميناء وحيثما كان في الماضي المركز السلطي لحماس. فضلا عن ذلك: الجيش الإسرائيلي دمر منذ الان الكثير من مباني حكومة حماس وافضل أبنائنا قاتلوا هناك وقتلوا هناك في تل الهوى، في الشجاعية في جنوب المدينة، في الزيتون ومخيم الشاطيء للاجئين في شمال المدينة. عملية برية إضافية هناك ستمس بالفعل بمزيد من البنى التحتية لحماس ونشطائها، لكن المنظمة لن ترفع علما أبيض كما لن تصطدم مباشرة بالجيش بل ستعمل كمنظمة عصابات او إرهاب وستحاول ملاحقة القوات العاملة هناك. على أي حال يمكن أن نخمن بان مسؤولي حماس مثل عز الدين الحدود وآخرين انتقلوا منذ الان جنوبا، الى أماكن عمل فيها الجيش للمرة التي من يدري كم وخرج منها بنقص في القوى البشرية والتآكل، الذي يحتدم فقط اكثر فأكثر في الأسابيع الأخيرة.
لكن بالنسبة لحكومة نتنياهو، الهدف – استمرار الحرب، يبرر الوسيلة – استمرار الحرب. لا توجد هنا منفعة حقيقية ومشكوك حتى أن يكون في الحكومة وزير واحد يؤمن حقا، في داخله، بان الامر سيقرب نهاية الحرب او يؤدي الى تحرير المخطوفين. لكن هذا بالتأكيد سيساعد في الحفاظ على الائتلاف وتأييد أحزاب اليمين المتطرف لنتنياهو. هل سيؤدي الامر لاحتلال القطاع او طرد السكان المحليين هناك؟ يحتمل أن يكون الى هناك تتجه حكومة إسرائيل لكن الطريق اليه لا تزال طويلة بل وطويلة جدا. في هذه الاثناء تواصل الإدارة الامريكية إعطاء اسناد لخطوات حكومة إسرائيل في غزة، وبالتالي لعل نتنياهو ووزراؤه لا يهمهم ما يقوله الرأي العام في إسرائيل وبالتأكيد الرأي العام الدولي.
بالتوازي مع الاعمال لتخليد الحرب في غزة، تواصل حكومة إسرائيل العمل على اضعاف السلطة الفلسطينية في الضفة، سياسيتا واقتصاديا. السفير الأمريكي مايك هاكبي، الذي يعتبر صديقا لإسرائيل حذر مؤخرا مسؤولين إسرائيليين من انهيار اقتصادي للسلطة. في حديث مع باراك رابيد في N12 قال هاكبي “اذا ما انهار الاقتصاد الفلسطيني تماما، هذا لن يكون نصرا لاحد. سيؤدي هذا الى تصعيد وتأس متعاظم. اليائسون يرتكبون افعالا يائسة”. يبدو ان الإدارة الامريكية قلقة هي الأخرى من نية إسرائيل ضم أراض اليها وبالتوازي تسمح بانهيار السلطة مما يثير تخوفا حقيقيا لتدهور امني اكثر خطورة من ذاك الذي شهدناه حتى الان في الضفة. لكن بالتوازي تتخذ الإدارة الامريكية غير قليل من الإجراءات اتي تقوض السلطة اكثر من ناحية سياسية على الأقل مثل قرار منع دخول الرئيس أبو مازن وكبار مسؤولي م.ت.ف الى الولايات المتحدة لالقاء خطاب في الجمعية العمومية للأمم المتحدة. السياسة المشوشة قليلا التي تتخذها الإدارة الامريكية تساعد حاليا حكومة إسرائيل التي لم تكفيها الحرب في غزة وتحاول الان ضعضعة الهدوء النسبي والمتوتر الذي في الضفة الغربية.
الى الفراغ الذي تخلفه واشنطن في المسألة الفلسطينية يدخل لاعبون معروفون آخرون، مثل فرنسا والسعودية ممن يبادرون الى مؤتمر سياسي في مركزه إقامة دولة فلسطينية. يمكن التقدير بان غير قليل من الدول في العالم ستؤيد مثل هذه الخطوة، فيما ستواصل حكومة نتنياهو تجاهل وضع إسرائيل في الرأي العام العالمي.