يديعوت احرونوت: على حبل رفيع الشرع عاد ليكون الجولاني

يديعوت احرونوت – رون بن يشاي – 17/7/2025 على حبل رفيع الشرع عاد ليكون الجولاني
ان هجمات الميليشيات السُنية الجهادية برعاية النظام السوري على الدروز في منطقة السويداء تضع إسرائيل امام ثلاثة اختبارات.
الأول، هل ستفي حكومة إسرائيل بتعهدها لابناء الطائفة الدرزية في إسرائيل، وتعمل بشكل مصمم كي تمنع ذبح إخوانهم الدروز في منطقة السويداء. الاختبار الثاني هو هل تنفذ إسرائيل مفهوم الدفاع المتقدم الجديد في الجولان، الذي يستهدف منع ما حصل في 7 أكتوبر في غلاف غزة – منع الجهاديين المسلمين من اقتحام الحدود واجتياح أراضي البلاد. حسب هذا المفهوم، مثلما اعلن مرات عديدة رئيس الوزراء ووزير الدفاع، فان جنوب سوريا سيكون مجردا من السلاح الثقيل ومن القوات العسكرية، سواء للنظام ام لميليشيات مسلحة، حتى مسافة عشرات الكيلومترات عن الحدود مع إسرائيل.
الاختبار الثالث هو طبيعة علاقاتنا المباشرة مع النظام الجديد في دمشق. هل سنتمكن، من جهة، من ردع هذا النظام عن القيام بخطوات تتعارض مع المصلحة والسياسة الإسرائيلية، ومن جهة أخرى محاولة إقامة علاقات عدم قتال وترتيبات امنية معه، مثلما يريد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
عن التطبيع في العلاقات بين إسرائيل وسوريا، كما يتخيلون في واشنطن، واضح أن في هذه اللحظة لا يوجد ما يمكن الحديث فيه. لكن إسرائيل ملزمة بان توضح الان لاحمد الشرع بانها لن تسمح له باستغلال رياح المصالحة التي تهب من الولايات المتحدة كي يتجاهل ما تراه إسرائيل كمصالح حيوية.
عمليا، الاحداث التي بدأت في بداية الأسبوع في جنوب هضبة الجولان السوري، تبعث تخوفا من أن يكون الحاكم احمد الشرع يعود لان يكون زعيم منظمة الإرهاب الإسلامية جبهة النصرة. فحسب معلومات تجمعت في إسرائيل، فان ما يحصل الان في سوريا وان كان بدأ كصدامات عنيفة بين ميليشيات جهادية بدوية وبين ميليشيات درزية، لكن النظام السوري في دمشق لم يحاول وقفها وفرض النظام، بل استغل بشكل مخطط ومبادر له الوضع كي يخضع ويبسط سلطته على الدروز السوريين.
في الخلفية: جهود النظام السوري لفرض حكمه وسيادته على كل أراضي الدولة، بما في ذلك على المناطق التي تسيطر فيها الأقليات القوية الاكراد، العلويون والدروز. حاليا، بلا نجاح. المشترك بين كل هذه الأقليات، بما فيها الدروز هو أنه في فكر الجهاديين السُنة الذين يحكمون الان في دمشق هم يعتبرون كفرة. وعليه، على حد نهجهم، ففريضة هي اخضاعهم والفرض عليهم اعراف الإسلام الراديكالي الاصولي. هذا هو السبب مثلا في أن رجال وحدات الامن العام للنظام، الذين زعم انهم جاءوا للفصل بين البدو والدروز، لم يسيطروا فقط على عاصمة المحافظة الدرزية – بل ذبحوا الدروز، اذلوهم وافسدوا الأماكن المقدسة لهم.
منذ شهر أيار من هذا العام كانت صدامات بين رجال الامن العام وجيش النظام الجديد وبين الدروز في منطقة السويداء وكذا في منطقة جرمانة في ضواحي دمشق. في حينه تحقق ما زعم انه اتفاق بين قيادة الدروز وبين النظامي، وبموجبه يقبل الدروز إمرة الجولاني ورجالهم ينخرطون في جيشه. هذا الاتفاق لم يصمد وذلك أساسا لان النظام لم يكن قادرا على فرض إمرته على الجهاديين السُنة الذين ينكلون بالدروز في محافظة السويداء. وعليه فقد ابقى الدروز على الميليشيات المسلحة ولم يندمجوا في جيش النظام. الان، الجولاني استغل المعارك التي نشبت بين البدو والدروز كي يفرض عليهم حكمه. هو يطلب منهم استسلاما تاما. على الأقل هذا ما طلبه الى أن تدخلت إسرائيل.
عندما لاحظوا في إسرائيل الدبابات والمجنزرات للنظام تنزل جنوبا صدرت الأوامر للجيش بالعمل، لكن بشكل منضبط ومقنون. ولهذا فلم تهاجم هذه القوات حين كانت لا تزال تسير على طريق دمشق – درعا ما كان يمكن ربما أن يوقفها قبل أن تصل الى السويداء. بدلا من هذا، في يوم الاثنين هاجمتها في ضواحي السويداء مُسيرات سلاح الجو.
الإشارة لم تنفع، ورجال الامن العام السوري واصلوا احتلال مناطق في السويداء. في هذه الاثناء تبين ان النظام هو الذي بادر الى الهجوم على الدروز، ولم يحاول التفريق بينهم وبين البدو. وعليه، فقد استخدام سلاح الجو امس طائرات قتالية اضافة الى المُسيرات التي قصفت قوات النظام في منطقة السويداء وكذا مجال هيئة اركان النظام الجديد في دمشق. من نظر الى الصور رأى بان القذائف التي القتها طائرات قتالية في دمشق لم تدمر المبنى نفسه بل اصابت المداخل اليه بمعنى أن هذا القصف أيضا كان مقنونا واستهدف تحذير النظام دون حرق الجسور اليه. في القدس، كما اسلفنا لا يريدون اغضاب ترامب واردوغان. في هذه القصة اضطر الجيش الإسرائيلي لان يسير على حبل رفيع بين مصالح عديدة ومختلفة. معقول أيضا الافتراض ان رئيس الوزراء نتنياهو واساسا وزير الدفاع كاتس يشمان الانتخابات التمهيدية في الليكود وربما الانتخابات القريبة، ويجتهدان لان يرضيا الاف الدروز الذين انتسبوا للحزب.
في كل حال يبدو ان الرد الإسرائيلي المنضبط في بداية الاحداث لم يردع النظام في دمشق، والجيش والشرطة لم يستعدا كما ينبغي لامكانية أن يقتحم جموع الدروز الإسرائيليين الجدار الحدودي بهدف الدفاع عن إخوانهم في سوريا. وكانت النتيجة ولا تزال هي ان الوضع خرج عن السيطرة. عمليا، في هذه اللحظة 70 في المئة من أراضي السويداء توجد في ايدي الجهاديين الذين يعملون باسم النظام. صحيح حتى امس، عربد 200 منهم في داخل المدينة، ونحو 1000 آخرين احاطوها وقصفوها بالمدفعية. وقف النار الذي اعلن عنه النظام لم يدخل الى حيز التنفيذ. واعلن مسؤول كبير في نظام الجولاني تنديده بعمل الجهات المسلحة العاملة في السويداء لكن واضح بان هذا تظاهر وضريبة كلامية موجهة لاذان أمريكية وللاعلام الدولي. كما أنه يحتمل جدا ان ليس نحن فقط فقدنا السيطرة على الدروز الذين اقتحموا الجدار الحدودي بل ان النظام في دمشق أيضا فقد السيطرة على الميليشيات المسلحة العاملة بتكليف منه ولم ينجح في وقفها.
ليس واضحا ما الذي يعتزم الجولاني فعله، لكن في الجيش الإسرائيلي جرى تقويم للوضع وتقرر وضع فرقة 98 وقوات أخرى تعمل الان في غزة في حالة تأهب كي تدخل بريا الى الأراضي السورية اذا لم توقف المعارك القذائف من الجو ومدفعية الجيش الإسرائيلي، الى جانب الدبلوماسية التي تمارسها دول عربية والامريكيون.
التقدير هو ان الحديث يدور عن بضعة أيام من النار. إسرائيل تضطر لان تواجه حدثا معقدا وتأسيسيا في الشمال، في ساعة حرجة تماما وحاسمة للمعركة في غزة. لكن يوجد احتمال جيد في ان تساعدنا واشنطن على الخروج أيضا من هذه المتاهة.