ترجمات عبرية

يديعوت احرونوت: رغم تسونامي الاعتراف بدولة فلسطينية، تجتهد إسرائيل ان يكون التهديد شديد القوة

يديعوت احرونوت 14/9/2025، ميخائيل ميلشتاين: رغم تسونامي الاعتراف بدولة فلسطينية، تجتهد إسرائيل ان يكون التهديد شديد القوة

في الأشهر الأخيرة توجد إسرائيل في مسيرة استراتيجية تتمثل بـ الانطواء الى الوراء”، أي ضعضعة، تخلي عن أو فقدان ذخائر تراكمت على مدى السنين حيال المجال الإقليمي، وبالاساس اتفاقات سياسية، وبالمقابل، سعي الى إعادة الدولاب التاريخي الى الوراء، إعادة الواقع الى ما كان عليه في الماضي، في الغالب في ظل التوتر والعداء.

الإشارة الإماراتية عن الخطر المحدق باتفاقات إبراهيم في اعقاب الهجوم في قطر ونوايا الضم في يهودا والسامرة تضاف الى الإيضاحات السعودية بان لا افق للتطبيع طالما استمرت الحرب في غزة، للخبو المتواصل في علاقات إسرائيل والأردن، والأخطر – للاستياء المتعاظم حيال مصر في ضوء الاستعداد لاحتلال مدينة غزة والذي يترافق وبحث في نقل السكان من القطاع، الامر الذي يثير في القاهرة القلق من مؤامرة لدفع جموع الغزيين الى أراضيها (وفي الخلفية – “تقارير” في إسرائيل مصدرها ومصداقيتها مشبوهان حول تعزيز قوات مصرية في سيناء وانتهاكات لاتفاق السلام تذكر بالانباء الملفقة التي اقترحت في اطار قطر غيت).

لا يتوقف في هذا الجهد لاعادة عقارب الزمن الى الوراء. الكثيرون في الحكومة يتحدثون علنا عن تجديد الاستيطان في القطاع، ضم معظم أراضي يهودا والسامرة وكذا ضعضعة او اسقاط السلطة الفلسطينية. ثمة من لا يكتفون بالعودة الى عصر ما قبل اتفاق أوسلو بل يتطلعون الى استرجاع احداث 1948 وإعادة تصميم الجغرافيا والديمغرافيا بين البحر والنهر بل وتحقيق وعود توراتية حول “حدود الوعد”. التهديد الملموس اكثر من أي شيء آخر ينعكس على اتفاقات إبراهيم، احد الإنجازات البارزة لنتنياهو (وترامب). فقد قام الاتفاق على أساس إحساس مشترك للدول العربية وإسرائيل بالتهديد من جانب إيراني وداعش، تشخيص فرص في مجالات الاقتصاد والتعاون الأمني والتقدير بان إسرائيل ستمتنع عن إجراءات دراماتيكية في السياق الفلسطيني مقابل تطوير علاقات مع المنطقة – كما وجد تعبيره في كبح فكرة الضم في 2020. هذه المعادلة تهتز: إسرائيل تستعد لاحتلال غزة ولفرض السيادة، تعمل بشكل يصفه العالم العربي بغير متوازن (الهجوم في قطر) وثمة حتى من يدعون بان العلاقة معها تتحول من ذخر استراتيجي الى عبء. ولتهدئة الروع يروج في إسرائيل لحملة مغرضة تقضي بانه يمكن الإمساك بالحبل من طرفيه: فرض السيادة (“بحساسية وبحذر”)، والحفاظ على العلاقات مع العرب في آن معا.

لا يدور الحديث عن سلوك غير واع. فاصحاب القرار واعون تماما لتداعيات الخطوات، مثلما ينعكس من اقوال نتنياهو الأسبوع الماضي – وبموجبها فان خطواته تجبي بالفعل ثمنا سياسيا ودبلوماسيا باهظا، لكنه مستعد لان يدفعه كي يحقق “النصر المطلق”. ممثلو الصهيونية الدينية اثر فظاظة: من ناحيتهم فان تنفيذ رؤيا وحدة البلاد هو الأساس، بينما العزلة الدولية والضغط الدولي عديما المعنى.

ان فكرة “شعب وحده يسكن وبالاغيار لا يهتم” تترافق ومبررات تقضي بان الخطوات الحالية تنطوي على تعلم واع لدروس 7 أكتوبر، بما في ذلك التصميم على تحقيق ما تقرر كاهداف استراتيجية – بكل ثمن، ودون اعتبار لموقف العالم “مزدوج الاخلاق”. هذا، الى جانب اقناع ذاتي بموجبه معظم النقد الخارجي ينبع من دوافع لاسامية والاخفاقات الاعلامية   هي جزء مركزي من المشكلة وفقط اذا ما اصلحت سيكون ممكنا “التسويق” للعالم استمرار الحرب في القطاع والضم في يهودا والسامرة.

قبل لحظة من التسونامي السياسي المرتقب في ضوء الاعتراف الدولي الواسع بدولة فلسطينية، تجتهد إسرائيل لضمان ان يكون التهديد شديد القوة. فللتوتر الجسيم الذي ينشأ حول الاستعداد لاحتلال غزة وضم المناطق يضاف الان الهجوم في قطر الذي وان كان يتركز على هدف مبرر يتمثل بتصفية العدو المسؤول عن مذبحة 7 أكتوبر، لكنه اصبح، مثلما في مرات عديدة في اثناء الحرب، عديم العمق الاستراتيجي.

فضلا عن ذلك، يبدو أن الهجوم قام على أساس تقديرات مغلوطة وتشويهات فكرية. فقد كان يفترض بالعملية ان تضر بالمكانة الإقليمية الدولية لقطر وتلين مواقف حماس في المفاوضات على الصفقة، لكن عمليا، العالم العربي والساحة الدولية يعانقان الدوحة التي انطلقت الى هجوم مضاد وتستخدم مراكز النفوذ التي طورتها على مدى السنين في عوالم السياسة، الاقتصاد، الاعلام، الثقافة والرياضة في ارجاء العالم. حماس، من جهتها تلقت ضربة محدودة، تواصل التمسك بمواقف متصلبة، وعلاقتها بقطر تتعزز. كل هذا مرة أخرى يؤكد القلق الذي ثار كثيرا في اثناء الحرب: أصحاب القرار، الذين لم يحققوا باخطائهم ومسؤولياتهم عن قصور 7 أكتوبر لم يحسنوا الفهم لطبيعة المنطقة والعدو ويواصلون الوقوع في الخطأ.

معظم الإسرائيليين يرون في التسونامي السياسي تحديا يقع في مستويات عالية لا تتعلق بحياتهم اليومية: الاعتراف بدولة فلسطينية، منع وصول وزراء في الحكومة الى دول في الغرب وتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية. لكن، مثلما في مثال الضفدع الذي يغلي في الوعاء بان التسونامي سيصل في النهاية الى نقطة الغليان التي سيشعر بها الجميع. في هذه اللحظة يدور الحديث عن قيود تفرض على رياضيين، فنانين او مندوبي صناعات السلاح. لكن قريبا قد يتطور تحد في مجالات الاقتصاد والمواصلات أيضا.

العالم يتابع سلوك إسرائيل بقلق. كثير من الدول وان كانت تميز بين الحكومة والجمهور لكنها قلقة مما يعد كادمان على القوة العسكرية المتبلة في أحيان كثيرة بشعارات دينية وبرموز أخلاقية من عهد التوراة، في ظل التمسك بالخيالات، مثل تحقيق خطة ترامب في غزة وفي ظل تثبيت المواجهة كواقع دائم. على هذه الخلفية يتبدد الائتمان الواسع والشرعية التي حظيت بها إسرائيل بعد 7 أكتوبر، وهي تؤسس بالتدريج لمكانة دولة منبوذة وعديمة التفكر التي تتمسك باهداف حتى اغلبية الجمهور في إسرائيل تعارضها أو تشتبه بالدوافع من خلفها.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى