ترجمات عبرية

هارتس: الحقيقة النقية: إسرائيل دولة تفوق عرقي تقود احتلالاً فاسداً

هارتس 2022-12-17، بقلم أبراهام بورغ: الحقيقة النقية: إسرائيل دولة تفوق عرقي تقود احتلالاً فاسداً

من أجل وصف تغيير الاتجاه، الذي تقوم به إسرائيل في الوقت الحالي، نحن بحاجة إلى كتاب، وليس إلى مقال، مكتوب في مقدمته “يمكن تشبيه إسرائيل بمن أصيبت في هذه الأثناء بكارثتين طبيعيتين، هزة أرضية تهز من الأعلى كل مباني الحكم، وجفاف كبير للمحيط الديمقراطي الذي يكشف من الأسفل الأسس الإشكالية جدا لهذا المبنى”.

من الأعلى، مثلما في بولندا وهنغاريا، فإن الحكومة القادمة في إسرائيل تريد أضعاف أو استبدال جميع حراس العتبة التقليديين. جهاز القضاء مهدد، والشرطة أصبحت سياسية، ووسائل الإعلام تتم مهاجمتها، والتعليم ينتقل إلى يد الدوغمائية، الدينية والمتطرفة. من الأسفل تقتحم داخل انقاض الديمقراطية قوى ظلامية ثلاث وهي التفوق العرقي اليهودي والأهداف الدينية والمسيحانية لمكونات الائتلاف وإنقاذ بنيامين نتنياهو من الحكم الجنائي.

لم يحدث هذا في يوم واحد، فهذا مراكمة لعوامل وظروف قوية ومهمة. منذ تشكيلها تجري في إسرائيل ثلاث حروب باردة وهي الصراع بين الاستقلال اليهودي والنكبة الفلسطينية، والتوتر البنيوي بين السيادة الحاخامية والديمقراطية التي تنتمي لكل المواطنين، والحرب بين المحافظة الراسخة والليبرالية المنفتحة. خلال سنوات كثيرة لم يتم حسم هذه الصراعات بشكل متعمد، لكن لم تكن هنا في أي يوم محاولة للمس بجوهر الديمقراطية. تجنب رؤساء حكومة من اليمين الذهاب إلى أقصى أيديولوجيتهم من خلال حكمة موليير بأن “المنطق السليم يتجنب أي تطرف”.

حتى الآن في الانتخابات الأخيرة هزم المنطق في إسرائيل في صناديق الاقتراع، وكل صورة للتطرف الأصولي تحولت شريكة في اكل لحوم البشر المتوحش، وهي مدعوة من قبل نتنياهو لقضم شرائح طرية من جسد الديمقراطية الجريحة. كل شيء حلال من اجل إنقاذه من الإدانة الجنائية والسجن المخجل.

جميع العوامل توجد هنا منذ زمن، لكنها لم تتجمع في أي مرة في تجمع له أهمية. حتى الآن الجميع هنا هم أنواع من مارتن نملر، ينكرون الواقع ولا يتطرقون إلى مظالم الآخرين طالما أن منطقة راحتهم محمية ومحافظ عليها. الاحتلال يتم إنكاره، أيضا السيطرة الدينية على الديمقراطية، التمييز، العنف في الشوارع، ومظالم الحكم. كل ذلك يتم إنكاره لأن الإنكار هو شرط ضروري لوجود الراحة. أيضا فجأة يتحطم هذا الإنكار، وأخيرا يخرج الواقع الحقيقي إلى النور. هذا فظيع ومحرج ومدهش. أخيرا يمكن مواجهة الحقيقة النقية، بدون دحرجة العيون وبدون تورع. توجد هنا نظرية تفوق عرقي، احتلال فاسد، ديانة يهودية لا تعرف كيفية مواجهة سيادة اليهود ومبدأ “شعب الله المختار”، الذي يناقض مبدأ الديمقراطية الذي يقول إنه لكل ناخب يوجد صوت متساو.

لولا حماية ألمانيا والولايات المتحدة المطلقة لكانت التشويهات الإسرائيلية قد أصبحت مدانة منذ زمن. فقط بفضل الفيتو التلقائي يمكن لإسرائيل أن تكون الدولة الوحيدة في العالم الغربي التي تنكر منذ عشرات السنين الحق الديمقراطي لملايين الفلسطينيين، وتتصرف في “المناطق” المحتلة مثلما تتصرف روسيا في أوكرانيا، ولا تعرف لماذا الجميع يدافعون عنها؛ وتمتلك ترسانة من القنابل النووية (التي يتم إنكارها بالطبع)، وتريد احتكارا لهذا الإنكار وأن يكون لدينا فقط سلاح للدمار الشامل؛ وتسمح للدين بأن يملي قيود المواطنة والحريات، وتعتقد أن هذا “انفتاح”، ليس أقل من ذلك.

مع اليمين المطلق في الحكم سيتبين على الأقل أمران: الأول، هل اليمين قادر حقا على تجسيد سياسته، حل السلطة الفلسطينية وضم “المناطق” المحتلة وتطبيق عقوبة الإعدام على “الإرهابيين” والدفع قدما بفكرة أن إسرائيل دولة شريعة وتحويلها إلى الجمهورية اليهودية الدينية؟ الثاني، أين يقف العالم، هل شبكة الأمان التلقائية المعطاة لإسرائيل ستواصل خدمة هذه الحكومة غير الليبرالية وغير الديمقراطية أيضا؟ هل سيتواصل غض النظر المنافق إزاء إسرائيل الآخذة في أن تصبح مثل تركيا، أو على الأقل هنغاريا، أم أنه سيستيقظ أخيرا احد ما في العالم ويقول كفى! يوجد يهود عنصريون، يوجد احتلال فاسد، توجد هنا جرائم قومية متطرفة، لم نعد مستعدين لمواصلة تحملها.

بين هذه وتلك، بين القومية المتطرفة الإسرائيلية التي تغازل العنصرية والفاشية وبين العالم الغربي الذي ربما سيضطر إلى فتح عيونه المغمضة بقوة، فإن أساس المهمة ملقى علينا، نحن الاسرائيليين الديمقراطيين والليبراليين غير المستعدين للاستسلام وقبول اليأس كخطة عمل. في هذه الأثناء نقيم البنية التحتية لسياسة إسرائيل الجديدة. بنية الفكرة التي تنظمها هي دستورية ومدنية، وليس قومية أو عرقية. عمل هذا من خلال الإيمان بأن الديمقراطية تعود لكل مواطنيها، وأنه في أي مكان تسري فيه سيادة إسرائيل فإن لكل فرد ولكل جماعة حقا في هذه الحقوق. نحن ما زلنا أقلية، لكن المستقبل لنا. لأن الشر له الحاضر وهذا يكفي.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى