هآرتس: هم لم يرغبوا في أن يكونوا طبق فضة

هآرتس1/10/2025، تسفي برئيل: هم لم يرغبوا في أن يكونوا طبق فضة
بالاجمال نحن اردنا حفل صغير، متواضع، بدون فرقة موسيقية ومؤثرات. 48 مدعو، 20 احياء و28 في التوابيت، هذا كل شيء. هذه كان يمكن ان تكون صفقة بسيطة، يمكن تحقيقها في الاسابيع الاولى للحرب لو أننا فقط وافقنا على اعطاء في حينه ما اضطررنا الى “التنازل” عنه الآن، لكن الشهية لم تعرف الشبع. المزيد من الانتقام، برج آخر متعدد الطوابق يجب اسقاطه، مدينة اخرى يجب ابادتها، آلاف اخرى من بني البشر، اطفال ونساء وشيوخ يجب قتلهم، واحلام اخرى حول “غزة خاصتنا” يجب تحقيقها.
نحن اردنا، وما زلنا نريد، حرب من اجل الحرب. في الـ 24 شهر من العذاب الذي مر على المخطوفين قمنا بالصلاة من اجل لا تفسد حماس حملتنا المدهشة هذه، أن لا تنضغط وأن لا تتنازل، فقط أن تواصل. هكذا هي واصلت ونحن ايضا. مخطوفون ماتوا أو قتلوا، جنود سقطوا أو انتحروا أو يواصلون التآكل، دول صديقة انهت تحالفها مع اسرائيل، مشاريع تجارية انهارت، عائلات انهارت، الصرع تفشى في الدولة، وفي كل ذلك شاهدنا اجراس المسيح، اشارة من السماء تبشر بان النصر المطلق قد تحقق.
بخداع وتضليل وتجاهل متعمد تحول المخطوفون من وصمة عار سامة على جبين رئيس الحكومة والوزراء، عصابة المسؤولين المباشرين عن التخلي عنهم، الى “ذخر استراتيجي”. ليس فقط لحماس، التي اعتبرتهم بالاجمال ورقة مساومة في الصفقة، بل ايضا لحكومة اسرائيل التي ترجمت التزامها بانقاذهم الى ذريعة لمواصلة الحرب التي تضمن وجودها. على المخطوفين، الاحياء والاموات والمحتضرين، القت الحكومة المهمة. فبتواجدهم في غزة هم كان من شانهم ان يضمنوا تدمير حماس واجتثاث فكرة الدولة الفلسطينية وتطهير دنس “كارثة الانفصال”. لقد اشعلوا رغبة الانتقام في الاخطبوط المسيحاني الذي غرس اذرعه في الضفة الغربية وقام برعاية حلم الضم. كان من المفروض ان يكون المخطوفين هم “طبق الفضة” الذي ستزدهر عليه طفرة العقارات لبتسلئيل سموتريتش في غزة.
“متعبون جدا، رهبان يقطرون ندى الشباب العبري… وقفوا بصمت وسكون، بدون أي اشارة اذا كانوا على قيد الحياة أو اطلقت عليهم النار”، كتب نتان الترمان. لكن المخطوفين خانوا. فقد رفضوا تبني ما جاء فيما بعد في القصيدة الخالدة وأن يعلنوا للامة بتواضع: “نحن طبق الفضة الذي وهبت لكم عليه الدولة اليهودية”. هم وعائلاتهم، الذين قلبوا العوالم وجندوا الجمهور والرئيس الامريكي، رفضوا عرض ان يكونوا الوقود لرغبة الانتقام الجامحة، وأن يصبحوا “جنود مجهولين” وأن يؤدوا بخضوع المهمة التي القاها عليهم “التاريخ اليهودي”.
الآن من المتوقع ايضا ان يتم اتهامهم بالكارثة الفظيعة التي سينزلها الرئيس الامريكي الافضل على الدولة. بسببهم ستتوقف الحرب، والجيش الاسرائيلي سيقوم بالانسحاب من القطاع (باستثناء المحيط المقدس)، غزة سيتم اعمارها، والسلطة الفلسطينية ستكون مصدر الصلاحية لأي حكم أو ادارة سيتم تشكيلها في غزة، وحتى اللعنة التي تسمى الدولة الفلسطينية المستقلة عادت الى القاموس. حماس ستواصل وجودها كمنظمة وحركة، لانه في خطة ترامب لم يتم ذكرها كهدف للتدمير، والاخطر من كل ذلك هو ان هؤلاء المخطوفين سيتسببون باسقاط الحكومة، لانه بدلا من صفقة انسانية سريعة حصلنا على احتفال. فجأة اكتشفنا ان ترامب قام باعداد قائمة مدعوين خاصة به، الذين في معظمهم نحن لا نعرفهم، ومع الكثيرين منهم نحن لا نتحدث اصلا، من كل ارجاء العالم، بدءا بالهند افريقيا وحتى اندونيسيا، وصل المهنئون الى الاحتفال الذي انزل على اسرائيل، وحماس تلمح باستعدادها لقبول الصفقة.
اذا تم تنفيذ الصفقة وبحق فانه مرة اخرى سيتبين ان المخطوفين لم ينهوا المهمة بعد. مجوعون ونحيفون ومكسورون، احياء أو اموات، اذا تم اطلاق سراحهم فسيطلب منهم شكر من تخلوا عنهم على التحرير المامول، الذي نامل ان لا يتم افشاله. لأن من لا يرغب في ان يكون “طبق الفضة” يجب عليه من الآن فصاعدا أن يكون الكاس التي ستعرض للتفاخر على رف الانتصارات لحكومة الجريمة والاهمال.