هآرتس – هكذا تبدو “ظاهرة هامشية” لعنف المستوطنين

هآرتس – بقلم هاجر شيزاف – 15/12/2021
” خلافا لادعاء رئيس الحكومة فان بيانات جهاز الامن تظهر ارتفاع في عدد اعمال العنف للمستوطنين ضد الفلسطينيين. والفلسطينيون يقولون بأنه لا فائدة من تقديم الشكاوى في الشرطة لأن النظام الى جانبهم وأن الجنود يدافعون عن راشقي الحجارة “.
على خلفية الخلاف الجماهيري والسياسي الذي اثاره وزير الامن الداخلي، عومر بارليف، عندما ادان عنف المستوطنين في محادثة مع شخصية رفيعة في الادارة الامريكية، فان بيانات جهاز الامن تظهر أن العنف في الضفة الغربية قد تفاقم في السنة الاخيرة، الى جانب تدني ثقة السكان هناك بالسلطات الاسرائيلية. البيانات تظهر أنه خلافا لادعاء رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، الذي انتقد اقوال بارليف وقال إن “الامر يتعلق بظاهرة هامشية”، فان ابعاد هذه الظاهرة تتسع وتستمر في الارتفاع.
من البيانات يتبين أنه في 2021 تم توثيق 135 عملية رشق حجارة على الفلسطينيين مقابل 90 عملية رشق في 2019، و250 حالة عنف اخرى مقابل 100 في 2019. ايضا حدث ارتفاع على عدد حالات العنف ضد قوات الامن، من 50 حالة في 2019 الى 60 في السنة الاخيرة. منظمة “يوجد حكم” التي توثق حالات العنف في الضفة وثقت في السنوات الثلاثة الاخيرة 540 حالة عنف للمستوطنين، وفقط في 238 حالة منها اختار الفلسطينيون تقديم شكوى في الشرطة بمساعدة هذه المنظمة. من بين الشكاوى تم تقديم 12 لائحة اتهام فقط، وهي الحالات التي وثقت فيها منظمة “يوجد حكم” الاعتداءات.
في منظمة “بتسيلم” التي تجمع البيانات ايضا، قالوا إنه في هذه السنة لاحظوا ارتفاع 28 في المئة في عدد حالات العنف للمستوطنين مقارنة مع السنة الماضية (192 حالة مقابل 247). “هآرتس” سألت الشرطة عن عدد الملفات التي تم فتحها في حالات العنف على خلفية قومية في 2021، لكن الشرطة رفضت تقديم بيانات وحولت الصحيفة لتقديم طلب حرية معلومات.
مصعب صوفان من قرية بورين قال إن مستوطنين يرشقون الحجارة على بيته منذ بداية سنوات الالفين. وبعد سنتين انخفض فيها عدد الاعتداءات فان الوضع ازداد شدة في الشهرين الاخيرين. “هم يحطمون النوافذ والالواح الشمسية. في السابق قتلوا الاغنام. هم يحاولون طردنا”، قال. “في كل هجوم يشارك بشكل عام 20 – 30 مستوطن”. حسب قوله العنف يؤثر بشكل أشد على الاولاد والنساء. قبل بضعة اشهر لاحظت عائلته وجود خيمة للمستوطنين قرب البيت. ومن هناك انطلق الاعتداء الاخير. “في كل مرة نحن نقوم بالاتصال مع الشرطة. وهي تأتي وتذهب ولا يحدث أي شيء”.
فلسطينيون كثيرون تحدثت معهم الصحيفة في السنوات الاخيرة قالوا إنهم توقفوا عن تقديم الشكاوى في الشرطة لأنه لا توجد أي فائدة من ذلك. “يوجد حكم” بدأت في توثيق الاسباب التي بسببها لا يقدم الفلسطينيون الشكاوى في اطار مشروع “لا يشتكون”. في تحقيق من الاعوام 2019 – 2021 جمع اعضاء المشروع 416 شكوى لاشخاص فلسطينيين توجهوا للمنظمة. 43 في المئة من المشتكين قالوا إنهم غير معنيين بتقديم شكوى في الشرطة. وعند سؤالهم عن السبب قال 51 في المئة منهم بأن سبب ذلك هو عدم ثقتهم بالسلطات الاسرائيلية، و21 في المئة خافوا من الانتقام أو من فقدان تصاريح العمل و22 في المئة لم يحددوا السبب. آخرون قالوا إنهم يئسوا من اجراء تقديم الشكاوى أو أنهم كانوا من موظفي السلطة الفلسطينية، لذلك هم لا يستطيعون تقديم شكوى في اسرائيل.
حسب اقوال مديرة قسم التحقيق في “يوجد حكم”، زيف شتيهل، فانهم في المنظمة يلاحظون في الاشهر الاخيرة وجود ارتفاع في عدد اعمال العنف وخطورتها، الى جانب انخفاض بارز في استعداد الفلسطينيين لتقديم شكاوى في الشرطة. “كما هو معروف عنف المستوطنين لا يعتبر ظاهرة جديدة. يبدو أنه في اعقاب سنين طويلة من غياب انفاذ فعال للقانون مع مخالفي القانون ودعم سلطات الدولة فان هذه الظاهرة آخذة في الازدياد، والمشاغبون تزداد جرأتهم من خلال زيادة وتيرة الاعتداء وشدته”، قالت زيف.
خميس، وهو احد سكان مخيم الجلزون للاجئين، قال للصحيفة بأنه في شهر تشرين الثاني عندما كانت ابنته (14 سنة) في الطريق الى البيت في سيارة أجرة، قام المستوطنون برشق الحجارة عليها. وحسب قوله فان الحجارة التي رشقها المستوطنون قرب بيت ايل دخلت الى السيارة واصابت رأس ابنته وكتف السائق. ومنذ ذلك الحين ذهبت الابنة الى العيادة مرتين. ووالدها يقول إنها تعاني من مشكلة في التركيز. وعندما سئل اذا قدم شكوى في الشرطة قال: “ما هو المنطق في ذلك؟ النظام في اسرائيل معهم. الجنود يدافعون عن المستوطنين الذين يرشقون الحجارة. عندما يرشق الفلسطينيون الحجارة على المستوطنين فان الجيش يقلب المخيم رأسا على عقب. ولكن عندما يكون الامر بالعكس فانه لا يحدث أي شيء”.
محمد، وهو صاحب مشتل في الساوية، قال إن المستوطنين خربوا مشتله ست مرات منذ بداية العام 2020 وسرقوا منه اغراض. حسب قوله في كل مرة هو يقوم بابلاغ الشرطة ولكن لم يساعد أي شيء. “أنا لم أقم بفتح المشتل من اجل التشاجر، بل أنا اردت كسب الرزق. وقد قلت للشرطة بأنني أريد منهم القاء القبض عليهم. من الواضح لي أنهم يفعلون ذلك لأنني فلسطيني”، قال. واضاف بأنه ذات مرت وجد السارقين، وهم اربعة مستوطنين في اعمار 20 فما دون، يدخلون الى المستوطنة المجاورة رحاليم. في يوم الاثنين الماضي كانت المرة الاخيرة التي تم تخريب المشتل فيها. ايضا هو يعتقد بأنه لو كانت الجريمة من جانب فلسطينيين تجاه يهود لكان الامر تم علاجه منذ فترة بعيدة.
التقرير الذي نشرته مؤخرا حركة “السلام الآن” فحص تموضع الاحداث التي نشرت عنها “يوجد حكم”، من 2012 وحتى تموز 2021. وحسب التقرير 63 في المئة من الاحداث جرت قرب بؤر استيطانية غير قانونية. مصدر امني أيد هذا الاستنتاج في محادثة مع الصحيفة وقال إن ارتفاع الجرائم على خلفية قومية يرتبط بالبؤر الاستيطانية والمزارع الزراعية في الضفة. “في منطقة يتسهار وشيلو كان هناك ارتفاع في الجريمة، سواء في تخريب اشجار الزيتون أو رشق الحجارة على السيارات الفلسطينية على مفترقات الطرق”. قال. منطقة اخرى يظهر فيها ارتفاع في العنف هي جنوب جبل الخليل، التي اقيم فيها عدد من البؤر الاستيطانية والمزارع في السنوات الاخيرة.
في شهر ايلول حدثت هناك احدى الجرائم الاخطر على خلفية قومية مؤخرا، عندما جاء عشرات المستوطنين الى قرية خربة المفقرة ورشقوا الحجارة على البيوت. في هذا الاعتداء اصيب طفل ابن ثلاث سنوات، محمد حمامدة. ورغم أن الجنود كانوا في المنطقة ورغم كل الشهادات التي قالت بأن عشرات الاسرائيليين شاركوا في الاعتداء، إلا أنه حتى اليوم تم تقديم لائحتي اتهام ضد مستوطنين قاصرين من جنوب جبل الخليل.
حاغي العاد، مدير عام بتسيلم، قال: “الحديث عن هذا التوجه أو غيره يغيب رؤية الصورة الكبيرة، هذا واقع ثابت، وهذا يوجد له انجازات استراتيجية في سياق السيطرة على الاراضي الفلسطينيين. هذا امر تفعله اسرائيل بعدة طرق، بعضها منظم بمصادقة المحكمة، واحيانا يكون هذا عنف، الذي توجد له نتائج استراتيجية”. في تقرير نشرته المنظمة بعنوان “عنف دولة”، فحص اعضاء المنظمة كيف أن العنف ضد الفلسطينيين حول بؤر المزارع يتسبب بابعاد الفلسطينيين عن اراضيهم وسيطرة البؤر عليها. وحسب قوله “يوجد هنا مظهر دعائي ملائم جدا لاسرائيل. الدولة والمستوطنون يريدون طرد الفلسطينيين من اراضيهم”.
خلال ذلك، وزير الدفاع بني غانتس يدفع قدما بخطة في اطارها سيخصص جنود آخرين للشرطة بهدف تفريغ المزيد من رجال الشرطة للعمل في لواء شاي (يهودا والسامرة)، ضمن امور اخرى، في وظائف مرتبطة بالجرائم على خلفية قومية. وحسب الخطة فانه في النصف سنة القادمة سيتم اجراء في وزارة الدفاع ووزارة الامن الداخلي والشرطة والجيش عمل مشترك في هذا الموضوع لفحص امكانية تطبيق هذه العملية. الخطة ولدت في اعقاب نقاش اجراه قبل بضعة اسابيع وزير الدفاع ورئيس الاركان ورئيس الشباك والمفتش العام للشرطة، الذي قال فيه المفتش العام للشرطة بأنه في لواء شاي يوجد نقص في القوة البشرية. عمل الطاقم المشترك تمت المصادقة عليه في اطار قرار حكومي بتمديد خدمة جنود في الشرطة.
في الشرطة قالوا إن “أي تقرير أو شكوى يتم تسلمها في الشرطة وتظهر وجود اشتباه بتنفيذ مخالفة جنائية يتم فحصها وتعالج بصورة جذرية ومهنية. في اعقاب تقرير عن رشق حجارة على بيوت في قرية بورين قامت الشرطة بفتح تحقيق، في اطاره يتم تنفيذ عدد متنوع من النشاطات بهدف الوصول للحقيقة وانفاذ القانون ضد المتورطين. شرطة اسرائيل تواصل العمل طوال الوقت ضد اعمال العنف وخرق النظام من شتى الانواع بحزم وبدون علاقة بهوية المتورطين. وبخصوص الحالة الاخرى التي تمت الاشارة اليها (حالة المشتل)، لأنه لم تنقل لنا التفاصيل الكاملة فانه لا يمكننا التطرق لهذه الحادثة”.