ترجمات عبرية

هآرتس: نحن انتظرنا بهدوء اغلاق الدائرة، الآن لا توجد لدينا القوة للقتال من اجل الحياة الحقيقية

هآرتس 12/11/2025، تسفي برئيلنحن انتظرنا بهدوء اغلاق الدائرة، الآن لا توجد لدينا القوة للقتال من اجل الحياة الحقيقية

قصة صغيرة مخيفة، روتها لي قريبة رجل مخطوف قتل في غزة، تظهر عدم استعدادنا للتخلي عن الحرب. يدور نقاش حاد، حرفيا، حول الحياة والموت، وبالاحرى حول الموت، بين عائلتها ومؤسسة التامين الوطني. في خضم هذه العاصفة احتدم النقاش حول متى قتل الرجل المخطوف، هل كان ذلك عندما عرف الجيش الاسرائيلي عن عملية القتل، أو عندما عرفت العائلة بالعملية، أو عندما تمت اعادة جثمانه الى اسرائيل؟.

يتضح ان هذه قضية من شانها ان تبت مصير الامة. لانه من الاجابة عليها سيتحدد الموعد الذي ستبدأ فيه العائلة بالحصول على التعويض والمساعدة التي تستحقها من الدولة. كيف يعقل ان لا تدرك هذه العائلة الوقحة اننا ما زلنا في حالة حرب، وان التفهم، الصبر، ضبط النفس والتضامن، مطلوب منها ومن كل العائلات مثلها؟. في نهاية المطاف جبهة غزة مشتعلة، ولبنان يشتعل، واستعدادا للحملة على ايران تشتعل محركات الطائرات، في حين أنها تساوم الدولة بوقاحة، التي اغلقت عليها الدائرة وعلى موعد الوفاة.

صحيح ان المخطوفين الذين بقوا على قيد الحياة تم اهمالهم بشكل فظيع، ومعظم الشهداء ايضا. وبشعور مليء بالانجاز، تقرر أن “الدائرة” اغلقت. ولكن لم تكن هذه “دائرة” الجمهور، وبالتاكيد ليست دائرة عائلات واصدقاء الضحايا هي التي اغلقت. بالنسبة لهم لم تكن ولن تكون دائرة، بل مسار دم مستقيم ومؤلم، بدأ في 7 اكتوبر وسيستمر طوال حياتهم. وحدها الحكومة الخبيثة هي التي اغلقت الدائرة على نفسها ورسمت علامة النصر وهدمت الملجأ. من منظورها يبدأ 6 اكتوبر من جديد مع المعاملة الدنيئة التي تنزل على حياة العائلات، والمضايقة اللانهائية التي تطلب منهم المزيد من النماذج، ولم نتحدث بعد عن العائلات التي فقدت بيوتها وممتلكاتها ومصالحها التجارية. الان هم يدركون انه من ناحية الحكومة فان الحرب لم تنته بعد، وانه “في الدائرة التي اغلقت” هم بقوا لادارة حربهم لوحدهم بدونها.

لانه بعد الانتقام والثار والقتل الجماعي والحلم حول اعادة الترميم واعادة بناء المجتمع والدولة، ليس فقط للحكومة، ايضا لنا، من الصعب التخلي عن الحرب التي منحتنا الامل بأنه بعدها كل شيء سيكون افضل. لتكن لجنة تحقيق، وليتحمل احد العقوبة، ونستطيع ان نعالج الصدمة الوطنية من مكان جديد وان نفتح صفحة جديدة في الخطاب العام. نحن خدعنا انفسنا عندما وافقنا على انه طالما استمرت الحرب فنحن سنكون في عطلة. لقد علقنا القيم والاخلاق واللغة النظيفة. لقد اوقفنا الاحتجاج باستثناء الاحتجاج الذي اشتعل لاعادة المخطوفين، والتزمنا الصمت واغمضنا العيون ولم نتأوه حتى عندما دهسنا بلطجية النظام وسحقونا بالجرافات، كجنود مطيعين في ساحة المعركة، بدون شكوى أو اهانة صمدنا، لأنه كانت هناك حرب. كنا ننتظر الى حين انتهاء الحرب، كما قلنا، حتى تغلق الدائرة. ثم فجأة اغلقت “الدائرة” علينا.

الان، “بعد الحرب”، ما زلنا نوسعها ونأمل ان لا تنتهي. لأننا غير مستعدين بعد. وما زال الوقت مبكر ونحن لا نملك القوة لخوض حرب جديدة من اجل الحياة الحقيقية، التي لن يضطر فيها المخطوفون وعائلاتهم الى مد ايديهم مثل متسولين امام نوافذ التامين الوطني أو التوجه الى تجنيد الجمهور. حياة يعود فيها القانون والخضوع له الى مكانه، ولن ينهب فيها الاشرار والبلطجية خزينة الدولة، والسيادة فيها تعود للشعب. وستختفي العصابة التي تهدد حياتنا. ومثلما لا ينبغي التوقف فجأة عن تناول دواء مرض مزمن فانه لا ينبغي وقف الحرب فجأة. يجب ان نسمح للجسم بان يتعود عليه واكتساب القوة. نحن بحاجة الى فترة فطام بطيئة، حيث ندرك ان “اليوم التالي” ليس بالضبط ما حلمنا به. ومن اجل تحقيق ما وعدنا به انفسنا، سنضطر الى اعداد انفسنا لحرب اصعب بكثير.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى