ترجمات عبرية

هآرتس: نتنياهو مرة أخرى يقوي حماس ويضع مصير إسرائيل في أيدي قطر وتركيا

هآرتس 17/10/2025، يئير غولان: نتنياهو مرة أخرى يقوي حماس ويضع مصير إسرائيل في أيدي قطر وتركيا

قمة السلام في شرم الشيخ كان يمكن أن تشير الى لحظة تاريخية من الامل، لحظة انتهاء الحرب، لحظة تحرير المخطوفين، لحظة بداية عهد إقليمي جديد اكثر أمنا. ولكن من نظر الى هوية الدول التي قادت الاتفاق فهم على الفور بان شيئا رئيسيا تشوش. الدول الأربعة التي وقعت عليه – مصر، قطر، تركيا والولايات المتحدة – خلقت واقع خطير الذي فيه من تمسك بمفاتيح امن المنطقة وإعادة اعمار غزة في المستقبل هي بالذات الدول التي ايدت حماس ومولتها ودافعت عنها خلال سنين. من المهم الانتباه لمن لم يكونوا هناك: السعودية واتحاد الامارات، وهي الدول العربية المحافظة، البراغماتية، التي إسرائيل رسخت في العقد الأخير تعاون غير مسبوق معها في مجال الامن والاقتصاد والنضال ضد ايران.

ان غياب ولي عهد السعودية محمد بن سلمان ورئيس اتحاد الامارات محمد بن زايد لا يعتبر أمر هامشي. هذه مقولة سياسية حادة وواضحة، التي نحن في إسرائيل يجب علينا فهمها. السعودية والامارات أوضحت من البداية بان مشاركتها في خطة اعمار غزة مشروطة بأمر واحد بسيط وهو نزع سلاح حماس وابعادها كمنظمة أو كحركة عن القطاع (تسفي برئيل، “هآرتس”، 15/10). بالنسبة اليها فانه طالما بقيت حماس في غزة فان المنطقة لن تخرج من الخطر، حيث تعتبرها امتداد خطير لحركة الاخوان المسلمين وايران، ومنظمة إرهابية تقضي على أي احتمالية للاستقرار بعيد المدى والسلام الحقيقي في المنطقة.

هذا الشرط المهم ببساطة اختفى من اتفاق ترامب، لذلك فان السعودية واتحاد الامارات وصفت وبحق صيغة الاتفاق بأنها “متساهلة” و”مرنة جدا” تجاه حماس. الاتفاق في الواقع أدى الى انهاء القتال وإعادة المخطوفين، لكنه لا يضمن نهاية حماس ولن يؤدي الى تدميرها. بالعكس. فقد خلق بالنسبة لها أرضية جديدة لاعادة البناء وإعادة التنظيم والعودة الى العمل من بين انقاض غزة. قطر، الدولة التي شكلت بالنسبة لحماس قبل وبعد 7 أكتوبر مصدر التمويل والدعاية، وتركيا الاخوان المسلمين، هما المسؤولتان الآن عن “اليوم التالي” في غزة، بدلا من السعودية واتحاد الامارات.

هذا الوضع هو تهديد امني حقيقي لإسرائيل. وهذا ليس خطأ تقني، بل هو نتيجة استمرار سياسة اهمال رئيس الحكومة الإسرائيلية. هذا هو  الفشل السياسي الأكثر خطرا له، وهو ليس نتيجة الإخفاق، بل نتيجة سياسة موجهة معروفة مسبقا.

نتنياهو مرة أخرى اختار الهرب من الساحة السياسية لاعتبارات البقاء السياسي، ومرة أخرى ترك فراغ وسمح للعناصر الأكثر تطرفا بالدخول اليه. بدلا من استغلال الدعم الأمريكي واتفاقات إبراهيم وخلق تحالف إقليمي، الذي سيشكل نظام امني جديد مع الدول المعتدلة، سمح لقطر وتركيا بامساك زمام الأمور وإعادة حماس للحياة. هكذا ظهر بالفعل استمرار تطبيق الرؤية الخطيرة والساخرة لنتنياهو التي تقول بان “حماس ذخر”. خلال سنوات فضل نتنياهو الحفاظ على حكم حماس في غزة من اجل اضعاف السلطة الفلسطينية وتعزيز حكمه. أيضا في هذه المرة عندما سنحت لإسرائيل فرصة نادرة لاحداث تغيير استراتيجي في غزة وفي كل المنطقة، مرة أخرى نتنياهو اختار حماس، ومرة أخرى من خلال التنازل عن الامن الوطني لإسرائيل.

الآن بعد فترة قصيرة من تنفيذ الاتفاق تصل تقارير من غزة: حماس عادت لاستعراض القوة، وهي تهدد السكان وتقوم بتصفية رجال مليشيات محلية نشات بمساعدة إسرائيل وتحاول السيطرة على أجهزة توزيع المساعدات. لا توجد آلية دولية لانفاذ القانون الذي يمنع ذلك. الإنجاز العسكري المثير للانطباع لإسرائيل الذي تم تحقيقه بثمن باهظ بدماء الجنود والمدنيين، يتراجع مرة أخرى امام فشل سياسي ذريع.

الدولة المسؤولة كانت ستؤسس امنها على تحالف مع الجيران المعتدلين، السعودية، اتحاد الامارات، مصر والأردن، ولا تضع مصيرها في أيدي تركيا وقطر، التي تتماهى مع الاخوان المسلمين والتي تعطي الأموال والسلاح والاوكسجين لمن قاموا بذبح واختطاف إسرائيليين وزرعوا الموت. أمن إسرائيل لا يمكن ان يكون مرهون بدول معادية وتكره إسرائيل مثلهما.

باهماله لساحة “اليوم التالي” في غزة وتركها للدولة التي باموالها تم تنفيذ المذبحة في قطاع غزة، فان نتنياهو منح حماس هدية، ومنح قطر وتركيا موطيء قدم، وسمح للعالم بأن يفهم ان دولة إسرائيل تنازلت عن المباديء الأساسية التي قام امنها عليها. في مثل هذه اللحظة، التي فيها لا نقود مبادرة سياسية تضمن مصالحنا الأكثر أهمية، والاعتبارات السياسية تتغلب على الاعتبارات الأمنية، فان إسرائيل ضعفت واعداءها تزداد قوتهم.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى