هآرتس: نتنياهو للنخب: إذا وقعت فأنت معي..!

هآرتس 14-7-2023، بقلم كارولينا ليندسمان: نتنياهو للنخب: إذا وقعت فأنت معي..!
في مثل هذا اليوم قبل تسع سنوات، في فترة عملية “الجرف الصامد”، نشر جدعون ليفي مقالاً بعنوان “السيئون إلى الطيران”. كان في الخلفية قتل جماعي للمدنيين، من بينهم 18 شخصاً من عائلة قائد الشرطة في غزة، تيسير البطش، و6 أطفال و4 نساء.
أراد في هذا المقال حرف نصف الانتقاد عن المتهمين الثابتين (حرس الحدود، غولاني، جنود “كفير”)، ووجه الانتقاد مباشرة إلى رأس الهرم، طياري سلاح الجو: “أبطال… على العاجزين الذين ليس لهم سلاح جو أو دفاع جوي”.
عاصفة الإدانات التي تعرض لها ليفي والصحيفة، كانت غير مسبوقة في قوتها وشملت مئات إلغاء الاشتراكات. قراء “هآرتس” والطيارون والنخبة في إسرائيل بشكل عام، كانوا على استعداد لتحمل الانتقاد ما دام الذي جسد هذه القذارة الأخلاقية هو شخصية الجندي في “المناطق” [الضفة الغربية] وليس أبناء النخبة. عندما حطموا في “هآرتس” تقسيم العمل الأخلاقي للتهمة الجماعية، كان هذا نوعاً من خرق الميثاق بين الصحيفة والقراء. “محظور إزعاج العقلانيين أثناء نومهم”، كتب ألبير كامي في “دافار”. هذا بالضبط ما فعله شليف.
بنسبة مختلفة، حكومة تعامل كل من نتنياهو والإصلاح القضائي مع النخبة بشكل مشابه. تقسيم الحقائب في الحكومة كان مهنة ذهنية لإزعاج الأشخاص الجيدين ومنعهم من النوم. ما الذي جعل نتنياهو يصنع جدعون ليفي؟ فلو أراد الهدوء النسبي فقط لعيّن في الوظائف الحساسة وزراء أقل إثارة للخلاف كما فعل في وزارة الدفاع. ولكن نتنياهو لم يصمد أمام إغراء تحطيم الصورة الذاتية للإسرائيلي المستقيم. هذه متعة اكتشفها في 2015 عندما عيّن ميري ريغف في منصب وزيرة الثقافة. وقد أدمن ذلك منذ ذلك الحين. قرر هذه المرة تعيين الموظف الرمادي، نموذج سطحية الشر، في منصب وزير العدل. والكهاني المتهكم والعنصري والعنيف في منصب وزير الأمن الوطني. وإذا لم يكن هذا كافياً، فقد سمح للأول بإلغاء شبه الدستور الموجود هنا، وسمح للثاني بإقامة مليشيا.
ما الذي جعله يفعل ذلك؟ المتعة التي يحققها ذلك؟ أما أنا، فأرى شيئاً آخر. نتنياهو يقول للنخب: إنكم تعرضوني كشخص فاسد وسارق جشع، تصورون زوجتي وكأنها مجنونة، وابني كأنه شخص مريض نفسياً. وأنتم تعتقدون بأنني سأسمح بالحفاظ على صورتكم الذاتية كأبناء آلهة الديمقراطية. لا وألف لا. إذا سقطتُّ ستسقطون معي. تريدون اللعب بالتعريفات الرسمية؟ لا مشكلة لدي. إذا كنت شخصاً فاسداً فستسجلون كمجرمي حرب في المحاكم الدولية. لذلك، من غير المفاجئ أن الأمور الآن تتعلق بالأساس بسلاح الجو، واستعداد الطيارين لتجسيد تهديدهم بالرفض. الطيارون يهددون بإلغاء التسجيل على دولة إسرائيل.
حسب عاموس هرئيل، هذه هي نقطة ضعف نتنياهو، لأن رئيس الأركان اعتبر استقالة بضع مئات من الطيارين النقطة التي ستتضرر فيها قدرة سلاح الجو (“هآرتس”، 13/7). وحسب هرئيل، فإن الطيارين يقلقون من احتمالية أن تغير التغييرات في التشريع نظرة القانون الدولي من مشاركتهم في نشاطات الجيش الإسرائيلي في “المناطق”، وستحاول الدول الأجنبية تقديمهم للمحاكمة على ارتكاب جرائم حرب.
هذه هي صفقة نتنياهو إذاً: تريدون العودة للنوم وبهدوء وتحلمون بأنكم الممتازون في الجيش الأكثر أخلاقية في العالم؛ إذاً توقفوا عن أن تصنعوا مني مسخاً، وكفى للمقاطعة والمحاكمة. في المقابل، سأطرد بن غفير ولفين وسنعود جميعاً للنوم معاً، وسنحلم أحلاماً ذهبية عن الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.