ترجمات عبرية

هآرتس: ملاك الموت يزيد المراهنة

 هآرتس – نحاميا شترسلر – 12/8/2025 ملاك الموت يزيد المراهنة

كل مستثمر في البورصة يعرف الظاهرة: هو يستثمر في سهم، وهذا السهم يرتفع طوال اسبوع الى اسبوعين ويكون سعيدا، ولكن فجأة يغير اتجاهه ويبدأ بالهبوط بصورة حادة يوما بعد يوم، ويكون هو مترددا: هل ينتظر الى ان يتعافى ويعود الى سعر الشراء او يتعين عليه بيع السهم فورا من اجل تقليل الخسائر.

القاعدة الاولى هي عدم النظر الى الخلف. يجب عدم البكاء على ثمن الشراء المرتفع، بل يجب النظر للامام وطرح سؤال: هل يدور الحديث عن شركة سوف تربح او شركة ستحقق خسائر. في الحالة الثانية يجب المسارعة وبيع السهم وهكذا تتحقق الخسارة القائمة (المحدودة) مع كل الالم الذي يكتنف ذلك. والا فإن اراقة الدماء ستستمر، والخسائر ستتراكم والالم فقط سيزداد.

وهذا ما يحدث لنا الان في غزة. في بداية الحرب السهم ارتفع: حماس ضربت، زعماؤها قتلوا وانفاقها فجرت ومقرات قياداتها دمرت ولم تعد تعمل كجيش منظم. لقد كان امام نتنياهو حينئذ ثلاث فرص جيدة لتحقيق الاستثمار بربح كبير: سواء الوصول الى اتفاق لانهاء الحرب مع حماس المنهكة والضعيفة وكذلك اعادة كل المخطوفين. ولكن نظرا لان هدفه هو الحفاظ على الكرسي فإنه دمر كل الفرص وواصل الحرب الى ان غير السهم اتجاهه، وبدأ بالهبوط وتراكمت الخسائر.

لكن ما زال بامكانه تقليل الخسارة اي التوصل الى اتفاق مع حماس حول انهاء الحرب واعادة كل المخطوفين – بدون باقي الاهداف غير الواقعية التي يتحدث عنها. ولكن بدلا من ذلك هو يزيد المراهنة ويعلن عن توسيع الحرب، وتجنيد الاحتياط والاحتلال التدريجي لمدينة غزة. هكذا يفعل مقامر قهري غير متزن، وواثق من انه سينجح هذه المرة ويغطي خسائره، ويحقق ربحا ولكن الواقع يظهر انه سيسقط في وحل اعمق في وحل اكثر كثافة، ويتحول الى ملاك الموت للجنود في الجيش النظامي وفي الحتياط وللمخطوفين الذين سيقتلون.

اذا دخلنا الى مدينة غزة، فإن الجنود سيسقطون في هجامات عصابية والمخطوفون سوف يعدمون في الانفاق. يوجد ايضا حدود لما يمكن للنفس ان تستوعبه. لن يعود بامكاننا سماع تعبير “سمح بالنشر”. هذا يجرح الروح. محظور ايضا السماح لنتنياهو بالتفريط بالمخطوفين وتركهم ليموتوا. ان عملا كهذا سيتحول الى صدمة وطنية، والتي ستسجل على جبهته كوصمة عار وستدمر الروح الاسرائيلية للزمالة والتضامن المتبادل. الجيش الاسرائيلي لم يعد بامكانه القول: نحن لا نبقي خلفنا اسرى. حيث اننا ابقيناهم لدى العدو الاكثر فتكا والاكثر سادية والذي يعذبهم ويجوعهم. لهذا فإن اعادة المخطوفين ليست فقط امرا اخلاقيا تجاههم، هي ايضا عملية انقاذ بالنسبة لنا. حيث ان الامر لا يتعلق هنا فقط بكارثة شخصية بل ايضا بكارثة وطنية. 

ثمة للتفريط ايضا جانب عملي. من سيريد التجند للجيش والذي فيه اذا سقطت في الاسر فإن الدولة ستهملك لتموت تحت التعذيب؟. في نهاية المطاف من الواضح انه سيأتي يوم فيه الشباب لن يوافقوا على الخدمة في الوحدات القتالية وسيرفض رجال الاحتياط ان يموتوا في اطار خطة الرجل الاكثر حقارة في تاريخ الشعب اليهودي: حرب طويلة، تأجيل الانتخابات، والبقاء في السلطلة والغاء المحاكمة.

هذا الاسبوع، وفي مؤتمر صحفي غريب، كذب دون توقف. لقد اعلن انه اتخذ “قرارا دراماتيكيا لهزيمة حماس”. اذا كان الامر كذلك، فما الذي فعلع طوال 22 شهرا؟ هو ايضا عرض مطالبه من حماس: القاء السلاح، اعادة المخطوفين، تجريد القطاع من السلاح، سيطرة امنية اسرائيلية وحكم مدني ليس حماس وليس السلطة الفلسطينية. هذا لا يمكن تحقيقه. نتنياهو هو ذلك الذي فشل في تحقيق هذه الاهداف طوال ما يقارب سنتين. هو ذلك الذي دهورنا الى هذا السقوط الحالي الانهيار الحالي.

العمل الوحيد الذي كان يجب القيام به هو تقليل الخسائر. والتوصل الى اتفاق فوري مع حماس حول انهاء الحرب واعادة المخطوفين. هذان البندان فقط هما اللذان يمكنهما انقاذنا.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى