هآرتس: معظم ملفات الاعتداء على الفلسطينيين تُغلق بدون اتهام

هآرتس 16/1/2025، هاجر شيزاف: معظم ملفات الاعتداء على الفلسطينيين تُغلق بدون اتهام
معظم ملفات الجريمة القومية ليهود ضد فلسطينيين في الضفة الغربية في العشرين سنة الاخيرة، تم اغلاقها بدون لوائح اتهام. هذا ما يتبين من المعطيات التي جمعتها جمعية “يوجد حكم” في الاعوام 2005 – 2024. هذه الجمعية تابعت 1701 ملف تحقيق في مخالفات قومية متطرفة ضد الفلسطينيين في لواء يهودا والسامرة في الشرطة، التي لا تعكس كل الظاهرة. حواي 94 في المئة من الملفات التي تمت متابعتها تم اغلاقها بدون لوائح اتهام، وفقط 3 في المئة من الملفات التي قدمت فيها لوائح اتهام أدت الى الادانة الكاملة أو الجزئية.
في نفس الوقت التحقيق الذي اجرته الجمعية اظهر أنه في العقد الاخير حدث انخفاض في نسبة المتضررين الفلسطينيين المستعدين لتقديم شكاوى في الشرطة على عنف التطرف القومي، هذا التوجه الشديد في السنتين الاخيرتين، بعد تسلم ايتمار بن غفير منصب وزير الامن الوطني: في 2024 شهد 66 في المئة من المتضررين الذين شاركوا في البحث بأنهم غير معنيين بتقديم شكوى في الشرطة (101 حالة من بين الـ 153)، مقابل 27 في المئة من المتضررين الذين اجابوا “نعم” في 2021.
من الملفات البارزة في السنوات الاخيرة، التي لم تصل الى مستوى توجيه تهمة، ملفات اعمال الشغب في حوارة في شباط 2023، التي قتل فيها سامح الاقطش في قرية زعترة المجاورة. احد المتضررين كان هو سكان حوارة، الذي تم احراق محله في اعمال الشغب، قدم بمساعدة “يوجد حكم” شكوى في يوم الاحداث، وفي ايلول 2023 تم ابلاغه بأنه تم اغلاق الملف. ملف التحقيق الذي حصلت عليه المحامون كان يشمل فقط المصادقة على تقديم شكوى ورسالتان باللغة العربية، وهو نفسه لم يتم استدعاءه على الاطلاق للتحقيق.
سلوك مشابه للشرطة كان في تموز 2024 عندما تمت مهاجمة فلسطينيين من قبل مستوطنين في خربة النحلة قرب مستوطنة افرات. “نحن كنا في ارضنا، المستوطنون قاموا بمهاجمتنا”، قال للصحيفة صهيب، أحد المهاجَمين. “لقد حطموا السور وقاموا بادخال قطعانهم الى ارضنا. اطلقوا النار على قدمي وضربوني بعصا على رأسي ورشوني بغاز الفلفل. كثيرون منا اصيبوا. وعمي احتاج الى وضع البلاتين، وابن عمي قاموا بكسر قدمه”. حسب تقديره فان حوالي عشرين مستوطن كانوا في المكان، وبعد ذلك وصل الى المكان جنود ومستوطنين آخرين. وقد قال بأنه وثق الاعتداء، لكن المستوطنين الذين كانوا مكشوفي الوجوه حسب قوله سرقوا هاتفه. لم نرجع الى الارض منذ ذلك الحين. نحن لا نريد المشاكل”.
بعد ذلك قال صهيب بأنه هو واشخاص آخرين تم الهجوم عليهم ذهبوا الى المستشفى لتلقي العلاج وبعضهم قدموا شكوى في شرطة بيتار عيليت بعد اسبوع. الشرطة لم تتوجه الى أي أحد في اعقاب الشكوى وملف التحقيق تم اغلاقه بعد ثلاثة اشهر. ايضا التحقيق في تخريب مقهى في قرية الساوية في كانون الثاني 2024 تم اغلاقه بدون تقديم لائحة اتهام، هذا الملف وجدت فيه فقط مصادقة على تقديم شكوى ووثيقتين للشرطة الفلسطينية. الشرطة لم تتطرق لذلك أبدا لأنه كان لدى المشتكي فيلم فيديو.
شرطة لواء شاي (يهودا والسامرة) معروف منذ زمن أداءها المعيب بخصوص ملفات جرائم التطرف القومي ضد الفلسطينيين. المشتبه فيهم لا يتم اعتقالهم، رجال الشرطة يأتون الى مكان العملية بشكل متأخر، التحقيق لا يتم فتحه طالما أنه لا توجد شكوى (حتى لو كانت الجريمة معروفة للشرطة)، ويتم وضع صعوبات امام المشتكين الفلسطينيين. مثلا، لا يوجد دائما محققين يتحدثون العربية، واحيانا الشرطة لا تقوم بادخال الفلسطينيين الى مراكز الشرطة. فلسطيني من بيت لحم قال للصحيفة بأنه عندما جاء في كانون الاول من اجل تقديم شكوى ضد العنف، انتظر لبضع ساعات خارج مركز الشرطة في بيتار عيليت، وفي النهاية قالوا له إنه لا يمكن استقباله لأنه لا يوجد محقق يتكلم العربية في المركز. هذا الشخص الذي تعرض مرة تلو الاخرى لعنف المستوطنين اضطر الى العودة خالي الوفاض ونجح بعد ذلك فقط في تقديم شكوى.
منذ بداية الحرب حدثت حوادث خطيرة فيها لم يتم تقديم لوائح اتهام، مثل المواجهة قرب قرية عقربة في 15 نيسان: مستوطنون وجنود جاءوا الى مدخل القرية وبدأوا في الاحتكاك مع فلسطينيين كانوا يرعون ابقارهم في اراضيهم. في هذه الحادثة تم اطلاق النار وقتل فلسطينيين، والجثث تم ارسالها الى التشريح في اسرائيل. عن ذلك قال في حينه مصدر في الشرطة بأن هذا الامر سيساعد على حل القضية. رغم ذلك لم يتم تقديم لائحة اتهام حتى الآن. وفي قسم المتحدث بلسان الجيش قالوا بأنه في اعقاب الحادث تم فتح تحقيق مشترك بين الشرطة وقسم التحقيقات مع رجال الشرطة، وهو مستمر حتى الآن.
ايضا في حالات المذابح في قرية دوما وقرية المغير في نيسان في اعقاب قتل الفتى بنيامين احيمئير على يد فلسطيني من دوما، لم يتم تقديم لوائح اتهام. وهكذا ايضا في المذبحة في قرية جت في شهر آب، التي تم فيها احراق بيوت واطلاق النار وقتل شاب فلسطيني. في بعض الحالات تم اعتقال بعض الاشخاص اعتقال اداري، لا يشمل تقديم لائحة اتهام، بل يسمح باعتقال شخص لثلاثة – ستة اشهر. مؤخرا اعلن وزير الدفاع اسرائيل كاتس بأنه سيتوقف عن استخدام هذا الاعتقال ضد المستوطنين.
عندما تقوم الشرطة باغلاق ملف يجب عليها الاشارة الى سبب الاغلاق. وحسب “يوجد حكم” فان 64.4 في المئة من الملفات التي تم فحصها في العشرين سنة الاخيرة تم اغلاقها لأن المشتبه فيهم لم يتم العثور عليهم. 19.5 في المئة من الملفات تم اغلاقها بسبب نقص الادلة، و11.2 في المئة من الملفات تم اغلاقها نتيجة عدم وجود تهمة جنائية والمتبقية لاسباب مختلفة. حالة تم فيها اغلاق الملف لأن المجرم غير موجود، هي حالة مهاجمة عائلة فلسطينية قرب المنية، التي قربها اقيمت في هذه السنة بؤرة استيطانية باسم “مكنيه ابراهام”. “نحن كنا نرعى الاغنام، المستوطنون جاءوا وجلبوا قطعانهم الى قطعة الارض”، قال رب العائلة احمد الطروة. “بعد ذلك جاء الجنود، وامام ناظريهم قام المستوطنون بضربي بعصا. أنا قلت للشرطة بأن الجنود كانوا هناك وأن لدي صور للمعتدين”. وحسب قوله، المستوطنون ايضا قاموا بضرب أحد اولاده في نفس الحادثة. بعد ذلك تم الاعتداء على العائلة عدة مرات – في أخطر حالة في كانون الاول، قام المستوطنون باحراق مبنى لتخزين المعدات الزراعية. هنا ايضا تم توثيق الاعتداء، والطروة قدم شكوى في الشرطة. حتى الآن لم يتم التقرير اذا كان سيتم تقديم لائحة اتهام.
في جمعية “يوجد حكم” قالوا اضافة الى البيانات التي قدموها: “بيانات عدم انفاذ القانون في العشرين سنة الاخيرة تثبت أن عنف المستوطنين لا يعتبر هامشي وصدفيا، بل هو ظاهرة. ما كان خلال سنوات سياسة منهجية لتحقيقات فاشلة في الشرطة اصبح عند تشكيل الحكومة الحالية رسالة واضحة لدعم الاجرام الايديولوجي ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. عنف المستوطنين اصبح ذراع تنفيذية اخرى لمشروع الاستيطان والضم، الذي يعمل على السيطرة على الاراضي وطرد الفلسطينيين من اراضيهم، خلافا للقانون الدولي”.
الشرطة لم ترد على سؤال هآرتس فيما يتعلق بالملفات التي ذكرت هنا. ولكنها قدمت رد عام: “أي شكوى يتم تقديمها في الشرطة يتم التحقيق فيها ويتم علاجها على يد افضل المحققين في لواء يهودا والسامرة وبحسب خطورة الملف، بالتعاون مع محققي الشباك ووفقا لحدود المسؤولية. في بعض الملفات التي تم عرضها التحقيق مستمر حتى الآن وبطبيعة الحال لا يمكن اعطاء أي تفاصيل. بعض الملفات التي تم عرضها تم اغلاقها بعد تنفيذ كل اجراءات التحقيق المطلوبة، طبقا لنتائج التحقيق والأدلة. يجب الاشارة الى أن لواء يهودا والسامرة والشباك سيستمرون في التحقيق في الملفات بشكل جذري ومهني من اجل التوصل الى الحقيقة”.