هآرتس: مسودة الاتفاق لوقف النار: الجيش الإسرائيلي يمكنه أن يعمل ضد حزب الله داخل لبنان

هآرتس 31/10/2024، يونتان ليس وآخرين: مسودة الاتفاق لوقف النار: الجيش الإسرائيلي يمكنه أن يعمل ضد حزب الله داخل لبنان
مسودة اتفاق وقف اطلاق النار بين اسرائيل ولبنان، التي بلورتها الولايات المتحدة وتم نقلها لاسرائيل في اطار النقاشات حول الخطة النهائية، تشمل تفويض واسع لاسرائيل بالهجوم على طول الحدود داخل اراضي لبنان لاحباط تهديدات حزب الله أو منظمات اخرى. وحسب المسودة فانه في كل حالة تشخص فيها اسرائيل وجود تهديدات عليها في عمق اراضي لبنان، من بينها انتاج السلاح وتخزينه ونقل السلاح الثقيل والصواريخ البالستية أو صواريخ للمدى المتوسط أو البعيد، سيسمح لها بالعمل عسكريا، هذا فقط اذا فشلت الحكومة اللبنانية أو أي جسم رقابة آخر يتم تأسيسه برعاية امريكا في محاولة احباط هذه التهديدات. اضافة الى ذلك جاء في المسودة أن اسرائيل يمكنها الاستمرار في القيام بطلعات جوية عسكرية في سماء لبنان لاهداف استخبارية وتعقب.
الوثيقة الامريكية التي تم نقلها لاسرائيل كجزء من النقاشات حول وقف اطلاق النار وكشف عنها في “كان” تنص على أن الجيش اللبناني سيكون القوة المسلحة الوحيدة، اضافة الى قوة اليونفيل التي سيسمح لها العمل في اراضي لبنان. الجيش اللبناني سيعطى توجيهات بمنع ادخال سلاح أو وسائل قتالية غير مرخصة في المعابر الحدودية وسيعمل على تفكيك مصانع وبنى تحتية لانتاج السلاح والذخيرة التي اقامتها المنظمات المختلفة في لبنان. الوثيقة تتضمن ايضا تصريح امريكي فيه أنه بعد انسحاب قوات الجيش الاسرائيلي من لبنان سيكون لاسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، حسب القانون الدولي، والحفاظ على الامن على طول الحدود في الشمال، بما في ذلك القيام بنشاطات ضد تهديدات على أمن اسرائيل. الاتفاق يحدد منطقة في اراضي لبنان على طول خط الحدود، فيها الولايات المتحدة تعترف بحق اسرائيل في “العمل للدفاع الفوري عن النفس”.
المسودة لا تحدد الموعد الذي سيدخل فيه وقف اطلاق النار الى حيز التنفيذ. ولكن من لحظة الاعلان ستحدد فترة ستين يوم من اجل تطبيق الاتفاق بالكامل. حسب الخطة اسرائيل ستقوم بسحب قواتها من لبنان في فترة لا تتجاوز الاسبوع منذ وقت دخول الاتفاق الى حيز التنفيذ. والجيش اللبناني سينشر قواته على طول حدود الدولة. الولايات المتحدة، اسرائيل ولبنان، سيقومون بانشاء آلية مشتركة للرقابة وتنفيذ الاتفاق، التي ستتأكد من تطبيق بنود الاتفاق، ويمكن لاسرائيل ولبنان ابلاغ الجسم المراقب على أي خرق للاتفاق.
الاتفاق يطالب بتطبيق القرار 1701، الذي ينص على أن “الولايات المتحدة تؤكد دعمها لاسرائيل في تطبيق القرار الذي سيضمن أن حزب الله وقوات مسلحة اخرى لن تستخدم قوتها مجددا أو السلاح والبنى التحتية في جنوب لبنان”. المسودة تنص ايضا على أن اسرائيل والولايات المتحدة ستتشاركان في المعلومات الاستخبارية الحساسة فيما يتعلق بالخروقات أو الاشتباه بخرق الاتفاق من الطرف اللبناني. المعلومات ستنقل الى الحكومة اللبنانية أو جهاز رقابة بديل كي يعمل ضد الخروقات. في المسودة كتب أن الادارة الامريكية ملزمة بالعمل مع اسرائيل وشركاء آخرين ضد جهود ايران لتقويض الاستقرار في لبنان ومنع ايران ووكلاءها من السعي الى تقويض خطة وقف اطلاق النار.
ردا على التقارير حول المسودة قالوا في البيت الابيض “هناك تقارير ومسودات كثيرة يتم تداولها. وهي لا تعكس وضع المفاوضات الحالية”. مبعوثا الرئيس الامريكي، جو بايدن، الى المنطقة، عاموس هوخشتاين وبيرت ماكغيرك، يتوقع أن يصلا اليوم الى اسرائيل في محاولة لاستكمال المحادثات حول وقف اطلاق النار على الحدود الشمالية. مصادر مطلعة على هذه الزيارة اشارت الى أن قدومهما يدل على التقديرات في الادارة الامريكية بأن اسرائيل ولبنان ناضجين لاستكمال الاتصالات. رئيس الحكومة الانتقالية في لبنان، نجيب ميقاتي، قال في مقابلة اجريت معه في قناة “الجديد” اللبنانية بأنه بعد المحادثة مع هوخشتان هو يأمل، مع الحذر المطلوب، التوصل الى وقف لاطلاق النار مع اسرائيل خلال بضع ساعات أو بضعة ايام.
ميقاتي اضاف بأن حزب الله كان يجب عليه أن يقطع الصلة بين غزة وجبهة لبنان، في مرحلة ابكر. وقال ايضا بأن لبنان يضمن تطبيق القرار 1701 بدون أي اضافة، وأن الجيش اللبناني سيصل مباشرة الى الجنوب بشكل تدريجي. وأن الشرط الاول لتطبيق وقف اطلاق النار من ناحية بيروت هو دخول الجيش اللبناني وانتشاره في موازاة انسحاب الجيش الاسرائيلي.
مصدر اسرائيلي رفيع مشارك في النقاشات حول الصفقة قدر بأن طريقة تطبيق الاتفاق بالكامل ما زالت بعيدة. وحسب قول هذا المصدر فانه “مشكوك فيه اذا كان يمكن استكمال النقاشات حتى موعد الانتخابات الامريكية. وحتى اذا تم التوصل الى الاتفاق في الايام القريبة القادمة فانه تطبيقه سيحتاج الى بعض الوقت. وانتشار الجيش اللبناني أو ترتيب تفويض جديد ومهم لقوة دولية ستوضع على طول الحدود ستحتاج الى الاستعداد”.
في اسرائيل يتعاملون مع الاتفاق الآخذ في التبلور كعلامة مهمة على الطريق لاعادة سكان الشمال المخلين الى بيوتهم. “لا أحد سيعود الى بيته اذا لم يعرف بأن هذا الاتفاق يوفر له الامن ويضمن قدرة اسرائيل على التعامل بعدة طرق عندما يتم تقويضه من جديد من قبل حزب الله أو جهات اخرى”، قال نفس المصدر الاسرائيلي.
الادارة الامريكية تواصل في موازاة ذلك الدفع قدما بالجهود الدبلوماسية لوقف اطلاق النار بين اسرائيل وحماس في القطاع واطلاق سراح المخطوفين المحتجزين هناك في يد هذه المنظمة الارهابية. هذه العملية يقودها رئيس الـ سي.آي.ايه وليام بيرنز، الذي يجري محادثات في هذا الشأن مع شخصيات رفيعة في اسرائيل، قطر ومصر، استمرارا للقاء الذي اجراه في بداية الاسبوع مع رئيس الموساد دافيد برنياع ورئيس الحكومة القطرية.
مصدر امريكي يشارك في النقاشات في هذا الشأن قال للصحيفة بأن هناك مسألة رئيسية لم يتم حلها بعد وهي هل أي اتفاق مع لبنان سيكون مقبول على حزب الله طالما أن الحرب في غزة مستمرة، مع التأكيد على نشاطات الجيش الاسرائيلي في شمال القطاع، التي تعرض في العالم كمحاولة اسرائيل نقل بالقوة السكان الفلسطينيين من هذه المنطقة الى جنوب القطاع. هذا المصدر حذر ايضا من أنه رغم التقدم في صياغة مسودة الاتفاق بين اسرائيل ولبنان، إلا أن هناك خطر في أنه بسبب الفشل في التوصل الى وقف لاطلاق النار في غزة فان الاتصالات حول الساحة الشمالية ايضا ستواجه أزمة.
الادارة الامريكية لديها قنوات دبلوماسية موازية للساحتين، وهي لا تربط بينهما بشكل رسمي. في مسودة الاتفاق لوقف اطلاق النار في لبنان لا يوجد أي ذكر مفصل لقطاع غزة، لكن قرار ارسال هوخشتاين لجولة محادثات اخرى مع اسرائيل والحكومة اللبنانية، وفي موازاة ذلك مواصلة المحادثات حول اتفاق على تحرير المخطوفين ووقف الحرب في غزة، يعكس اعتراف غير رسمي بأن العلاقة بين ساحاتي القتال لم يتم قطعها بعد.
اضافة الى ذلك من غير الواضح اذا كان حزب الله رغم الضربات الشديدة التي تكبدها في الاشهر الاخيرة والتأكيد على فقدان معظم مستويات القيادة وجزء كبير من ترسانة صواريخه، سيوافق على طلب اسرائيل، حرية العمل في لبنان ازاء ما تعتبره اسرائيل خروقات للاتفاق. المصدر الامريكي قال إن هذا البند يمكن أن يثير معارضة من قبل حزب الله، إلا اذا تم وضع آلية منظمة لتحديد هذه الخروقات.