هآرتس: مبادرة ماكرون السياسية استقبلت بالاستخفاف لكنها تنعكس في مخطط ترامب

هآرتس 5/10/2025، ليزا روزوفسكي: مبادرة ماكرون السياسية استقبلت بالاستخفاف لكنها تنعكس في مخطط ترامب
في الواقع ما زال من السابق لاوانه القول بان الحرب في غزة على وشك الانتهاء وأن المخطوفين على وشك العودة. ولكن الان يمكن اعطاء الفضل لزعيم واحد تعرض بالاساس الى الاهانة في اسرائيل وهو الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون. المبادرة الفرنسية – السعودية، التي انطلقت في نهاية السنة الماضية، ظهرت كمشروع اخرق ومثير للضجة، ولا توجد فيه أي اهمية عملية. الاهانات التي حصل عليها ماكرون من بنيامين نتنياهو لم تساعد في تحسين الوضع.
يبدو ان الدبلوماسية الفرنسية الكثيفة، سواء من وراء الكواليس أم أمامها، اسفرت عن نتائج غير متوقعة. الخطة الامريكية التي تتكون من 20 نقطة تستند الى اعلان نيويورك، الناتج عن المبادرة الفرنسية – السعودية، في اكثر من بند: نشر القوة الدولية في غزة، الامر الذي ظهر كخيالي قبل بضعة اسابيع، اصبح الآن واقعا ينتظر التنفيذ. ايضا خطة نزع التطرف من المجتمعين، الاسرائيلي والفلسطيني، مستمد ايضا من الوثيقة الفرنسية – السعودية. ووعد محمود عباس الملموس والشامل لاجراء اصلاحات في السلطة الفلسطينية، وهو شرط البيت الابيض لنقل الحكم في غزة للسلطة الفلسطينية، جاء كرد ومقابل على اعتراف الغرب بالدولة الفلسطينية الذي قاده ماكرون.
حسب اقوال الدكتورة مورييل اسبورغ، زميلة كبيرة في قسم الشرق الاوسط وافريقيا في المعهد الالماني لشؤون الخارجية والامن (اس.دبليو. بي)، فان انجازات المبادرة لا تقتصر على ذلك. “يمكن الاشارة الى ثلاث نقاط فيها اوصلت المبادرة ادارة ترامب الى المكان الذي لم تكن فيه في السابق”، قالت للصحيفة. “أولا، وهم الريفييرا في غزة، الذي كان سيؤدي الى الطرد القسري لسكان القطاع، ازيل بشكل رسمي عن طاولة النقاشات. ثانيا، المبادرة اجبرت الدول العربية على العمل معا بدلا من الجر نحو اتجاهات مختلفة. ثالثا، المبادرة جعلت الدول الغربية، ومحمود عباس ايضا، تدين بشكل علني فظائع 7 اكتوبر، والقول بانه لا يوجد مستقبل مع حماس”.
المعارضة الحازمة لادارة ترامب للاعتراف بفلسطين اخذت تضعف، بضغط عربي – اسلامي كثيف. في نهاية المطاف حلم الدولتين اندمج ايضا بخطة الـ 20 نقطة – ربما هذا هو الانجاز الاكبر والمفاجيء اكثر لماكرون، الذي يظهر القوة في صياغة أي حلم، مهما كان عام وغير واضح لليوم التالي. الضم غير وارد في المستقبل المنظور. ايضا يصعب تصور اتخاذ اسرائيل “اجراءات مضادة مماثلة” ضد فرنسا وبريطانيا.
الدول الاوروبية من ناحيتها ستتحمس من وجود فرصة للبدء في تحسين العلاقات التي تدهورت في الاشهر الاخيرة ووصلت الى حضيض غير مسبوق. عمليا، هي بثت طوال الوقت لاسرائيل بأنها مستعدة للمصالحة من اللحظة التي سيعطى لها سبب جيد لذلك، ولكن هذا لن يحدث بدون شروط. وثيقة السياسات التي نشرت في هذا الاسبوع، والتي كانت اسبورغ من المبادرين اليها، تعرض على حكومة المانيا تبني سياسة جديدة في كل ما يتعلق بالشرق الاوسط، والتوقف عن تفضيل الدعم لاسرائيل، الذي شاهدناه في العقود الاخيرة، ويتم عرضه كقيمة اساسية لالمانيا، حسب التزامات قانونية واخلاقية – بالتحديد على خلفية ماضيها. من بين الاقتراحات العملية التي تظهر في الوثيقة فرض حظر شامل اكثر على اسرائيل، ودعم المانيا لتعليق اتفاق الشراكة معها والغاء الاعفاء من تاشيرات الدخول الى اوروبا لسكان المستوطنات. المانيا في الواقع لمحت مؤخرا بانها توجد على شفا تغيير سياستها في كل ما يتعلق بصد مبادرات مناهضة لاسرائيل في الاتحاد الاوروبي. الآن، عندما يبدو ان اسرائيل مستعدة للتقدم فان احتمالية ذلك ضعفت بشكل كبير.
مع ذلك، التغيير الكبير في الرأي العام الاوروبي ضد اسرائيل سيكون من الصعب اصلاحه. استطلاع اجرته شركة “يوغوف” لعينة شملت 2000 مستطلع الماني، اظهر ان 60 في المئة من المصوتين لتحالف الاحزاب المحافظة سي.دي.يو/ سي.اس.يو (الذي انتخب المستشار الحالي فريدريك ميرتس)، يعتقدون انه يمكن وصف عمليات اسرائيل في غزة بأنها ابادة جماعية. في اوساط مصوتي الخضر، حزب اليسار دلنكا والحزب الاشتراكي الديمقراطي، النسبة اعلى بكثير. في اوساط مصوتي حزب ايه.اف.دي اليميني المتطرف، الذي معه حتى حكومة اسرائيل الحالية لم تطبع العلاقات، فان 56 في المئة يعتقدون ان اسرائيل ترتكب ابادة جماعية في غزة.
هذا التوجه يتوقع ان يؤثر على استعداد الدول الاوروبية لاعادة علاقاتها مع اسرائيل الى سابق عهدها. “الحكومات، لا سيما حكومة المانيا، ستكون مسرورة من تحسين علاقاتها مع اسرائيل عندما تتوقف المذابح”، قال اسبورغ واضافت. “لكن هذا يتعلق هل حكومة اسرائيل ستعتبر شريكة في التقدم نحو الحل الشامل للنزاع بين اسرائيل والفلسطينيين”. في اوروبا يئسوا من نتنياهو وحكومته منذ زمن. ولكنهم يحرصون على التوضيح بان هذا اليأس لا يسري على كل الاسرائيليين. انهاء الحرب سيكفي من اجل وقف هذا الانجراف، لكن الدول تفضل كما يبدو بناء العلاقات من جديد مع شريك آخر.