ترجمات عبرية

هآرتس: لم تعد الأصول الاستراتيجية للولايات المتحدة

هآرتس 12-7-2023م، بقلم تسفي برئيل: لم تعد الأصول الاستراتيجية للولايات المتحدة

“الولايات المتحدة تلتزم بأمن دولة إسرائيل” – هذه هي المسلمة التي أقسم عليها رؤساء الولايات المتحدة في عشرات السنين الأخيرة وكأنها بند في دستورها. وقالوا أيضاً إن “إسرائيل ذخر استراتيجي للولايات المتحدة”، أي أن المس بها هو مس بأمن الولايات المتحدة. ولكن الأمريكيين لم يقدروا بأن حكومة إسرائيل نفسها ستتحول إلى تهديد أمني على دولتهم وستضر بمكانة واشنطن الاستراتيجية.

تجسيد هذا الالتزام في نظر الولايات المتحدة، يقاس بكمية السلاح والمساعدات العسكرية والتعاون الاستخباري والتكنولوجي وتمويل مشاريع أمنية حيوية والدعم في الأمم المتحدة، واجتثاث أعداء مشتركين والدفع قدماً بمكانة إسرائيل الدولية بشكل عام وفي الشرق الأوسط بشكل خاص من أجل إزالة أي تهديد من طريقها. كانت سياسة إسرائيل على الأغلب خارج المجال، وكأنه لا صلة لها بالأمن. اكتفت واشنطن على أكثر الأحوال بالصراخ والتوبيخ والضغط في كل ما يتعلق بإقامة المستوطنات. وحتى خرق حقوق الإنسان، والتمييز، ونظام الأبرتهايد في “المناطق” [الضفة الغربية]، كل ذلك لم يزعجها.

على سبيل المثال، هكذا يعيق الكونغرس بيع طائرات “إف 16” لتركيا بسبب سياسة قمع القيم الليبرالية الأساسية، التي تبناها الرئيس رجب طيب أردوغان. ومصر تعاني من تجميد جزئي للمساعدات الأمريكية لنفس السبب، في حين أن إسرائيل حصلت على الإعفاء. الولايات المتحدة عقدت وتعقد صفقات ممتازة مع أنظمة استبدادية، لكن الفرق هو أن التزامها بالأمن يستند إلى مصالح سياسية متغيرة، وليس إلى تحالف أيديولوجي وشراكة قيمية. أصبحت السعودية دولة منبوذة بعد عشرات السنين من التحالف العسكري، وصدام حسين الذي كان حليف واشنطن إلى أن احتل الكويت. كما شنت الولايات المتحدة حرب الخليج الثانية لتفكيك تهديد الاستخدام لسلاح الإبادة. وعندما لم تعثر على هذا السلاح في العراق، قررت استمرار الاحتلال هناك بذريعة تسويق الديمقراطية في الدول الدكتاتورية. كان هذا هو المبرر لاحتلال أفغانستان حتى بعد اغتيال أسامة بن لادن.

ترى واشنطن الآن بخوف كيف أن “ذخرها الاستراتيجي” وحليفتها المقربة جداً، تندمج جيداً في منظومة الدول المنبوذة هذه، وكيف تحطم حكومتها برئاسة بنيامين نتنياهو قدرتها على تحقيق التزامها بأمن إسرائيل. “الإدارة الأمريكية ستتدخل فيما يحدث في إسرائيل”، قال السفير السابق توم نايدز في مقابلة مع “وول ستريت جورنال”، “هي بحاجة إلى أن تمنعها من النزول عن الخط”. ولكن الخصام الواضح بين بايدن ونتنياهو والتنكر لوزراء الجريمة والتوبيخ العلني، كل ذلك ينزلق عن غطاء الحكومة دون ترك أي خدش. ما زالت واشنطن مفهومة ضمناً في إسرائيل في أفضل الحالات، وينظر إليها في الحالة الواقعية أنها عدوة تسعى لإسقاط النظام. هي الآن تستيقظ من وهمها الإسرائيلي. ولكن الحليفة التي تعهدت بالحفاظ على أمن إسرائيل ما زال باستطاعتها فعل ما يجب لصديقة حقيقية أن تفعله لإنقاذ ابنة العائلة. يسمون هذا “تدخلاً”، وعملية منسقة بين أقارب وأبناء عائلة من أجل إنقاذ قريب وقع في أزمة عميقة تسبب بها هو نفسه وأحياناً يكون ذلك أيضاً بالقوة.

صحيح، لا شعور حتى الآن بالتهديد الكامن في تقطيع النسيج الأمني. فالتعاون العسكري مستمر وسيستمر، وعلى السطح ما زالت العلاقة مع الولايات المتحدة تبدو “طبيعية”، لكن خطوط الشرخ تمتد تحت السطح، الذي قد يصل لمرحلة اللا رجعة. أصبحت إسرائيل تشبه دول المنطقة الأخرى. وهي تزيل عن نفسها وبسرعة كل الأمور التي رسخت شراكتها مع الغرب بشكل عام ومع أمريكا بشكل خاص. فرع آخر من صناعة السلاح الأمريكية. زبون لا يحظى بأفضلية وبتخفيض خاص.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى