ترجمات عبرية

هآرتس: لكل حرب يوجد اسم وهذه الحرب يجدر ان تسمى “حرب التخلي”

هآرتس 19/10/2025، يوسي فيرترلكل حرب يوجد اسم وهذه الحرب يجدر ان تسمى “حرب التخلي”

حرب يوم الغفران بدأت بهجوم مفاجيء لمصر وسوريا على اسرائيل، ظهيرة 6 تشرين الاول 1973. في الايام الاولى كان يوجد خوف كبير على وجود الدولة. وزير الدفاع في حينه موشيه ديان تحدث عن “خراب الهيكل الثالث” واقترح فحص استخدام السلاح النووي. رئيسة الحكومة في حينه غولدا مئير فكرت بالانتحار، حسب شهادة المقرب منها يعقوب حزان، الذي سمع ذلك منها. الحرب انتهت بعد ثلاثة اسابيع تقريبا بانتصار كبير للجيش الاسرائيلي.

لا أحد من اعضاء الحكومة في حينه خطر بباله تسمية هذه الحرب – التي بدأت بفشل استخباري وسياسي فظيع وانتهت بانجازات عسكرية غير مسبوقة، بالتاكيد مقارنة مع معطيات البداية – حرب “يوم القيامة” أو “حرب الخلاص” أو “الولادة من جديد”. هذه كانت حرب يوم الغفران من اليوم الاول والى الازل، مثلما ان حرب لبنان (الاولى) لم تتم تسميتها في أي يوم “عملية سلامة الجليل” – الاسم الذي اختارته الحكومة في 6 حزيران 1982. حتى حرب الايام الستة التي كانت الانتصار الباهر في كل الحروب سميت ببساطة هكذا، رغم انه لم يكن هناك أي سبب موضوعي للامتناع عن تسميتها باسم طنان ولامع.

“كل شخص له اسم”، كتبت الشاعرة زلدا. ايضا كل حرب يوجد لها اسم. ان محاولة الحكومة ابعاد 7 اكتوبر عن الذاكرة الجماعية (والرسمية) بواسطة الصاق كلمة “قيامة” بها، هي الفصل 740 في رسالة خبيثة تهدف الى محو سنوات كثيرة من الفشل السياسي الذي ادى الى يوم الكارثة بالنسبة لسكان غلاف غزة. الحرب الاطول في تاريخ اسرائيل بدأت بعدالة كاملة، مع مرور الوقت تحولت الى حرب خداع استهدفت خدمة مصلحة سياسية لشخص واحد فقط. يجدر تسميتها “حرب الخداع”، “حرب التخلي”، أو ببساطة “حرب نتنياهو”. لأن هذا ما كانت عليه على الاقل في سنتها الثانية. المخطوفون الذين كان يمكن اعادتهم قبل فترة طويلة تم تركهم للمعاناة، واحيانا للموت، في الانفاق لان نتنياهو لم يرغب في انهائها. عشرات آلاف الاسرائيليين الذين تم اخلاءهم من بيوتهم لم يحصلوا على رد مناسب لانه كان للحكومة سلم اولويات مختلف. منظمات مدنية مثل “اخوة السلاح” دخلت الى الصورة وملأت الفراغ. على ذلك لن يغفر لهم الى الأبد. والبيبيون سيقومون بالتنديد بهم دائما وسيسمونهم خونة ورافضون.

تقريبا لم يكن هناك أي يوم، ربما باستثناء اليوم الاول واليوم الثاني لاندلاع الحرب، الذي فيه نتنياهو ومحيطه لم ينشغلوا فيه بما سمي “تشكيل الرواية”. الى جانب المعركة العسكرية جرت معركة موازية، شخصية، استهدفت ابعاد عنها تهمته بكونه رئيس حكومة اسرائيل لعقد ونصف قبل المذبحة، الشخص الذي قاد تصور مدمر وتجاهل تحذيرات صريحة للاستخبارات العسكرية والشباك، وقام برعاية حماس على حساب السلطة الفلسطينية، وبالطبع، نفذ انقلاب نظامي قسم الجمهور واضعف الردع واضر بمكانة اسرائيل الدولية وعلاقاتها مع الولايات المتحدة واستدعى الهجوم.

حقيقة ان جلسة الحكومة الاولى بعد انتهاء الحرب سيتم تكريسها لمناقشة اسم هذه الحرب، وليس مثلا اتخاذ قرار بشان تشكيل لجنة تحقيق رسمية، استهدفت حرف انتباه الجمهور عن التملص الممنهج لتشكيل جسم موضوعي يحقق في كل ما كان قبل 7 اكتوبر وفي كل ما حدث في اعقابه. في الغد، في جلسة الحكومة، سنسمع نتنياهو وهو يقوم بتمجيد جهاز الامن على انجازاته، وهو نفس جهاز الامن الذي حرض عليه في اشهر الانقلاب التسعة. وبعد ذلك وزير تلو آخر سيتملقون له ويتمرغون تحت قدميه وسيرددون صفحة الرسائل الدعائية التي ستعطى لهم قبل ذلك.

طرق عمل نتنياهو والوزراء للتنصل من المسؤولية يجب أن تظهر في مناهج التعليم في الانظمة الديكتاتورية. حملة التحريض على عائلات المخطوفين مثلا، التي تستمر ايضا حتى الآن ضد كل من يتجرأ على توجيه الانتقاد (أو عدم شكر جلالته)، هي مثال ممتاز. هكذا ايضا اقصاء العائلات الثكلى التي تطالب بتشكيل لجنة تحقيق رسمية عن احتفال الذكرى. أو مثلا، نشر افتراءات على صيغة غوبلس، ضد رئيس الشباك السابق رونين بار ورئيس الاركان السابق هرتسي هليفي وكل من لم يكن مستعد للتساوق مع الرسالة.

حتى الزيارة في المستشفى للمخطوفين العائدين اقتصرت على مستشفى واحد، خمس عائلات التي لم يكن يتوقع منها احراج نتنياهو وزوجته. من البداية تم تجميع هذه العائلات في مستشفى بلنسون من اجل التسهيل على الحاكم. معظم العائلات في ايخيلوف وفي شيبا لم تحظى بالزيارة، ولا حتى بمكالمة هاتفية. هي ستحصل على الرسالة المناسبة في الشبكات الاجتماعية وفي بعض الاستوديوهات.

نتنياهو هو فنان كبير في اعادة كتابة التاريخ. ولكن احيانا هو يواجه بقوة اكبر منه. مثلا، الرئيس دونالد ترامب. في الغد سيتم عرض في الولايات المتحدة حلقة من برنامج “60 دقيقة” في شبكة بي.سي.اس، سيتم فيها اجراء مقابلات مع السادة المحترمين ستيف ويتكوف وجارد كوشنر، اللذان قاما بصياغة اتفاق وقف اطلاق النار. هما سيتحدثان مع تعابير الصدمة والاشمئزاز كيف انهما تفاجآ من هجوم اسرائيل في الدوحة، وكيف أنه جعلهم يستيقظون ويقولون بان نتنياهو يفقد السيطرة، وأنه كان يجب عليهما اعادته الى التلم وانهاء الحدث.

“نحن شعرنا بأنه تمت خيانتنا” اعترفا. وهذه الجملة يقولها ملايين الاسرائيليين العقلانيين. ايضا توجد لترامب رواية خاصة به. عندما يرى ان شخص مثل نتنياهو يحاول التآمر عليه، فانه يضعه في مكانه ويعرفه على حجمه. فقط ترامب قادر على فعل ذلك: اولا، سلسلة التسريبات التي عرفتنا كيف انتهت الحرب ومن الذي تسبب بذلك ومن هدد ومن ضغط على من. بعد ذلك بتصريحات مباشرة للرئيس، والآن في مقابلة مع المبعوثين “اليهوديين” اللذين هما بالاساس من مؤيدي اسرائيل. لكنهما ايضا يعرفان أن اسرائيل ليست بيبي وحكومته.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى