هآرتس: في مقترح ترامب تنقص التفاصيل الصغيرة التي قد تتبين كحواجز منيعة

هآرتس 1/10/2025، ليزا روزوفسكي: في مقترح ترامب تنقص التفاصيل الصغيرة التي قد تتبين كحواجز منيعة
تقريبا لسنتين خرقت اسرائيل وقف اطلاق النار، في حين ان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو رفض وعوق صفقات لاعادة المخطوفين وانهاء الحرب مرة تلو الاخرى. الادعاء الذي كان في اساس موقف اسرائيل، والذي عرضه رئيس الحكومة، هو انه يجب القتال حتى “النصر المطلق” على حماس، الذي يتضمن استسلامها ونزع سلاحها. أول أمس وقف نتنياهو بجانب الرئيس الامريكي، دونالد ترامب، في قاعة مليئة بالكاميرات والمراسلين واعلنا بان الحرب يمكن أن تنتهي حتى بدون تحقيق هذا الهدف. نتنياهو اضطر ايضا الى الموافقة على خطة تشمل التطرق المباشر والصريح الى “امكانية وجود مسار موثوق لتقرير المصير ولدولة فلسطينية”، هذا رغم تصريحاته الجديدة والمتكررة التي تقول بان الدولة الفلسطينية ستكون مثابة هدية لحماس.
قتل عشرات آلاف الفلسطينيين والخطر دائم على حياة المخطوفين – الذين حتى أن بعضهم قتلوا في هجمات اسرائيل أو قتلوا في الوقت الذي عمل فيه الجيش الاسرائيلي في المنطقة التي تم احتجازهم فيها – يمكن أن يتوقف في القريب، هذا بالطبع اذا وافقت حماس على اطلاق سراح جميع المخطوفين خلال 72 ساعة منذ اللحظة التي ستوافق فيها اسرائيل بشكل علني على الاتفاق. بعد اطلاق سراح المخطوفين من شان حماس ان توافق على تدمير بناها التحتية، بما في ذلك الانفاق ومنشآت انتاج السلاح، في الوقت الذي تبدأ فيه عملية نزع السلاح من غزة تحت رقابة مراقبين مستقلين، التي ستشمل اخراج السلاح بشكل دائم عن الاستخدام في عملية متفق عليها. من ناحية حماس الحديث يدور عن اقتراح غير سيء تماما: نزع السلاح لن يكون على الفور، ومشكوك فيه ان يتم استكماله بشكل كامل. حماس يمكنها الحفاظ ليس فقط على كرامتها، بل ايضا على تاثير واضح لها في القطاع.
اعلان رئيس الحكومة امس، انه يؤيد خطة ترامب وانها تحقق كل اهداف الحرب التي اعلن عنها في السابق، كان يمكن ان يبدأ العد التنازلي لانهاء الحرب. “خلال ايام لا يجب أن تكون أي طلقة”، قال الرئيس الامريكي في المؤتمر الصحفي. ولكن حلم ترامب، “سلام عالمي في الشرق الاوسط”، كما عرفه، غاب عنه الانشغال بالتفاصيل الصغيرة التي يمكن ان تضع امام الحطة عقبات لا يمكن تجاوزها.
على سبيل المثال، البند 17 في الخطة التي نشرها البيت الابيض كما يبدو في تطلع الى تقييد نتنياهو، ينص على انه حتى لو رفضت حماس الاقتراح أو اعاقته، فان اسرائيل ستنقل “مناطق خالية من الارهاب” الى يد قوة استقرار دولية. هذه القوة حسب ما تم الاشارة اليه في الوثيقة يمكن أن تشمل جهات عربية ودولية، وان تكون مدعومة من الخارج بآلية “استشارة” من جانب مصر والاردن. طبيعة تحديد المناطق النقية وصورة تشكيل القوة وموعد نشرها في القطاع، وبالاساس العلاقة بين نشرها وبين تفكيك قوة حماس في القطاع، بقيت بمثابة لغز. ايضا طريقة مواجهة السيناريو الذي حماس فيه ترفض الخطة بقي غير واضح. ترامب قال انه سيدعم نتنياهو بشكل مطلق اذا رفضت حماس الخطة، ونتنياهو اعلن بان اسرائيل “ستنهي العمل لوحدها”. كيف ستعمل في هذه الحالة، اذا عملت اصلا، القوة الدولية؟.
ثغرة اخرى للتشويش والتاخير الطويل في المفاوضات، ايضا في سيناريو فيه كل الاطراف توافق على الخطة وتريد الدفع بها قدما، هو عمق انسحاب اسرائيل وموعده. البيت الابيض ارفق بالاعلان عن خطة الرئيس خارطة تخطيطية لثلاثة مراحل انسحاب اسرائيل من غزة. استنادا الى هذه الخارطة يمكن التقدير بان المرحلة الاولى، “المتواضعة”، التي يتوقع ان تحدث بشكل فوري عند قبول الاتفاق بشكل علني، ستشمل انسحاب جزئي فقط من مناطق ماهولة (أو مناطق كانت ماهولة قبل الحرب)، وضمن ذلك اجزاء في مدينة غزة. نتنياهو سارع الى الشرح لناخبيه بان “اسرائيل ستبقى في معظم القطاع”. مرحلة الانسحاب القادمة يمكن ان تكون متعلقة بتشكيل قوة الاستقرار الدولية، في حين ان الانسحاب النهائي من كل القطاع حتى منطقة التماس، يمكن ان يحدث بعد ان “تكون آمنة من أي تهديد للارهاب” – وهو التعريف الذي يمكن من كسب الوقت تقريبا مثل “النصر المطلق”. لذلك فانه يمكن بالتاكيد الاعتماد على اقوال نتنياهو بان اسرائيل ستبقى في المنطقة المحيطة “في المستقبل المنظور”.
حماس لم ترد حتى الآن على خطة ترامب بشكل رسمي. والاصوات العلنية التي تسمع منها لا تبشر بالخير. الدليل على انه في هذه المرة التعويق لن يكون من قبل نتنياهو، بل حملة الدعاية الكثيفة للدفاع عن الخطة التي بدأ مكتبه فيها. سواء ننتنياهو نفسه في الفيلم الذي نشره (كعادته في حين ان الاحاطة للمراسلين الاسرائيليين تم تأجيلها وفي النهاية تم الغاءها)، أو سكرتير الحكومة يوسي فوكس، اوضحا بان رئيس الحكومة يواصل معارضته بشدة لدولة فلسطينية. ايضا عودة السلطة الفلسطينية الى القطاع، التي وعد بها بشكل صريح في الوثيقة الامريكية، حتى لو لم يتم تحديد موعد لذلك، تم طمسها وتقزيمها من قبلهما. مصادر في محيط نتنياهو اهتمت ايضا بتاطير النتيجة كانجاز اسرائيلي، والمقربون من رئيس الحكومة يقولون بثقة ان العملية في مدينة غزة وصلت الى نهايتها.
لكن انجازات مشابهة جدا كانت على بعد خطوة خلال اشهر. فقط مع مزيد من المخطوفين الاحياء وعدد اقل بكثير من الضحايا والتدمير في الطرف الغزي. اعلان بيرت ماكغورك، الذي كان المسؤول عن المفاوضات من قبل ادارة بايدن، الذي قال فيه ان المقترح الحالي قريب جدا “مما كان يجب ان يكون المرحلة الثانية في وقف اطلاق النار في كانون الثاني)، يدل على ذلك.
خطة الـ 21 نقطة لانهاء الحرب في غزة، التي اعلن عنها المبعوث الخاص للرئيس الامريكي في الشرق الاوسط ستيف ويتكوف بعد اللقاء بين ترامب والزعماء العرب والمسلمين في الامم المتحدة، تقلصت في نهاية المطاف الى 20 نقطة فقط. نقطة واحدة شطبت من الخطة لانه تم تحقيقها خلال اللقاء بين ترامب ونتنياهو، التي اضطر فيها رئيس الحكومة الى الاعتذار لرئيس حكومة قطر محمد آل ثاني، ووعده بانه لن يهاجم في أي يوم دولته. من وراء الضباب الذي تم نثره في المؤتمر الصحفي، ومن وراء الصعوبات الحقيقية التي سيواجهها كل من سيحاول ان يكون شريكا في الحل، فقد فهم الوسط الدبلوماسي في واشنطن أمر واحد: قطر خرجت كرابح كبير وواضح من اللقاء بين نتنياهو وترامب، مع انجاز واضح في صورتها وانجاز سياسي ملموس وواضح.
نتنياهو ظهر متاهب ومتوتر خلال الخطاب الطويل الذي القاه ترامب بجانبه. رغم الابتسامة المصطنعة التي رسمها، لقد مسح وجهه بمنديل عندما بدأ الصديق الافضل لاسرائيل بالثناء على امير قطر، وحتى انه تطوع لـ “تشكيل بالنسبة له رجل علاقات عامة”. في المؤتمر الصحفي اوضح الرئيس بان الرسالة التي صممت عائلات المخطوفين عليها، لكنه كان يصعب نقلها خلال اشهر، وصلت اخيرا، الكثير من الاسرائيليين “يريدون اعادة المخطوفين وانتهاء الحرب”، حسب الرئيس. بعد مرور سنتين التي فيها مفهوم “الوقت ينفد” اصبح كتماهي مع معاناة المخطوفين وابناء عائلاتهم، اشار البيت الابيض لنتنياهو بان الوقت الذي اعطي له لزرع الموت والدمار في غزة هو الذي نفد. ولكن هذا الاعلان جاء بحروف صغيرة، التي سيتم حل لغزها فقط في الايام القريبة القادمة.