ترجمات عبرية

هآرتس: في تصفية قيادة حماس توجد فرصة، لكن ليست التي قصدتها اسرائيل

هآرتس 10/9/2025، تسفي برئيلفي تصفية قيادة حماس توجد فرصة، لكن ليست التي قصدتها اسرائيل

القرار بتصفية قيادة حماس الخارج على الاراضي القطرية ليس مجرد استغلال فرصة استخبارية وعسكرية للانتقام من المسؤولين عن كارثة 7 اكتوبر. لقد كانت هناك فرص كثيرة كهذه في الماضي. انه قبل كل شيء قرار دبلوماسي وسياسي لانهاء المفاوضات بشأن تحرير الرهائن من جانب واحد؛ لوقف الحوار المرهق وعديم الجدوى الذي تبدو فيه اسرائيل وحماس كأنهما تنتظران كل منهما رد الاخرى على نحو يلزم كل طرف بالتنصل من مكانته كـ” رافض”؛ وللمناورة بين تغريدات ترامب ووعوده؛ وخاصة لتحرير الحكومة مما تراه قيودا وضعها الرهائن وعائلاتهم والجمهور الواسع على يديها. ومن وجهة نظرها هم يملون عليها استمرار الحرب في غزة، وطبيعتها وحجمها.   

 لا يزال غير معروف من وكم من اعضاء قيادة حماس قد قتلوا في الهجوم، لكن اذا استؤنفت المفاوضات – فستستمر في ان تدار اساسا بوساطة مصرية بين اسرائيل وقيادة حماس في القطاع، وعلى رأسها عز الدين حداد الذي يحتجز الرهائن. ستظل مسألة بقاء حداد مرتبطة بالطريقة التي سيدير فيها مساره.  

في العامين الاخيرين تصرفت حماس غزة – سواء بقيادة السنوار او بقيادة خلفائه – كمن بيدها الصلاحية للبت في كيفية ادارة المفاوضات، وفي الشروط والمواعيد، وفي مكانة الوسطاء، وفي النتيجة النهائية التي يجب الوصول اليها. ومع ذلك، حتى اذا نجحت اسرائيل في تصفية حداد، فلن تستطيع بذلك ضمان الافراج عن الرهائن: اذا لم يقتلوا من نشاط جيش الدفاع الاسرائيلي، فقد يعمد آسروهم الى قتلهم عندما يرون انهم لم يعودوا يشكلون درعا بشريا – وانهم قد اصبحوا عبئا.

في هذا السياق يمكن ايضا تقرير ان ادوات الضغط القطرية والمصرية على حماس غزة كانت قادرة على التأثير ما دامت قطر تمول حماس وتنقل الى التنظيم، بموافقة اسرائيل وتشجيعها، مئات ملايين الدولارات؛ وما دامت مصر تمسك بمعبر رفح، شريان الحياة الاقتصادي للقطاع. ما ان توقف الدعم القطري وسيطرت اسرائيل على معبر رفح من الجانب الغزي، حتى تحولت ادوات الضغط الى جهود تأثير لم تنجح حقا. وذلك خاصة بعد ان اتضح ان الولايات المتحدة – التي كان يفترض من وجهة نظر الوسطاء وحماس ان توفر الضمانات لاسرائيل – لم تؤد دورها. وبالنسبة الى كل ذلك، كانت قيادة حماس الخارج لاعبا ثانويا.

اغتيال قيادة حماس الخارج، على غرار تصفية كبار مسؤولي حماس الاخرين الذين عملوا خارج غزة، ليس كقتل حسن نصر الله وقيادة حزب الله.  لقد تمكنت اسرائيل من انهاء الحرب في لبنان لان لبنان وفر لها شريكا متفقا عليه – حكومة ورئيسا رأيا معها بنفس المنظار حلا يشمل تجريد حزب الله من سلاحه تمهيدا لتفاهمات سياسية حول ترسيم الحدود. مع ان حزب الله ما زال ذا قوة سياسية وعسكرية في لبنان، فقد فقد قيادته وقدراته العسكرية وغلافه اللوجستي. لذلك كان الاضرار به خطوة تغير الواقع.

حماس، من جهة اخرى، غير مطالبة بالتساوق وتكييف نفسها مع حكومة فلسطينية ذات سيادة. التزامها بـ “القضية الفلسطينية” وببرنامج سياسي يقود الى اقامة دولة فلسطينية يستند الى ايديولوجيا بعيدة عن غالبية الجمهور الفلسطيني. الى جانب اتهام اسرائيل، يرى هذا الجمهور في حماس مسؤولا مباشرا ومركزيا عن الدمار والقتل في القطاع. معارضة حماس المتواصلة لاتفاقات اوسلو جعلتها ذخرا وشريكا استراتيجيا لحكومات نتنياهو، التي رأت فيه جدار حماية ضد كل برنامج سياسي يقود الى حل الدولتين.

تصفية قيادة حماس، في غزة وخارجها، كان من الممكن في ظروف اخرى ان تحيي فرصة للمفاوضات السياسية بين اسرائيل والفلسطينيين وتمهد الطريق لحل سياسي تكون فيه منظمة التحرير الفلسطينية، التي اعترفت بدولة اسرائيل، قادرة على ادارة دولة فلسطينية. لكن حتى قبل الخوض في حل سياسي شامل، كان من شأن التصفية على الاقل ان تفتح ابواب غزة امام السلطة الفلسطينية، وان ترسخ فيها حكما بديلا، وان تستقطب تعاون دول عربية – كان بعضُها قد اعرب بالفعل عن الاستعداد للمساهمة في اعمار غزة – وبذلك تخلق واقعا جديدا. غير ان هذه ليست “الفرصة” التي قصدتها اسرائيل عندما قررت مهاجمة فيلا خليل الحية في الدوحة. بخلاف لبنان، لدى اسرائيل في غزة استثمار ايديولوجي ينتظر التنفيذ.

في هذه الاثناء، ما دام غير معروف ما آل اليه مصير قادة حماس وحين لا توافق اسرائيل على اي بديل فلسطيني في غزة، سوى عصابات مجندة على شاكلة تلك التي يقودها ياسر ابو شباب – فان الهجوم في قطر لا يزال يعتبر حدثا “لا يغير الواقع”، لا في غزة وربما ايضا ولا في المنطقة كلها. لقد سارعت قطر ومصر والامارات العربية المتحدة والاردن الى ادانة اسرائيل وطالبت “المجتمع الدولي” بمحاسبتها. واضافت الاردن كذلك انها ستدعم اي رد ترغب فيه قطر، لكن لا هي ولا باقي الدول اوضحت ما الذي تنوي فعله.

فعليا، هذه التصريحات لا اسنان لها حاليا. قطر ليست ايران – وبالمقارنة مع القاهرة وابو ظبي وعمان، فهي حتى لا تستطيع التهديد بقطع العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل. وفوق ذلك، تتهم قطر بالفعل بانها قد “باعت” حماس للولايات المتحدة واسرائيل. فمن غير المعقول ان دولة يوجد فيها اكبر قاعدة امريكية في الشرق الاوسط، التي ترصد كل حركة الطائرات من مسافة بعيدة، لم تكن تعلم مسبقا ان اسرائيل على وشك ان تهاجم. وهذه هي نفسها قطر التي “وافقت” بالتنسيق مع الولايات المتحدة على ان تهاجم ايران القاعدة الامريكية عقب الهجوم الامريكي والاسرائيلي على منشآت ايران النووية في حزيران. وقد حظيت حتى باشادة من الرئيس ترامب على “نجاحها” في التوصل الى وقف اطلاق نار بين اسرائيل وايران.

هذه قطر التي تعهدت باستثمار اكثر من تريليون دولار في الولايات المتحدة، وحاكمها، الشيخ تميم آل ثاني، عانق بحرارة قبل اربعة اشهر فقط الرئيس ترامب. وقبل ذلك وقع اتفاقا مع “Trump Organization”، شركة الاعمال العائلية للرئيس، لبناء ملعب غولف فاخر في الدوحة والذي ستقيمه شركة سعودية.

مع انحسار احتفالات الهجوم والمبالغة في تقدير “الرسالة” التي بعث بها رئيس الحكومة إلى جميع منظمات الارهاب ودول المنطقة، تعود اسرائيل إلى الواقع المروع نفسه في قطاع غزة. واقع تقف فيه على وشك اقامة حكم عسكري مباشر يكون مسؤولا عن حياة اكثر من مليوني انسان بتمويل دافع الضرائب الاسرائيلي. من دون الرهائن. ومن دون افق لإنهاء الحرب.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى