ترجمات عبرية

هآرتس: عين على ايران واخرى على الولايات المتحدة

هآرتس 6/10/2024، عاموس هرئيلعين على ايران واخرى على الولايات المتحدة

قبل يوم السنة على المذبحة الاكثر رعبا في تاريخنا، تغرق اسرائيل عميقا في حرب متعددة الجبهات. فهي تستعد لتنفيذ تهديدها ومهاجمة ايران كرد على هجمة الصواريخ الايرانية الواسعة في 1 اكتوبر. في لبنان تكثر المؤشرات على أنه صفي هاشم صفي الدين، الخليفة المرشح لامين عام حزب الله، حسن نصر الله، في غارة جوية اخرى في الضاحية. الى جانب ذلك، تمشط قوات الجيش الاسرائيلي قرى في جنوب الدولة وتصطدم برجال حزب الله الذين يخوضون معارك دفاعية ضارية. في الساحة الفلسطينية، في الضفة وفي القطاع، توجد حالة تأهب عالية استعدادا لمحاولات العمليات التي يخططون لها لاجل اثارة صدى كبيرا غدا. في موضوع واحد يكاد لا يكون شك: صفقة المخطوفين مع حماس عالقة تماما، و101 مخطوفا، نحو نصفهم لا يزالون على قيد الحياة، من شأنهم أن يبقوا في الأسر لفترة طويلة اخرى. بقدر ما يترسب الغبار بعد الهجمة الايرانية، التي تضمنت حسب التقارير اطلاق 181 صاروخا بالستيا، يتضح امران: امكانية الضرر الهائل لاطلاق النار وتحققه الضيق نسبيا. اسرائيل لا تقدم تفاصيل عن الاضرار التي الحقتها الهجمة بالمواقع العسكرية، باستثناء تصريح بأنه لم يتضرر الأداء الجاري لسلاح الجو كنتيجة لسقوط الصواريخ. صور من ساحة سقوط صاروخ في هود هشارون وتحليل صور الاقمار الصناعية من منشآت امنية مختلفة قام به خبراء دوليون، يشهدان على حجم الدمار اللاحق وإن كان لم تقع اصابات في الارواح.

إن النجاح الاسرائيلي المبهر في اعتراض النار من لبنان لا يشبه التصدي لتحدي الصواريخ البالستية من ايران. فالنظام في طهران لا بد خائب الامل من الاصابات والدمار المتدنية، بعد أن اطلق اكثر من 300 صاروخ بالستي في هجمتين، في نيسان وفي اكتوبر. ولكن يبدو أنه يسجل امامه بأن رشقة ثقيلة من الصواريخ يمكنها أن توتر قدرات الدفاع الاسرائيلية حتى النهاية. في المدى البعيد، ومن الصعب الافتراض بأن المواجهة الاسرائيلية – الايرانية ستنتهي تقريبا، ستكون هنا منافسة بين وتيرة الانتاج والتدقيق لمنظومات الهجوم الايرانية ومنظومات الاعتراض الاسرائيلية. فتحقيق قدرة عملياتية اولية تتمثل بالاعتراض بواسطة منظومة ليزر تستخدم من الارض، المتوقعة في السنة القادمة، يفترض أن تساعد في الجهد الاسرائيلي اساسا حيال تهديدات قصيرة المدى من لبنان.

الجهد ليس دفاعيا فقط. كما اسلفنا، اسرائيل هددت منذ الآن بمهاجمة ايران، ردا على ليل الصواريخ. الولايات المتحدة تدير معها اتصالات مكثفة في محاولة لتقييد طبيعة الرد ومنع تدهور اقليمي آخر وإن كان عمليا تجري هنا الحرب الاسرائيلية – الايرانية الاولى. الرئيس جو بايدن تحدث علنا ضد هجوم على مواقع النفط الايرانية. الى جانب ذلك نقل الامريكيون لاسرائيل رسائل ضد هجوم على مواقع النووي، المهمة التي ستتطلب تنسيقا وثيقا بين الدولتين.

الجنرال مايكل كوريلا، قائد المنطقة الوسطى الامريكية، وصل أمس الى البلاد لتوثيق عمليات الدفاع، في ضوء التصعيد مع ايران وحزب الله. في البنتاغون، حسب تقرير في “نيويورك تايمز” قلقون من أن التواجد العسكري الامريكي المعزز، الذي يستهدف ظاهرا المساعدة في احتواء الازمة، يسمح لاسرائيل عمليا بتشديد اجراءاتها الهجومية، مع العلم أنه يوجد لها ظهر امريكي.

لكن ادارة بايدن لا تعرب عن تحفظ جارف لخطوات الجيش الاسرائيلي، بل وتعترف علنا بحق اسرائيل في الدفاع عن نفسها من خلال خطوات هجومية ضد خصومها. هذا صحيح لهجوم في ايران كفيل بأن يكون موجها ضد مواقع عسكرية، وصحيح ايضا للخطوة البرية الاسرائيلية في جنوب لبنان. لقد وافقت الولايات المتحدة بشكل غير مباشر على أن يعمل الجيش الاسرائيلي هناك لبضعة اسابيع اخرى على الاقل، رغم أن مبعوث بايدن الى المنطقة، عاموس هوخشتاين، حرص على أن يوضح بأن الادارة لم تعط اسرائيل ضوء اخضر مسبق للعملية.

إن التصفية المتوقعة لصفي الدين تفاقم احساس الفراغ في حزب الله، في القيادة العسكرية والسياسية للمنظمة. من القيادة السياسية قتل مؤخرا ايضا نبيل كويك، وهكذا بقي على ما يبدو نائب نصر الله، نعيم القاسم، كشخصية بارزة، الى جانب بضعة نشطاء معروفين أقل. في ضوء القتل المنهاجي لمسؤولي الذراع العسكري واضح أن المنظمة لا تزال تجد صعوبة في أداء مهام القتال وفقا للخطط التي أعدت مسبقا. في اثناء العيد اشتدت نار الصواريخ نحو شمال اسرائيل، في ظل اطلاقها الى عمق اراضي الدولة حتى منطقة قيصاريا. وتيرة النار ارتفعت الى مئات الصواريخ في اليوم. ومع ذلك، لا يوجد هنا في هذه الاثناء تحقق لسيناريوهات تكرار نار آلاف الصواريخ في اليوم. اصابة مكثفة لغوش دان، وحتى الظلام الذي يسود في الدولة بسبب سقوط شبكة الكهرباء.

ما يبدو لحزب الله اسهل عمله هو ابقاء وحدات صغيرة من قوة الرضوان لنشر الكمائن في قرى الجنوب في محاولة لاعاقة تقدم الجيش الاسرائيلي. يوم الاربعاء الماضي قتل تسعة جنود من الجيش الاسرائيلي واصيب العشرات، في ثلاثة احداث في جنوب لبنان. كنتيجة لاصابة مسيرة اطلقت من العراق في معسكر للجيش في جنوب هضبة الجولان، قتل جنديان آخران واصيب نحو عشرين. يقدر الجيش بأنه في الايام الخمسة الاولى من المعارك قتل اكثر من 400 من رجال حزب الله، بينهم قادة ميدانيون كثيرون.

العملية الاسرائيلية في جنوب لبنان محدودة حاليا في مداها وفي اهدافها، رغم الخسائر. قوات الجيش تحتل وتمشط مناطق معقدة نشر فيها حزب الله نطاقات عسكرية على مقربة من جدار الحدود، وتجتاح عدة قرى شيعية على مسافة بضعة كيلومترات شمالا. وتشدد مصادر عسكرية على أن النية هي انهاء العملية في لبنان في غضون بضعة اسابيع والتركيز على تدمير بنى تحتية عسكرية. غير أن في لبنان، مثلما سبق أن اكتشفنا في الماضي، توجد علاقة واهية بين الخطط الاصلية أو المعلنة لاسرائيل وبين الشكل الذي تتطور فيه الامور حين يبدأ الاحتكاك مع العدو. تكمن صعوبة في ادارة حرب في الغيار الثاني: احد المباديء الهامة في الحرب هو السعي لتحقيق نصر سريع. ليس هكذا تتصرف اسرائيل. بداية في غزة والآن في لبنان.

ومثلما المح هوخشتاين تتجدد الآن المحاولات الامريكية لايجاد مخرج من الازمة قبل أن يقع قتلى ودمار آخر في اسرائيل وفي لبنان ويتفاقم الصدام بين القدس وطهران. في صباح يوم الجمعة في بيروت عرض وزير الخارجية الايراني، عباس عراقجي، تأييدا جارفا من بلاده لحزب الله. رسميا على الاقل، يبقي الايرانيون في أيدي قيادة المنظمة القرار بالتوصل الى وقف نار مع اسرائيل في لبنان أو مواصلة القتال طالما يتواصل في غزة، مثلما وعد نصر الله حتى تصفيته في 27 ايلول.

أي ضغط عسكري؟

في الخلفية، في قطاع غزة، الذي اصبح في الاسابيع الاخيرة ساحة فرعية، لا يزال الجيش يمكنه نظريا أن يركز جهدا هجوميا ضد حماس في مناطق لم يناور فيها بريا في الاشهر الاخيرة. لكن قلة في اسرائيل فقط لا تزال تؤمن بالشعار الذي يقول إن ضغطا عسكريا هو الذي سيؤدي الى تحرير مزيد من المخطوفين. فالضغط على فلول قيادة حماس قل، وفي كل حالة تتبين فيها عملية انقاذ، نقلت المنظمة تعليمات واضحة لحرس المخطوفين بقتلهم.

مخيف أن نرى كم هي مشكلة المخطوفين الملحة دحرت الى اسفل سلم الاولويات الاعلامية والجماهيرية، في ضوء تصعيد الحرب في لبنان وفي ايران، وبشكل مريح للحكومة ايضا تقلص الاهتمام باحداث يوم الذكرى للمذبحة. واضح ظاهرا أن هذه حكومة لا يهمها معظم مواطنيها، سواء كان هؤلاء يذوون في الانفاق في غزة، أم نازحون من بيوتهم في الجليل أو في كيبوتسات الغلاف، أو يحاولون الوصول في العيد الى وحدات الاحتياط في الشمال حيث تم استدعاءهم بالامر 8، فقط كي يكتشفوا أن الدولة لم ترتب لهم المواصلات العامة في السبت أو تحرص على تشديد حركة الطائرات لمن يتم استدعائهم مرة اخرى على عجل من خارج البلاد.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى