ترجمات عبرية

هآرتس: ستشهد سنة 2026 الحفاظ على الوضع الراهن بما يخدم مصالح ترامب ونتنياهو

هآرتس 31/12/2025، جاكي خوري: ستشهد سنة 2026 الحفاظ على الوضع الراهن بما يخدم مصالح ترامب ونتنياهو

“عشم ابليس في الجنة”، هذا مثل شعبي مصري، وهو يعني بالعبرية “احلام خيالية”. هذه بالضبط هي صورة الوضع الذي يرتسم مرة تلو الاخرى لمن ما زال يعلق الامال على دونالد ترامب في كل ما يتعلق بمستقبل قطاع غزة، وبشكل عام فيما يتعلق بالساحة الفلسطينية في السنة القادمة.

الاصوات المتفائلة، أو الذين يريدون بالقوة العثور على ضوء أمل، يميلون الى التركيز على ما حدث في “الغرفة” ويتجاهلون بشكل كبير ما قيل خارجها مثل الثناء والمديح التي تم اغداقها امس على نتنياهو، والتبني شبه الكامل لحجة ضرورة نزع سلاح حماس كشرط لأي تغيير في سيطرة اسرائيل، والتهديد الصريح الموجه لحماس اذا لم تستسلم تماما. ترامب استخدم المثل الذي يقول “لا دخان بلا نار” في الاشارة الى ايران واحتمالية شن هجوم اسرائيلي عليها اذا ثبت ان الجمهورية الاسلامية تسعى من جديد الى تعزيز قدرتها العسكرية. ولكن المثل نفسه ينطبق على قطاع غزة. لو أنه كانت هناك بالفعل نية حقيقية لتسوية لها معنى لكان السلوك على ارض الواقع وفي الخطاب السياسي مختلف كليا.

اصحاب النظرة الثاقبة يدركون ان الرئيس الامريكي، سواء بشكل متعمد أو لا، يتجاهل التفاصيل الصغيرة. هو يتحدث بالعناوين: سلام في الشرق الاوسط، تحسين الوضع في غزة، مساعدات انسانية واستقرار اقليمي. هذه شعارات كبيرة، لكنها فارغة من المضمون. عندما طلب منه التفاصيل سارع الى نقل الامر لآخرين وقال:” ستيف وجارد سيعالجان ذلك”، بالاشارة الى مبعوثه ويتكوف وصهره كوشنر.

من يريد وبحق الدفع قدما بخطوة سياسية لا يتهرب من التفاصيل الدقيقة، بل هو يكون حاسم فيها. هنا بالذات، مع ويتكوف وكوشنر، يتجلى عمق الفراغ. فالاسئلة الجوهرية ما زالت بلا جواب. فهل يعتبر نزع السلاح في القطاع خيار مطروح مقابل انسحاب اسرائيل الكامل، أو انه طلب احادي الجانب يهدف الى ترسيخ سيطرة بعيدة المدى لاسرائيل؟ هل ستكون القوة متعددة الجنسيات، اذا تم تشكيلها، قوة لحفظ الامن والاستقرار أو قوة سلام تقليدية تمنع الاحتكاك وتسهل عملية مدنية أو قوة تشمل ولايتها العملياتية مواجهة الجماعات المسلحة وادارة واقع امني متفجر؟ واذا تم تشكيل هذه القوة فما هي ولايتها بالتحديد ومن الذي سيشرف عليها وكم من الوقت يفترض أن يعمل وما هي نقطة انطلاقها؟ الاكثر اهمية من ذلك هو أين السلطة الفلسطينية من كل ذلك؟ هل هي شريكة أم هل هي مستبعدة أو أنها تذكر فقط كحاشية عند الحاجة الى تقديم “عنوان فلسطيني مسؤول”؟.

طالما بقيت هذه الاسئلة مفتوحة فان الامر لا يتعلق بمسار سياسي بل بادارة الصراع، ليس برؤية بل بتأجيل القرار. في غزة وفي الساحة الفلسطينية يعرفون ذلك تماما. فهم يعرفون ان العام 2026 هو عام الحفاظ على الوضع الراهن مع تغييرات شكلية فقط. وهذه التغييرات لا تقوض حكم نتنياهو، بل تسمح لترامب بالادعاء أن “هناك شيء ما تغير”.

الصيغة واضحة: اسرائيل ستواصل السيطرة على 53 في المئة من مساحة قطاع غزة، بل وقد توسعها الى 60 في المئة. واذا حدثت أي ازالة للانقاض أو أي تغيير في الوضع المدني فهذا سيكون تحت رعاية حكم عسكري اسرائيلي، واذا تم انشاء قوة محلية فستقتصر عملياتها على المناطق المحددة تحت اسم “المناطق التجريبية”. وسيتمكن نتنياهو من القول بانه لم يتنازل عن أي شيء، وسيعرض ترامب البنية التحتية كانجاز، والفلسطينيون سيجدون انفسهم عالقين بين حكم حماس وحكم اسرائيل برعاية امريكية، بدون افق أو التزام بالانسحاب أو مخرج سياسي واضح. وهذه ليست عملية سلام واستقرار.

هكذا فانه من اسبوع الى آخر ومن شهر الى آخر اسرائيل ستغرق في حملة الانتخابات والفلسطينيون سيغرقون اكثر في واقع الاحتلال في القطاع، وربما ايضا في واقع الضم الفعلي في الضفة الغربية. هذا هو الواقع وهذه هي الصورة التي يجب وصفها ازاء المعطيات والوضع على الارض، بدون اوهام وبدون احلام خيالية. سنة سعيدة.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى