ترجمات عبرية

هآرتس: رؤيا نتنياهو تتحقق: في “سوبر اسبرطة” تسيطر منظمة جريمة، والقانون لا ينطبق عليها

هآرتس 19/9/2025، غيدي فايسرؤيا نتنياهو تتحقق: في “سوبر اسبرطة” تسيطر منظمة جريمة، والقانون لا ينطبق عليها

 

“بنغمة شخصية، كمواطن ورئيس للشباك، يجب علي القول لكم، سيدي رئيس الحكومة، هذا حدث في عهدك، لذلك يجب عليك انقاذنا من هذا الوضع”، هذا ما قاله رونين بار لبنيامين نتنياهو في لقاء بينهما في آذار 2023، وهو احد الأشهر الصاخبة جدا للاحتجاج ضد الانقلاب النظامي، وقبل انتهاءه ظهر أن الأمور خرجت عن السيطرة.

دعوة بار وقعت على اذان صماء. لم يكن الشخص الجالس على الجانب الآخر للطاولة الخشبية ينوي تهدئة الأوضاع وانهاء الحرب الاهلية الباردة التي اندلعت بسبب خطوات حكومته العدوانية. بل كانت لديه اهداف أخرى: ضمان استقرار الائتلاف وسحق جهاز القضاء في الطريق الى الهرب من محاكمته. حسب رأيه لم يكن هو واصدقاءه الذين هددوا الدولة، بل المتظاهرين الذين وصفهم بأنهم إرهابيين والصق بهم القاب مهينة. فقد قال لرئيس الشباك: “الجمهور لا يعرف التفاصيل. هو يعتقد ان دولة إسرائيل تمر في عملية اردغنة (نسبة لاردوغان) ودكترة (ديكتاتورية)، هناك جهات تحاول استغلال الوضع والاطاحة بالحكومة”.

نتنياهو واصل: “الحوار حول ازمة قانونية، وان اذرع الامن يجب عليها الحسم بشأن من الذي سيحصلون منه على الأوامر، هو وضع غير معقول، وهذا يهدد جوهر الدولة. حتى لو وصلنا الى ازمة دستورية فان كل أجهزة الامن ملزمة حسب القانون بالاستماع لرئيس الحكومة. أنا اعتبر هذا الموضوع تحطيم للاطار الأساسي لادارة الدولة. المحكمة العليا ليست قائد الجيش الإسرائيلي، الشباك، الموساد والشرطة، وهذا الامر يجب أن يكون واضح.

بعد مرور أربعة أيام اقال نتنياهو وزير الدفاع يوآف غالنت. الغضب العام اجبره على التراجع عن ذلك، لكن هذا كان فقط استراحة قصيرة. الانقلاب النظامي استمر، وفي ظل غياب قوة حقيقية مضادة فقط تسارع هذا الامر بعد 7 أكتوبر. الكابوس الذي عرضه نتنياهو امام بار حول حكم بدون كوابح آخذ في التبلور. رئيس الحكومة وشركاؤه يفككون تقريبا بدون ازعاج نظام البيئة الحساس للديمقراطية في إسرائيل لصالح نظام فيه الزمرة الحاكمة محصنة من العقاب. “توجد هنا ملامح لمنظمة جريمة ديكتاتورية”، قال في هذا الأسبوع لـ “هآرتس” مصدر يتولى منصب في الحكومة.

اللجنة الاستشارية لتعيين الشخصيات الرفيعة برئاسة رئيس المحكمة العليا السابق، آشر غرونس، تناقش الآن تعيين دافيد زيني في منصب رئيس الشباك. هذه اللجنة ستفحص الطريقة الملتوية التي تم فيها اختياره لهذا المنصب. واذا تم اخراج هياكل عظمية من تابوت المرشح فسيطلب منها فحصها أيضا. ومثل نتنياهو، أيضا زيني على قناعة بأنه في إسرائيل تسيطر ديكتاتورية قضائية، وأن الشباك يخضع في المقام الأول لرئيس الحكومة. اذا تجاوز زيني اللجنة والمحكمة العليا فانه سيحول هذا الجهاز الى شرطة سرية خاصة، مقاول تنفيذي لمهمات قذرة، التي منع بار حتى الآن إخراجها الى حيز التنفيذ، بدءا بتجميد محاكمة الرئيس بسبب “الخطر المحدق بحياته” وانتهاء بملاحقة الخصوم السياسيين ونشطاء الاحتجاج. لا يوجد ما هو اسهل من تلوين خطوات استهدفت بالفعل خدمة شخص واحد باللون الأمني.

وزير الامن الوطني يقوم بشكل فظ بسحق اتفاق تضارب المصالح السخيف الذي قامت بحياكته له المستشارة القانونية للحكومة. ويواصل تحويل الشرطة الى مليشيا كهانية؛ وزير العدل الذي كان يجب عليه الانغلاق في بيته ويقوم بالحداد وتغطية الرأس بسبب أن سهمه الذهبي يتعرض لكارثة، هو يقوم بتشويه سمعة المستشارة القانونية وسمعة رئيس المحكمة العليا بشكل مهووس؛ المتهم بقضية اغتصاب، حانوخ ملفتسكي، الذي تم تعيينه في منصب رئيس اللجنة المالية، يقوم بتوبيخ المفتش العام للشرطة داني ليفي، وتفاخر بالتحقيق في التصرف مع الشخصيات العامة. (“ارجع الى رشدك”).

الكابنت يصادق على عملية الاغتيال المجنونة في قطر، مع الاستخفاف الفظ بتحذيرات رئيس الموساد، ويقوم بارسال الجيش الى عملية مدمرة في غزة رغم توسل رئيس الأركان. امام جرائم الحرب التي يتم تنفيذها هناك لا أحد ينبس ببنت شفة، ولا حتى بهراف ميارا. “أنت لا تسمعها في هذا السياق بشكل علني لانها تدرك انه اذا قالت في الخارج ما تقوله في جلسات الكابنت فهي ستفقد بشكل مطلق الشرعية”، قال للصحيفة مصدر مطلع على الموضوع. “مع ذلك، وبرعاية الحملة التي تديرها الحكومة ضدها يوجد جمهور واسع يعتبرها عدوة، الخائنة المثالية المتهمة بكل الأمور السيئة التي تحدث هنا. انظروا أي ضرر مجنون فعلته هذه الحملة. وحتى الآن يجب عليها التحدث”.

نظريا، تجري محاكمة نتنياهو. في الحقيقة المتهم هو الذي يديرها: يعلن بأنه لن يأتي الى الجلسة، ويطالب بتقصير مدتها لانجاز مهمات وطنية رفيعة المستوى مثل الالتقاء مع رئيس وزراء فيجي. القضاة الذين قاموا بافراغ مبدأ المساواة امام القانون من مضمونه يعطونه اذن تلو الاخر. الآن أضيف الى السيطرة العدائية على مؤسسات الدولة من قبل العصابة التي تحكم الدولة العزلة السياسية، المقاطعة الثقافية والأكاديمية، الاقتصادية والعقوبات الشديدة التي في الطريق. كل ذلك يحول إسرائيل الى مكان مختلف. اسبرطة العظمى، مجذومة، على شفا حكم الفرد، بعيدة سنوات ضوئية عن حلم الآباء المؤسسين. “دولة إسرائيل لا يمكنها أخيرا التحول الى دولة اسبرطة، التي أساس طموحها هو امتلاك عسكريين”، قال دافيد بن غوريون في جلسة للحكومة في العام 1949، وهي السنة التي ولد فيها نتنياهو، “ليس من اجل ذلك أقيمت الدولة”.

بعد ثماني سنوات من ذلك طرح المقارنة التالية: ليس هدف إسرائيل هو أن تكون اسبرطة جديدة. قوتنا وقدرتنا الحقيقية ستظهر في مشاريع انتاج، وتغيير ترتيب الأمور الأساسية، لنرفع من قيمة الانسان والمجتمع في داخلنا، وأن نكون قدوة للشعوب حولنا. هكذا نحن سنحطم بالتدريج سور الكراهية المحيط بنا”. يبدو الآن ان الاسوار داخل إسرائيل وحولها ترتفع أكثر فاكثر كل يوم.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى