هآرتس ذي ماركر: التراجع أو حكومة اقلية: ما الذي سيحدث بعد استقالة الحريديين من الحكومة؟

هآرتس ذي ماركر 16/7/2025، آفي بار ايلي: التراجع أو حكومة اقلية: ما الذي سيحدث بعد استقالة الحريديين من الحكومة؟
بعد شهر تقريبا ستنتهي السنة الدراسية في المدارس الدينية والمدارس الحريدية. العائلات الحريدية ستخرج الى الاجازة السنوية، لكن في هذه السنة هي ستفعل ذلك مع نجمة صغيرة. العائلات التي ابناءها في سن التجنيد، والذين تجاهلوا أمر التجنيد الذي ارسل اليهم، يمكن اعتقالهم في مطار بن غوريون أو في الطريق، هذا اذا لم يكن كاف تقليص المخصصات والحرمان من التسهيلات في رياض الاطفال ومؤسسات التعليم، فانه في ظل غياب اعفاء قانوني من الخدمة العسكرية، فان الشباب الحريديين من الان فصاعدا يعتبرون متهربين من الخدمة، أي أنهم مجرمين.
الجمهور الحريدي غاضب ومنفعل، لكن كون السياسيين الحريديين لم يتمكنوا من بناء رافعة ضغط ناجعة على الحكومة، فان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سمح لنفسه بتجاهل مشاكلهم وكسب الوقت، أي ان يبقي التزامه بقانون التهرب من الخدمة على الاقل الى حين دخول الكنيست الى العطلة الصيفية في نهاية الشهر الحالي (وحتى نهاية تشرين الاول القادم).
نتنياهو مط الحبل ايضا عندما زعماء الحريديين الليطائيين، الحاخام دوف لنداو والحاخام موشيه هيلل، أمروا صباح أول أمس اعضاء قائمة ديغل هتوراة واغودات يسرائيل بالانسحاب على الفور من الحكومة، إلا اذا تم وضع امامهم مسودة قانون تهرب متفق عليها، ليس مجرد مسودة، بل التي تم وعدهم بها قبل شهر والتي تم الاتفاق عليها كما يبدو مع رئيس لجنة الخارجية والامن، عضو الكنيست يولي ادلشتاين، عشية الهجوم في ايران مقابل اسقاط مشاريع القانون لحل الكنيست.
حتى مساء أول أمس في الساعة الحادية عشرة كانوا على قناعة في الائتلاف بان الازمة قابلة للحل، وان ضغط نتنياهو سيفعل فعله وسينزل الحاخامات عن الشجرة. والسبب هو انه لا يوجد للحريديين أي بديل عن الحكومة اليمينية المطلقة. حسب هذا المنطق ايضا “الفتات” الذي حصلوا عليه كما يبدو، لن يحصلوا عليه في أي ائتلاف سياسي آخر، لكن الحدث سبق واجتاز مرحلة المنطق. الحديث يدور هنا عن ازمة ثقة، بضغط الشارع وكرد مضاد من قبل الحريديين على الاهانة العلنية التي وجهت اليهم.
نتنياهو في الحقيقة دخل امس الى الحدث، لكن ذلك كان متأخر جدا، ومحدود جدا، بالتاكيد عندما تم الاعلان عن قتل الثلاثة جنود في غزة. في ظل عدم الرغبة الواضحة وتحت مكبس الضغط الذي استخدمه نتنياهو فقد اطلق ادلشتاين قبل المساء مسودة مشروع قانون. في مكتب رئيس الحكومة اعتقدوا ان الامر انتهى هنا. ولكن المسودة شملت تغييرات وضعها ادلشتاين في الصيغة التي تم الاتفاق عليها في السابق عشية الهجوم. سبب ذلك هو انه في حينه تم ابتزازه من قبل الحريديين ووافق رغم انفه على صيغة مخففة، من اجل عدم اسقاط الحكومة عشية الحرب، تقريبا هو يطالب بحقه في ادخال القليل من التحسينات.
ضمن امور اخرى، ادلشتاين يطالب بزيادة حصة المجندين في السنوات الاولى، ورفع نسبة الامتثال للقانون (في هذه الاثناء 75 في المئة من المجندين في الحصة كشرط للحصول على تسهيلات قطاعية). ايضا وضع تشخيص بيومتري على مداخل المدارس الدينية. ايضا ادلشتاين يعارض دمج الحاخامات في الرقابة العسكرية على مسار تجنيد الحريديين.
بالنسبة للحريديين كان طرح مسودة بهذه الصيغة هو بمثابة خدعة اخرى مكشوفة من اجل كسب الوقت في المفاوضات. “هناك صعوبات مع القانون”، قال رئيس ديغل هتوراة، عضو الكنيست موشيه غفني، عند خروجه من مكتب ادلشتاين، حيث تم هناك عرض المسودة عليه. لذلك فقد أمر الحاخامات في تلك الليلة بالانسحاب الفوري.
المعنى هو ان الاستقالة من منصب الوزير (القدس) ونائبي الوزير (المواصلات، الثقافة والرياضة) ستدخل الى حيز التنفيذ خلال 48 ساعة، ايضا الاستقالة الفورية من رئاسة ثلاث لجان برلمانية (المالية، الداخلية والعمل والرفاه).
حتى الآن ما زال توجد للائتلاف اغلبية 21 عضو كنيست، لكن في ظل غياب حل اللحظة الاخيرة فانه يتوقع ان يذهب شاس في اعقاب الاحزاب الحريدية وينسحب هو ايضا.
في هذه الاثناء نزلوا تحت الارض. لا يوجد أي صوت لعراب الائتلاف وامين اسرار ننتنياهو، رئيس الحزب اريه درعي، الذي دفع نحو حل الازمة. الحديث هنا يدور عن التنازل عن ست حقائب وزارية (الداخلية، العمل، الرفاه، الاديان، الصحة والتعليم). منصب نائب وزير الزراعة، وثلاث لجان ثابتة في الكنيست، هو ثمن سياسي يصعب دفعه، حتى لو حافظ نتنياهو على هذه الحقائب ولم يسارع الى شغلها باشخاص آخرين.
لذلك فانهم في شاس لا يسارعون في هذه الاثناء الى التساوق مع حاخامات الاشكناز. في صحيفة “هديرخ” الحزبية كتب صباح أمس بان مجلس حاخامات التوراة في شاس سيتم عقده في الفترة القريبة القادمة، من اجل البت في استمرار طريق الحزب في الحكومة. المعنى هو ان درعي يحتفظ لنفسه على الاقل بـ 48 ساعة من اجل استنفاد المفاوضات.
لحسن حظ نتنياهو لا توجد معارضة. بالاجمال، الرد المتاخر للاحزاب الحريدية يملي عليها امكانية محدودة. اقتراح آخر لحل الكنيست يمكن تقديمه فقط بعد خمسة اشهر، الا اذا وقع 61 عضو كنيست على احداث تغيير في الظروف، بمصادقة رئيس الكنيست. التصويت على عدم الثقة سيحتاج الى اغلبية 61 عضو كنيست، أي المعارضة والاحزاب الحريدية، لكن الكنيست ستخرج الى الاجازة بعد 12 يوم.
بعد الحل ايضا يوجد 90 يوم مخصصة لاجراء الانتخابات، الامر الذي يفرض على الحريديين واجب التجنيد ووقف الميزانيات لمدة نصف سنة. في المقابل، نتنياهو يمكنه ان يترأس حكومة اقلية ومساومتهم واعطاءهم امتيازات مخصصة.
اذا كانت هذه هي الحال فانه على الاغلب سيحاول نتنياهو ودرعي بلورة في الفترة القريبة صيغة قانون تهرب متفق عليها وحل الازمة الائتلافية بسرعة، والا فانهما سيحددان موعد متفق عليه لاجراء الانتخابات في نهاية 2025 أو في بداية 2026.
ما هي السيناريوهات المحتملة لما سيأتي؟
تراجع ادلشتاين: اذا كانت فرصة قانون التهرب من الخدمة المصادق عليه متدنية اصلا، واذا كان هدف نتنياهو الاسمى هو كسب الوقت، على الاقل الى حين انجلاء سماء المعركة الجيوسياسية والسيطرة على اجندة الانتخابات القادمة، فان خضوع ادلشتاين هو بديل معقول. طالما أن رئيس لجنة الخارجية والامن سيقف بين نتنياهو وبقاءه السياسي فان اختياره مفهوم ضمنا، لكن نتنياهو لم يسارع الى اقالة ادلشتاين ولن يسارع الى فعل ذلك، من اجل ان يحتفظ في يده على قضية تجنيد الحريديين كورقة في الانتخابات المحتملة.
تراجع الحريديين: لا يوجد للحريديين أي نية للوفاء بمتطلبات قانون التجنيد. مصلحتهم هي في استئناف ضخ الاموال القطاعية، على الفور عند اقرار الاعفاء من الخدمة في قانون والغاء عشرات الاف اوامر التجنيد التي تم ارسالها حتى الان، لذلك من غير المستبعد أن يقوموا بخطوة “تراجع” باتجاه ادلشتاين. لو ان الامر كان يتعلق بالسياسيين الحريديين فقط لكان من المرجح ان يفضلوا التراجع تكتيكيا، من اجل الكسب استراتيجيا. ولكن هنا مطلوب عمل حثيث من قبلهم امام الحاخامات.
عدم ثقة بناء: الحديث يدور عن تصويت يمكن من طرح حكومة بديلة بدون الذهاب الى الانتخابات. من اجل ذلك فان المعارضة بحاجة الى دعم جميع الحريديين (شاس، يهدوت هتورات)، الذين لن ينضموا بالمجان. قبل ذلك هي تحتاج الى زعيم مستعد لدفع الثمن المطلوب لذلك. أي ان احتمالية هذا السيناريو ضعيفة. الدليل على ذلك هو السلوك المخجل ليئير لبيد وبني غانتس أمس في التصويت على ابعاد عضو الكنيست ايمن عودة. الاول اعلن بانه سيصوت مع، لكنه لم يأت الى الكنيست اثناء عملية التصويت. الثاني خشي من التصويت وهو ايضا لم يات. هل هكذا يتصرف القادة؟.
حكومة اقلية: حتى لو انسحب الحريديون من الائتلاف بشكل نهائي فانهم لن يسارعوا الى اسقاط الحكومة من الخارج. في المقابل، نتنياهو لن يسارع الى شغل مناصبهم باشخاص آخرين.
ضغط الشارع سيتضاءل، التسهيلات القطاعية سيتم الحفاظ عليها، لكن الحديث يدور عن حل مؤقت فقط، لا يوجد فيه ما يمكن أن يرفع احكام الميزانية واوامر التجنيد عن جمهور الحريديين. من المستحيل اجازة ميزانية العام 2926 بهذه الطريقة، ويترتب على ذلك تحديد موعد متفق عليه لاجراء الانتخابات.



