هآرتس: دولة اسرائيل لن يتم تدميرها، بل ستتغير

هآرتس 31/10/2024، يوسي كلاين: دولة اسرائيل لن يتم تدميرها، بل ستتغير
نتنياهو هزمنا. نحن نستلقي على ظهورنا. نركل بالأرجل ونسمح له بفعل ما يريد بنا. نحن لا نحبه، لا نثق به ولا نقدره. نحن نعرف أنه يقودنا نحو كارثة، لكننا لا نستطيع مقاومته. الشلل يتملكنا. عقولنا مجمدة. وقوفنا أمامه ثابت مثل المعكرونة التي طهيت اكثر من اللزوم.
نحن نرفض الاعتراف بحالتنا. يسيطر علينا التوق الى الطبيعية. نتجاهل الخطر ونأمل أن يمر من تلقاء ذاته. نحن نحاول ادخال حياتنا غير الطبيعية الى قالب طبيعي. نتحدث عن “ما بعد الحرب” أو “لجنة تحقيق” وكأن ذلك قريب جدا. نحن نقوم ببناء غرفة اسمنتية في شقة ونثق بأن هذا شيء طبيعي، وننهي محادثتنا بـ “ليعد المخطوفون الآن”. نعم، هذا هو القدر الاعلى الذي نحن مستعدون لفعله.
نحن لن نعرض حياتنا للخطر، أو حريتنا، من اجل دولة افضل.
نحن نتعلم الآن فصل في التاريخ باسم “كيف أن الشعوب القوية والمتنورة والكبيرة تخضع لحفنة من الفاسدين، وتوافق على سيادتهم، وحتى تضحي بأبنائها من اجلهم، وخلال ذلك هي تقوم بافعال فظيعة لم يخطر ببالها أن تفعلها تحت قيادة عقلانية. في النهاية يأتي الندم، لكنه دائما يأتي متأخر جدا، ولا يعفي من ندموا من الذنب. الجميع، حتى الممتنعون والصامتون، سيتحملون عواقب ذلك. يمكن فهم العجز. نحن قلائل جدا، ضعفاء جدا ونؤمن بقدرتنا على تدبر امورنا بطريقة معينة أو الهرب في الوقت المناسب. نحن تجاهلنا حقائق كانت ستدفعنا للتحرك لو أننا لم نتجاهل وجودها. الانكار هو ترياق الحياة بالنسبة لنا، هو يمكننا من الاستمرار في العيش. نحن ننكر الجنون الذي يوجد في الحرب التي استمرت اكثر من اللزوم، والتي تدمر الاقتصاد وتفكك المجتمع، والتي كان يمكن منعها.
نحن قمنا بانكار فشل القبضة الحديدية في حل كل المشكلات. نحن تجاهلنا حقيقة أن الجيش الاقوى في الشرق الاوسط لا يتغلب على عصابة من المخربين، لا توجد لديهم دبابات أو طائرات. نحن نسينا وتجاهلنا وعدنا للحلم بقبضة يوجد لها دولة. القوة هي مرة اخرى نظرية. ديانة. ذاكرة 7 اكتوبر تلاشت وتم طمسها. نحن نقول مرة اخرى “أنا قوي، اذا أنا موجود”.
ذات يوم كانت لنا احلام اخرى. امام انظارنا هذه الاحلام تلاشت وتحطمت. نحن تنازلنا عن “الجيش والرتب مقدرة جدا. لكن يجب أن لا تتدخل في شؤون الدولة”، كما قال هرتسل. وتنازلنا عن “حرية اجتماعية وسياسية كاملة لكل المواطنين…”، كما جاء في وثيقة الاستقلال. هل حتى الآن يوجد أي أحد يريد أن يكون “منارة للاغيار”؟. الاحلام رميت في سلة القمامة. تم اتهامها بأنها يسارية وهلامية، اشكنازية جدا. الآن أي حلم هو جزء من حلم آخر. حلم “الدولة اليهودية” هو جزء من حلم “الدولة الديمقراطية”.
لن يتحقق أي حلم. لن يتم اقامة الهيكل هنا. ولن تكون هنا ايضا دولة ديمقراطية.
لن تكون هنا ديمقراطية لأن حراس العتبة هربوا. ولأن جهاز التعليم أدخل الى عقولنا بأن الاحتلال هو ديمقراطية. وأن المراسلين في التلفاز ينظرون الى دورهم كمسؤولين عن المعنويات، ولا يبلغونا بما يحدث في غزة، أو عن عدد القتلى المدهش (777 حتى 30/10). لقد قاموا بخيانتنا. لقد تحولوا من مراسلين الى طاقم للتسلية.
ماذا يجب أن يحدث كي ننتفض.
أنا لا أعرف. لا توجد لدينا أي فكرة لماذا نحن نحارب ولماذا يُقتل الجنود. الى الأبد “سنبقى على حد السيف”، كما وعد نتنياهو. هذا هو حلمه. نحن فهمنا. أي نوع من الاحلام هو الذي يقدس الحرب بدون معرفة الهدف؟ هل من اجل “الردع” المضحك؟ هل من اجل “الكرامة الوطنية” المشكوك فيها؟ الجنود يُقتلون كي يثبتوا للقاعدة بأنه يوجد لبيبي اكثر مما يوجد لبن غفير. في هذه الحرب نحن فقط نخسر. بعدها سيقتل أحدنا الآخر.
الدولة لن يتم تدميرها، بل هي ستتغير. ستقوم هنا دولة يهودية متوسطة بروحية درعي – غفني. الشباب المثقفون سيغادرونها ويهود الشتات سيمولونها. الاطباء سيخرجون من هنا بسرعة لتدبر أمرهم مع السادة. قبل قرن تقريبا كتب ستيفن تسفايغ “بعد 2000 سنة، حرثنا فيها بدمائنا وافكارنا العالم، نحن لا يمكننا العودة وتقييد انفسنا وأن نكون دولة صغيرة في زاوية عربية”.