هآرتس: خطاب اسبرطة ليس فيه جديد، اثينا هي التي ترتكب جرائم الحرب

هآرتس – يغيل ليفي – 21/9/2025 خطاب اسبرطة ليس فيه جديد، اثينا هي التي ترتكب جرائم الحرب
لم يكن أي شيء مفاجيء في خطاب اسبرطة الذي القاه بنيامين نتنياهو. السير نحو اسبرطة يحدث امام انظارنا بشكل علني في السنتين الاخيرتين. اسرائيل هي دولة اختارت ان ترفع التهديد بالقوة العسكرية فقط، وخلال ذلك هي تنمي عداء جيرانها، ومواطنوها مستعدون لاستثمار موارد ضخمة في الجيش على حساب احتياجات اخرى، ايضا التسليم بمصادرة جزء من حرياتهم.
اليست هذه اسبرطة على الاقل حسب صورتها السائدة في اوساط الجمهور؟ هل المجتمع الذي يسحق ارواح شبابه بقتل المدنيين لا يعتبر مجتمع اسبرطي؟ هل غير مفهوم ضمنا ان الدولة التي تحارب جيرانها بشكل مناقض للمعايير الدولية ستجد نفسها في عزلة متزايدة، الامر الذي سيؤثر ايضا على تزويدها بالسلاح؟. “اسرائيل تعد الصناعات الامنية لقطع اعتمادها على العالم”، اعلن نتنياهو قبل سنتين تقريبا، والسماء والبورصة ايضا لم تسقط.
الخطاب ليس فيه جديد، بل هو وفر عنوان لعمليات كانت تحدث امام انظار الجميع. المعسكر الليبرالي لم يذعر من الواقع، بل من حقيقة أن شخص تجرأ على تسمية الولد باسمه. ربما ان الجمهور اصيب بالصدمة لانه ادرك فجأة بانه يقدم له الحساب عن الحرب التي جرت بصورة شبه مجانية لسنتين. كم الامر نموذجي: الخطاب العام يدور حول الصورة الجديدة وحول الشخص الذي يرسمه بشكل صحيح – بدلا من ان نسأل كيف وصلنا بالضبط الى المكان الذي فيه “اسبرطة” تصفنا فيه بصورة دقيقة جدا. وكأن المشكلة هي ان نتنياهو تجرأ على تسمية الولد باسمه، وليس ان هذا الولد نما هنا منذ سنتين امام انظارنا.
لا توجد في هذا الخطاب أي كلمة عن تحمل المسؤولية من قبل قادة الرأي العام المنفعلين من كلمة اسبرطة. أليسوا هم الذين اعتقدوا انه يمكن التجمع حول هدف تدمير حماس والموافقة على تفسير من نوع شبه الابادة لتطبيقه (اضافة الى الاستعداد لوقف اطلاق النار من اجل تحرير المخطوفين)، والتفاخر بعدم الرحمة تجاه الغزيين، وحتى الآن التصديق بأنه لم يتم تقديم الحساب. وعندما سيقدم – فان “اثينا” هي التي ستدفع نوع من الضريبة الهامشية على صورة مقاطعة هنا وهناك، وزيادة مؤقتة في العبء الامني.
ان حلم ذهابه الى اسبرطة ليس حبة الدواء المرة التي طلب منا فجأة أخذها. اثينا، حسب خياله الشخصي، هي المسؤولة عن قتل عشرات آلاف النساء والاطفال والمدنيين، وعن تدمير البنى التحتية المدنية في غزة، وعن تهجير مئات آلاف الاشخاص، وعن تقصير اعمارهم للمستقبل. اثينا هي التي باسمها نفذ طياروها وجنودها جرائم الحرب المنهجية من يوم الحرب الاول. جرائم حرب التي تتعزز حولها موافقة دولية، وبالتدريج داخلية، بانها ابادة جماعية.
اثينا هي التي ما زالت تحظى بحريات كثيرة، والتي فيها حكمت الاغلبية على نفسها ان تعارض بشكل طوعي، الاطلاع على المعلومات عن الكارثة الانسانية التي يوقعها بغزة. الاثينيون الاسرائيليون هم الذين امتنعوا حتى الآن عن النقاش العام اللاذع، الذي يطرح حلم سياسي بديل في غزة باستثناء التدمير، الاحاديث اللانهائية عن الحاجة الى مناقشة “اليوم التالي”، وهو الطقس عديم الاهمية الذي يطالب به الجمهور.
هل يهم أي لقب سيتم الصاقه بالمجتمع الذي سيضطر الى قضاء عشرات السنين في المرور بعمليات اشفاء من الجرائم التي ارتكبت بحماسة باسمه، وسيضطر الى استئصال الشر منه كي يعود الى حضن عائلة الشعوب؟.
نتنياهو فقط قال لنا الحقيقة. ربما نحن مصدومون لاننا لم نتعود على ذلك منه. ولكن بالفعل هو لم يأت بأي شيء جديد.