هآرتس: حصان طروادة الذي يدمر إسرائيل

هآرتس 2022-10-04، بقلم: روغل ألفر
.قالت المؤرخة باربارة توخمان، التي وضعت مفهوم “مسيرة الحماقة”، في كتابها المعروف الذي صدر في العام 1984 عندما كانت إسرائيل في ذروة مسيرة حماقة أخرى كهذه، وهذه المرة في لبنان: إن الحماقة تبدأ دائماً بأبسط غريزة إنسانية وهي التدمير الذاتي. “شهوة القوة”، “التي يتم إشباعها فقط من خلال استخدامها ضد الآخرين” (هل هذا يبدو معروفاً؟). مع ذلك، يصعب التشخيص بسبب ميل الإنسان إلى قمع الصدمة.
بدأت رحلة باربارة التاريخية على طول مسارات مسيرات الحماقة بحادثة حصان طروادة، الذي لا نعرف ما إذا كان أسطورياً أم تاريخياً. لأن الطرواديين أنفسهم هم الذين فتحوا أبواب مدينتهم وأدخلوا إليها الحصان، الذي اختبأ الجنود اليونانيون، الذين تسببوا بدمارها، داخله. هذه الأسطورة هي أسطورة ناجعة لفحص حالة إسرائيل من جانبيها. يعتبر اليمين اتفاق أوسلو حصان طروادة الذي اختبأ فيه “الإرهاب”، واستنتج من ذلك أنه يجب إفشال إقامة دولة فلسطينية بأي ثمن. هذه هي رواية حصان طروادة للمستوطنين: السلام مع الفلسطينيين خدعة الفلسطينيين، هدفها قتل اليهود وتدمير إسرائيل كدولة يهودية. تعتبر الرواية المنافسة “سباسطيا” و”ألون موريه” حصان طروادة الذي أدخله المجتمع الإسرائيلي بإرادته من أبوابه، ومن داخل بطنه يواصل الظهور المزيد والمزيد من المستوطنين الذين يقومون بإحراق أسس إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية.
من غير المهم من هو حصان طروادة الحقيقي في هذه القصة. التاريخ سيحكم. في الصيغتين تنتهي القصة بالصورة ذاتها: منع إقامة دولة فلسطينية وخراب إسرائيل. في الحالتين انتهى الأمر بانتصار مشروع الاستيطان. تتدفق جميع التيارات الإسرائيلية وجميع مسيرات الحماقة وتصب في بحر ثنائية القومية، البحر الذي يغرق إسرائيل اليهودية والديمقراطية. التدفق هو عملية مستمرة أُحادية الاتجاه، وهكذا أيضاً الغرق، البحر سيغطي كل شيء.
من المهم معرفة هل ستأتي في وقت ما لحظة سيعترف فيها من يؤيدون حل الدولتين بحقيقة أن هذا الحل غير قابل للتطبيق، ويدركون أن إسرائيل هي دولة ثنائية القومية؟ في نهاية المطاف لن يصدر أي إعلان رسمي، ولن يصدر في أي يوم إعلان رسمي. لن تعلن حكومة إسرائيل “بدهشة وبأسف شديد وحزن عميق”، مثلما صاغ إيتان هابر الإعلان عن قتل إسحق رابين، وموت حل الدولتين، وموت إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، وانبعاثها من الرماد كدولة أبارتهايد ثنائية القومية. يمكن الافتراض بأن إسرائيل الرسمية ستواصل تسمية نفسها “يهودية وديمقراطية”، وستواصل الكذب على نفسها بالضبط كما تفعل ذلك الآن، وإلى الأبد. انظروا إلى “الجمهورية الديمقراطية الألمانية”، وهي ألمانيا الشرقية. أسماء أو تعريف الدول هي أحياناً الكذب الذاتي الأكثر وضوحاً. ويمكن الافتراض أيضاً أن “الصديقة الجيدة” للولايات المتحدة ستواصل ذلك. هكذا أيضاً الاتحاد الأوروبي الذي سيواصل تخصيص ميزانيات سخية لليهود في إسرائيل الذين سيواصلون التحقيق والدفع قدماً بحل الدولتين، أي الارتزاق منه، رغم أن خططهم الجميلة لن تخرج في أي يوم إلى حيز التنفيذ.
إسرائيل دولة قوية لديها علاقات أمنية وعسكرية واستخبارية واقتصادية متشعبة مع الغرب. وسيمر وقت طويل جداً إلى أن يطلب منها، إذا حدث ذلك، الاعتراف بأنها دولة ثنائية القومية، وأن تعطي سكانها الفلسطينيين حقوقاً متساوية. وحتى عندما سيطلب، فهذا سيكون بالأساس ضريبة كلامية. أي أن النعامة ستواصل تعليق الآمال على حلم الدولتين الذي يدفع جانباً حقيقتين، وهما أن حل الدولتين مات، والدولة ثنائية القومية هي دولة أبارتهايد غير أخلاقية بشكل واضح، التي يبدو أنها ستستطيع البقاء لفترة طويلة.



