هآرتس: تحية لرجال الاحتياط الذين يقاومون الانقلاب القضائي الإسرائيلي

هآرتس 8-3-2023، بقلم سامي بيرتس: تحية لرجال الاحتياط الذين يقاومون الانقلاب القضائي الإسرائيلي
في السنة والنصف التي كان فيها نائب رئيس الأركان وأعدّ نفسه للمنصب القادم وهو رئيس الجهاز العسكري، كرس هليفي الكثير من الوقت للنقاشات في وزارة المالية في محاولة لحل خلافات قديمة بين الجيش والمالية، التي ستمكنه من تنظيف الطاولة وابقاء هذه القضايا وراءه. لقد شخص الصراعات التي لا تتوقف حول التقاعد وجيل التقاعد وميزانية الدفاع كضجة يجب تحييدها وعدم تدحرجها من رئيس أركان إلى آخر.
نجح هليفي في ذلك. فقبل بضعة أسابيع تم إغلاق إطار الميزانية ومبادئ الخطة متعدد السنوات للجيش الإسرائيلي، التي في أساسها زيادة بـ 40 مليار شيكل وسلسلة من التفاهمات في مجال التقاعد ومكافأة الضباط الشباب وتقصير مدة الخدمة الإلزامية. كان هليفي على قناعة بأن هذا الإنجاز سيوفر له الهدوء في نضاله من أجل الحفاظ على نموذج جيش الشعب كي يتمكن من التركيز على المهمة الرئيسية للجيش الإسرائيلي، وهي الدفاع عن أمن إسرائيل.
وثمة شك أنه قد خمن بأن تسونامي سيظهر أمامه في الوقت الذي سيغلق فيه دائرة الميزانية، حتى وحدات الاستخبارات الخاصة في الجيش لم تتوقعه، إلى جانب أزمة خطيرة في جهاز الاحتياط، وبالأساس في وحدات مختارة، بسبب الانقلاب النظامي.
مؤخراً ينزل على طاولة هليفي المزيد من رسائل رجال الاحتياط في عدد من المنظومات الحاسمة لأمن الدولة، التي يحذرون فيها من أنه إذا تم تمرير الانقلاب وتحولت إسرائيل إلى دولة ديكتاتورية فإنهم لن يخدموا في الاحتياط. إذا اعتقد هليفي بأن موضوع الميزانية هو عقبة كأداء فقد اكتشف بأن الانقلاب النظامي حدث أكبر بكثير.
لم يكن هذا رفضاً لمهمة واجهها الجيش في السابق. ولا توجد مهمة معينة تتسبب بموجة المعارضة الحالية للخدمة في الاحتياط. وليست هذه سياسة الجيش، أو اختيار الأهداف أو طبيعة المهمة، بل هو احتجاج من النوع الذي لم يواجهه الجيش يوماً ما؛ فهو احتجاج لا يتعلق بقرارات تتخذها الحكومة في مجال غير أمني، بل يتعلق بطبيعة النظام. لرئيس الأركان قوة كبيرة وتأثير عندما تتعلق الأمور بشؤون الأمن، وحتى بشؤون الميزانية، لكن الاحتجاج الحالي يضعه في وضع معقد أمام الحكومة في مجال له فيه أدوات أقل. عملياً، الأداة الوحيدة الموجودة لديه هي القول لرئيس الحكومة ووزير الدفاع: الكرة في ملعبكم.
ليس هذا هو الأمر الوحيد الذي يفعله. هليفي وقائد سلاح الجو تومر بار، يلتقيان مع رجال الاحتياط ويتحدثان معهم ويستخدمان الضغط، وفي حالة السرب 69 على الأقل، فقد هدأ هذا الأمر النفوس قليلاً، بعد أن أعلن 37 طياراً في الاحتياط في السرب من بين الـ 40 طياراً في بداية الأسبوع الماضي بأنهم لن يشاركوا في التدريب في إطار الاحتياط، وأنهم سيعقدون في يوم الاحتياط بدلاً من ذلك مظاهرة أمام مكاتب الحكومة، فقد تراجعوا أمس وقرروا المجيء في الغد إلى الاحتياط وإجراء حوار مع قادتهم.
من الصعب تفويت ما وراء السطور في رد الطيارين فيما يتعلق بمن سيثقون (وبمن لا) وأي نوع من الدولة سيواصلون خدمتها (وأي دولة لا). لذلك، حتى لو ظهرت هذه الأزمة وكأنها تدار على نحو ما، إلا أنها تبقي رئيس الأركان في معضلة صعبة بخصوص معالجة رجال الاحتياط الذين لم يكونوا مستعدين للامتثال لو تم تنفيذ الانقلاب النظامي. في الوقت نفسه، ربما كان باستطاعة هليفي أن يكون الشخص الذي يدافع عن كرامة من يخدمون في الاحتياط أمام الوزراء البائسين وأمام نجل رئيس الحكومة، الذين يتطاولون عليهم.
إذا اعتقد هليفي أن التحديات التي ستشغله هي أكثر أمنية وأقل اقتصادية، لأن هذه تم حلها، فسيكتشف بأن هذه الحكومة ما دامت موجودة وأن أعضاءها يتحدون بنية النظام والتعامل مع من يخدمون في الاحتياط، فسيكون لديه ساحة أخرى لإدارتها. هذه ساحة جديدة وغير معروفة إزاء الظروف التي تطور فيها. مؤهلات القيادة والحكمة المنسوبة لليفي لن تكون كافية لإدارتها.
حتى لو تم التوصل إلى تسوية، فإن الخروج من الصندوق من قبل رجال الاحتياط الذين اتخذوا موقفاً وحتى يهددون بعدم الخدمة، هو إزعاج سيرافق الجيش فترة طويلة. قام هليفي بحل مشكلات الجنود النظاميين ورجال الخدمة الدائمة، ولكن مشكلات منظومة الاحتياط في الظروف السياسية لحكومية يمينية – حريدية – حريدية قومية والثملة بالقوة، فالآن قد بدأ في مواجهتها.



