هآرتس – بقلم نوعا لنداو – تحدي الدولارات لـ “صناعة السلام”

هآرتس – بقلم نوعا لنداو – 21/12/2021
” الاموال الجديدة التي وعد السفير الامريكي الجديد في اسرائيل بتدفقها، بمبلغ ربع مليار دولار، تواجه تحديات كثيرة كي تؤدي الغرض منها. وأهم هذه التحديات هو درجة استعداد المنظمات القائمة من ناحية بنيتها التحتية لاستيعاب هذه الاموال. وهل الامريكيون الذين سيشاركون في لجان التوجيه التي ستوزع هذه الاموال لديهم تجربة وتعلموا من تجربة الماضي بما فيه الكفاية “.
إن تقليص المساعدات الامريكية للفلسطينيين في عهد ادارة دونالد ترامب، اضافة الى المس الشديد بميزانيات الكثير من مبادرات السلام والحوار بين الشعبين، اثار وبحق نقاش عام صاخب في حينه. اعادة الدولارات بالتدريج الى منطقتنا الآن يتم التحدث عنها بمستوى أقل بالطبع، رغم أنها يمكن أن تؤثر بشكل كبير في السنوات القريبة القادمة على كل “صناعة السلام” الاقليمية.
في الاسبوع الماضي قام السفير الامريكي الجديد في اسرائيل توم نايدس، القى خطابه الرسمي الاول في هذا المنصب. هو لم يتحدث في خطابه عن نقل قنصليات أو اعفاء من تأشيرات الدخول (لذلك مر من تحت الرادار)، بل عن الصندوق الامريكي الجديد الذي سيستثمر في السنوات القادمة ربع مليار دولار في مبادرات للتعاون والحوار بين الاسرائيليين والفلسطينيين.
الحديث يدور عن قانون جديد، الذي تمت المصادقة عليه في السنة الماضية بدعم الحزبين وحصل على دعم كبير بشكل خاص في اوساط الجالية اليهودية. المبادرة سماها المشاركون فيها بـ “قانون لافي”، على اسم عضوة الكونغرس الديمقراطية، نيتا لافي، الذي قادته قبل تركها لمنصبها. من دفع هذا القانون من وراء الكواليس وفي ظل الرد المضاد على تقليصات ترامب هي منظمة “تحالف من اجل سلام الشرق الاوسط” (إي.ل.ل.ام.إي.بي) التي تضم عشرات منظمات السلاح الاسرائيلية والفلسطينية.
الكثير من هذه المنظمات تستعد الآن للانقضاض على الاموال. الحديث يدور على الاغلب عن جمعيات تجمع التبرعات بصعوبة، وملايين الدولارات هذه يمكن أن تغير كليا جودة نشاطها ونطاقه. في أي يوم لم يتم اعطاء هبات بهذا الحجم في هذا المجال. هذه الهبات سيتم توزيعها عبر الوكالة الامريكية للتنمية الدولية “يو.اس.ايد”. ومعايير التوزيع تتركز على الدفع قدما بالتعاون الاقتصادي والحوار والمصالحة على المستوى الميداني والمواطنين.
للوهلة الاولى كل شيء يبدو ايجابي. الولايات المتحدة عادت الى الاستثمار في السلام، في المنظمات التي اهدافها جيدة ومهمة. ولكن من الجدير تذكر فترة اتفاقات اوسلو. الكثير من المبادرات للدفع قدما بالتعاون والحوار بين اسرائيل والفلسطينيين ظهرت في حينه مثل الفطر. وحتى الآن يختلف الباحثون حول مسألة الى أي درجة ساعدت فعليا في الدفع قدما بالسلام. جزء منها حتى عمق الشرخ، مثل مبادرات الحوار التي انتهت بدون أي شيء في افضل الحالات وبطعم اليأس في اسوأ الحالات.
احد الامثلة الرائدة في هذا الحوار هو النقاش حول درجة مساهمة مبادرات من نوع فرق كرة قدم مختلطة، مثلا. مبادرات “الحمص”، هكذا يسمونها بسخرية. احداث شهر ايار ذكرت ضمن امور اخرى، بأنه ليس كل شيء يمكن أن يحله التوق المثالي للتعايش. ايضا عندما يتدبر المواطنون امورهم أو لا يتدبرون على المستوى الشخصي، هناك نزاع قومي – سياسي بين الطرفين. والحلول، مع كل الاحترام لمباريات كرة القدم، هي سياسية.
عندما يدور الحديث عن اموال طائلة تكون هناك تحديات كثيرة على الاجندة، مثل الى أي درجة المنظمات القائمة مستعدة على صعيد بنيتها التحتية لميزانيات كهذه؟ هل الاموال ستصل ايضا الى المجموعات السكانية التي هي ليست الجمهور الهدف “العادي” لمبادرات من هذا النوع؟ الى أي درجة ستندمج في هذه المنح ايضا منظمات ونشطاء فلسطينيون في عهد مناهضة التطبيع؟ وما شابه. منظمات السلام مرت بلا شك بعملية نضوج كبيرة منذ ايام اوسلو، وقد اصبحت اقل سذاجة وكل هذه الاسئلة ليست غريبة عليها. ولكن هل الامريكيون الذين سيتم اختيارهم للجان التوجيه التي ستوزع الاموال اجتازوا عملية مشابهة؟. أنا غير متأكدة من ذلك.