ترجمات عبرية

هآرتس: بسبب فظائع الحرب في غزة، ازداد الاعتراف بالحاجة الى حل

هآرتس 27/10/2025، اوري بار يوسيف: بسبب فظائع الحرب في غزة، ازداد الاعتراف بالحاجة الى حل

التغييرات الكبيرة التي ادت الى انعطافة هامة في تطور الصراع الاسرائيلي – العربي كانت في معظمها نتيجة عمليات نضجت ببطء، واندلعت فجأة وخلقت تغيير دراماتيكي، وادت الى تطورات غير متوقعة. قبل اسبوع من اندلاع ازمة ايار – حزيران 1967 قدر رئيس “أمان” أنه لا يتوقع احداث دراماتيكية في المستقبل المنظور. الحرب التي اندلعت بعد شهر من ذلك غيرت، ليس فقط وجه النظاع، بل ايضا وجه العالم العربي. في اعقاب الانتصار الباهر في تلك الحرب كان من الواضح انه في السنوات القادمة لن تتجرأ مصر وسوريا على تحدي اسرائيل. الواقع اثبت ان هذه كانت سنوات دموية. عشية حرب يوم الغفران قدر رئيس “أمان” بان المصريين غير مستعدين لشن حرب قبل 1975. وعشية مبادرة السلام لانور السادات قدر وريثه في المنصب بان الاستعداد العلني للرئيس المصري للقدوم الى القدس هو تصريح لفظي وبلاغي فقط. ايضا الانتفاضة الاولى التي اندلعت في 1987 كانت غير متوقعة، وهكذا ايضا عملية اوسلو التي لم تكن لتولد بدون هذه الانتفاضة.

كل ذلك يجب تذكره الآن. للوهلة الاولى كارثة 7 اكتوبر والحرب وتدمير غزة، كل ذلك عمق النزاع والكراهية وأدى الى نقطة عدم الحل. ولكن التحليل الحذر للاحداث يسمح بتشخيص عمليتين، لم تحصلا على الحجم الجدير لهما في وسائل الاعلام الاسرائيلية، والدمج بينهما يخلق امكانية كامنة للتغيير الكبير في تاريخ النزاع منذ 1967.

العملية الاولى كانت في اعقاب الحرب في قطاع غزة. كلما استمرت الحرب وفظائعها ظهرت على الشاشات في ارجاء العالم (ليس في اسرائيل)، ازداد الاعتراف بالحاجة الى انهاء، ليس فقط الحرب، بل ايضا الوضع الذي ولدها. العملية الثانية، وهي نتيجة الهزائم التي تكبدها حزب الله وايران وسقوط نظام الاسد في سوريا، ادت الى تقليص قدرات “محور المقاومة” على صد الحل السياسي. معنى ذلك هو ان احداث السنتين الاخيرتين ادت بشكل متناقض الى خلق الغلاف الذي يسمح بالتغيير.

في السابق كانت هناك اوضاع، كان يبدو فيها ان السلام قريب، ولكن في نهاية المطاف هو لم ينضج. عملية اوسلو تم وقفها عند قتل اسحق رابين في 1995، وفشل قمة اهود باراك – ياسر عرفات في كامب ديفيد في 2000، واتفاق السلام مع سوريا تمت اضاعته في محادثات شبردزستان في 2000. ولكن خلافا لهذه الاوضاع يبدو انه الآن حدث التقاء بين ثلاثة مركبات اساسية، التي تحول امكانية الحل الى خيار واقعي اكثر مما كان في السابق.

المركب الاول هو حقيقة ان دولة اسرائيل توجد في حالة عزلة دولية غير مسبوقة. في الواقع في تاريخ الدولة كانت هناك اوضاع مشابهة، لكن أي وضع من هذه الاوضاع لم يقترب في الشدة من الوضع الحالي. ضد رئيس الحكومة هناك امر اعتقال من محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. ودول العالم تعترف واحدة تلو الاخرى بحق دولة فلسطينية في الوجود وتعتبر اسرائيل كمن تضع عائق يجب ازاحته من امام حل الدولتين.

خلافا للسابق، ايضا حرية العمل امام الادارة الامريكية لم تعد قائمة. في ظل قيادة بنيامين نتنياهو احرقت اسرائيل الجسور مع الحزب الديمقراطي وفقدت الكثير من مكانتها ايضا في الحزب الجمهوري. في البيت الابيض لا يوجد مؤيدون لسياسة الجمود الاسرائيلية، واذا وجدوا فان وزنهم ضئيل جدا ازاء هيمنة الرئيس ترامب.

المركب الثاني هو الرئيس ترامب، الذي سيطلق أي شيء وفقا لخطته. المصالح الرئيسية التي تحركه من اجل العمل معروفة جيدا، الاموال والاحترام. ماليا هو وعائلته يهتمون جيدا بالسعودية ودول الخليج وقطر وربما ايضا تركيا. لذلك فان اداة ضغط هذه الدول عليه اكثر اهمية من اداة اسرائيل. ترامب ايضا معني بالتقدير والاحترام. انهاء النزاع ليس فقط الطريقة المؤكدة للحصول على جائزة نوبل للسلام، بل ايضا هو الخيار العملي اكثر. كل ذلك لانه حتى لو عمل على تحقيق انجازات في اوكرانيا، الا انه لا يملك هناك اداة الضغط التي يمكنه استخدامها على اسرائيل.

ترامب لا ينوي فقط توسيع “اتفاقات ابراهيم”. ففي مقابلة مع مجلة “تايم” (23/10) تطرق الى مسالة اطلاق سراح مروان البرغوثي من السجن. تحرير البرغوثي، المرشح الاكثر طبيعية لقيادة حل الدولتين في الطرف الفلسطيني، توجد له اهمية واضحة، وهو أن الادارة الامريكية تسعى الى حل شامل.

عن الدافع العالي للدفع قدما بالحل يجب اضافة ايضا اسلوب عمل الرئيس. الحديث لا يدور عن جو بايدن أو اوباما، اللذان ترددا في استخدام قوتهما واخذ في الحسبان من يؤيدون اسرائيل في الادارة الامريكية، بل الحديث يدور عن رئيس قوي جدا، لا يتميز بتاجيل اشباع الرغبة. هذا الدمج يضمن ضغط شديد، قوي، سريع ويبدو ناجع، من اجل خلق الظروف لحل النزاع.

خلافا للسابق وصفة الحل، التي في اساسها اقامة الدولة الفلسطينية في حدود 1967 مع تبادل الاراضي وضمان امن اسرائيل وانهاء النزاع مع العالم العربي، معروفة. هذه الوصفة تم تحديدها في “صيغة كلينتون” من العام 2000، و”مبادرة السلام العربية” من العام 2002، و”خريطة الطريق” من العام 2003. المعنى هو انه خلافا لعملية اوسلو، التي تميزت بالنقاشات المطولة حول التوصل الى خطة شاملة، فانه في هذه المرة الخطة اصبحت موجودة. الطرف الفلسطيني وافق على مبادئها، والطرف الاسرائيلي، باستثناء فترة ولاية اهود اولمرت، عارضها بشدة. لذلك فان اسرائيل يمكن أن تحصل على معظم الضغط الدولي.

ما زال من المبكر الان توقع كيف ستتطور العملية، لكن هناك امر واحد يمكن قوله بثقة: ما كان قبل 7 اكتوبر لن يكون. التحديات في المستقبل لن تكون فقط محاكمة نتنياهو، الانقلاب النظامي او تجنيد الحريديم، بل ايضا وبالاساس تقرير مستقبل دولة اسرائيل. لقد حان الوقت لتغيير القرص.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى