هآرتس: اينهورن يخلط واقعنا جميعا

هآرتس – روغل الفر – 29/12/2025 اينهورن يخلط واقعنا جميعا
تقريبا بالصدفة انكشف امام مواطني إسرائيل، الى جانب بنيامين نتنياهو، شخص آخر يعتبرهم رعايا له ويعمل على السيطرة على عقولهم. هو يختلق لهم واقع افتراضي لا يدركون زيفه، ويتعاملون معه على انه هو الحقيقة. خلافا لنتنياهو فان هذا الشخص، الذي يعمل في الخفاء وفي العلن أيضا، حيث تم نفيه الى هناك بسبب اعماله الخبيثة، التي تظهر وكانها مستوحاة من عالم اورويلي، على شاكلة رواية “1984”، هو شروليك اينهورن.
هل يوجد اسم إسرائيلي يحمل صورة اكثر فرحا وبهجة من شروليك؟ لقد قال لمحققيه الإسرائيليين في صربيا: “من الجنون القول بأنني ساعرض أمن البلاد للخطر”. وأضاف بعد ذلك بانه كان يعرف ان ايلي فيلدشتاين “يخلط نير دبوري في الامر، واردت فقط التأكد من انه لن يخلط “بيلد” مثلما خلط نير دبوري”.
كلمة “يخلط” هي كلمة مهمة. نوع من التورية. وفي النهاية، ما الخطأ في استخدام كلمات اكثر وضوحا؟ لماذا لا نقول ببساطة ان فيلدشتاين يكذب على دبوري ويخدعه ويضلله ويخلق له عملية تحايل عن قصد؟. اينهورن هو شخص لطيف، لكن في المراسلات مع فيلدشتاين التي كشف عنها في “آي24” كتب العبارة التالية التي لا لبس فيها: “نحن نخلق الواقع”، تفاخر.
لمن؟ هل لدبوري؟ دبوري هو فقط قناة توصيل. ان تخلط دبوري يعني ان تخلط الجمهور. اينهورن يخلق واقع يعيش فيه مواطنو دولة إسرائيل. شعوره بالاستحقاق لا حدود له. بتعالي وغرور، لا يساوره أي شك في احقيته في كسب عيش رغيد (بل هو تفاخر بمستوى معيشته المرتفع امام محققيه) من انتاج ما يسمى “عرض ترومان” الذي فيه الجمهور الإسرائيلي يمثل ترومان.
من نحن بالنسبة له؟ مجرد غبار بشري. انه يختلق لنا واقع. شروليك “يخلط” بيننا. قد يظهر الامر مثل مزحة، لكنه في الحقيقة هو الشر المطلق. هكذا يتم بناء عوالم ديكتاتورية مثلما في رواية “1984”. ولكن شروليك ليس شخصية في “1984” ومن خيال اورويل، بل هو شخصية من رواية “النيل” لالمبي. هو يدعي انه لن يمس بامن الدولة ابدا. من المفروض ان خداع الجمهور بتصديق الواقع الذي خلقه لا يمس بأمن الدولة. من المفروض ان امن الدولة الديمقراطية لا يعتمد على وجود مواطنين يحصلون على معلومات موثوقة عن واقع حياتهم من وسائل الاعلام. في النهاية الدولة التي يخلقها اينهورن جوفاء: ليس فيها مواطنون، بل رعايا يعيشون في واقع افتراض.
حسب اينهورن فانه مسموح لي اختلاق ان مسؤولين من الصرب سمعوه وهو يقول بانه في حالة اندلاع نزاع عسكري بين إسرائيل ومصر سيحصل على مكافأة ثمينة من قطر. هذا غير صحيح. هذه كذبة. لا وجود لمثل هذه المعلومات. ولكن ما المشكلة؟ يتم خلق الواقع. هذا مسموح. في النهاية انا احصل على اجر مقابل هذا المقال. فلماذا مسموح له وحده بذلك فقط؟.
يمكن التخمين فقط بان معظم المعلومات التي تصل الى مواطني إسرائيل مصدرها اشخاص مثل اينهورن، الذين لا يقلون عنه انحطاط أخلاقي. لا بد من التفكير في ذلك. لا شك ان اينهورن لم يفكر ولو للحظة في نوع العالم الذي سيعيش فيه أولاده اذا تم خلط كل المعلومات التي تدعي انها حقيقة والواقع سيكون “مختلط” على يد اشخاص منحرفين واشرار مثل والدهم.
هل ساعرض اولادي للخطر؟ هكذا صرخ اينهورن صاحب التفكير السطحي والنفعي في وجه محققيه. نعم، هو يعرض أولاده للخطر. هو لا يعرض أولاده وحدهم للخطر فقط، بل هو يعرض كل أولاد إسرائيل وملايين غيرهم في ارجاء العالم للخطر، الذي يمارس عليهم نفوذه بسلطته الإلهية المزعومة ليقرر ما سيعرفونه وما سيفكرون فيه.
مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook



