ترجمات عبرية

هآرتس: الولايات المتحدة تتبنى نهج إسرائيل في لبنان: يمكن فرض السلام بالقوة

هآرتس 27/11/2025، ليزا روزوفسكي: الولايات المتحدة تتبنى نهج إسرائيل في لبنان: يمكن فرض السلام بالقوة

اغتيال رئيس اركان حزب الله، هيثم علي طبطبائي، في بيروت في يوم الاحد الماضي، حصل على دعم واضح من واشنطن. في الحقيقة كبار قادة الادارة الامريكية قالوا بانه لم يتم ابلاغهم مسبقا عن الهجوم. ولكنهم اوضحوا في محادثات مع “هآرتس” ووسائل اعلام اخرى بان اسرائيل والولايات المتحدة تقومان بالتنسيق معا بشان السياسة تجاه حزب الله. ايضا فرنسا، الراعية الغربية للبنان واحد الاضلاع في جهاز التنسيق العسكري الذي اقيم قبل سنة للحفاظ على وقف اطلاق النار بين اسرائيل وحزب الله، لم تقم بادانة العملية.

في الاشهر الاخيرة السياسة والتصريحات العلنية لكبار القادة في الولايات المتحدة فيما يتعلق بالعلاقة بين لبنان واسرائيل، وما يتعلق بالتزام كل طرف من الطرفين، لم تكن متناسقة على اقل تقدير. في شهر آب بعد ان صادقت حكومة لبنان على الخطة الامريكية، نزع سلاح حزب الله حتى نهاية السنة، بالغ المبعوث الامريكي الخاص توم باراك في أمله وتفاؤله ودعمه للبنان. فقد قال انه يجب على اسرائيل الرد بـ “مصافحة مماثلة”، أي البدء في لعب دورها في المعادلة والانسحاب بالتدريج من المواقع الخمسة التي احتلتها في لبنان ووقف الهجمات ضد لبنان. هذا لم يخرج الى حيز التنفيذ، ورغم ذلك فان نغمة باراك تحولت بالتحديد تجاه لبنان. في بداية تشرين الثاني في مؤتمر المعهد الدولي للابحاث الاستراتيجية في البحرين، سبق لباراك أن سمى لبنان “دولة فاشلة”، وعبر عن تشككه في قدرتها على نزع سلاح حزب الله.

عند دخول ميشيل عيسى الى منصب السفير الرسمي للبنان في واشنطن، توقف باراك عن معالجة شؤون لبنان وترك هذا الملف لعيسى ومورغن اورتيغوس، التي عادت الى الساحة اللبنانية قبل بضعة اشهر، اضافة الى عملها في بعثة الولايات المتحدة في الامم المتحدة. في هذه الاثناء في اسرائيل وزير الشؤون الاستراتيجية والمقرب من رئيس الحكومة رون ديرمر قدم استقالته، على الاقل رسميا، وملف لبنان موجود الان على اكتاف القائم باعمال رئيس هيئة الامن القومي غيل رايخ والسفير الاسرائيلي في الولايات المتحدة يحيئيل لايكر.

يبدو ان مقاربة واشنطن لشؤون لبنان مرت بكثير من التغيير في الاشهر الاخيرة. حسب معرفتنا، حتى الآن الادارة الامريكية تتبنى مقاربة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، التي تقول بانه يمكن فرض على لبنان السلام بواسطة القوة. بكلمات اخرى، واشنطن تقدر انه يمكن اجبار حكومة لبنان والجيش اللبناني على نزع سلاح حزب الله، وأن هجمات اسرائيلي في لبنان يمكن ان تحثهم على فعل ذلك.

رغم الادراك بان التصعيد الحالي من شأنه، باحتمالية عالية، ان يزداد وان يصبح خطير، فانهم في الولايات المتحدة يرون سيناريو متفائل، بحسبه الهجمات يمكن ان تضع الرئيس اللبناني جوزيف عون امام اختيار، اما الحرب أو الدخول الى مفاوضات سياسية مع اسرائيل، وتاسيس تطبيع وانضمام لاتفاقات ابراهيم، ليس اقل من ذلك.

في القدس يشاركون في هذا التقدير. الانسحاب من المواقع الخمسة لا يقف على الاطلاق الآن على الاجندة في اسرائيل. وبالتاكيد ليس قبل ان يظهر الجيش اللبناني نتائج. في هذه الرؤية القطبية توجد اسئلة غير محلولة. اولا، هل عون والجيش اللبناني يمكنهم العمل بصورة حازمة اكثر امام حزب الله بدون المخاطرة مرة اخرى بالحرب الاهلية؟ ثانيا، هل يستطيع السماح لنفسه بالجلوس على طاولة المفاوضات مع اسرائيل، الدولة التي العداء لها يخترق كل القطاعات؟.

في فرنسا يعرفون هذا التعقيد. من جهة، ايضا في باريس خائبو الامل من الوتيرة ومن طبيعة نشاطات الجيش اللبناني ضد حزب الله، وهم على قناعة بانه يمكنه فعل اكثر من ذلك رغم ضعفه وقيوده ونقص الميزانيات. من جهة اخرى، هم يخشون من ان نموذج الضغط الزائد يمكن ان يحطم الاستقرار الهش في لبنان بدلا من تعزيزه. في الفترة القريبة القادمة اورتيغوس ستزور باريس، ويتوقع ان تسمع من نظرائها الفرنسيين اقتراحات، التي يبدو أنها ستتلخص بالادعاء أنه لا يمكن الضغط طوال الوقت على طرف واحد فقط بدون طلب أي مقابل من الطرف الاخر. مثلا، على شاكلة بادرة حسن نية من قبل اسرائيل مثل الانسحاب على الاقل من واحد من المواقع الخمسة على الاقل. حول هذه الامكانية، كما قلنا، لا يريدون في اسرائيل سماع أي شيء الآن.

من تحاول مواصلة الحوار مع كل الاطراف، ومع اسرائيل ايضا، والتي يبدو انها تضع كل ثقلها لمنع التصعيد، هي مصر. وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي قام بزيارة لبنان أمس، بعد يوم من تحدث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي هاتفيا مع نظيره اللبناني من اجل التعبير عن دعمه ودعم دولته. في الشهر الماضي رئيس المخابرات المصرية حسن رشاد قام بزيارة لبنان ايضا بعد بضعة ايام على زيارة خاطفة في اسرائيل التقى فيها مع نتنياهو. من غير المستبعد ان القاهرة تحاول استخدام تاثيرها على الوضع في غزة من اجل الضغط على اسرائيل، حيث الهدف هو وضع وزن مضاد لمنطق تحقيق السلام بالقوة. رسالة مصر هي ان العمليات العسكرية وحدها لن تثمر نتائج دبلوماسية.

“في نهاية المطاف كل شيء يعود الى طريق مسدود”، قال ايتان يشاي، رئيس برنامج الشرق الاوسط في معهد ميتافيم. “اسرائيل تقول: قوموا بنزع سلاح حزب الله وبعد ذلك نحن سننسحب. حكومة لبنان تقول: قوموا بالانسحاب، وبعد ذلك يمكننا نزع سلاح حزب الله. حزب الله يقول: لن نتخلى عن سلاحنا في أي يوم. ولكن اذا كنتم تريدون على الاقل أي حوار والتوصل الى تسوية فقبل كل شيء يجب على اسرائيل الانسحاب. في حين ان الامريكيين والمجتمع الدولي يقولون للبنان: أولا قوموا بنزع سلاح حزب الله وبعد ذلك سنعطيكم الاموال”. حتى الآن أي جهة كما يبدو، لم تجد طريقة لاختراق هذه الدائرة. ولكن يبدو انهم في اسرائيل وفي الولايات المتحدة يراهنون على اضعاف حزب الله ووضع الرئيس عون امام اقتراح لا يمكنه رفضه. السؤال هو هل يمكنه الموافقة على هذا الاقتراح؟.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى