ترجمات عبرية

هآرتس: الواقع يقف في طريق الانتقال للمرحلة الثانية من خطة ترامب في غزة

هآرتس 12/12/2025، عاموس هرئيلالواقع يقف في طريق الانتقال للمرحلة الثانية من خطة ترامب في غزة

“الجميع يخافون من حماس، ونتنياهو يخاف من ترامب”، هكذا لخص امس شخص رفيع في جهاز الامن الإسرائيلي الواقع هذا الأسبوع في قطاع غزة. الرئيس الأمريكي اعلن اول امس بان الإعلان عن هوية أعضاء “مجلس السلام” الذي يمكنه ان يساعد في إدارة شؤون القطاع في المستقبل، سيكون في بداية 2026. هذا سيكون كما وعد ترامب باسلوبه المميز “احد المجالس الأسطورية. زعماء الدول، ملوك ورؤساء حكومات، الجميع يريدون ان يكونوا في المجلس”. للوهلة الأولى ظهر ان الرئيس يتحدث عن قاعة الاحتفالات التي يقيمها في البيت الأبيض باستثمار ضخم.

حتى الان ربما يتحقق ذلك. ولكن في غضون ذلك الظروف على الأرض في القطاع مختلفة كليا. فحماس تسيطر بقبضة حديدية على القسم الغربي في القطاع، نفس نصف المساحة من الأرض التي تقع غرب الخط الأصفر، حدود سيطرة إسرائيل. والدول التي تذكر كاعضاء محتملين في قوة الاستقرار الدولية لا تسارع الى ارسال جنودها من اجل تولي مهمة نزع سلاح حماس، لانها تعتبر المهمة في هذه الاثناء، بدرجة كبيرة من العدل، مهمة انتحارية.

يبدو ان هذا الوضع يصب في مصلحة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. فقد حصلت إسرائيل بالفعل على كل المخطوفين العشرين الاحياء، وعلى كل جثث الرهائن القتلى، باستثناء جثة الشرطي، المقاتل في الوحدة الخاصة ران غويلي. ويبدو ان نتنياهو لا يظهر أي اهتمام حقيقي بالمضي قدما الى المرحلة الثانية في الاتفاق خشية ان يعود الضغط عليه لتقديم تنازلات للفلسطينيين، وربما منح السلطة الفلسطينية دور في الاتفاق الجديد. عودة محدودة للقتال، حيث حماس ضعيفة عسكريا ولا تمتلك أوراق ضغط على إسرائيل، يمكن ان تخدمه، لا سيما انها ستؤثر على الاجندة السياسية في سنة انتخابات.

لكن من يعيقه في الوقت الحالي هو ترامب. ويتوقع ان يلتقي الاثنان في نهاية الشهر الحالي في مار الاغو، منتجع ترامب في فلوريدا. وما زال الرئيس يتوق الى انجاز دولي. لقد أقيم حفل توزيع جائزة نوبل للسلام في هذا الأسبوع في أوسلو بدون حضوره. لا تزال الخسارة مؤلمة بلا شك، وفي مجالات أخرى، رغم الخطاب الحماسي، فانه لا يرقى تماما الى مستوى تصوره الذاتي كصانع سلام لا مثيل له في التاريخ. يبدو ان خطة ترامب للسلام مع روسيا في أوكرانيا قد فشلت فشلا ذريعا، والعلاقات مع الأوروبيين متوترة ومتأزمة، لا سيما بسبب نهجه التصالحي مع الرئيس الروسي فلادمير بوتين. ومن المفارقة، ان قطاع غزة المنكوب يبدو هو المسار الذي يحمل اكبر فرصة للتقدم. لذلك، مشكوك فيه اذا كان ترامب سيسمح لنتنياهو برفع القيود المفروضة على الجيش الإسرائيلي في القطاع. هذا سينتظر زيارة رئيس الحكومة في الولايات المتحدة، هذا اذا حصلت.

في هذه الاثناء الظروف العسكرية في القطاع ليست ملحة بشكل خاص بالنسبة لإسرائيل. لقد بقي حتى الان جيب فيه بضع عشرات من مقاتلي حماس في انفاق رفح، داخل المنطقة الصفراء، ولكن الجيش الإسرائيلي يواصل محاصرتها ونتنياهو تراجع عن التفاهمات بشان خروج المخربين من الانفاق بشكل متفق عليه. في غضون ذلك يبدو ان التهديد الذي تشكله حماس على المدنيين الإسرائيليين في غلاف غزة محدود في الوقت الحالي. وتشير التقديرات الى ان حماس لم يبق لديها الا عدد قليل من الأسلحة الهجومية، 100 صاروخ تقريبا أو اكثر بقليل. ومن المفارقة ان هذا لا يمنعها من فرض سيطرتها بقبضة حديدية على المناطق التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي في القطاع. فهي تملك آلاف الأسلحة الخفيفة ولا تتردد قيادتها في استخدام القوة المفرطة ضد السكان، أيضا التهديد الذي تشكله العشائر عليها منخفض، لا سيما بعد قتل قائد المليشيا ياسر أبو شباب.

ترامب مع ذلك متحمس للإعلان عن الانتقال الى المرحلة الثانية. خطوته ستحدث كما يبدو بين عيد الميلاد ومنتصف شهر كانون الثاني. وستشمل أيضا انشاء هيئات إضافية مثل حكومة التكنوقراط الفلسطينية وقوة الاستقرار الدولية، اللتان بدونهما مشكوك فيه ان يكون أي تقدم، ولكن حتى بعد تشكيلهما ستبقى مشكلة حماس قائمة. فليس اندونيسيا أو أذربيجان أو الدول العربية ترغب في جر شعوبها الى مواجهة مباشرة مع حماس بشان نزع سلاحها، والهدف مثل النكتة القديمة “تجاهلها حتى تسقط من تلقاء نفسها”.

لا تنوي الولايات المتحدة ارسال جنود أمريكيين الى غزة، خارج الخط الأصفر، وقد لا تسمح لهم بعبور الحدود من إسرائيل الى القطاع على الاطلاق. الامريكيون يركزون الآن على إعادة الاعمار المستقبلية في “غزة الجديدة”، أي النصف الشرقي من القطاع الخاضع لسيطرة إسرائيل. وعندما يصمم الضباط الإسرائيليون على الحديث عن حماس في القطاع، يصححهم زملاءهم الأمريكيين قائلين: نحن نفضل قول “الغزيون”. هذا مستوى خطير من القمع، الذي قد ينفجر في وجوههم في المستقبل. النقاشات في قيادة التنسيق المشتركة في كريات غات هي جدية وعملية، بقيادة أمريكية. تعقد اللقاءات هناك كل يوم، وفقا “لساعة عمل” منظمة ومحددة مسبقا بين الجيش الإسرائيلي والجيوش الأجنبية. وقد تم بالفعل تحديد منطقة لبدء اعمال الاجلاء ثم البناء لاحقا، في انقاض رفح. ويدور الحديث عن انشاء عيادات ونشر قوة شرطية وإزالة الألغام الأرضية الإسرائيلية غير المنفجرة. ولكن ما يوصف بانه “مشروع تجريبي” لا يشير الا الى حلول سكنية لبضعة آلاف من سكان غزة، في وقت غير محدد في المستقبل. ولم يكتسب المخطط الاوسع حتى الان الزخم.

رسائل كابحة

ترامب ضغط على الكوابح وصد نتنياهو بصورة واضحة في جبهة أخرى في الشمال. خلال الشهرين الأخيرين اتخذ نتنياهو موقف مناقض في ساحات فرعية. ففي سوريا عمل على تقويض أي فرصة للتوصل الى تفاهمات جديدة مع نظام الرئيس احمد الشرع، وقام بزيارة استفزازية للمناطق التي استولت عليها إسرائيل قبل سنة تقريبا في هضبة الجولان السورية، وتعمد تاجيج التوتر على طول الحدود (في غضون ذلك تورط جنود من الجيش الإسرائيلي في حوادث اطلاق نار في المنطقة، الامر الذي ينذر على الأرجح بما سيحدث هناك اذا استمرت سيطرة إسرائيل العسكرية). أما في لبنان فقد شن الجيش الإسرائيلي هجمات متواصلة على مواقع حزب الله وعناصره لوقف جهود إعادة تسلح هذه المنظمة الشيعية. وقد بلغت الأمور ذروتها باغتيال علي طبطبائي، الذي وصف بانه رئيس اركان حزب الله، في الشهر الماضي في بيروت. وبعد هذا العمل هددت إسرائيل بتصعيد الحملة اذا لم يتقدم مسار نزع سلاح حزب الله.

ولكن توجد للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أولويات مختلفة في سوريا ولبنان. فقد حرص على التحدث علنا مؤيدا احتمالية المصالحة بين إسرائيل وسوريا. وفيما يتعلق بقضية لبنان فقد تم ارسال رسائل كابحة من واشنطن من اجل ضمان ان لا يؤدي التصعيد العسكري الإسرائيلي الى تقويض ما يريد ترامب تقديمه كانجاز، وهو تعزيز الحكومة المركزية في بيروت. أيضا لا تبدو الإدارة الامريكية متحمسة لفرض استمرار نزع سلاح حزب الله. الجيش الإسرائيلي ما زال يشن هجمات متفرقة في لبنان، لكن نطاق القصف انخفض وتراجعت تهديدات إسرائيل المتكررة ضد حزب الله. وستكون الاحداث في الشمال أيضا على جدول اعمال لقاء ترامب – نتنياهو.  في الوقت الراهن، على الأقل بناء على تصريحاته في وسائل الاعلام، يبدو ان الرئيس سيحاول فرض ضبط النفس ولن يساعد إسرائيل على إعادة اشعال جبهات هدأت كما يبدو. ترامب لديه ورقة ضغط أخرى: ما زال نتنياهو يحتاج الى مساعدته في محاولة حصوله على العفو من رئيس الدولة اسحق هرتسوغ.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى